فصل: (بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا):

(الْهَدْيُ) أَصْلُهُ: التَّشْدِيدُ، مِنْ هَدَيْتُ الشَّيْء أَهْدِيه وَيُقَالُ أَيْضًا: أَهْدَيْتُ الْهَدْيَ إهْدَاءً وَهُوَ (مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ مِنْ النَّعَمِ وَغَيْرِهَا).
وَقَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: مَا يُذْبَحُ بِمِنًى سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُهْدَى لِلَّهِ تَعَالَى (وَالْأُضْحِيَّةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَيُقَالُ: ضَحِيَّةٌ كَسَرِيَّةٍ وَالْجَمْعُ ضَحَايَا وَيُقَالُ أَضْحَاهُ وَالْجَمْعُ أَضْحَى كَأَرْطَاةَ وَأَرْطَى نَقَلَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ وَهِيَ (مَا يُذْبَحُ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) أَيْ: الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ الْأَهْلِيَّةِ (أَيَّامَ النَّحْرِ) الثَّلَاثَةِ وَلَيْلَتَيْ يَوْمَيْ التَّشْرِيقِ عَلَى مَا يَأْتِي (بِسَبَبِ الْعِيدِ) بِخِلَافِ مَا يُذْبَحُ بِسَبَبِ نُسُكٍ أَوْ إحْرَامٍ (تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا) احْتِرَازًا عَمَّا يُذْبَحُ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.
(يُسَنُّ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ أَنْ يَهْدِيَ هَدْيًا) لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَابِرٌ «فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ وَاَلَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً» وَقَدْ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمُ هُوَ بِالْمَدِينَةِ».
(وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ (إبِلٌ، ثُمَّ بَقَرٌ إنْ أَخْرَجَ كَامِلًا، ثُمَّ غَنَمٌ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ؛ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَمْلَحَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ؛ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْبُدْنَ أَكْثَرُ ثَمَنًا وَلَحْمًا وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ وَسُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» وَالْإِبِلُ أَغْلَى ثَمَنًا وَأَنْفَسُ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (ثُمَّ شِرْكُ) سَبْعٍ فَأَكْثَرَ (فِي بَدَنَةٍ، ثُمَّ شِرْكٌ فِي بَقَرَةٍ)؛ لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ مَقْصُودَةٌ فِي الْأُضْحِيَّةِ.
وَالْمُنْفَرِدُ تَقَرَّبَ بِإِرَاقَتِهِ كُلِّهِ (وَلَا يُجْزِئ فِي الْأُضْحِيَّةِ الْوَحْشِيُّ) إذْ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِهِ، مَعَ الْوُرُودِ (وَلَا) يُجْزِئُ أَيْضًا فِي الْأُضْحِيَّةِ مَنْ (أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَحْشِيٌّ) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمَنْعِ (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ: الْأَجْنَاسِ، أَيْ: أَفْضَلُ كُلِّ جِنْسٍ (أَسْمَنُ، ثُمَّ أَغْلَى ثَمَنًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «تَعْظِيمُهَا اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِحْسَانُهَا» وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأَجْرِهَا وَأَكْثَرُ لِنَفْعِهَا.
(وَذَكَرٌ وَأُنْثَى سَوَاءٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} وقَوْله تَعَالَى {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} وَلَمْ يَقُلْ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَهْدَى جَمَلًا كَانَ لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بَرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ قَالَ أَحْمَدُ الْخَصِيُّ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ النَّعْجَةِ؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ وَأَطْيَبُ.
وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: الْكَبْشُ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَفْضَلُ النَّعَمِ؛ لِأَنَّهَا أُضْحِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَأَقْرَنُ أَفْضَلُ)؛ لِأَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ (وَيُسَنُّ اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِحْسَانُهَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (وَأَفْضَلُهَا لَوْنًا الْأَشْهَبُ، وَهُوَ الْأَمْلَحُ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ) النَّقِيُّ الْبَيَاضِ قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ (أَوْ مَا بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ) لِمَا رُوِيَ عَنْ مَوْلَاةِ ابْنِ وَرَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَمُ عَفْرَاءَ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِمَعْنَاهُ،.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ «دَمُ بَيْضَاءَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ»؛ وَلِأَنَّهُ لَوْنُ أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ أَصْفَرُ ثُمَّ أَسْوَدُ) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ أَحْسَنَ لَوْنًا فَهُوَ أَفْضَلُ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ يُعْجِبُنِي الْبَيَاضُ وَ) قَالَ: (أَكْرَهَ السَّوَادَ).
(وَلَا يُجْزِئُ) فِي الْأُضْحِيَّةِ وَكَذَا دَمِ تَمَتُّعٍ وَنَحْوِهِ (إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَهُوَ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) وَيَدُلُّ لِإِجْزَائِهِ: مَا رَوَتْ أُمُّ بِلَالٍ بِنْتِ هِلَالٍ عَنْ أَبِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أُضْحِيَّةً» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْهَدْيُ مِثْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ جَذَعِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ: أَنَّ جَذَعَ الضَّأْنِ يَنْزَوِ فَيُلَقِّحَ، بِخِلَافِ الْجَذَعِ مِنْ الْمَعْزِ قَالَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ قَدْ أَجَذَعَ بِنَوْمِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِهِ قَالَ الْخِرَقِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَأَلْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، كَيْفَ تَعْرِفُونَ الضَّأْنَ إذَا أَجْذَعَ؟ قَالُوا: لَا تَزَالُ الصُّوفَةُ قَائِمَةً عَلَى ظَهْرِهِ مَا دَامَ حَمَلًا فَإِذَا نَامَتْ الصُّوفَةُ عَلَى ظَهْرِهِ عُلِمَ أَنَّهُ أَجَذَعُ.
(وَ) لَا (يُجْزِئُ إلَّا الثَّنِيُّ مِمَّا سِوَاهُ) أَيْ: الضَّأْنِ (فَثَنِيُّ الْإِبِلِ: مَا كَمُلَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ) قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ الْكِلَابِيُّ وَأَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ: إذَا مَضَتْ السَّنَةُ الْخَامِسَةُ عَلَى الْبَعِيرِ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ وَأَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ ثَنِيٌّ، وَنَرَى أَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ ثَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ (وَ) ثَنِيُّ (بَقَرٍ) مَا لَهُ (سَنَتَانِ) كَامِلَتَانِ.
(وَ) ثَنِيُّ (مَعْزٍ) مَا لَهُ (سَنَةٌ) كَامِلَةٌ؛ لِحَدِيثِ «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، فَإِنْ عَسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ»؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُلَقِّحُ (وَيُجْزِئُ أَعْلَى سِنًّا مِمَّا ذُكِرَ)؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى وَالْحَصْرُ فِيمَا تَقَدَّمَ إضَافِيٌّ، فَالْمَعْنَى: لَا يُجْزِئُ أَدْوَنُ مِمَّا تَقَدَّمَ.
(وَجَذَعُ ضَأْنٍ أَفْضَلُ مِنْ ثَنِيِّ مَعْزٍ) قَالَ أَحْمَدُ لَا تُعْجِبُنِي الْأُضْحِيَّةَ إلَّا الضَّأْنَ؛ وَلِأَنَّ جَذَعَ الضَّأْنِ أَطْيَبُ لَحْمًا مِنْ ثَنِيِّ الْمَعْزِ.
(وَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ جَذَعِ الضَّأْنِ وَثَنِيِّ الْمَعْزِ (أَفْضَلُ مِنْ سُبُعِ بَدَنَةٍ أَوْ) سُبُعِ (بَقَرَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إرَاقَةُ الدَّمِ (وَسُبُعِ شَاةٍ أَفْضَلُ مِنْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ، وَزِيَادَةُ عَدَدٍ فِي جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ الْمُغَالَاةِ مَعَ عَدَمِهِ) أَيْ: عَدَمِ التَّعَدُّدِ (فَبَدَنَتَانِ) سَمِينَتَانِ (بِتِسْعَةٍ، أَفْضَلُ مِنْ بَدَنَةٍ بِعَشْرَةٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ إرَاقَةِ الدَّمِ (وَرَجَّحَ الشَّيْخُ الْبَدَنَةَ) الَّتِي بِعَشَرَةٍ عَلَى الْبَدَنَتَيْنِ بِتِسْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَنْفَسُ.
(وَالْخَصِيّ رَاجِحٌ عَلَى النَّعْجَةِ)؛ لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ وَأَطْيَبُ (وَرَجَّحَ الْمُوَفَّقُ الْكَبْشَ) فِي الْأُضْحِيَّةِ (عَلَى سَائِرِ النَّعَمِ)؛ لِأَنَّهُ أُضْحِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ وَنَصَّ) الْإِمَامُ (وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ، مِثْلُ امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ وَمَمَالِيكِهِ) قَالَ صَالِحٌ: قُلْتُ لِأَبِي يُضَحَّى بِالشَّاةِ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ «قَدْ ذَبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبْشَيْنِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَقَرَّبَ الْآخَرَ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ عَمَّنْ وَحَّدَكَ مِنْ أُمَّتِي» وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا: مَا رَوَى أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ» قَالَ فِي الشَّرْحِ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
(وَ) تُجْزِئُ كُلٌّ مِنْ (الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «نَحَرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ».
وَفِي لَفْظٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ (فَأَقَلَّ) أَيْ: وَتُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(قَالَ الزَّرْكَشِيّ: الِاعْتِبَارُ) أَيْ: فِي إجْزَاءِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ فَأَقَلَّ (أَنْ يَشْتَرِكَ الْجَمِيعُ) أَيْ: فِي الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ (دَفْعَةً، فَلَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي) بَدَنَةٍ أَوْ (بَقَرَةٍ أُضْحِيَّةً وَقَالُوا: مَنْ جَاءَ يُرِيدُ أُضْحِيَّةً شَارَكْنَاهُ فَجَاءَ قَوْمٌ فَشَارَكُوهُمْ لَمْ تُجْزِ) الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ (إلَّا عَنْ الثَّلَاثَةِ قَالَهُ الشِّيرَازِيُّ: انْتَهَى وَالْمُرَادُ: إذَا أَوْجَبُوهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةُ (عَلَى أَنْفُسِهِمْ نَصَّ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يُوجِبُوهَا فَلَا مَانِعَ مِنْ الِاشْتِرَاكِ قَبْلَ الذَّبْحِ، لِعَدَمِ التَّعْيِينِ (وَالْجَوَامِيسُ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ (كَالْبَقَرِ) فِي الْإِجْزَاءِ وَالسِّنِّ، وَإِجْزَاءُ الْوَاحِدَةِ عَنْ سَبْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهَا (وَسَوَاءٌ أَرَادَ جَمِيعُهُمْ) أَيْ: جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ فِي الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ (الْقُرْبَةَ، أَوْ) أَرَادَ (بَعْضُهُمْ) الْقُرْبَةَ.
(وَ) أَرَادَ (الْبَاقُونَ اللَّحْمَ)؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْمُجْزِئَ لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ بِإِرَادَةِ الشَّرِيكِ غَيْرِ الْقُرْبَةِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ جِهَاتُ الْقُرْبَةِ بِأَنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْمُتْعَةَ، وَالْآخَرُ الْقِرَانَ وَالْآخَرُ تَرْكَ وَاجِبٍ، وَهَكَذَا؛ وَلِأَنَّ الْقِسْمَةَ هُنَا إقْرَارُ حَقٍّ وَلَيْسَتْ بَيْعًا وَفِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ أَنَّ سُنَّةَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ: الْأَكْلُ، وَالْإِهْدَاءُ: دَلِيلٌ عَلَى تَجْوِيزِ الْقِسْمَةِ إذْ بِهَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ.
وَيَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْبُدْنِ وَالْبَقَرِ (وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ) أَيْ: الشُّرَكَاءِ (ذِمِّيًّا فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ.
(قَالَهُ الْقَاضِي) وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى (وَيُعْتَبَرُ ذَبْحُهَا) أَيْ: الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ (عَنْهُمْ) أَيْ: السَّبْعَةِ فَأَقَلَّ نَصَّ عَلَيْهِ (وَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَسِمُوا اللَّحْمَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ) فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَنَحْوِهَا (لَيْسَتْ بَيْعًا) بَلْ إقْرَارُ حَقٍّ.
(وَلَوْ ذَبَحُوهَا) أَيْ: الْبَدَنَةَ أَوْ الْبَقَرَةَ (عَلَى أَنَّهُمْ سَبْعَةٌ فَبَانُوا ثَمَانِيَةً ذَبَحُوا شَاةً وَأَجْزَأَتْهُمْ) الشَّاةُ مَعَ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ فَإِنْ بَانُوا تِسْعَةً ذَبَحُوا شَاتَيْنِ وَهَكَذَا.
(وَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي شَاتَيْنِ عَلَى الشُّيُوعِ أَجْزَأ) ذَلِكَ عَنْهُمَا كَمَا لَوْ ذَبَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاةً.
(وَلَوْ اشْتَرَى سُبُعَ بَقَرَةٍ) أَوْ بَدَنَةٍ (ذُبِحَتْ لِلَّحْمِ فَهُوَ لَحْمٌ اشْتَرَاهُ وَلَيْسَتْ) الْحِصَّةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا أُضْحِيَّةً لِعَدَمِ ذَبْحِهَا عَنْهُمْ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ شَاةً ذُبِحَتْ لِلَّحْمِ وَأَمَّا مَا ذُبِحَ هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، كَمَا يَأْتِي وَلَوْ تَطَوُّعًا لِتَعَيُّنِهِ بِالذَّبْحِ.

.(فَصْلٌ): فيما لا يجزئ في الأضحية:

(وَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ.
(الْعَوْرَاءُ) الْبَيِّنَةُ الْعَوَرِ وَهِيَ (الَّتِي انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا) أَيْ: الْعَيْنِ (بَيَاضٌ وَهِيَ قَائِمَةٌ لَمْ تَذْهَبْ أَجْزَأَتْ) لِمَفْهُومِ مَا يَأْتِي؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْقِصُ لَحْمَهَا (وَلَا تُجْزِئُ) فِيهِمَا (عَمْيَاءُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمَاهَا بَيِّنًا) كَقَائِمَةِ الْعَيْنَيْنِ مَعَ ذَهَابِ إبْصَارِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَمَى يَمْنَعُ مَشْيَهَا مَعَ رَفِيقَتِهَا وَيَمْنَعُ مُشَارَكَتَهَا فِي الْعَلَفِ؛ وَلِأَنَّ فِي النَّهْيِ عَنْ الْعَوْرَاءِ تَنْبِيهًا عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْعَمْيَاءِ.
(وَلَا عَجْفَاءُ لَا تُنْقِي) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ، مِنْ أَنْقَتْ الْإِبِلُ إذَا سَمِنَتْ وَصَارَ فِيهَا نَقْيٌ وَهُوَ مُخُّ الْعَظْمِ وَشَحْمُ الْعَيْنِ مِنْ السَّمْنِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَعِ (وَهِيَ) أَيْ: الْعَجْفَاءُ (الْهَزِيلَةُ الَّتِي لَا مُخَّ فِيهَا وَلَا) تُجْزِئُ (عَرْجَاءُ بَيِّنٌ ضِلَعُهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا أَيْ: غَمْزُهَا وَصَوَابُهُ: بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ.
