فصل: بَابُ مَقَادِيرِ دِيَةِ النَّفْسِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.بَابُ مَقَادِيرِ دِيَةِ النَّفْسِ:

الْمَقَادِيرُ جَمْعُ مِقْدَارٍ وَهُوَ مَبْلَغُ الشَّيْءِ وَقَدْرِهِ (دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفَا شَاةٍ أَوْ أَلْفَ مِثْقَالٍ ذَهَبًا أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِضَّةً مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ (سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ) قَالَ الْقَاضِي لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ أُصُولَ الدِّيَةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ (فَهَذِهِ الْخَمْسُ أُصُولٍ فِي الدِّيَةِ) لِمَا رَوَى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنْ الْإِبِل وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ».
وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ» (لَا حُلَلَ) فَلَيْسَتْ أَصْلًا لِلْأَخْبَارِ وَلِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ وَلَا تَنْضَبِطُ وَعَنْهُ أَنَّهَا أَصْلٌ وَقَدْرُهَا مِائَتَا حُلَّةٍ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنِ كُلُّ حُلَّةٍ بُرْدَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَفِي الْمَذْهَبِ جَدِيدَانِ (فَأَيُّهَا) أَيْ الْأُصُولُ الْخَمْسِ (أَحْضَرَ مَنْ لَزِمَتْهُ) الدِّيَةُ (لَزِمَ الْوَلِيَّ قَبُولُهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ لَا لِأَنَّهَا أُصُولٌ فِي قَضَاءِ الْوَاجِبِ يُجْزِي وَاحِدٌ مِنْهَا فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ إلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ.
(فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَجَبَتْ) الدِّيَةُ (مُغَلَّظَةً أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةَ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةَ) رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا.
(وَتَجِبُ) الدِّيَةُ (فِي قَتْلِ الْخَطَأِ مُخَفَّفَةٌ أَخْمَاسًا عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ ابْنِ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةَ وَعِشْرُونَ جَذَعَةَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ (ذُكُورًا وَإِنَاثًا) لَعَلَّ مُرَادَهُ فِيمَا عَدَا أَوْلَادِ الْمَخَاضِ (وَيُؤْخَذُ مِنْ الْبَقَرِ النِّصْفُ مُسِنَّاتٌ وَالنِّصْفُ أَتْبِعَةٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعَدْلُ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْكُلَّ مُسِنَّاتٍ كَانَ إجْحَافًا بِالْجَانِي وَبِالْعَكْسِ فِيهِ إجْحَافٌ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
(وَ) يُؤْخَذُ (مِنْ الْغَنَمِ النِّصْفُ ثَنَايَا وَالنِّصْفُ أَجْذِعَة) لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّ دِيَةَ الْإِبِلِ مِنْ الْأَسْنَانِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الزَّكَاةِ فَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (وَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، فَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا دِيَةَ النَّقْدِ (بَعْدَ أَنْ يَكُونَ) مَا ذُكِرَ (سَلِيمًا مِنْ الْعُيُوبِ) قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَهَا فَتَقْيِيدُهَا بِالْقِيمَةِ يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْخَبَرِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ لَا يُجْزِئُ مَرِيضٌ وَلَا عَجِيفٌ وَلَا مَعِيبٌ وَلَا دُونَ دِيَةِ الْأَثْمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهَا مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ وَحُلَلٍ (فَيُؤْخَذُ الْمُتَعَارَفُ مَعَ التَّنَازُعِ) لِأَنَّ مَا لَا حَدّ لَهُ فِي الشَّرْعِ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ وَالْحِرْزِ وَهَذَا فِي الْحُلَلِ كَمَا فِي الْمُقْنِعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا أَصْلٌ فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَهُ، وَأَمَّا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهَا.
