فصل: فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ وَحُكْمِ مَا إذَا جُهِلَ الْوَقْتُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ فِيمَا يُدْرَكُ بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ وَحُكْمِ مَا إذَا جُهِلَ الْوَقْتُ:

(تُدْرَكُ مَكْتُوبَةٌ أَدَاءً كُلُّهَا بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ فِي وَقْتِهَا) أَيْ: وَقْتِ تِلْكَ الْمَكْتُوبَةِ، سَوَاءٌ أَخَّرَهَا لِعُذْرٍ، كَحَائِضٍ تَطْهُرُ، وَمَجْنُونٍ يُفِيقُ، أَوْ لِغَيْرِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، أَوْ مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» رَوَاه مُسْلِمٌ وَلِلْبُخَارِيِّ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَكَإِدْرَاكِ الْمُسَافِرِ صَلَاةَ الْمُقِيمِ وَكَإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ (وَلَوْ) كَانَتْ الْمَكْتُوبَةُ (جُمُعَةً) وَأَدْرَكَ مِنْهَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فِي وَقْتِهَا، فَقَدْ أَدْرَكَهَا أَدَاءً، كَبَاقِي الْمَكْتُوبَاتِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ.
(وَلَوْ كَانَ) الْوَقْتُ الَّذِي أَدْرَكَ فِيهِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ (آخِرَ وَقْتِ ثَانِيَةٍ فِي جَمْعٍ) وَكَبَّرَ فِيهِ لِلْإِحْرَامِ فَتَكُونُ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا أَدَاءً، كَمَا لَوْ لَمْ يَجْمَعْ (فَتَنْعَقِدُ) الصَّلَاةُ الَّتِي أَدْرَكَ تَحْرِيمَهَا فِي وَقْتِهَا (وَيُبْنَى عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى التَّحْرِيمَةِ.
(وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ فِيهَا، وَلَوْ) كَانَ (أَخَّرَهَا عَمْدًا) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.
(قَالَ الْمَجْدُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: تُدْرَكُ بِتَكْبِيرَةٍ، بِنَاءُ مَا خَرَجَ مِنْهَا عَنْ وَقْتِهَا عَلَى تَحْرِيمِهِ الْأَدَاءَ فِي الْوَقْتِ وَأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، بَلْ تَقَعُ الْمَوْقِعَ فِي الصِّحَّةِ وَالْإِجْزَاءِ) وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي أَنَّهَا مَسْأَلَةُ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ الْآتِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ.

.فصل: الشك في دخول الوقت:

(وَمَنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يُصَلِّ) حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِ (فَإِنْ صَلَّى) مَعَ الشَّكِّ (فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَإِنْ وَافَقَ الْوَقْتَ) لِعَدَمِ صِحَّةِ صَلَاتِهِ، كَمَا لَوْ صَلَّى مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ مَنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ مَعَ مَا يُنَافِيهِ لَا مَعَ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا فَسَدَ فَرْضُهُ وَنَقْلَهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى قُلْتُ: يَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ نَفْلًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا.
(فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ) أَيْ: الْوَقْتِ (بِدَلِيلٍ مِنْ اجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدِ) عَارِفٍ (أَوْ تَقْدِيرِ الزَّمَانِ بِقِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ) كَمَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِقِرَاءَةٍ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَوْ بِعَمَلِ شَيْءٍ مُقَدَّرٍ مِنْ صَنْعَتِهِ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ (صَلَّى) أَيْ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ (إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْيَقِينُ بِمُشَاهَدَةِ) الزَّوَالِ وَنَحْوِهِ (أَوْ إخْبَارٍ عَنْ يَقِينٍ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ، فَاكْتَفَى فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ كَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَبْنُونَ أَمْرَ الْفِطْرِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ.