(وَهِيَ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ مَعَ جِنْسِهَا) الصَّحِيحِ (إلَى الْمَرْعَى وَلَا).
تُجْزِئُ (كَسِيرَةٌ وَلَا مَرِيضَةٌ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَهُوَ الْمُفْسِدُ لِلَحْمِهَا بِجَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَامَ فِينَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ (وَلَا) تُجْزِئُ (عَضْبَاءُ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ.
(وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أَوْ قَرْنِهَا) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُضَحَّى بِأَعْضَبِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ» قَالَ قَتَادَةَ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: الْعَضْبُ النِّصْفُ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ الْعَضْبَاءُ مَا ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أَوْ قَرْنِهَا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ كَالْكُلِّ (وَتُكْرَهُ مَعِيبَةُ أُذُنٍ بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ أَوْ قَطْعٍ لِ) نِصْفٍ أَوْ (أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَكَذَا) مَعِيبَةُ (قَرْنٍ) بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ.
لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ» قَالَ زُهَيْرٌ قُلْت: لِأَبِي إِسْحَاقَ مَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَالَ يُقْطَعُ مِنْ طَرَفِ الْأُذُنِ قُلْت: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟ قَالَ يُقْطَعُ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ قُلْت: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: تُشَقُّ الْأُذُنُ قُلْت: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ: تُشَقُّ أُذُنُهَا لِلسِّمَةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَقَالَ الْقَاضِي: الْخَرْقَاءُ الَّتِي قَدْ انْتَقَبَتْ أُذُنُهَا وَالشَّرْقَاءُ الَّتِي تُشَقُّ أُذُنُهَا، وَتَبْقَى كَالشَّاخَتَيْنِ وَهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ، وَيَحْصُلُ الْإِجْزَاءُ بِهَا؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ السَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ يَشُقُّ، إذْ لَا يَكَادُ يُوجَدُ سَالِمٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ.
(وَلَا تُجْزِئُ الْجَدَّاءُ، وَهِيَ جَافَّةُ الضَّرْعِ) أَيْ: الْجَدْبَاءُ الَّتِي شَابَ وَنَشَفَ ضَرْعُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا أَبْلَغُ فِي الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ مِنْ ذَهَابِ شَحْمَةِ الْعَيْنِ (وَلَا) تُجْزِئُ (هَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَتْ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا) قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ (وَلَا عَصْمَاءُ، وَهِيَ الَّتِي انْكَسَرَ غِلَافُ قَرْنِهَا) قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ (وَيُجْزِئُ مَا ذَهَبَ دُونَ نِصْفِ أَلْيَتِهَا) وَكَذَا مَا ذَهَبَ نِصْفُهَا كَمَا فِي الْمُنْتَهَى وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُذُنِ: وَتُكْرَهُ بَلْ هُنَا أَوْلَى.
(وَ) تُجْزِئُ (الْجَمَّاءُ، وَهِيَ الَّتِي خُلِقَتْ بِلَا قَرْنٍ وَالصَّمْعَاءُ، وَهِيَ الصَّغِيرَةُ الْأُذُنِ، وَمَا خُلِقَتْ بِلَا أُذُنٍ وَالْبَتْرَاءُ الَّتِي لَا ذَنَبَ لَهَا خِلْقَةً أَوْ مَقْطُوعًا)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ.
(وَ) تُجْزِئُ (الَّتِي بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ لَا يَمْنَعُ النَّظَرَ) لِعَدَمِ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْبَصَرِ (وَ) يُجْزِئُ (الْخَصِيُّ الَّتِي قُطِعَتْ خُصْيَتَاهُ أَوْ سُلَّتَا أَوْ رُضَّتَا)؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ وَالْوِجَاءُ: رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ؛ وَلِأَنَّ الْخِصَاءَ إذْهَابُ عُضْوٍ غَيْرِ مُسْتَطَابٍ، يَطِيبُ اللَّحْمُ بِذَهَابِهِ، وَيَسْمَنُ قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا زَادَ فِي لَحْمِهِ وَشَحْمِهِ أَكْثَرُ مِمَّا ذَهَبَ مِنْهُ (فَإِنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: مَعَ قَطْعِ الْخُصْيَتَيْنِ، أَوْ سَلِّهِمَا أَوْ رَضِّهِمَا (لَمْ يُجْزِ وَهُوَ الْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ) نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
(وَتُجْزِئُ الْحَامِلُ) مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ كَالْحَائِلِ.