(وَتُغَلَّظُ دِيَةُ طَرَفٍ) كَدِيَةِ (قَتْلٍ) لِاتِّفَاقِهِمَا فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ (وَلَا تَغْلِيظَ فِي غَيْرِ إبِلٍ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ (وَالتَّخْفِيفُ فِي الْخَطَأِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الضَّرْبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالتَّأْجِيلُ ثَلَاثَ سِنِينَ) كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ (وَوُجُوبُهَا) أَيْ الدِّيَةُ (مُخَمَّسَةٌ) كَمَا سَبَقَ (وَشِبْهُ الْعَمْدِ تُخَفَّفُ) الدِّيَةُ (فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ الضَّرْبُ) لِلدِّيَةِ (عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالتَّأْجِيلُ بِثَلَاثِ سِنِينَ) كَالْخَطَأِ (وَتُغَلَّظُ مِنْ وَجْهٍ) وَاحِدٍ (وَهُوَ التَّرْبِيعُ) أَيْ كَوْنُهَا تُؤْخَذُ أَرْبَاعًا كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ تُغَلَّظُ بِتَخْصِيصِهَا بِالْجَانِي وَتَعْجِيلِهَا عَلَيْهِ) أَيْ كَوْنِهَا حَالَّةً (وَتَبْدِيلُ التَّخْمِيسِ بِالتَّرْبِيعِ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ قِسْمَةُ دِيَةِ الطَّرَفِ) أَوْ الشَّجَّةِ (مِثْلَ أَنْ يُوَضِّحَهُ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعًا) أَيْ بِنْتَ مَخَاضٍ وَبِنْتَ لَبُونٍ وَحِقَّةَ وَجَذَعَةَ.
(وَ) يَجِبُ الْبَعِيرُ (الْخَامِسُ مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ قِيمَتُهُ رُبْعُ قِيمَةِ الْأَرْبَعِ) الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ الْمَالِ إذَا كَانَ مِنْ نَوْعَيْنِ.
(وَإِنْ كَانَ أَوْضَحَهُ خَطَأً وَجَبَتْ الْخُمْسُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْخَمْسَةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ بَعِيرٍ) ابْنِ مَخَاضٍ وَابْنِ لَبُونٍ وَحِقَّةَ وَجَذَعَةَ.
(وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ دِيَةَ أُنْمُلَةٍ) مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ قُطِعَتْ عَمْدًا أَوْ شِبْهَهُ (وَجَبَتْ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثُ) بَعِيرٍ (قِيمَتُهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ بِنْتَ اللَّبُونِ وَبِنْتَ الْمَخَاضِ وَالْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ (وَثُلُثُهَا) أَيْ ثُلُثُ قِيمَةِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ نِسْبَةَ الثَّلَاثَةِ وَالثُّلُثِ إلَى الْأَرْبَعَةِ نِصْفُ وَثُلُثُ الْخَمْسَةِ ثُلُثَانِ.
(وَإِنْ كَانَ) قَطْعُ الْأُنْمُلَةِ (خَطَأً فِيهَا) ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثُ قِيمَتِهَا (ثُلُثَا قِيمَةُ الْخَمْسِ) لِأَنَّ نِسْبَةَ الثَّلَاثَةِ وَالثُّلُثِ إلَى الْخَمْسَةِ ثُلُثَانِ (وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِبِلِ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ إبِلِ الْجَانِي وَلَا) مِنْ جِنْسِ (إبِلِ بَلَدِهِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ.
(وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ) مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً (نِصْفُ دِيَةِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ دِيَتِهَا) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِر رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي كِتَابِهِ دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» لَكِنْ حُكِيَ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ وَالْأَصَمِّ «أَنَّ دِيَتَهَا كَدِيَةِ الرَّجُلِ» وَرَدَ (وَيُسَاوِي جِرَاحهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (جِرَاحَهُ) أَيْ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ دِيَتِهَا كَيْفَ كَانَا (فِيمَا دُونَ ثُلُثِ دِيَتِهِ فَإِذَا بَلَغَتْهُ) أَيْ الثُّلُثُ (أَوْ زَادَتْ) عَلَيْهِ (صَارَتْ عَلَى النِّصْفِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَرَوَى مَالِكٌ «عَنْ رَبِيعَةَ قَالَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ فِي أُصْبُعِ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ قُلْتُ: فَفِي إصْبَعَيْنِ؟ قَالَ: عِشْرُونَ قُلْتُ: فَفِي ثَلَاثِ أَصَابِعَ؟ قَالَ ثَلَاثُونَ قُلْتُ: فَفِي أَرْبَعِ أَصَابِعَ قَالَ؟ عِشْرُونَ قُلْتُ: لَمَّا عَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا قَلَّ عَقْلُهَا؟ قَالَ: هَكَذَا السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي».
(وَدِيَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ نِصْفُ دِيَةِ رَجُلٍ وَنِصْفُ دِيَةِ أُنْثَى) لِأَنَّ مِيرَاثَهُ كَذَلِكَ لَا يُقَالُ الْوَاجِبُ دِيَةُ أُنْثَى لِتَيَقُّنِهَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الذُّكُورِيَّةَ وَالْأُنُوثِيَّةَ احْتِمَالًا مُتَسَاوِيًا، فَوَجَبَ التَّوَسُّطُ بَيْنهمَا وَالْعَمَلُ بِكِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ (وَيُقَادُ بِهِ) أَيْ الْخُنْثَى (الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَيُقَادُ هُوَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) بِشَرْطِهِ وَتَقَدَّمَ (وَيُسَاوِي) أَرْشَ (جِرَاحِ الذَّكَرِ فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ) لِأَنَّ أَدْنَى حَالَيْهِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً (وَفِي) جِرَاحٍ يُوجِبُ (الثُّلُثَ) كَالْجَائِفَةِ (وَمَا زَادَ عَنْهُ) أَيْ الثُّلُثُ كَالْيَدِ (ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ) أَرْش (جُرْح ذَكَرٍ) لِأَنَّ الْجُرْحَ كَالتَّابِعِ لِلْقَتْلِ.
(وَدِيَةُ الذَّكَرِ الْكِتَابِيّ الْحُرِّ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ «دِيَةُ الْكِتَابِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ.
(إنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا) لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي حَقْنِ الدَّمِ أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَهَدْرٌ (وَجِرَاحَاتُهُمْ) أَيْ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ (مِنْ دِيَاتِهِمْ كَجِرَاحَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَاتِهِمْ) لِأَنَّ الْجُرْحَ تَابِعٌ لِلْقَتْلِ.
(وَدِيَةُ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةُ دِرْهَمٍ) فِي قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ مَرْفُوعًا «دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ» رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَطَعَنَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْل الْكِتَابِ» مَحْمُولٌ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ وَحَقْنِ الدَّمِ لَا فِي كُلِّ شَيْءٍ بِدَلِيلِ أَنَّ ذَبَائِحَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ لَا تَحِلُّ لَنَا (إنْ كَانَ) الْمَجُوسِيُّ (ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ مُعَاهَدًا بِدَارِنَا أَوْ غَيْرِهَا) لِحَقْنِ دَمِهِ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ (وَجِرَاحُ كُلُّ وَاحِدٍ مُعْتَبَرَةٌ) بِالنِّسْبَةِ (مِنْ دِيَتِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَتَضْعِيفُ دِيَةُ الْكَافِرِ عَلَى قَاتِلِهِ الْمُسْلِمِ عَمْدًا، وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ) مُوَضَّحًا.
(وَأَمَّا عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ وَسَائِرُ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ كَالتُّرْكِ وَمَنْ عَبَدَ مَا اسْتَحْسَنَ فَلَا دِيَةَ لَهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمَانٌ وَلَا عَهْدٌ) لِأَنَّ دِمَاءَهُمْ مُهْدَرَةٌ إذَنْ (فَإِنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ فَدِيَتُهُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ) لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ أَشْبَهَ الْمَجُوسِيِّ.
(وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَة إنْ وُجِدَ) وَقَدْ أُخْبِرْتُ عَنْ قَوْمٍ بِآخِرِ بِلَادِ السُّودَان لَا يَفْقَهُونَ مَا يُقَالُ لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ، وَحِينَئِذٍ فَهَؤُلَاءِ لَا تَبْلُغُهُمْ الدَّعْوَةُ (فَلَا ضَمَانَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمَانٌ) لِأَنَّهُ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا أَمَانَ أَشْبَهَ الْحَرْبِيَّ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ قَتْلَهُ حَتَّى يُدْعَى (فَإِنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ فَدِيَتُهُ دِيَةٌ أَهْلِ دِينِهِ) لِأَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ فَكَمَجُوسِيٍّ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
(وَدِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ قِيمَتُهُمَا وَلَوْ بَلَغَتْ) قِيمَتُهُمَا (دِيَةَ الْحُرِّ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ، لِأَنَّ الْقِنَّ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فَيُضْمَنُ بِكَمَالِ قِيمَتِهِ كَالْفَرَسِ، وَيُخَالِفُ الْحُرَّ فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِمَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِضَمَانِ مَالٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ صِفَتِهِ وَهَذَا ضَمَانُ مَالٍ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمِلْكِيَّةِ وَيَنْقُصُ بِنُقْصَانِهَا فَاخْتَلَفَا (وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ) وَكَذَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَتِهِ قَبْلَ وُجُودِهَا لِحَدِيثِ «الْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» وَالْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ (وَفِي جِرَاحِهِ) أَيْ الْقِنِّ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) أَرْشُ جِرَاحِهِ مُقَدَّرًا مِنْ الْحُرِّ (كَمَا لَوْ شَجَّهُ دُونَ مُوضِحَةِ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ الْتِئَامِ الْجُرْحِ) أَيْ بُرْئِهِ (وَلَوْ زَادَ) ذَلِكَ (عَلَى أَرْشِ الْمُوضِحَةِ) لِأَنَّ الْمُوجِبَ إنَّمَا أَوْجَبَ جَبْرًا لِمَا فَاتَ، وَبِذَلِكَ يَنْجَبِرُ (وَإِنْ كَانَ) أَرْشُ الْجُرْحِ (مُقَدَّرًا مِنْ الْحُرِّ) كَالْمُوضِحَةِ وَالْيَدِ (فَهُوَ مُقَدَّرُ مِنْ الْعَبْدِ مَنْسُوبُ إلَى قِيمَتِهِ) لِأَنَّ قِيمَتَهُ كَدِيَةِ الْحُرِّ (فَفِي يَدِهِ) أَيْ الْقِنُّ (نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُوَضِّحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهُ لِأَنَّهُ سَاوَى الْحُرَّ فِي ضَمَانِ الْجِنَايَةِ بِالْقِصَاصِ وَالْكَفَّارَةِ فَسَاوَاهُ فِي اعْتِبَارِ مَا دُونَ النَّفْسِ كَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ.
(وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ) وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ (فَعَلَى قَاتِلِهِ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ) الْقَتْلُ (عَمْدًا) لِأَنَّهُ لَا تَحْمِلهُ الْعَاقِلَةُ (وَإِنْ كَانَ) الْقَتْلُ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ عَمْدٍ بِأَنْ كَانَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (فَفِي مَالِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ) لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ (وَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي جِرَاحِهِ) أَيْ الْمُبَعَّضُ (إنْ كَانَ قَدْرُ الدِّيَةِ مِنْ إرْثِهَا يَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ مِثْلَ أَنْ يَقْطَعَ أَنْفَهُ أَوْ يَدَيْهِ) أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ أَوْ خُصْيَتَيْهِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ نِصْفُ دِيَةِ ذَلِكَ إنْ كَانَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ.
(وَإِنْ قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ فَ) عَلَيْهِ (رُبْعُ الدِّيَةِ وَرُبْعُ قِيمَتِهِ وَيَكُونُ) الْجَمِيعُ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَلَا الْقِيمَةِ (وَإِنْ قَطَعَ) الْجَانِي (خُصْيَتَيْهِ أَوْ) قَطَعَ (أَنْفَهُ أَوْ قَطَعَ) أُذُنَيْهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنْ الدِّيَةِ فِي الْأَعْضَاءِ الْمَمْلُوكَةِ لِلسَّيِّدِ (وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُ السَّيِّد عَنْهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يَقْتَضِي الزَّوَالَ فَوَجَبَ بَقَاؤُهُ عَلَى مِلْكِهِ عَمَلًا بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضِ أَعْضَائِهِ بِمَنْزِلَةِ تَلَفِ بَعْضِ مَالِهِ (وَإِنْ قَطَعَ) الْجَانِي (ذَكَرَهُ) أَيْ الْقِنُّ (ثُمَّ خَصَّاهُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ لِقَطْعِ الذَّكَرِ) لِأَنَّ الْوَاجِبِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُرِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ.
