فصل: فَصْلٌ: في أَدَوَاتِ الشَّرْطِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: في أَدَوَاتِ الشَّرْطِ:

(وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ) أَيْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي يُؤَدَّى بِهَا مَعْنَى الشَّرْطِ أَسْمَاءً كَانَتْ أَوْ حُرُوفًا (الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ غَالِبًا سِتٌّ إنْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَة وَسُكُونِ النُّونِ (وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ (وَأَيَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَبِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (وَكُلَّمَا وَهِيَ) أَيْ: كُلَّمَا (وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ) لِأَنَّهَا تَعُمُّ الْأَوْقَاتِ فَهِيَ بِمَعْنَى كُلِّ وَقْتٍ فَإِذَا قُلْتَ: كُلَّمَا قُمْتَ قُمْتُ فَهُوَ بِمَعْنَى كُلُّ وَقْتٍ تَقُومُ فِيهِ أَقُومُ فِيهِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ فِيهَا التَّكْرَارُ بِخِلَافِ مَتَى فَإِنَّهَا اسْمُ زَمَانٍ بِمَعْنَى أَيُّ وَقْتٍ وَبِمَعْنَى إذَا، فَلَا تَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيَانِهِ، وَكَوْنُهَا تُسْتَعْمَلُ لِلتَّكْرَارِ فِي الْأَحْيَانِ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالهَا فِي غَيْرِهِ مِثْلَ إذَا وَأَيِّ وَقْتٍ فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ فِي الْأَمْرَيْنِ قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}-
{وَإِذَا جَاءَك الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}-
{وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا}.
وَكَذَلِكَ أَيُّ وَقْتٍ وَأَيُّ زَمَانٍ فَإِنَّهُمَا يُسْتَعْمَلَانِ لِلتَّكْرَارِ، وَسَائِرُ الْحُرُوفِ يُجَازَى بِهَا إلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تُسْتَعْمَل لِلتَّكْرَارِ وَغَيْرِهِ لَا تُحْمَلُ عَلَى التَّكْرَارِ إلَّا بِدَلِيلٍ، كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ غَالِبًا أَشَارَ إلَى أَنَّ هُنَاكَ أَدَوَاتٍ تُسْتَعْمَلُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ كَحَيْثُمَا وَمَهْمَا وَلَوْ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَكِنْ لَمْ يَغْلِبْ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِمَا (وَكُلُّهَا) أَيْ كُلُّ الْأَدَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ إنْ وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ وَأَيُّ وَكُلَّمَا (وَمَهْمَا وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ لَمْ أَوْ نِيَّةِ فَوْرًا أَوْ قَرِينَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وَقْتًا بِعَيْنِهِ دُون غَيْرِهِ فَهِيَ مُطْلَقَةٌ فِي الزَّمَانِ كُلِّهِ (فَأَمَّا إذَا نَوَى الْفَوْرِيَّةَ أَوْ كَانَتْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ.
(فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِ (يَقَعُ فِي الْحَالِ وَلَوْ تَجَرَّدَتْ) الْأَدَاةُ (عَنْ لَمْ) حَمْلًا عَلَى النِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ (فَإِذَا اتَّصَلَتْ) هَذِهِ الْأَدَوَاتُ (ثُمَّ صَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّ مَتَى وَأَيًّا وَإِذَا وَكُلَّمَا تَعُمُّ الزَّمَانَ كُلَّهُ فَأَيُّ زَمَنٍ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِيهِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَا بُدُّ أَنْ يَلْحَظَ فِي أَيُّ كَوْنِهَا مُضَافَةً إلَى زَمَنٍ فَإِنْ أُضِيفَتْ إلَى شَخْصٍ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ مَنْ، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ لِلْفَوْرِ يَعْنِي مَعَ لَمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَنْ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الزَّمَانِ إلَّا ضَرُورَة أَنَّ الْفِعْلَ لَا يَقَعُ إلَّا فِي زَمَانٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ إنْ انْتَهَى.
وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ قَالَ: وَأَمَّا كُلَّمَا فَدَلَالَتُهَا عَلَى الزَّمَنِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ أَيِّ وَمَتَى فَإِذَا صَارَتَا لِلْفَوْرِ عِنْدَ اتِّصَالِهِمَا بِلَمْ فَلَأَنْ تَصِيرَ كُلَّمَا كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأُولَى (إلَّا أَنَّ فَقَطْ) فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي (نَفْيًا وَإِثْبَاتًا مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ) فَوْرٍ (أَوْ قَرِينَةِ فَوْرٍ) لِأَنَّ حَرْفَ إنْ مَوْضُوعٌ لِلشَّرْطِ لَا يَقْتَضِي زَمَنًا وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفِعْلَ الْمُعَلَّقَ بِهِ مِنْ ضَرُورَتِهِ الزَّمَانُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ فَوْرٍ أَوْ قَرِينَتُهُ كَانَتْ لِلْفَوْرِ (وَسَوَاءٌ أُضِيفَتْ إلَى وَقْتٍ أَوْ) أُضِيفَتْ (إلَى الشَّخْصِ) كَقَوْلِهِ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ تَقُومِي أَوْ أَيَّتُكُنَّ لَمْ تَقُمْ فَهِيَ طَالِقٌ (أَوْ مَنْ إذَا اتَّصَلَتْ بِهَا لَمْ) فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْفَوْرِ (فَإِذَا قَالَ إنْ) قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (إذَا) قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (مَتَى) قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (أَيُّ وَقْتٍ) قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ) قَالَ (مَنْ) قَامَتْ فَهِيَ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْتِ فَمَتَى قَامَتْ طَلُقَتْ) لِأَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْجَزَاءِ وَعَدَمَهُ إلَّا أَنْ يُعَارِضَ مُعَارِضٌ.
(وَلَوْ قَامَ الْأَرْبَعُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ قَامَتْ) فَهِيَ طَالِقٌ (أَوْ) قَامَ الْأَرْبَعُ فِي مَسْأَلَةِ (أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ) فَهِيَ طَالِقٌ (طُلِّقْنَ كُلُّهُنَّ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ مَنْ أَقَمْتُهَا) فَهِيَ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا) فَهِيَ طَالِقٌ (ثُمَّ أَقَامَهُنَّ طُلِّقْنَ كُلُّهُنَّ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَنْ وَأَيَّ الْمُضَافَةَ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا (وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ أَيُّ عَبْدِي ضَرَبْتُهُ) فَهُوَ حُرٌّ (أَوْ) قَالَ (مَنْ ضَرَبْتُهُ مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ وَضَرَبَهُمْ عَتَقُوا) كُلُّهُمْ (كَمَا لَوْ قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك) فَهُوَ حُرٌّ (أَوْ مَنْ ضَرَبَك مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبُوهُ كُلُّهُمْ عَتَقُوا) كُلُّهُمْ لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ تَكَرَّرَ الْقِيَامُ لَمْ يَتَكَرَّرْ الطَّلَاقُ) لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا (إلَّا فِي كُلَّمَا) فَإِذَا قَالَ كُلَّمَا قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَامَتْ مَرَّتَيْنِ وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَثَلَاثًا طَلُقَتْ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً أَيْ جَمِيعَ حَبِّهَا) دُونَ قِشْرِهَا وَنَحْوِهِ لِلْعُرْفِ (طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِوُجُودِ وَصْفِ النِّصْفِ مَرَّتَيْنِ وَالْجَمِيعِ مَرَّةً لِأَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، (وَلَوْ جَعَلَ مَكَانَ كُلَّمَا أَدَاةً غَيْرَهَا) مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَإِنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ مَهْمَا وَأَكَلَتْ رُمَّانَةً (فَثِنْتَانِ) بِصِفَةِ النِّصْفِ مَرَّةً وَبِصِفَةِ الْجَمِيعِ مَرَّةً وَلَا تَطْلُق بِالنِّصْفِ الْآخِرِ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَطْلُقُ وَاحِدَةً (فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ نِصْفًا مُنْفَرِدًا عَنْ الرُّمَّانَةِ الْمَشْرُوطَةِ وَكَانَتْ مَعَ الْكَلَامِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَنْوِيَ بِأَكْلِ مَا نَوَى تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِهِ) فَإِنْ أَكَلَتْ رُمَّانَةً طَلُقَتْ وَاحِدَة وَإِنْ أَكَلَتْ نِصْفًا آخَرَ طَلُقَتْ أُخْرَى فَإِنْ أَكَلَتْ نِصْفًا آخَرَ طَلُقَتْ ثَلَاثَةً إنْ كَانَتْ الْأَدَاةُ كُلَّمَا فَقَطْ.
(وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَاتٍ ثَلَاثَةٍ فَاجْتَمَعْنَ) أَيْ الصِّفَاتُ (فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ رَأَيْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْت أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتَ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَد فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ (كَمَا لَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ فِيهِمْ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ).
(وَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا) يُطَلِّقهَا فِيهِ (وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِفَوْرٍ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا) إذَا أَبْقَى مِنْ حَيَاةِ الْمَيِّتِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِإِيقَاعِهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى تَرْكِ طَلَاقِهَا فَإِذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ فَقَدْ وُجِدَ التَّرْكُ وَلَمْ يَقَعْ قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّ إنْ وَلَوْ مَعَ لَمْ لِلتَّرَاخِي فَكَانَ لَهُ تَأْخِيرُهُ مَا دَامَ وَقْتَ الْإِمْكَانِ فَإِذَا ضَاقَ عَنْ الْفِعْلِ تَعَيَّنَ (فَإِنْ نَوَى وَقْتًا) تَعَلَّقَ بِهِ (أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرٍ تَعَلَّقَ بِهِ) فَتَطْلُقُ بِفَوَاتِهِ (فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقًا بَائِنًا) وَوَقَعَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا (لَمْ يَرِثْهَا إذَا مَاتَتْ) كَمَا لَوْ أَبَانَهَا عِنْد مَوْتِهَا (وَتَرِثُهُ هِيَ نَصًّا) إنْ مَاتَ هُوَ (لِأَنَّهُ يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ فِي) آخِرِ (حَيَاتِهِ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) فَهُوَ مُتَّهَمٌ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا (وَلَا يَمْنَعُ) إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا كَذَلِكَ وَقُلْنَا يَحْنَثُ عِنْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا (مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) أَيْ قَبْلَ الْحِنْثِ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِنْ عَزَمَ عَلَى التَّرْكِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْ عُمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ) وَلَمْ يَنْوِ وَقْتًا وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ فَوْرًا (فَأَيُّ الثَّلَاثَةِ) وَهُوَ الزَّوْجُ وَحَفْصَةُ وَعُمْرَةَ (مَاتَ أَوَّلًا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ إذَا بَقِيَ مِنْ حَيَاتِهِ مَا لَا يَتَّسِعُ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ فَقَدْ فَاتَ الطَّلَاقُ بِمَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا فَقَدْ فَاتَ طَلَاقُهَا فَتَطْلُقُ ضَرَّتُهَا وَإِنْ كَانَتْ الضَّرَّةُ فَقَدْ فَاتَ الطَّلَاقُ الَّذِي يَنْحَلُّ بِهِ يَمِينُهُ وَهُوَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا (وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَعْتِقْ عَبْدِي) فَامْرَأَتِي طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ) أَيْ الْعَبْدَ (فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَوَّلِهِمْ) أَيْ الْحَالِفِ وَالْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ (مَوْتًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَهَذَا مَعَ الْإِطْلَاقِ) فَإِنْ نَوَى وَقْتًا أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرٍ تَعَلَّقَ بِهِ وَتَقَدَّمَ،.
(وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا) كَلَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ لَيُقَوَّمَنَّ (وَلَمْ يُعَيِّن لَهُ وَقْتًا بِلَفْظِهِ وَلَا نِيَّتِهِ فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي أَيْضًا) فَلَا يَحْنَثُ إلَّا عِنْد الْيَأْسِ مِنْ فِعْلِهِ.
(وَإِنْ قَالَ مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا) فَهِيَ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (أَيُّ وَقْتٍ) لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (مَتَى لَمْ) أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (إذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ طَلَاقُهَا فِيهِ طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا لِلْفَوْرِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَاحِدَةً) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدَوَاتِ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) تَطْلُقُ (فِي كُلَّمَا) لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا) إذَا مَضَى زَمَنٌ يَسَعُهَا مُرَتَّبَةً لِأَنَّهَا لِلتَّكْرَارِ (إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا (فَوَاحِدَةً بَائِنَةً) وَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ.

.فَصْلٌ: في تعليق الطلاق على شرط:

(وَإِنْ قَالَ الْعَامِّيُّ أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ (فَهُوَ شَرْطٌ) أَيْ تَعْلِيقٌ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَهَا (كَنِيَّتِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ نَوَى بِهَذَا الْكَلَامِ الشَّرْطَ وَإِنْ كَانَ نَحْوِيًّا لِأَنَّ الْعَامِيَّ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إلَّا الشَّرْطَ وَلَا يَعْرِفُ أَنَّ مُقْتَضَاهَا التَّعْلِيلَ وَلَا يُرِيدُهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ مَا لَا يَعْرِفُهُ وَلَا يُرِيدُ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِكَلِمَةٍ الطَّلَاقِ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا (وَإِنْ قَالَهُ) أَيْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهَا وَهُوَ التَّعْلِيلُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ) الدُّخُولُ (وُجِدَ) لِأَنَّ الْمَفْتُوحَةَ فِي اللُّغَةِ إنَّمَا هِيَ لِلتَّعْلِيلِ فَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّكِ دَخَلْتِ أَوْ لِدُخُولِكِ قَالَ تَعَالَى {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ رَبِّكُمْ} وَقَالَ {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا}.
وَقَالَ {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} (فَلَا تَطْلُقُ إذَا لَمْ تَكُنْ دَخَلْتَ) الدَّارَ (قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَهَا لِعِلَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِدُونِهَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَمَنْ تَابَعَهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِعِلَّةٍ مَذْكُورَةٍ فِي اللَّفْظِ أَوْ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ انْتِفَاؤُهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَقَالَ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِالْمَذْهَبِ غَيْرُهُ وَلَا تَقْتَضِي قَوَاعِدُ الْأَئِمَّةِ غَيْرَهُ.
فَإِذَا قِيلَ لَهُ امْرَأَتُكَ قَدْ شَرِبَتْ مَعَ فُلَانٍ وَبَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ اشْهَدُوا عَلَى أَنَّهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَة فِي بَيْتِهَا قَائِمَةً تُصَلِّي فَإِنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ قَطْعًا وَأَطَالَ فِيهِ (وَلِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ زَنَتْ زَوْجَتُكَ فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَزْنِ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ وَجَعَلَ السَّبَبَ) الَّذِي لِأَجَلِهِ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ (كَالشَّرْطِ اللَّفْظِيِّ وَأَوْلَى) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَطَالَ فِيهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي تَطْلُقُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ ثِيَابَهَا فَلَبِسَتْهَا فَرَآهَا زَوْجُهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَابِ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتِ أَنْتِ طَالِقٌ قَالَ يَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَنَصَّ عَلَى وُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَى امْرَأَتِهِ مَعَ أَنَّهُ وَإِنْ قَصَدَ إنْشَاءَ الطَّلَاقَ فَإِنَّمَا أَوْقَعَهُ عَلَيْهَا لِخُرُوجِهَا الَّذِي مَنَعَهَا مِنْهُ وَلَمْ يُوجَدْ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.
(وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ) طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ التَّعْلِيلُ لَا التَّعْلِيقُ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (وَلَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ دَخَلْتِ أَوْ لَمْ تَدْخُلِي (وَإِنْ قَالَ إنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ (فَإِنْ نَوَى) بِهِ (الْجَزَاءَ) قُبِلَ حُكْمًا (أَوْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَيْنِ لِشَيْءٍ) كَعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ (ثُمَّ أَمْسَكَ قُبِلَ حُكْمًا) لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ أَرَدْتُ إقَامَةَ الْوَاوِ مَقَامَ الْفَاءِ) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَعَبْدِي حُرٌّ صَحَّ) التَّعْلِيقُ (وَلَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ وَهِيَ طَالِقٌ) لِأَنَّ جُمْلَةَ وَأَنْتِ طَالِقٌ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ دَخَلْتَ وَالْحَالُ قَيْدٌ فِي عَامِلهَا.
(وَإِنْ أَسْقَطَ الْفَاءَ مِنْ جَزَاءٍ مُتَأَخِّرٍ فَشَرْطٌ كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَ) الدَّارَ لِأَنَّهُ أَتَى بِحَرْفِ الشَّرْطِ فَدَلَّ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ وَإِنَّمَا حَذَفَ الْفَاءَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَمَهْمَا أَمْكَنَ حُمِلَ كَلَامُ الْعَاقِلِ عَلَى فَائِدَةٍ وَتَصْحِيحُهُ وَجَبَ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ وَقَعَ) لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ فَيُؤَاخَذُ بِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الشَّرْطَ دِينَ) لِأَنَّهُ أَدْرَى بِنِيَّتِهِ (وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَ) إنْ قَالَ (إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْتِ الْأُخْرَى فَمَتَى دَخَلْتَ الْأُولَى طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ (سَوَاءٌ دَخَلَتْ الْأُخْرَى أَوْ لَمْ تَدْخُلْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا لِطَلَاقِهَا (وَلَا تَطْلُقْ الْأُخْرَى) بِدُخُولِهَا دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ لِعَدَمِ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا (وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ جَعْلَ الثَّانِي) أَيْ دُخُولَهَا الْأُخْرَى (شَرْطًا لِطَلَاقِهَا) أَيْ الْأُولَى أَيْضًا (طَلُقَتْ) الْأُولَى (بِ) دُخُولِ (كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) طَلْقَةً لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ شَرْطٌ لِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ عَلَى مَا أَرَادَهُ) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ فَتَطْلُقُ كُلٌّ مِنْهُمَا إذَا دَخَلَتْ (وَإِنْ قَالَ إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلَتْ هَذِهِ الْأُخْرَى فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) الْمُخَاطَبَةُ (إلَّا بِدُخُولِهِمَا) لِأَنَّهُ جَعَلَ دُخُولَهُمَا شَرْطًا لِلطَّلَاقِ.
(وَ) إنْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْتِ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا) كَإِنْ قُمْتِ لِأَنَّ لَوْ تُسْتَعْمَلُ فِيهِ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا) لَكَانَتْ لَغْوًا وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ كَلَامِ الْمُكَلَّفِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ لَهَا) أَيْ لِلَوْ (جَوَابًا) بِأَنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْتِ لَأَضْرِبَنَّكِ مَثَلًا (دِينَ وَقُبِلَ) حُكْمًا فَلَا يَقَعُ إنْ قَامَتْ وَضَرَبَهَا لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ.
(وَ) إنْ أَلْحَق شَرَطًا شَرْطًا كَمَا لَوْ قَالَ (إنْ قُمْتِ فَقَعَدَتْ أَوْ) إنْ قُمْتِ (ثُمَّ قَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ قَعَدْتِ إذَا قُمْتِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ إنْ قَعَدْتِ إنْ قُمْتِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (إنْ قَعَدْتِ مَتَى قُمْتِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْتِ إذَا لَبِسْتِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ أَكَلْتِ إنْ لَبِسْتِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ أَكَلْتِ مَتَى لَبِسْتِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَلْبَسَ ثُمَّ تَأْكُلَ وَيُسَمَّى) عِنْد النُّحَاةِ (اعْتِرَاضُ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْط) فَيَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْمُتَأَخِّرِ وَتَأْخِيرَ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ شَرْطًا لِلَّذِي قَبْلَهُ وَالشَّرْطُ مُتَقَدِّمٌ الْمَشْرُوطَ قَالَ تَعَالَى {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} (و) كَذَا إنْ قَالَ (إذَا أَعْطَيْتُكِ إنْ وَعَدْتُكِ إنْ سَأَلْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَسْأَلَهُ ثُمَّ يَعِدَهَا ثُمَّ يُعْطِيَهَا) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) إنْ قَالَ (إنْ قُمْتِ وَقَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِوُجُودِهِمَا) أَيْ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ (كَيْف مَا كَانَ) سَوَاءٌ وَقَعَا مَعًا حَيْثُ أَمْكَنَ أَوْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ تَقَدَّمَ الْقِيَامُ أَوْ تَأَخَّرَ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْتِ وَقَعَدْتِ) يَحْنَثُ بِوُجُودِهِمَا كَيْفَ مَا كَانَ (لِمَا تَقَدَّمَ إنْ قَالَ: إنْ قُمْتِ أَوْ قَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ) طَلُقَتْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا أَيْ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ لِأَنَّ أَوْ تَقْتَضِي تَعْلِيقَ الْجَزَاءِ عَلَى وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ- تَعَالَى-
{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْتِ وَلَا قَعَدْتِ تَطْلُق بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّ إعَادَة الْأَدَاة عَلَى التَّعْلِيقِ عَلَى أَحَدِهِمَا.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (كُلَّمَا أَجْنَبْتُ مِنْكَ جَنَابَةً فَإِنْ اغْتَسَلْتُ مِنْ حَمَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ) مِنْهَا (ثَلَاثًا وَاغْتَسَلَ مَرَّةً فِيهِ) أَيْ الْحَمَّامِ (ف) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ الْجَنَابَةُ وَالْغُسْلُ مِنْ الْحَمَّامِ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ بَعْضُهُ وَيَقَعُ ثَلَاثًا مَعَ فِعْلٍ لَا يَتَرَدَّدُ وَمَعَ كُلِّ جَنَابَةٍ كَمَوْتِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ لِدَلَالَةِ قَرِينَةِ الِاسْتِحَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ تَكَرُّرُهُ هُوَ الْجَنَابَةُ دُونَ الْمَوْتِ أَوْ الْقُدُومِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ.

.(فَصْلٌ): فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْحَيْضِ:

(فِي تَعْلِيقِهِ أَيْ الطَّلَاقِ بِالْحَيْضِ إذَا قَالَ إنْ حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ حَيْضٍ مُتَيَقَّنٍ) فَتَطْلُقُ (حِين تَرَيْ الدَّمَ) لِأَنَّ الصِّفَةَ وُجِدَتْ بِدَلِيلِ مَنْعِهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ (فَإِنْ بَانَ) أَيْ ظَهْرَ (الدَّمُ لَيْسَ بِحَيْضٍ بِأَنْ نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ) وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ (وَيَتَّصِلُ الِانْقِطَاعُ حَتَّى يَمْضِيَ أَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ) وَهُوَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ الْيَوْمُ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَمْكَنَ جَعْلُهُ حَيْضَةً بِالتَّلْفِيقِ (أَوْ) بَانَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَيْضٍ (لِكَوْنِهَا بِنْتًا دُونَ تِسْعِ سِنِينَ لَمْ تَطْلُقْ بِهِ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ (وَ) إنْ قَالَ (إذَا مَضَتْ حَيْضَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ وَلَمْ تَغْتَسِلْ) لِأَنَّهَا لَا تَحِيضُ حَيْضَةً إلَّا بِذَلِكَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ سُنِّيًّا (وَلَا تَعْتَدُّ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا) حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْحَيْضِ بِحَرْفِ إذَا وَهُوَ اسْمٌ لِلزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ فَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَيْضَةِ وَانْتِهَاؤُهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ.
(وَ) إنْ قَالَ (إذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ حَيْضَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً) لِوُجُودِ الصِّفَةِ الَّتِي عَلَّقَ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ أَوَّلًا (فَإِذَا حَاضَتْ) الْحَيْضَةَ (الثَّانِيَةَ طَلُقَتْ) الطَّلْقَةَ (الثَّانِيَةَ عِنْدَ طُهْرِهَا) مِنْ الْحَيْضَتَيْنِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ حَيْضَتَانِ.
(وَ) إنْ قَالَ (إذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ إذَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ) الطَّلْقَةَ (الثَّانِيَةَ حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ) الْحَيْضَةِ (الثَّالِثَةِ) لِأَنَّهُ رَتَّبَهَا بِثُمَّ فَاقْتَضَى حَيْضَتَيْنِ بَعْد الْأُولَى.
(وَ) إنْ قَالَ (إذَا حِضْتِ نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَاضَتْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا (وَنِصْفًا) مِنْ يَوْمٍ بِلَيْلَةٍ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ نِصْفُ أَكْثَرِ الْحَيْضِ فَلَا يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ نِصْفِ الْحَيْضَةِ إلَّا بِهِ قَالَ فِي الْكَافِي بِمَعْنَى- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ مَا دَامَ حَيْضُهَا بَاقِيًا لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ طَلَاقِهَا حَتَّى يَمْضِيَ نِصْفُ أَكْثَرِ الْحَيْضِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُتَيَقَّنُ بِهِ مُضِيُّ نِصْفِ الْحَيْضَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ نِصْفُهَا إلَّا بِكَمَالِهَا (وَإِنْ طَهُرَتْ فِيمَا دُونَهَا) أَيْ دُونَ الْمُدَّةِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (فِي نِصْفِهَا) أَيْ نِصْفِ مُدَّةِ الْحَيْضِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ.
(وَ) إنْ قَالَ (إذَا طَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَتْ حَائِضًا طَلُقَتْ إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ) وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِل لِوُجُودِ الطُّهْرِ (وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا) حِينَ التَّعْلِيقِ (فَ) لَا تَطْلُقْ (حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِإِذَا وَهِيَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِطُهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ (فَإِنْ قَالَتْ) مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِحَيْضِهَا (قَدْ حِضْتُ وَكَذَّبَهَا قَبْلَ قَوْلِهَا فِي نَفْسِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} قِيلَ هُوَ الْحَيْضُ فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ فِيهِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهَا كِتْمَانُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا (مَعَ يَمِينِهَا) لِاحْتِمَالِ صَدْقِهِ.
وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ يَمِينٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَحَيْثُ قُبِلَ قَوْلُهَا فِي الْحَيْضِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (كَقَوْلِهِ إنْ أَضْمَرْتِ بُغْضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَادَّعَتْهُ) أَيْ إضْمَارَ بَعْضِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ.
و(لَا) يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي (دُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ) كَقُدُومِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِ (مِمَّا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَلَوْ حَلَفَتْ) لِعُمُومِ حَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» قَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَلَا فِي وِلَادَةٍ إنْ لَمْ يُقِرّ بِالْحَمْلِ (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ بَعْدَ أَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْحَيْضِ (قَدْ حِضْتِ فَأَنْكَرَتْهُ طَلُقَتْ) مُؤَاخَذَةَ لَهُ (بِإِقْرَارِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يُوجِبُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ فَلَزِمَهُ مُقْتَضَى إقْرَارِهِ (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ (إنْ حِضْتِ فَأَنْتِ وَضَرَّتُكِ طَالِقَتَانِ فَقَالَتْ قَدْ حِضْتُ وَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الضَّرَّةُ) لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا (فَإِنْ أَقَامَتْ) مَنْ ادَّعَتْ الْحَيْضَ (بَيِّنَةً بِذَلِكَ) أَيْ بِحَيْضِهَا (بِأَنْ اخْتَبَرَتْهَا) أَيْ النِّسَاءُ الثِّقَاتُ.
وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ فَيَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَةَ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (بِإِدْخَالِ قُطْنَةٍ فِي فَرْجِهَا زَمَنَ دَعْوَاهَا الْحَيْضَ فَإِنْ ظَهَرَ دَمٌ) فِي الْقُطْنَةِ (فَهِيَ حَائِضٌ طَلُقَتَا) لِثُبُوتِ الْحَيْضِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ طَلَاقُهُمَا (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (قَدْ حِضْتِ وَأَنْكَرَتْهُ) الْمَقُولُ لَهَا ذَلِكَ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ ضَرَّتِهَا (طَلُقَتَا) مُؤَاخَذَةً لَهُ (بِإِقْرَارِهِ) عَلَى نَفْسِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ (إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَقَالَتَا قَدْ حِضْنَا فَإِنْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بِتَصْدِيقِهِ (وَإِنْ كَذَّبَهُمَا لَمْ تَطْلُقَا) أَيْ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ حِينَ حَيْضِ ضَرَّتِهَا، وَقَوْلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى ضَرَّتِهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ.
(وَإِنْ كَذَّبَ إحْدَاهُمَا) وَصَدَّقَ الْأُخْرَى (طَلُقَتْ) الْمُكَذَّبَةُ (وَحْدَهَا) لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهَا وَقَدْ صَدَّقَ الزَّوْج ضَرَّتَهَا فَوُجِدَ الشَّرْطَانِ فِي حَقِّهِ وَلَمْ تَطْلُقْ الْمُصَدَّقَةُ لِأَنَّ قَوْلَ ضَرَّتِهَا مَقْبُولٌ فِي حَقِّهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ طَلَاقِهَا (وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ) أَيْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ (فَقَدْ عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى حَيْضِ الْأَرْبَعِ فَإِنْ كُنَّ) أَيْ الْأَرْبَعُ (قَدْ حِضْنَ فَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ) لِوُجُودِ شَرْطِ طَلَاقِهِنَّ (وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ) لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّاتِهَا (وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (أَوْ) صَدَّقَ (اثْنَتَيْنِ لَمْ يُطَلَّقْ مِنْهُنَّ) أَيْ الْأَرْبَعِ (شَيْءٌ) لِمَا سَبَقَ.
(وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا) وَكَذَّبَ وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ الْمُصَدَّقَاتُ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُكَذَّبَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِنَّ وَ(طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ وَحْدَهَا) لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَقَدْ صَدَّقَ ضَرَّاتِهَا فَوُجِدَ الشَّرْطُ فِي حَقِّهَا (وَإِنْ قَالَ لَهُنَّ) أَيْ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ (كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ) فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ (أَوْ) قَالَ (أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ فَقُلْنَ) أَيْ الْأَرْبَعُ (قَدْ حِضْنَ فَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَهَا ثَلَاثُ ضَرَائِرَ (وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً) وَكَذَّبَ الثَّلَاثَ (لَمْ تَطْلُقْ) الْمُصَدَّقَةُ لِأَنَّ قَوْلَ ضَرَائِرِهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهَا (وَطَلُقَتْ ضَرَّاتُهَا طَلْقَةً طَلْقَةً) لِتَصْدِيقِهِ إيَّاهَا (وَإِنْ صَدَّقَ اثْنَتَيْنِ) مِنْهُنَّ وَكَذَّبَ اثْنَتَيْنِ (وَطَلُقَتْ) أَيْ الْمُصَدَّقَتَانِ (طَلْقَةً طَلْقَةً) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ضَرَّةٌ مُصَدَّقَةٌ (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذِّبَتَانِ ثِنْتَيْنِ) ثِنْتَيْنِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ضَرَّتَيْنِ مُصَدَّقَتَيْنِ.
(وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا) وَكَذَّبَ وَاحِدَةً (طُلِّقْنَ) أَيْ الْمُصَدَّقَات (ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَهَا ضَرَّتَانِ مُصَدَّقَتَانِ (وَ) طَلُقَتْ (الْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ ضَرَّاتٍ مُصَدَّقَات.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ (إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (لِشُرُوعِهَا) أَيْ الثَّانِيَةِ وَفِي نُسْخَةٍ لِشُرُوعِهِمَا وَهِيَ أَصْوَبُ مُوَافَقَةً لِلتَّنْقِيحِ وَغَيْرِهِ (فِي الْحَيْضِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: الْأَشْهَرُ تَطْلُقُ بِشُرُوعِهِمَا انْتَهَى وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى لِأَنَّ وُجُودَ حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُحَالٌ فَيَلْغُو قَوْلُهُ حَيْضَةً وَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُطَلَّقَانِ إلَّا بِحَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا: كَأَنَّهُ قَالَ إنْ حِضْتُمَا كُلُّ وَاحِدَةٍ حَيْضَةً فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ.
صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ: قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُطَلَّقَانِ بِحَيْضَةٍ مِنْ إحْدَاهُمَا لِأَنَّ الشَّيْءَ يُضَافُ إلَى جَمَاعَةٍ وَقَدْ فَعَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْفِعْلُ لَا يُمْكِنُ اشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ كَانَ وُجُودُهُ مِنْ إحْدَاهُمَا كَوُجُودِهِ مِنْهُمَا وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ لَا تَنْعَقِدُ الصِّفَةُ فَلَا تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِالْمُسْتَحِيلِ فَلَا يَقَعُ كَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ إنْ صَعَدْتُمَا السَّمَاءَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ مَا.