.(فَصْلٌ): في كيفية نحر الإبل:

(وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى، فَيَطْعَنُهَا بِالْحَرْبَةِ فِي الْوَهْدَةِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ) لِمَا رَوَى زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ «رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ أَنَاخَ بَدَنَةً لِيَنْحَرَهَا فَقَالَ: ابْعَثْهَا قَائِمَةً مُقَيَّدَةً سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةً الْيُسْرَى، قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا» وَفِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تُنْحَرُ قَائِمَةً وَقِيلَ: فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} أَيْ: قِيَامًا، لَكِنْ إنْ خَشِيَ عَلَيْهَا أَنْ تَنْفِرَ أَنَاخَهَا.
(وَ) السُّنَّةُ (ذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ) وقَوْله تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ» (وَيَجُوزُ عَكْسُهُ) أَيْ: ذَبْحُ الْإِبِلِ وَنَحْرُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَاوَزْ مَحَلَّ الذَّكَاةِ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ» (وَيَأْتِي) ذَلِكَ.
(وَيَقُولُ بَعْدَ تَوْجِيهِهَا) أَيْ: الذَّبِيحَةِ (إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) إنْ كَانَتْ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (حِينَ يُحَرِّكُ يَدَهُ بِالذَّبْحِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ذَبَحَ يَوْمَ الْعِيدِ كَبْشَيْنِ، ثُمَّ قَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّسْمِيَةِ فَقَدْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ.
وَكَذَا يَقُولُ عِنْدَ تَحْرِيكِ يَدِهِ بِالنَّحْرِ (وَإِنْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ إلَخْ (وَ) قَالَ (قَبْلَ تَحْرِيكِ يَدِهِ) بِالذَّبْحِ، بِأَنْ قَالَ عِنْدَ تَوْجِيهِ الذَّبِيحَةِ إلَى الْقِبْلَةِ (وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت، وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فَحَسَنٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ بِإِسْقَاطِ أَوَّلُ لِمُنَاسِبَةِ الْمَعْنَى، أَوْ قَالَ بَعْدَ «هَذَا مِنْك وَلَك» (اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْت مِنْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِك، فَحَسَنٌ) لِمُنَاسِبَةِ الْحَالِ.
وَفِي حَدِيثٍ لِمُسْلِمٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ» وَكَرِهَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ سِيرِينَ الْأَكْلَ مِنْ الذَّبِيحَةِ إذَا وُجِّهَتْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ.
(وَالْأَفْضَلُ: تَوَلِّي صَاحِبِهَا) أَيْ: الذَّبِيحَةِ هَدْيًا كَانَتْ أَوْ أُضْحِيَّةً (ذَبْحَهَا بِنَفْسِهِ)؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، وَنَحَرَ الْبَدَنَاتِ السِّتَّ بِيَدِهِ، وَنَحَرَ مِنْ الْبُدْنِ الَّتِي أَهْدَاهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَ الذَّبْحِ قُرْبَةٌ وَتَوَلِّي الْقُرْبَةِ بِنَفْسِهِ أَوْلَى مِنْ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا.
(وَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَصِحُّ ذَبْحُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا) كِتَابِيًّا أَبَوَاهُ كِتَابِيَّانِ (جَازَ، وَمُسْلِمٌ أَفْضَلُ) مِنْ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَابَ عَلِيًّا فِي نَحْرِ مَا بَقِيَ مِنْ بَدَنِهِ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَكِّلَ) فِي ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ (ذِمِّيًّا) كِتَابِيًّا لِقَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوِيلِ مَرْفُوعًا «لَا يَذْبَحُ ضَحَايَاكُمْ إلَّا طَاهِرٌ» (وَيَشْهَدُهَا) أَيْ: الْأُضْحِيَّةَ رَبُّهَا (نَدْبًا إنْ وَكَّلَ) فِي تَذْكِيَتِهَا لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوِيلِ «وَاحْضُرُوهَا إذَا ذَبَحْتُمْ، فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكُمْ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا» وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ «اُحْضُرِي أُضْحِيَّتَك يُغْفَرْ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا».
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ) أَيْ: الْمُوَكِّلِ لَهُ (وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ) أَيْ: نِيَّةُ كَوْنِهَا أُضْحِيَّةً (مِنْ الْمُوَكِّلِ إذًا) أَيْ: وَقْتَ التَّوْكِيلِ فِي الذَّبْحِ.
(وَفِي الرِّعَايَةِ: يَنْوِي) الْمُوَكِّلُ كَوْنَهَا أُضْحِيَّةً (عِنْد الذَّكَاةِ أَوْ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ) لِيُذَكِّيَهَا (إلَّا مَعَ التَّعْيِينِ) أَيْ: تَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً، فَلَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ (وَلَا تُعْتَبَرُ تَسْمِيَةُ الْمُضَحَّى عَنْهُ) اكْتِفَاءً بِالنِّيَّةِ.
(وَوَقْتُ ابْتِدَاءِ ذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيٍ وَنَذْرٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَ) دَمِ (مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ: يَوْمَ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ) أَيْ: صَلَاةِ الْعِيدِ لِحَدِيثِ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى» وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ (قَبْلَ الْخُطْبَةِ) لِظَاهِرِ مَا سَبَقَ.
(وَالْأَفْضَلُ) أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَ(بَعْدَهَا) أَيْ: الْخُطْبَةِ وَذَبْحِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (وَلَوْ سَبَقَتْ صَلَاةُ إمَامٍ فِي الْبَلَدِ) الَّذِي تَتَعَدَّدُ فِيهِ الْعِيدُ (جَازَ الذَّبْحُ) لِتَقَدُّمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ (أَوْ بَعْدَ) مُضِيِّ (قَدْرِهَا) أَيْ: قَدْرِ زَمَنِ صَلَاةِ الْعِيدِ (بَعْدَ حِلِّهَا) أَيْ: دُخُولِ وَقْتِهَا (فِي حَقِّ مَنْ لَا صَلَاةَ فِي مَوْضِعِهِ) كَأَهْلِ الْبَوَادِي مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ وَالْخَرْكَاوَاتِ وَنَحْوِهِمْ، مِمَّنْ لَا عِيدَ عَلَيْهِ فَدُخُولُ وَقْتِ ذَبْحٍ: مَا ذُكِرَ فِي حَقِّهِمْ بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا تُفْعَلُ فِيهِ الصَّلَاةُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي حَقِّهِمْ تُعْتَبَرُ فَوَجَبَ الِاعْتِبَارُ بِقَدْرِهَا وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ قَدْرَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ ذَلِكَ بِمُتَوَسِّطِ النَّاسِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْمُوَفَّقُ اعْتَبَرَ قَدْرَ صَلَاةٍ وَخُطْبَةٍ تَامَّتَيْنِ فِي أَخَفِّ مَا يَكُونُ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ وَخُطْبَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِهَا وَالْمَذْهَبُ: لَا تُعْتَبَرُ كَمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ فَاتَتْ الصَّلَاةُ) أَيْ: صَلَاةُ الْعِيدِ (بِالزَّوَالِ) بِأَنْ زَالَتْ الشَّمْسُ فِي مَوْضِعٍ تُصَلَّى فِيهِ، كَالْأَمْصَارِ وَالْقُرَى قَبْلَ أَنْ يُصَلُّوا، لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (ضَحَّى إذَنْ) أَيْ: عِنْدَ الزَّوَالِ فَمَا بَعْدَهُ لِفَوَاتِ التَّبَعِيَّةِ بِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ.