(وَ) لَزِمَهُ (قِيمَتُهُ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي قَطْعِ الْخُصْيَتَيْنِ مِنْ الْحُرِّ بَعْد الذَّكَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَاعْتُبِرَ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا (وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ) لِمَا مَرَّ.
وَفِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ قِيمَتَاهُ، وَكَذَا أَنْفِهِ وَأُذُنَاهُ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ السَّيِّدِ (وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ) وَالصَّغِيرُ كَالْكَبِيرِ فِيمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ بَلَغَتْ جِرَاحَتُهَا) أَيْ الْأَمَةُ (ثُلُثَ قِيمَتِهَا لَمْ تُرَدُّ إلَى النِّصْفِ) بِخِلَافِ الْحُرَّةِ (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الرَّدَّ إلَى النِّصْفِ (فِي الْحُرَّةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ) فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.

.(فَصْل): دِيَةُ الْجَنِينِ:

(وَدِيَةُ الْجَنِينِ) أَيْ الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ مِنْ الِاجْتِنَانِ وَهُوَ السِّتْرُ لِأَنَّهُ أَجَنَّهُ بَطْنُ أُمّهِ أَيْ سِتْرَهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} (الْحُرُّ الْمُسْلِمُ إذَا سَقَطَ) كُلُّهُ (مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) أَوْ فَزِعَ إذَا طَلَبهَا السُّلْطَانُ، أَوْ مِنْ رِيحِ طَعَامٍ مَعَ عِلْمِ رَبِّهِ وَتَقَدَّمَ (عَمْدًا) كَانَتْ الْجِنَايَةُ (أَوْ خَطَأً أَوْ ظَهَرَ بَعْضُهُ) وَلَمْ يَخْرُجْ بَاقِيهِ فَفِيهِ الْغُرَّةُ (أَوْ أَلْقَتْهُ حَيًّا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِجِنَايَتِهِ (أَوْ أَلْقَتْ) الْحَامِلَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا (يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ رَأْسًا أَوْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ) كَأُذُنٌ وَأُصْبُعٌ سَوَاءٌ كَانَ سُقُوطُهُ (فِي حَيَاةِ أُمِّهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ أَلْقَتْ) الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا (مَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ) وَهُوَ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ، وَلَوْ خَفِيًّا بِجِنَايَةٍ أَوْ فِي مَعْنَاهَا (غُرَّةٌ) أَيْ دِيَةِ الْجَنِينِ فِيمَا ذَكَرَ غُرَّةَ (عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ) لِقَضَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
وَالْأَحْسَنُ تَنْوِينُ غُرَّةٍ وَعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بَدَل وَتَجُوزُ الْإِضَافَةُ عَلَى تَأْوِيلِ إضَافَةِ الْجِنْسِ إلَى النَّوْعِ كَشَجَرِ أَرَاكٍ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَنْفَسِ الْأَمْوَالِ وَالْأَصْلُ فِي الْغُرَّةِ الْخِيَارُ وَأَصْلُهَا الْبَيَاضُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ، وَلَيْسَ الْبَيَاضُ فِي الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ شَرْطًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ (قِيمَتُهَا) أَيْ الْغُرَّةُ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَزَيْدٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلَّ مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ فِي الْجِنَايَةِ وَهُوَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فَرَدَدْنَاهُ إلَيْهِ، وَأَمَّا الْأُنْمُلَةُ فَوَجَبَتْ دِيَتُهَا بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْإِبِلِ وَنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِهَا فَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهَا تَقُومُ بِالْإِبِلِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَقَالَ غَيْرُهُ: تَقُومُ بِالذَّهَبِ أَوْ الْوَرَقِ فَتُجْعَل قِيمَتُهَا خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتّمِائَةِ دِرْهَمٍ (ذَكَرًا كَانَ) الْجَنِينُ (أَوْ أُنْثَى) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ.
(وَهُوَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخَمْسِ مِنْ الْإِبِلِ (عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ) الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَتَأْتِي مُحْتَرَزَاتُ مَا سَبَقَ فِي كَلَامِهِ وَقَوْلِهِ (مِنْ ضَرْبَةٍ أَوْ دَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَفَزَعِهَا لِلِاسْتِعْدَاءِ عَلَيْهَا أَوْ شَمِّ رِيحِ طَعَامٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مُتَعَلِّقٌ بِسَقَطٍ (وَلَوْ) كَانَ سُقُوطُ الْجَنِينِ (بِفِعْلِهَا) أَيْ فِعْلِ أُمِّهِ بِأَنْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا فَعَلَيْهَا الْغُرَّةُ (وَيُعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّ سُقُوطَهُ بِالْجِنَايَةِ (أَيْ بِأَنْ يَسْقُطَ عَقِبَ الضَّرْبِ أَوْ تَبْقَى) أُمُّهُ (مُتَأَلِّمَةً إلَى أَنْ يَسْقُطَ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ إذَنْ سُقُوطُهُ بِسَبَبِ الضَّرْبِ (وَإِنْ أَلْقَتْهُ) بِجِنَايَةِ (رَأْسَيْنِ أَوْ رُبْعِ أَيْدٍ) أَوْ أَرْجُلٍ (لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْ غُرَّةٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ) ذَلِكَ (مِنْ جَنِينٍ وَاحِدٍ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ) فَلَمْ يَجِب بِهِ شَيْءٌ.
(وَإِنْ دَفَعَ بَدَلَ الْغُرَّةِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ أَحَدِ الْأُصُولِ أَوْ غَيْرِهَا (وَرَضِيَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يُجْبِرْهُ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَلَا تَصِحَّ بِغَيْرِ الرِّضَا.
(وَلَوْ قَتَلَ حَامِلًا وَلَمْ تُسْقِطْ جَنِينَهَا) فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْوَلَدِ إلَّا بِخُرُوجِهِ (أَوْ ضَرَبَ مِنْ فِي جَوْفِهَا حَرَكَةٌ أَوْ انْتِفَاخٌ فَسَكَّنَ الْحَرَكَةَ وَأَذْهَبَهَا) فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِمَا مَرَّ بَلْ هُنَا أَوْلَى لِلشَّكِّ (أَوْ أَسْقَطَتْ مَا لَيْسَ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ أَوْ أَلْقَتْ مُضْغَةً فَشَهِدَ ثِقَاتٌ مِنْ الْقَوَابِلِ أَنَّهُ مَبْدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ لَوْ بَقِيَ تَصَوَّرَ) آدَمِيًّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ (أَوْ ضَرَبَ بَطْنَ حَرْبِيَّةٍ) حَامِلٍ (أَوْ) بَطْنَ (مُرْتَدَّةٍ حَامِلٍ فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ وَضَعَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ جِنَايَةٌ عَلَيْهَا حِينَ عِصْمَتِهَا (وَإِنْ شَهِدَتْ) أَيْ الثِّقَاتُ مِنْ الْقَوَابِلِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وَاحِدَةٌ (أَنَّ فِيهِ صُورَةً) خَفِيَّةً (فَفِيهِ غُرَّةٌ) لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ غَالِبًا (وَإِذَا كَانَ أَبَوَا الْجَنِينِ كِتَابِيَّيْنِ فَغُرَّتُهُ نِصْفُ قِيمَةِ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ) كَمَا أَنَّ أَصْلَهُ كَذَلِكَ (وَقِيمَتُهُ غُرَّةَ جَنِينِ الْمَجُوسِيَّةِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) لِأَنَّ ذَلِكَ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ وُجُودُ غُرَّةٍ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ) لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ غُرَّةُ الْمُسْلِمِ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْغُرَّةَ وَجَبَتْ قِيمَتُهَا مِنْ أَحَدِ الْأُصُولِ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْجَانِي فِي دَفْعِ مَا شَاءَ مِنْ الْأُصُولِ) الْخَمْسَةِ.