(وَالْأَوْلَى: تَأْخِيرُهَا قَلِيلًا احْتِيَاطًا) حَتَّى يَتَيَقَّنَ دُخُولَ الْوَقْتِ، وَيَزُولَ الشَّكُّ (إلَّا أَنْ يُخْشَى خُرُوجُ الْوَقْتِ أَوْ تَكُونَ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ فَيُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ) لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فِي الْيَوْمِ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ حَبِطَ عَمَلُهُ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَمَعْنَاهُ- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- التَّبْكِيرُ بِهَا إذَا حَلَّ فِعْلُهَا بِيَقِينٍ أَوْ غَلَبَةِ ظَنٍّ وَذَلِكَ لِأَنَّ وَقْتَهَا الْمُخْتَارَ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ ضَيِّقٌ، فَيُخْشَى خُرُوجُهُ وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ دُخُولُ الْوَقْتِ قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ.
(وَالْأَعْمَى وَنَحْوُهُ) كَالْمَطْمُورِ (يُقَلِّدُ) الْعَارِفَ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ.
وَفِي الْجَامِعِ لِلْقَاضِي: وَالْأَعْمَى يَسْتَدِلُّ عَلَى دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، كَمَا يَسْتَدِلُّ الْبَصِيرُ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ لِأَنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي الدَّلَالَةِ وَهُوَ مُرُورُ الزَّمَانِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالرُّجُوعُ إلَى الصَّنَائِعِ الرَّاتِبَةِ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَالِاحْتِيَاطُ لِلتَّأْخِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَصِيرِ وَيُفَارِقُ التَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ حَيْثُ قَالُوا: لَا يَجْتَهِدُ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ الْآلَةُ الَّتِي يُدْرِكُهَا بِهَا، وَهِيَ حَاسَّةُ الْبَصَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ دُخُولُ الْوَقْتِ، لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَمَعْنَاهُ فِي الْمُبْدِعِ (فَإِنْ عَدِمَ) الْأَعْمَى وَنَحْوُهُ (مَنْ يُقَلِّدُهُ وَصَلَّى، أَعَادَ، وَلَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ) كَمَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فَيُصَلِّي بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ.
قَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَشَرْحِهِ: وَيُعِيدُ أَعْمَى عَاجِزٌ عَنْ مَعْرِفَةِ وَقْتِ الصَّلَاةِ انْتَهَى فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ قَدْرَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ كَمَا تَقَدَّمَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (فَإِنْ أَخْبَرَهُ) أَيْ: الْجَاهِلَ بِالْوَقْتِ أَعْمَى كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (مُخْبِرٌ) عَارِفٌ بِدُخُولِ الْوَقْتِ (عَنْ يَقِينٍ) لَا ظَنٍّ (قُبِلَ قَوْلُهُ) وُجُوبًا (إنْ كَانَ ثِقَةً) لِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ، فَقُبِلَ فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ، كَالرِّوَايَةِ (أَوْ سَمِعَ أَذَانَ ثِقَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِأَذَانِ ثِقَةٍ عَارِفٍ لِأَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ لَمْ تَحْصُلْ الْحِكْمَةُ الَّتِي شُرِعَ الْأَذَانُ لَهَا.
وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ فِي مَسَاجِدِهِمْ، فَإِذَا سَمِعُوا الْأَذَانَ؛ قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ، وَبَنَوْا عَلَى قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ لِلْوَقْتِ، وَلَا اجْتِهَادٍ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ إجْمَاعًا (وَإِنْ كَانَ) الْإِخْبَارُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ (عَنْ اجْتِهَادٍ لَمْ يَقْبَلْهُ) لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ وَتَحْصِيلِ مِثْلِ ظَنِّهِ أَشْبَهَ حَالَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ (إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فَإِنْ تَعَذَّرَ) عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ (عُمِلَ بِقَوْلِهِ) أَيْ: قَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ اجْتِهَادٍ (وَمِنْهُ): أَيْ: مِنْ الْإِخْبَارِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ عَنْ اجْتِهَادٍ.