(وَأَخَّرَهُ) أَيْ: أَخَّرَ وَقْتَ ذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ وَهَدْيِ نَذْرٍ، أَوْ تَطَوُّعٍ أَوْ مُتْعَةٍ أَوْ قِرَانٍ (آخِرَ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) فَأَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ يَوْمُ الْعِيدِ، وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِهِ وَرُوِيَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَحْمَدُ أَيَّامُ النَّحْرِ ثَلَاثَةٌ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ» وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يُبَاحَ ذَبْحُهَا فِي وَقْتٍ يَحْرُمُ أَكْلُهَا فِيهِ وَنَسْخُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ- وَهُوَ الِادِّخَارُ- لَا يَلْزَمُهُ رَفْعُ الْآخَرِ وَهُوَ إجْزَاءُ الذَّبْحِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ.
وَفِي الْإِيضَاحِ: إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَأَفْضَلُهُ) أَيْ: ذَبْحِ مَا ذُكِرَ (أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ) دُخُولِ (وَقْتِهِ) وَهُوَ مُضِيُّ الصَّلَاةِ، أَوْ قَدْرُهَا وَالْأَفْضَلُ: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ أَيْضًا وَبَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ إنْ كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ (وَيُجْزِئُ) ذَبْحُ مَا ذُكِرَ (فِي لَيْلَتِهِمَا) أَيْ: لَيْلَةِ يَوْمَيْ التَّشْرِيقِ الْأَوَّلَيْنِ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ زَمَنٌ يَصِحُّ فِيهِ الرَّمْيُ، أَيْ: فِي الْجُمْلَةِ، كَالسُّقَاةِ وَالرُّعَاةِ، وَدَاخِلٌ فِي مُدَّةِ الذَّبْحِ فَجَازَ فِيهِ كَالْأَيَّامِ (مَعَ الْكَرَاهَةِ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَظَاهِرُ الْمُنْتَهَى: لَا يُكْرَهُ.
(وَوَقْتُ ذَبْحِ مَا وَجَبَ) مِنْ الدِّمَاءِ (بِفِعْلِ مَحْذُورٍ) كَلُبْسٍ وَطِيبٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ وَنَحْوِهِ (مِنْ حِينِ وُجُوبِهِ) أَيْ: مِنْ حِينِ فِعْلِ الْمَحْذُورِ.
(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ: أَرَادَ فِعْلَ الْمَحْذُورِ (لِعُذْرٍ فَلَهُ ذَبْحُهُ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْمَحْذُورِ (وَتَقَدَّمَ) فِي بَابِ الْفِدْيَةِ (وَكَذَا مَا وَجَبَ) مِنْ الدِّمَاءِ (لِتَرْكِ وَاجِبٍ) يَدْخُلُ وَقْتُهُ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ.
(وَإِنْ ذَبَحَ) هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً (قَبْلَ وَقْتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ) كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ (وَصَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ)؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ (وَعَلَيْهِ بَدَلُ الْوَاجِبِ) لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ.
(وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ) قَبْلَ ذَبْحِ هَدْيٍ أَوْ أُضْحِيَّةٍ (ذَبَحَ الْوَاجِبَ قَضَاءً)؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ أَحَدُ مَقْصُودَيْ الْأُضْحِيَّةِ، فَلَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِ وَقْتِهِ، كَمَا لَوْ ذَبَحَهَا فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يُفَرِّقْهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ (وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ) بِخُرُوجِ وَقْتِ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّ الْمُحَصِّلَ لِلْفَضِيلَةِ الزَّمَانُ وَقَدْ فَاتَ فَلَوْ ذَبَحَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ لَحْمًا تَصَدَّقَ بِهِ، لَا أُضْحِيَّةً فِي الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ.