فصل: (فَصْلُ): إِذَا اسْتَوَى وَلِيَّانِ فَأَكْثَرُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلُ): إِذَا اسْتَوَى وَلِيَّانِ فَأَكْثَرُ:

(وَإِذَا اسْتَوَى وَلِيَّانِ فَأَكْثَرُ) لِامْرَأَةٍ (فِي الدَّرَجَةِ) كَإِخْوَةٍ لَهَا كُلُّهُمْ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ أَعْمَامٍ كَذَلِكَ أَوْ بَنِي إخْوَةٍ كَذَلِكَ (فَإِنْ أَذِنَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ) بِعَيْنِهِ (تَعَيَّنَ وَلَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ غَيْرِهِ) مِمَّنْ لَمْ تَأْذَنْ لِعَدَمِ الْإِذْنِ (وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُمْ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُزَوِّجَهَا (صَحَّ التَّزْوِيجُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) لِأَنَّ سَبَبَ الْوِلَايَةِ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
(وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ أَفْضَلِهِمْ) أَيْ الْمُسْتَوِي (عِلْمًا وَدِينًا ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ قُدِّمَ (أَسَنُّهُمْ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا قُدِّمَ إلَيْهِ مُحَيِّصَةُ وَحُوَيِّصَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبِّرْ كَبِّرْ أَيْ قَدِّمْ الْأَكْبَرَ فَتَقَدَّمَ حُوَيِّصَةُ» وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْعَقْدِ فِي اجْتِمَاعِ شُرُوطِهِ وَالنَّظَرِ فِي الْحَظِّ (فَإِنْ تَشَاحُّوا) أَيْ الْأَوْلِيَاءُ الْمُسْتَوُونَ فِي الدَّرَجَةِ (أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي الْحَقِّ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ (فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُ مَنْ قَرَعَ) أَيْ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (فَزَوَّجَ) وَقَدْ أَذِنَتْ لَهُمْ (صَحَّ) التَّزْوِيجُ لِأَنَّهُ تَزْوِيجٌ صَدَرَ مِنْ وَلِيٍّ كَامِلِ الْوِلَايَةِ بِإِذْنِ مُوَلِّيَتِهِ، فَصَحَّ مِنْهُ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالْوِلَايَةِ، وَلِأَنَّ الْقُرْعَةِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِزَالَةِ الْمُشَاحَّةِ.
(وَإِذَا زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ) أَيْ الْمُسْتَوِيَانِ فِي الدَّرَجَةِ (اثْنَيْنِ وَعُلِمَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (فَالنِّكَاحُ لَهُ) وَعَقْدُ الثَّانِي بَاطِلٌ لِحَدِيثِ سَمُرَةَ وَعُقْبَةَ مَرْفُوعًا «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ خَلَا عَنْ مُبْطِلٍ وَالثَّانِي تَزَوَّجَ زَوْجَةَ غَيْرِهِ فَكَانَ بَاطِلًا كَمَا لَوْ عَلِمَ (فَإِنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) لِبُطْلَانِ نِكَاحِهِ (فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ يَجِبُ لَهَا بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ.
(وَلَا تَحِلُّ لَهُ) أَيْ لِلْأَوَّلِ (حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لِلْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا مِنْهُ.
(وَلَا تَرُدُّ الصَّدَاقَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الدَّاخِلِ بِهَا) وَهُوَ الثَّانِي (عَلَى) الزَّوْجِ الْأَوَّلِ (الَّذِي دُفِعَتْ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي بُضْعِهَا فَلَا يَمْلِكُ عِوَضَهُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَإِنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا فَعِوَضُهَا لَهُ (وَلَا يَحْتَاجُ النِّكَاحُ الثَّانِي إلَى فَسْخٍ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَا يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ إلَّا بِالْوَطْءِ دُونَ مُجَرَّدِ الدُّخُولِ) أَيْ الْخَلْوَةِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ (وَ) دُونَ الْفَرْجِ كَالْمُفَاخَذَةِ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ لَا حُكْمَ لَهُ (وَإِنْ وَقَعَا) أَيْ النِّكَاحَانِ (مَعًا) أَيْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (بَطَلَا) أَيْ فَهُمَا بَاطِلَانِ مِنْ أَصْلِهِمَا وَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى فَسْخٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا وَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَرِثَانِهَا وَلَا تَرِثُهُمَا) لِأَنَّ الْعَقْدَ الْبَاطِلَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.
(وَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (مِثْلُ جَهْلِ السَّبْقِ) بِأَنْ جَهِلَ هَلْ وَقَعَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ (أَوْ عَلِمَ عَيْنَ السَّابِقِ) مِنْ الْعَقْدَيْنِ (ثُمَّ جَهِلَ) أَيْ نَسِيَ (أَوْ عَلِمَ السَّبْقَ) كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْآخَرَ بَعْدَهُ (وَجَهِلَ السَّابِقَ) مِنْهُمَا (فَسَخَهُمَا حَاكِمٌ) لِأَنَّ أَحَدَهُمَا صَحِيحٌ وَلَا طَرِيقَ لِلْعِلْمِ بِهِ (وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِ) فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ غَرَّمَهُ لِأَنَّ عَقْدَ أَحَدِهِمَا صَحِيحٌ وَقَدْ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ (وَكَذَا لَوْ طَلَّقَاهَا) وَجَبَ عَلَى أَحَدِهِمَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِقُرْعَةٍ.
وَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْقُصَ عَدَدُ طَلَاقِهِ لِهَذِهِ الطَّلْقَةِ، لِأَنَّا لَمْ تَتَحَقَّقْ أَنَّ عَقْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى يَقَعَ طَلَاقُهُ، ذَكَرَ مَعْنَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا بِالسَّبْقِ) بِأَنَّ نِكَاحَهُ سَابِقٌ (لَمْ يُقْبَلْ) إقْرَارُهَا عَلَى الْآخَرِ (نَصًّا) لِأَنَّ الْخَصْمَ غَيْرُهَا، وَهُوَ الْعَاقِدُ الثَّانِي فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا عَلَيْهِ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا الْعِلْمَ بِالسَّابِقِ لَمْ يَلْزَمْهَا يَمِينٌ لِأَنَّ مَنْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِي إنْكَارِهِ وَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ.
(وَإِنْ مَاتَتْ) الْمَرْأَةُ (قَبْلَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ فَلِأَحَدِهِمَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا بِقُرْعَةٍ) أَيْ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ قَالَ وَكَيْفَ يَحْلِفُ مَنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ الْحَالَ؟.
(وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ) قَبْلَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ (فَإِنْ كَانَتْ قَرَّتْ بِسَبْقِ أَحَدِهِمَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْآخَرِ) لِاعْتِرَافِهَا بِبُطْلَانِ نِكَاحِهِ (وَهِيَ تَدَّعِي مِيرَاثَهَا مِمَّنْ أَقَرَّتْ لَهُ بِالسَّبْقِ فَإِنْ) كَانَ (ادَّعَى ذَلِكَ) أَيْ السَّبْقَ (أَيْضًا دَفَعَ إلَيْهَا مِيرَاثَهَا مِنْهُ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ادَّعَى ذَلِكَ) أَيْ السَّبْقَ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ) كَوْنَهُ السَّابِقَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ) أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ السَّابِقُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (فَإِنْ نَكَلُوا قُضِيَ عَلَيْهِمْ) بِالنُّكُولِ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَقَرَّتْ بِالسَّبْقِ فَلَهَا مِيرَاثُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ) فَيُقْرَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَمَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ فَلَهَا إرْثُهَا مِنْهُ نَقَلَ حَنْبَلُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ زَوَّجَ إحْدَاهُنَّ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَلَمْ يُعْلَمْ أَيَّتُهُنَّ زَوَّجَ يُقْرَعُ فَأَيَّتُهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَهِيَ الَّتِي تَرِثُهُ (وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السَّبْقَ فَأَقَرَّتْ بِهِ لِأَحَدِهِمَا) فَلَا أَثَر لَهُ كَمَا سَبَقَ (ثُمَّ) إذَا (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) بِأَنْ فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُمَا أَوْ طَلَّقَاهَا (وَجَبَ الْمَهْرُ) بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَهُ نِصْفُهُ (عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِهِ لَهَا وَتَصْدِيقِهَا لَهُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْ الْمُقَرَّ لَهُ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى إقْرَارِهِمَا (دُونَ صَاحِبِهِ) لِأَنَّهَا تَدَّعِي بُطْلَانَ نِكَاحِهِ لِتَأَخُّرِهِ (وَإِنْ مَاتَتْ) مَنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا بِالسَّبْقِ وَصَدَّقَهَا (قَبْلَهُمَا اُحْتُمِلَ أَنْ يَرِثَهَا الْمُقَرُّ لَهُ) كَمَا تَرِثُهُ (وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُقْبَلَ إقْرَارُهَا لَهُ) كَمَا لَوْ لَمْ تَقْبَلْهُ فِي نَفْسِهَا (أَطْلَقَهَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ لِأَحَدِهِمَا) بِالسَّبْقِ (إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَمَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ فِي حَيَاتِهِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ أَحَدِهِمَا الْإِنْكَارُ لِاسْتِحْقَاقِهَا) لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهَا.
(وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) بِالسَّبْقِ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ لَهَا مِيرَاثُهَا مِمَّنْ تَقَعُ لَهَا الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ) قِيَاسًا عَلَى الْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا.
(وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ أَصَابَهَا) أَيْ وَطِئَهَا (وَكَانَ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ) بِالسَّبْقِ فَلَهَا الْمُسَمَّى (أَوْ) وَطِئَهَا مَنْ ادَّعَى السَّبْقَ وَ(كَانَتْ لَمْ تُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَهَا الْمُسَمَّى) فِي عَقْدِهِ (لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهَا بِهِ وَهِيَ لَا تَدَّعِي سِوَاهُ) فَتَأْخُذُهُ (وَإِنْ كَانَتْ مُقِرَّةً لِلْآخَرِ) بِالسَّبْقِ (فَهِيَ تَدَّعِي مَهْرَ الْمِثْلِ) بِوَطْئِهِ إيَّاهَا مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ زَوْجَةٍ لَهُ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمُسَمَّى) لِدَعْوَاهُ الزَّوْجِيَّةَ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى فَلَا كَلَامَ (أَوْ اصْطَلَحَا) أَيْ الْوَاطِئُ وَالْمَوْطُوءَةُ عَلَى قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (فَلَا كَلَامَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (وَإِنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ) الَّذِي تَدَّعِيهِ الْمَوْطُوءَةُ (أَكْثَرَ) مِنْ الْمُسَمَّى (حَلَفَ) الْوَاطِئُ (عَلَى الزَّائِدِ وَسَقَطَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى لَهَا) فِي الْعَقْدِ (أَكْثَرَ) مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ الَّذِي تَدَّعِيهِ (فَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالزِّيَادَةِ وَهِيَ تُنْكِرُهَا فَلَا تَسْتَحِقُّهَا) أَيْ لَا تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَة بِهَا لِإِلْغَاءِ إقْرَارِهِ بِإِنْكَارِهِ.
(وَإِنْ زَوَّجَ سَيِّدٌ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ أَمَتِهِ) صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَا بِحُكْمِ الْإِذْنِ (أَوْ) زَوَّجَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ (بِنْتِهِ) بِإِذْنِهَا صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ وَإِنْ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِمَّنْ لَا يُكَافِئُهَا وَعَنْهُ يَجُوزُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
(أَوْ زَوَّجَ) شَخْصٌ (ابْنَهُ) الصَّغِيرَ أَوْ الْمَجْنُونَ أَوْ السَّفِيهَ (بِنْتُ أَخِيهِ) صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (أَوْ زَوَّجَ وَصِيٌّ فِي نِكَاحٍ صَغِيرًا) تَحْتَ حِجْرِهِ (بِصَغِيرَةٍ تَحْتَ حِجْرِهِ وَنَحْوِهِ) كَحَاكِمٍ يُزَوِّجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ بِمَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا (صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الْعَاقِلَةِ) إذَا كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ (مِثْلَ ابْنِ عَمٍّ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَالْمَوْلَى) الْمُعْتَقِ وَعَصَبَتِهِ الْمُتَعَصِّبِ بِنَفْسِهِ (وَالْحَاكِمِ) وَأَمِينِهِ (إذَا أَذِنَتْ لَهُ فِي نِكَاحِهَا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لِأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ فَارِضٍ «أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إلَيَّ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ قَدْ تَزَوَّجْتُكِ» وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ فَجَازَ أَنْ يَتَوَلَّاهُمَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ وَجَبَ فِيهِ الْإِيجَابُ مِنْ وَلِيٍّ ثَابِت الْوِلَايَةِ وَالْقَبُولُ مِنْ زَوْجٍ هُوَ أَهْلٌ لِلْقَبُولِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ وُجِدَ مِنْ رَجُلَيْنِ.