(الْأَذَانُ فِي غَيْمٍ إنْ كَانَ عَنْ اجْتِهَادٍ) فَلَا يَقْبَلُهُ إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ (فَيَجْتَهِدُ هُوَ) أَيْ: مُرِيدُ الصَّلَاةِ، إنْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يَعْرِفُ الْوَقْتَ بِالسَّاعَاتِ) وَهُوَ الْعَالِمُ بِالتَّسْيِيرِ وَالسَّاعَاتِ وَالدَّقَائِقِ وَالزَّوَالِ (أَوْ) كَانَ يُؤَذِّنُ بِ (تَقْلِيدِ عَارِفٍ) بِالسَّاعَاتِ (عُمِلَ بِأَذَانِهِ) إذَا كَانَ ثِقَةً فِي الْغَيْمِ وَغَيْرِهِ (وَمَتَى اجْتَهَدَ) مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ (وَصَلَّى فَبَانَ أَنَّهُ وَافَقَ الْوَقْتَ أَوْ مَا بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ) ذَلِكَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا خُوطِبَ بِهِ وَفُرِضَ عَلَيْهِ (وَإِنْ وَافَقَ) مَا (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَقْتِ (لَمْ يُجْزِهِ عَنْ فَرْضِهِ) لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ إنَّمَا يُخَاطَبُ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُزِيلُهُ، وَلَا مَا يُبْرِئُ الذِّمَّةَ فَبَقِيَ بِحَالِهِ (وَكَانَتْ) صَلَاتُهُ (نَفْلًا، وَيَأْتِي) فِي بَابِ النِّيَّةِ (وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ) أَيْ: فِعْلُ الصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا.
(وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ) مَكْتُوبَةٍ (قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ ثُمَّ طَرَأَ) عَلَيْهِ (مَانِعٌ مِنْ جُنُونٍ أَوْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ) كَنِفَاسٍ (ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا؛ لَزِمَهُ قَضَاءُ) الصَّلَاةِ (الَّتِي أَدْرَكَ) التَّكْبِيرَةَ (مِنْ وَقْتِهَا فَقَطْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بِدُخُولِ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى مُكَلَّفٍ، لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وُجُوبًا مُسْتَقِرًّا فَإِذَا قَامَ بِهِ مَانِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُسْقِطْهَا فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ طُرُوءِ الْمَانِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا مِنْ وَقْتِهَا، وَلَا مِنْ وَقْتٍ تَبِعَهَا فَلَمْ تَجِبْ كَمَا لَوْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى شَيْئًا، وَفَارَقَ مُدْرِكُ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ أَدْرَكَ وَقْتًا يَتْبَعُ الْأُولَى فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى.
وَالْأَصْلُ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ صَلَاةٌ إلَّا بِإِدْرَاكِ وَقْتِهَا (وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُهَا) أَيْ: قَدْرُ التَّكْبِيرَةِ (مِنْ آخِرِهِ) أَيْ: آخِرِ الْوَقْتِ (ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ جُنُونٍ وَنَحْوِهِ (وَوُجِدَ الْمُقْتَضِي) لِلْوُجُوبِ (بِبُلُوغِ صَبِيٍّ أَوْ إفَاقَةِ مَجْنُونٍ أَوْ إسْلَامِ كَافِرٍ أَوْ طُهْرِ حَائِضٍ) أَوْ نُفَسَاءَ (وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَقَضَاءُ مَا تَجَمَّعَ إلَيْهَا قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَ) زَوَالُ الْمَانِعِ، أَوْ طُرُوءُ التَّكْلِيفِ (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصُّبْحِ) فَقَطْ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُجْمَعُ إلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ قَبْلَ غُرُوبِهَا لَزِمَ قَضَاءُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَزِمَ قَضَاءُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ لَزِمَهُ قَضَاءُ فَرْضِهَا، كَمَا يَلْزَمُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ.
وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ لِلْوُجُوبِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ لِأَنَّهُ إدْرَاكٌ فَاسْتَوَى فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَإِدْرَاكِ الْمُسَافِرِ صَلَاةَ الْمُقِيمِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الرَّكْعَةُ فِي الْجُمُعَةِ لِلْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا فَاعْتُبِرَ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ، لِئَلَّا يَفُوتَهُ الشَّرْطُ فِي مُعْظَمِهَا.