(وَ) إنْ وَلَدَتْ الثَّانِي (سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ) مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ (وَقَدْ وَطِئَ بَيْنَهُمَا فَ) إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ (ثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ بِوِلَادَةِ الذَّكَرِ، وَطَلْقَتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى (لِأَنَّ) الْوَلَدَ (الثَّانِي حَمْلٌ مُسْتَأْنَفٌ) مِنْ الْوَطْءِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالْوَطْءِ بَيْنَهُمَا.
وَلَا يُمْكِنُ ادِّعَاءُ أَنْ تَحْمِل بِوَلَدٍ بَعْدَ وَلَدٍ، قَالَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ وَطِئَهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (وَأَشْكَلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا (فَطَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ تَقَعُ (بِيَقِينٍ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّابِقُ الذَّكَرَ (وَلَغَا مَا زَادَ) عَلَى الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِهِ (وَالْوَرَعُ أَنْ يَلْتَزِمَهُمَا) أَيْ الطَّلْقَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّابِقُ الْأُنْثَى (وَلَا فَرْقَ) فِيمَا تَقَدَّمَ (بَيْن مَنْ قَلَّدَهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا) لِأَنَّ الشَّرْطَ وِلَادَة ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَقَدْ وُجِدَتْ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهِ وَتَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ (وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ كَانَ أَوَّلُ مَا تَلِدِينَ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَ) أَنْتِ طَالِقٌ (اثْنَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ بِهِمَا شَيْءٌ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِمَا فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ (وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا) أَيْ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (دَفْعَتَيْنِ طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ) إنْ كَانَ ذَكَرًا فَطَلْقَةٌ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَاثْنَتَانِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَبَانَتْ بِالثَّانِي) مِنْهُمَا أَيْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ لِأَنَّهُ تَمَامُ الْحَمْلِ فَلَا يَقَعُ مَا عَلَّقَ بِوِلَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْتِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ الْوِلَادَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ وَكَمَا تُنْسَبُ الْوِلَادَةُ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ تُنْسَبُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ وَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ فَيَقَعُ بِكُلِّ وِلَادَةٍ طَلْقَةٌ.
(وَإِنْ وَلَدَتْهُمْ) أَيْ الثَّلَاثَةَ (مُتَعَاقِبِينَ) أَيْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (مِنْ حَمْلٍ وَاحِدٍ طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ طَلْقَةً وَ) طَلُقَتْ (بِالثَّانِي) طَلْقَةً (أُخْرَى) لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ (وَلَمْ تَنْقُصْ عِدَّتُهَا بِهِ) أَيْ بِالثَّانِي (لِأَنَّهَا) أَيْ الْعِدَّةَ (لَا تَنْقَضِي إلَّا بِوَضْعِ كُلِّ الْحَمْلِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالثَّالِثِ وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ) لِأَنَّ الْعِدَّةَ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ وَالْبَائِنُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا كَالْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ (وَذَكَر فِي الْإِنْصَافِ أَنْ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِالثَّانِي) مِنْ الْأَوْلَادِ (وَهُوَ سَهْوٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا بِاثْنَيْنِ فَقَطْ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ وَلَدْتِ اثْنَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَطَلْقَةٌ بِطُهْرِهَا) مِنْ النِّفَاسِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِيهِ بِدْعَةٌ، وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ فَطَلْقَةٌ بِطُهْرِهَا مِنْ النِّفَاسِ (ثُمَّ) طَلْقَةٌ (أُخْرَى بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى.
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُخَالَفَةٌ لِلْقَوَاعِدِ وَلِمَنْقُولِ كَلَامِهِمْ، فَلِذَا حَوَّلْتُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ (وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ كُنْتِ حَامِلًا بِغُلَامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْتِ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا كَانَتْ حَامِلًا بِهِ وَقْت الْيَمِين تَبَيَّنَّا أَنَّهَا طَلُقَتْ وَاحِدَةً حِينَ حَلِفِهِ) لِوُجُودِ شَرْطِهِمَا لِأَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِغُلَامٍ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى طَلُقَتْ بِوِلَادَتِهَا طَلْقَتَيْنِ) لِوُجُودِ شَرْطِهِمَا (وَاعْتَدَّتْ بِالْقُرُوءِ) أَيْ الْحَيْضِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ.
(وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً وَكَانَ الْغُلَامُ أَوَّلَهُمَا وِلَادَةً تَبَيَّنَّا أَنَّهَا طَلُقَتْ وَاحِدَةً) حِين حَلِفِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِغُلَامٍ (وَبَانَتْ) أَيْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (بِوَضْعِ الْجَارِيَةِ وَلَمْ تَطْلُقْ بِهَا) كَأَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وُلِدَتْ أَوَّلًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَاحِدَةً بِحَمْلِ الْغُلَامِ وَاثْنَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ) لِأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ بِوَضْعِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحِلَّ الْحَمْلِ وَإِنَّمَا تَنْقَضِي بِوَضْعِ الْغُلَامِ بَعْدَهَا.