(أَوْ وَكَّلَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ) فِي قَبُولِ نِكَاحِ مَخْطُوبَتِهِ صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى الْوَلِيُّ طَرَفَيْ الْعَقْدِ (أَوْ) وَكَّلَ (الْوَلِيُّ الزَّوْجَ) فِي إيجَابِ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (أَوْ وَكَّلَا) أَيْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ رَجُلًا (وَاحِدًا) فِي الْعَقْدِ صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (وَنَحْوَهُ) كَمَا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ الْكَبِيرِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَتَهُ صَحَّ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَنَحْوُهُمَا (وَيَكْفِي) فِي عَقْدِ النِّكَاحِ مِمَّنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْهِ (زَوَّجْتُ فُلَانًا) وَيَنْسِبُهُ (فُلَانَةَ) وَيَنْسِبُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ وَقَبِلْتُ لَهُ نِكَاحَهَا (أَوْ) يَقُولُ (تَزَوَّجْتُهَا إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجُ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِنَفْسِي لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ السَّابِقِ وَلِأَنَّ إيجَابَهُ يَتَضَمَّنُ الْقَبُولَ (أَوْ) يَقُولُ: تَزَوَّجْتُهَا لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ أَوْ فُلَانَةَ وَيَنْسُبُهُ إنْ كَانَ.
(وَكِيلُهُ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْتُ لَهُ نِكَاحَهَا (إلَّا بِنْتَ عَمِّهِ وَعَتِيقَتِهِ الْمَجْنُونَتَيْنِ) فَلَا يَكْفِيهِ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (فَيُشْتَرَطُ) لِصِحَّةِ النِّكَاحِ إذْنُ (وَلِيٍّ غَيْرِهِ) أَوْ حَاكِمٍ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا جَعَلَ النَّظَرَ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ وَالِاحْتِيَاطَ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ فِيمَا هُوَ مَوْلًى عَلَيْهِ لِمَكَانِ التُّهْمَةِ كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ لَا يَبِيعُهُ لِنَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ:
وَإِذَا قَالَ لِأَمَتِهِ الْقِنِّ أَوْ الْمُدَبَّرَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ (أَوْ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا عَلَى صِفَةٍ) قَبْلَ وُجُودِهَا (الَّتِي تَحِلُّ) أَيْ يَحِلُّ نِكَاحُهَا (لَهُ إذَنْ) لَوْ كَانَتْ حُرَّةً لِيَدْخُلَ فِيهِ الْكِتَابِيَّةُ وَاحْتِرَازًا عَنْ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَثَنِيَّةِ وَالْمُحَرَّمَةِ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَقَالَ لِأَمَتِهِ مَا يَأْتِي فَلَا يَكُونُ نِكَاحًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا لِأَنَّهَا خَامِسَةٌ وَقَوْلُهُمْ: لَوْ كَانَتْ حُرَّةً لِدَفْعِ اعْتِبَارِ عَدَمِ الطَّوْلِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ الْمُعْتَبَرِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (أَعْتَقْتُكِ وَجَعَلْتُ عِتْقَك صَدَاقَك أَوْ) قَالَ (جَعَلْتُ عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا أَوْ) قَالَ (صَدَاقُ أَمَتِي عِتْقُهَا أَوْ) قَالَ: (قَدْ أَعْتَقْتُهَا وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا أَوْ) أَعْتَقْتُهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا أَوْ قَالَ (أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَعِتْقك صَدَاقُكِ) أَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَعِتْقِي صَدَاقُكِ (صَحَّ) الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: وَتَزَوَّجْتُكِ أَوْ وَتَزَوَّجْتُهَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا وَنَحْوَهُ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ «أَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ عِتْقِي صَدَاقِي» وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ» وَفَعَلَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى النِّكَاحِ لِيَصِحَّ وَقَدْ شَرَطَهُ صَدَاقًا فَتَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ لِيَكُونَ الْعِتْقُ صَدَاقًا فِيهِ وَقَدْ ثَبَتَ الْعِتْقُ فَيَصِحَّ النِّكَاحُ.
وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ (إنْ كَانَ) الْكَلَامُ (مُتَّصِلًا نَصًّا) فَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ وَسَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنهُ الْكَلَامُ فِيهِ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ: وَجَعَلْتُ عِتْقَك صَدَاقَك لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ لِأَنَّمَا صَارَتْ بِالْعِتْقِ حُرَّةً فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا بِصَدَاقٍ جَدِيدٍ.
وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ أَيْضًا إنْ كَانَ (بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) نَصًّا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ.
(فَإِنْ طَلَّقَهَا سَيِّدُهَا) الَّذِي أَعْتَقَهَا وَجَعَلَ عِتْقهَا صَدَاقَهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا) سَيِّدُهَا (بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَقْتَ الْإِعْتَاقِ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِ مَا فَرَضَ لَهَا، وَقَدْ فَرَضَ لَهَا نَفْسَهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى الرُّجُوعِ فِي الرِّقِّ بَعْدَ زَوَالِهِ فَرَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا أَعْتَقَ مِنْهَا لِأَنَّهُ صَدَاقُهَا (فَإِنْ) كَانَتْ قَادِرَةً أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَإِنْ (لَمْ تَكُنْ قَادِرَةً أُجْبِرَتْ عَلَى الِاسْتِسْعَاءِ نَصًّا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُفْلِسِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ مُسْتَقِرٌّ (وَإِنْ ارْتَدَّتْ) مَنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَجَعَلَ عِتْقهَا صَدَاقهَا قَبْلَ الدُّخُولِ (أَوْ فَعَلَتْ مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا مِثْلُ أَنْ أَرْضَعَتْ لَهُ زَوْجَةً صَغِيرَةً وَنَحْو ذَلِكَ) كَمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَر أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ (قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا) لِوُجُوبِ عَوْدِ الصَّدَاقِ إذَنْ لِلزَّوْجِ وَقَدْ أَصْدَقهَا نَفْسهَا، وَلَا سَبِيلَ إلَى الرُّجُوعِ فِي الرِّقِّ كَمَا تَقَدَّمَ فَرَجَعَ بِقِيمَتِهَا.
(وَيَصِحُّ جَعْلُ صَدَاقِ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ) وَبَعْضُهَا رَقِيقٌ لَهُ (عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ) إذَا أَذِنَتْ لَهُ وَأَذِنَ لَهُ مُعْتِقُ الْبَقِيَّةِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ وَكَانَ مُتَّصِلًا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ كَامِلَةَ الرِّقِّ.
(وَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ: (زَوَّجْتُكِ لِزَيْدٍ وَجَعَلْتُ عِتْقَك صَدَاقَك) وَقَبِلَ زَيْدٌ صَحَّ (أَوْ قَالَ) زَوَّجْتُكِ لِزَيْدٍ وَ(صَدَاقُك عِتْقُكِ أَوْ) قَالَ (أَعْتَقْتُكِ وَزَوَّجْتُكِ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ (عَلَى أَلْفٍ وَقَبِلَ زَيْدٌ) النِّكَاحَ (فِيهِمَا صَحَّ) الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ (كَمَا) لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ (أَعْتَقْتُكِ وَأَكْرَيْتُكِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا (بِأَلْفِ) وَقَبِلَ زَيْدٌ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْخِدْمَةِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَعْتَقْتُكِ عَلَى خِدْمَةِ سَنَةٍ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتُكِ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَزَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ وَهَبْتُكَهَا، وَأَكْرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ بِعْتُكَهَا وَزَوَّجْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ لِلْمَنْفَعَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّا نُجَوِّزُ الْعِتْقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ، وَالْبَيْعَ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةِ الْخِدْمَةِ وَقَدْ جَوَّزْنَا أَنْ يَكُونَ الْإِعْتَاقُ وَالْإِنْكَاحُ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَجَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْكَاح قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهَا حِينَ الْإِعْتَاقِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
(وَلَوْ أَعْتَقَهَا) سَيِّدُهَا (بِسُؤَالِهَا عَلَى أَنْ تَنْكِحَهُ أَوْ قَالَ) لَهَا مِنْ غَيْر سُؤَالِهَا (أَعْتَقْتُكِ عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي وَيَكُونُ عِتْقُك صَدَاقُك أَوْ) قَالَ: أَعَتَقْتُكِ (عَلَى أَنْ تَنْكِحِينِي فَقَطْ) دُونَ أَنْ يَقُولَ: وَيَكُونُ عِتْقُكِ صَدَاقَكِ (وَقَبِلَتْ صَحَّ) الْعِتْقُ (وَ) إذَا تَزَوَّجَهَا (يَصِيرُ الْعِتْقُ صَدَاقًا) لَهَا.
وَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ قَارَنَهُ وَ(كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا) لَوْ كَانَتْ حُرَّةً (مَالًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ) لِأَنَّ الْعِتْقَ وَقَعَ سَلَفًا فِي النِّكَاحِ فَلَمْ يَلْزَمهَا، كَمَا لَوْ أَسْلَفَ حُرَّةً أَلْفًا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَتْهُ) لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا بِشَرْطِ عِوَضٍ وَقَدْ سَلِمَ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ (لَزِمَهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا) لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا بِشَرْطِ عِوَضٍ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ فَاسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِبَدَلِهِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: فَإِنْ بَذَلَتْ لَهُ نَفْسَهَا لِيَتَزَوَّجهَا فَامْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ، وَكَانَتْ لَهُ الْقِيمَةُ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تُجْبَرْ عَلَى تَزْوِيجه نَفْسَهَا لَمْ يُجْبَر هُوَ عَلَى قَبُولِهَا.
(وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكِ وَزَوِّجِينِي نَفْسَكِ) عَتَقَتْ لِتَنْجِيزِ عِتْقِهَا (وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَتَزَوَّجهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) مِنْ قِيمَةِ نَفْسِهَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَهَا بِمَا لَا يَلْزَمُهَا وَلَمْ تَلْتَزِمْهُ.
(وَلَا بَأْس أَنْ يُعْتِقَ الرَّجُلُ أَمَته ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا سَوَاءٌ أَعْتَقَهَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ أَوْ) أَعْتَقَهَا (لِيَتَزَوَّجهَا) إذْ لَا مَحْظُورَ فِيهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ جَارِيَةٌ فَعَلَّمَهَا وَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا أَوْ أَحْسَنَ إلَيْهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَإِذَا قَالَ) مُكَلَّفٌ رَشِيدٌ لِآخَرَ (أَعْتِقْ عَبْدك عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي فَأَعْتَقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْقَائِلَ (أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتُهُ) لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِلِ (لَهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ (قِيمَةُ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ (كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) فَأَعْتَقَهُ لَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَتَقَدَّمَ (أَوْ) قَالَ لَهُ (طَلِّقْ زَوْجَتَكَ عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ أَوْ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) فَأَلْقَاهُ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي أَوْ أَلْقِ مَتَاعَكَ فِي الْبَحْر فَفَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ عِوَضَهُ.

.فَصْلٌ: الشَّرْطُ الرَّابِعُ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ:

(احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ خَوْفَ الْإِنْكَارِ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ مَرْفُوعًا «لَا بُدَّ فِي النِّكَاح مِنْ حُضُورِ أَرْبَعَةٍ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشَّاهِدَيْنِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«الْبَغَايَا اللَّوَاتِي يَنْكِحْنَ أَنْفُسَهُنَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهُوَ الْوَلَدُ فَاشْتُرِطَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِئَلَّا يَجْحَدَ أَبُوهُ فَيَضِيعَ نَسَبُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ وَمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مِنْ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ شُهُودٍ» فَمِنْ خَصَائِصِهِ، كَمَا سَبَقَ (مُسْلِمَيْنِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ.