.فَصْلٌ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ:

(وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ فَأَكْثَرَ) مِنْ صَلَاةٍ (لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا) لِحَدِيثِ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّ إذَا ذَكَرَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (مُرَتِّبًا) نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَحْزَابِ «صَلَّى الْمَغْرِبَ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ هَلْ عَلِمَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنِّي صَلَّيْتُ الْعَصْرَ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَلَّيْتَهَا فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَعَادَ الْمَغْرِبَ» رَوَاه أَحْمَدُ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
وَقَدْ رَأَوْهُ قَضَى الصَّلَاتَيْنِ مُرَتِّبًا كَمَا رَأَوْهُ يَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَرْكَعُ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، وَلِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ (عَلَى الْفَوْرِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ الذِّكْرِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ (إلَّا إذَا حَضَرَ) مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ (لِصَلَاةِ عِيدٍ) فَيُؤَخِّرُ الْفَائِتَةَ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْ مُصَلَّاهُ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ (مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا) فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْفَوْرُ، وَيَقْضِيهَا بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ لِحَدِيثِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وقَوْله تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
(وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ) أَيْ: تَأْخِيرُ الْفَائِتَةِ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَانْتِظَارِ رُفْقَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ لِلصَّلَاةِ) «لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ لَمَّا فَاتَتْهُمْ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَتَحَوَّلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ قَبْلَ غَيْرِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ) مِمَّنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ (إذَنْ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ فِيهِ تَأْخِيرُ، الْفَائِتَةِ، لِكَوْنِهِ حَضَرَ لِصَلَاةِ عِيدٍ أَوْ يَتَضَرَّرُ فِي بَدَنِهِ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ أَخَّرَهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ (لِتَحْرِيمِهِ) أَيْ: النَّفْلِ الْمُطْلَقِ إذَنْ (كَأَوْقَاتِ النَّهْيِ) لِتَعْيِينِ الْوَقْتِ لِلْفَائِتَةِ كَمَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ الْحَاضِرُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ النَّفَلُ الْمُقَيَّدُ كَالرَّوَاتِبِ وَالْوِتْرِ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ الْفَرَائِضَ فَلَهَا شَبَهٌ بِهَا (وَإِنْ قَلَّتْ الْفَوَائِتُ قَضَى سُنَنَهَا) الرَّوَاتِبَ (مَعَهَا) لِأَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَاتَتْهُ الْفَجْرُ صَلَّى سُنَّتَهَا قَبْلَهَا».
(وَإِنْ كَثُرَتْ) الْفَوَائِتُ (فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا) أَيْ: السُّنَنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى بَيْنَهَا سُنَّةً، وَلِأَنَّ الْفَرْضَ أَهَمُّ فَالِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (إلَّا سُنَّةَ فَجْرٍ) فَيَقْضِيهَا وَلَوْ كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ، لِتَأَكُّدِهَا وَحَثِّ الشَّارِعِ عَلَيْهَا.
(وَيُخَيَّرُ فِي الْوِتْرِ) إذَا فَاتَ مَعَ الْفَرْضِ وَكَثُرَ، وَإِلَّا قَضَاهُ اسْتِحْبَابًا (وَلَا تَسْقُطُ الْفَائِتَةُ بِحَجٍّ وَلَا تَضْعِيفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ): الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فَإِذَا صَلَّى فِي أَحَدِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ لَمْ تَسْقُطْ بِالْمُضَاعَفَةِ (وَلَا) تَسْقُطُ بِ (غَيْرِ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ، سِوَى قَضَائِهَا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَالْجُمْلَةُ مُعَرَّفَةُ الطَّرَفَيْنِ فَتُفِيدُ الْحَصْرَ.
(فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ، أَوْ) خَشِيَ (خُرُوجَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ؛ سَقَطَ وُجُوبُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَوْرِ وَالتَّرْتِيبِ (فَيُصَلِّي الْحَاضِرَةَ إذَا بَقِيَ فِي الْوَقْتِ قَدْرُ فِعْلِهَا، ثُمَّ يَقْضِي) الْفَائِتَةَ، لِأَنَّ الْحَاضِرَةَ آكَدُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا، بِخِلَافِ الْفَائِتَةِ وَلِئَلَّا تَصِيرَ الْحَاضِرَةُ فَائِتَةً (وَتَصِحُّ الْبُدَاءَةُ بِغَيْرِ الْحَاضِرَةِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ) وَيَأْثَمُ وَ(لَا) تَصِحُّ (نَافِلَةٌ وَلَوْ رَاتِبَةً) مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ (فَلَا تَنْعَقِدُ) لِتَحْرِيمِهَا كَوَقْتِ النَّهْيِ، لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لِلْفَرْضِ وَهَكَذَا إذَا.
اسْتَيْقَظَ، وَشَكَّ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ بَدَأَ بِالْفَرِيضَةِ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْوَقْتِ.
(وَإِنْ نَسِيَ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ حَالَ قَضَائِهَا) بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ ظُهْرٌ وَعَصْرٌ مَثَلًا، فَنَسِيَ الظُّهْرَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْعَصْرِ (أَوْ) نَسِيَ التَّرْتِيبَ (بَيْنَ حَاضِرَةٍ وَفَائِتَةٍ حَتَّى فَرَغَ) مِنْ الْحَاضِرَةِ (سَقَطَ وُجُوبُهُ) أَيْ: التَّرْتِيبِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عُفِيَ لِأُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» رَوَاه النَّسَائِيُّ.
وَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ إعَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ عَامَ الْأَحْزَابِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فِي أَثْنَائِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَأَلَ عَقِبَ سَلَامِهِ، كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْفَاءُ، وَجَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَلَا يَسْقُطُ) التَّرْتِيبُ (بِجَهْلِ وُجُوبِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّعَلُّمِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ لِتَقْصِيرٍ، بِخِلَافِ النِّسْيَانِ (فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ الْفَجْرَ جَاهِلًا) وُجُوبَ التَّرْتِيبِ (ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا، صَحَّتْ عَصْرُهُ) مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ ظُهْرِهِ (لِاعْتِقَادِهِ) حَالَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَنْ (لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ، كَمَنْ صَلَّاهَا) أَيْ: الْعَصْرَ (ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ) أَوْ أَنَّهُ كَانَ تَرَكَ مِنْهَا رُكْنًا أَوْ شَرْطًا آخَرَ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّاسِي.
(وَلَا يَسْقُطُ) التَّرْتِيبُ (بِخَشْيَةِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ) بَلْ يُصَلِّي الْفَائِتَةَ ثُمَّ الْحَاضِرَةَ وَلَوْ وَحْدَهُ وَيَسْقُط وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ لِلْعُذْرِ.
(وَعَنْهُ يَسْقُطُ) التَّرْتِيبُ بِخَشْيَةِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ (اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، لَكِنْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْجُمُعَةِ) إنْ خَشِيَ فَوْتَهَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالْفَائِتَةِ (وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ السُّقُوطِ) أَيْ: سُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِخَشْيَةِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ (ثُمَّ يَقْضِيهَا ظُهْرًا) عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ السُّقُوطِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاضِرَةِ أَنْ تَكُونَ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّ خَوْفَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَضِيقِ الْوَقْتِ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ فَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَعَنْهُ لَا يَسْقُطُ، قَالَ جَمَاعَةٌ لَكِنْ عَلَيْهِ فِعْلُ الْجُمُعَةِ فِي الْأَصَحِّ ثُمَّ يَقْضِيهَا ظُهْرًا ا هـ وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى فِي بَابِ الْجُمُعَةِ: وَتُتْرَكُ فَائِتَةٌ لِخَوْفِ فَوْتِ الْجُمُعَةِ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَائِتَةَ جَمَاعَةً إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ، لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ ذَكَرَ فَائِتَةً فِي حَاضِرَةٍ أَتَمَّهَا غَيْرُ الْإِمَامِ، نَفْلًا إمَّا رَكْعَتَيْنِ وَإِمَّا أَرْبَعًا، مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) عَنْ فِعْلِ الْفَائِتَةِ ثُمَّ الْحَاضِرَةِ بَعْدَ إتْمَامِ مَا شَرَعَ فِيهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ، ثُمَّ لِيُعِدْ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ» رَوَاه أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَأُلْحِقَ بِالْمَأْمُومِ الْمُنْفَرِدُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ.