(عَدْلَيْنِ) لِلْخَبَرِ (ذَكَرَيْنِ) لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الطَّلَاقِ» (بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ) لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ (سَمِيعَيْنِ) لِأَنَّ الْأَصَمَّ لَا يَسْمَعُ الْعَقْدَ فَيَشْهَدُ بِهِ (نَاطِقَيْنِ) لِأَنَّ الْأَخْرَسَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ.
(وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ) كَسَائِرِ الشَّهَادَاتِ (أَوْ) كَانَا (ضَرِيرَيْنِ إذَا تَيَقَّنَّا الصَّوْتَ تَيَقُّنًا لَا شَكَّ فِيهِ) كَالشَّهَادَةِ بِالِاسْتِفَاضَةِ (أَوْ) كَانَا (عَدُوَّيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ) عَدُوَّيْ (أَحَدِهِمَا أَوْ) عَدُوَّيْ (الْوَلِيِّ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَلِأَنَّهُ يَنْعَقِد بِهِمَا غَيْرُ هَذَا النِّكَاحِ فَانْعَقَدَ هُوَ أَيْضًا بِهِمَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَ(لَا) يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ (بِمُتَّهَمٍ لِرَحِمٍ كَابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ ابْنَيْ أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهِ) كَأَبَوَيْهِمَا وَابْنِ أَحَدِهِمَا وَأَبِي الْآخَرِ لِلتُّهْمَةِ.
(وَلَا) يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ أَيْضًا (بِأَصَمَّيْنِ أَوْ أَخْرَسَيْنِ أَوْ) بِشَاهِدَيْنِ (أَحَدِهِمَا كَذَلِكَ) أَيْ أَصَمٌّ أَوْ أَخْرَسُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِالتَّوَاصِي بِكِتْمَانِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مَكْتُومًا (فَإِنْ كَتَمَهُ) أَيْ النِّكَاحُ (الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ وَالشُّهُود قَصْدًا صَحَّ الْعَقْدُ وَكُرِهَ) كِتْمَانُهُمْ لَهُ لِأَنَّ السُّنَّةَ إعْلَانُ النِّكَاحِ (وَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحُ مُسْلِمٍ بِشَهَادَةِ ذِمِّيِّينَ) وَلَا بِشَهَادَةِ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}.
(وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً) كِتَابِيَّةً أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ (وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَنَّهُمَا نُكِحَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ قُبِلَ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ لَا مُنَازِع لَهُمَا فِيهِ (وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بِإِقْرَارِهِمَا) لِعَدْلِ الْمُخَاصِمِ فِيهِ (و يَكْفِي الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا فَقَطْ) فِي الشَّاهِدَيْنِ بِالنِّكَاحِ بِأَنْ لَا يَظْهَرُ فِسْقُهُمَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الشَّهَادَةِ إعْلَانُ النِّكَاحِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ.
فَإِذَا حَضَرَ مَنْ يَشْتَهِرُ بِحُضُورِهِ كَفَى، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَقَعُ بَيْن عَامَّةِ النَّاسِ فِي مَوَاضِعَ لَا تُعْرَف فِيهَا حَقِيقَةُ الْعَدَالَةِ فَاعْتِبَارُ ذَلِكَ يَشُقُّ (فَلَوْ بَانَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَهُ (فَاسِقَيْنِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ) وَلَا يُنْقَضُ وَكَذَا لَوْ بَانَ الْوَلِيُّ فَاسِقًا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاهِرَ الْفِسْقِ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ.
(وَلَوْ تَابَ) الشَّاهِدُ (فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَكَمَسْتُورِ) الْعَدَالَةِ (قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ) فَيَكْفِي وَكَذَا لَوْ تَابَ الْوَلِيُّ فِي الْمَجْلِس قُلْتُ: بَلْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ بِحَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْعَدَالَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّ إصْلَاحَ الْعَمَلِ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا كَمَا يَأْتِي.