(وَيَقْطَعُهَا) أَيْ: الْحَاضِرَةَ (الْإِمَامُ) إذَا ذَكَرَ فَائِتَةً (نَصًّا مَعَ سَعَتِهِ) أَيْ: الْوَقْتِ، لِئَلَّا يَلْزَمَ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ (وَاسْتَثْنَى جَمْعَ الْجُمُعَةِ) فَلَا يَقْطَعُهَا الْإِمَامُ إذَا ذَكَرَ الْفَائِتَةَ فِي أَثْنَائِهَا وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِأَنْ لَمْ يَتَّسِعْ لِسِوَى الْحَاضِرَةِ؛ أَتَمَّهَا الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ اتَّسَعَ لِلْفَائِتَةِ ثُمَّ الْحَاضِرَةِ فَقَطْ، قَطَعَهَا أَيْضًا غَيْرُ الْإِمَامِ لِعَدَمِ صِحَّةِ النَّفْلِ إذَنْ.
وَإِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْفَائِتَةَ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْجُمُعَةِ اسْتَنَابَ فِيهَا وَقَضَى الْفَائِتَةَ فَإِنْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ مَعَ نَائِبِهِ وَإِلَّا صَلَّى ظُهْرًا.
(وَإِنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ هَلْ صَلَّى مَا قَبْلَهَا، وَدَامَ) شَكُّهُ (حَتَّى فَرَغَ) مِنْ صَلَاتِهِ (فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَعَادَهُمَا) أَيْ: الْفَائِتَةَ، ثُمَّ الْحَاضِرَةَ لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ.
(وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ) بِلَيْلَتِهِ (يَجْهَلُ عَيْنَهَا) بِأَنْ لَمْ يَدْرِ أَظُهْرٌ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا (صَلَّى خَمْسًا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ) أَيْ: يَنْوِي بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْخَمْسِ الْفَرْضَ الَّذِي عَلَيْهِ.
(وَلَوْ نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ) مِنْهُمَا (بَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا بِالتَّحَرِّي) أَيْ الِاجْتِهَادِ (فَإِنْ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ شَيْءٌ بَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ) لِلْعُذْرِ.
(وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمٍ الظُّهْرَ وَصَلَاةً أُخْرَى، لَا يَعْلَمُ هَلْ الْمَغْرِبُ أَوْ الْفَجْرُ؟ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ، ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ) اعْتِبَارًا بِالتَّرْتِيبِ الشَّرْعِيِّ.
وَإِنْ تَرَكَ عَشَرَ سَجَدَاتٍ مِنْ صَلَاةِ شَهْرٍ قَضَى صَلَاةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، لِجَوَازِ تَرْكِهِ كُلَّ يَوْمٍ سَجْدَةً ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى وَمَنْ شَكَّ فِيمَا عَلَيْهِ وَتَيَقَّنَ سَبْقَ الْوُجُوبِ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ يَقِينًا نَصَّ عَلَيْهِ وَإِلَّا مَا يَتَعَيَّنُ وُجُوبُهُ.
وَلَوْ شَكَّ مَأْمُومٌ: صَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ اعْتَبَرَ بِالْوَقْتِ فَإِنْ أَشْكَلَ فَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ.
(وَلَوْ تَوَضَّأَ) مُكَلَّفٌ (وَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَرَكَ فَرْضًا) أَوْ شَرْطًا (مَنْ إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهَا لَزِمَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْوُضُوءِ الثَّانِيَ (وَ) أَعَادَ (الصَّلَاتَيْنِ) لِيَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ.
(وَلَوْ لَمْ يُحْدِثْ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ لِلثَّانِيَةِ تَجْدِيدًا لَزِمَهُ إعَادَةُ الْأُولَى فَقَطْ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ الْوُضُوءِ الْأَوَّلَ وَلَا يُعِيدُ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ إنْ كَانَ التَّجْدِيدُ لَمْ يَضُرَّهُ تَرَكَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْوُضُوءِ أَوَّلًا، فَالْحَدَثُ ارْتَفَعَ بِالتَّجْدِيدِ (مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْوُضُوءِ) لِمَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي الْوُضُوءِ.
(وَإِنْ نَامَ مُسَافِرٌ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ سُنَّ لَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ مَكَانِهِ) لِحُضُورِ الشَّيْطَانِ لَهُ فِيهِ (لِيَقْضِيَ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي نَامَ فِيهِ، «لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ» وَتَقَدَّمَ.