(فَصْل وَالْغُرَّةُ مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ) أَيْ الْجَنِينِ (كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا) لِأَنَّهَا دِيَةُ آدَمِيٍّ حُرٍّ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَوْرُوثَةً عَنْهُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ لِأُمِّهِ وَلَا يُوَرَّثُ عَنْهُ غَيْرُهَا (يَرِثُهَا) أَيْ الْغُرَّةُ (وَرَثَتُهُ) أَيْ الْجَنِينِ (فَلَا يَرِثُ مِنْهَا قَاتِلٌ وَلَا رَقِيقٌ) لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْقَتْلُ أَوْ الرِّقُّ (يَرِث عَصَبَةً سَيِّدٌ قَاتِلُ جَنِينِ مُعْتَقَتِهِ) أَيْ لَوْ ضَرَبَ السَّيِّدُ بَطْنَ عَتِيقَتِهِ فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا كَانَ عَلَيْهِ غُرَّةٌ يَرِثُهَا أُمّ الْجَنِينِ، وَعَصَبَةُ السَّيِّدِ دُونَهُ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ أُمِّ وَلَدِهِ الْحَامِلِ مِنْهُ وَ(لَا) غُرَّةَ عَلَيْهِ فِي (جَنِينِ أَمَتِهِ) إذَا ضَرَبَهَا فَأَسْقَطَتْهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) جَنِينَ أَمَتِهِ (حُرًّا) فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ (فَإِنْ أَسْقَطَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ) أُمُّهُ الْحُرَّةُ (وَرِثَتْ نَصِيبَهَا مِنْ الْغُرَّةِ) لِتَأَخُّرِ حَيَاتِهَا (ثُمَّ يَرِثُهَا) أَيْ حِصَّتَهَا (وَرَثَتُهَا) كَسَائِرِ مَالِهَا (وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ) لِمَوْتِهَا قَبْلَهُ فَلَا تَرِثُهُ، وَلِعَدَمِ اسْتِهْلَالِهِ لَا يَرِثُهَا (وَإِنْ خَرَجَ) الْجَنِينُ (حَيًّا) لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ (ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ) وَرِثَهَا لِتَأَخُّرِ حَيَاتِهِ (أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ خَرَجَ) الْجَنِينُ (حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَرِثَهَا) لِتَأَخُّرِ حَيَاتِهِ (ثُمَّ يَرِثهُ وَرَثَتُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَجَنِينِهَا (فِي أَوَّلِهِمَا مَوْتًا فَلَهُمَا حُكْمُ الْغَرْقَى) وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَلْقَتْ) مَجْنِيٌّ عَلَيْهَا (جَنِينًا مَيِّتًا أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَتْ ثُمَّ أَلْقَتْ آخَرَ حَيًّا فَفِي الْمَيِّت غُرَّةٌ) لِمَا سَبَقَ (وَفِي الْحَيِّ الْأَوَّلِ) إنْ مَاتَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ (دِيَةٌ إنْ كَانَ سُقُوطُهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ مِثْلَهُ) فِيهِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (وَيَرِثهُمَا) أَيْ الْمَرْأَةَ وَجَنِينَهَا (الْحَيُّ الْآخَرُ ثُمَّ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ إنْ مَاتَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ مَاتَتْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ الثَّانِي وَرِثَتْ الْأُمُّ وَالْجَنِينَيْنِ الثَّانِي مِنْ دِيَةِ الْأَوَّلِ) لِتَأَخُّرِ حَيَاتِهِمَا عَنْهُ (ثُمَّ إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ) قَبْلَ الثَّانِي (وَرِثَهَا الثَّانِي) لِأَنَّهُ ابْنُهَا (ثُمَّ يَصِيرُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ) إنْ مَاتَ (فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْجَنِينَيْنِ (وَرِثَتْهُمَا) أَيْ وَرِثَتْ مِنْهُمَا (جَمِيعًا) سَوَاءٌ مَاتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبَيْنِ.
(وَإِنْ ضَرَبَ) الْجَانِي (بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ أَجِنَّةً) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ غُرَّةٌ) كَمَا لَوْ قَتَلَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَا تَدَاخُلَ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ لِآدَمِيٍّ أَشْبَهَتْ الدُّيُونَ (وَإِنْ أَلْقَتْهُمْ) أَيْ الْأَجِنَّةَ (أَحْيَاءً لِوَقْتٍ يَعِيشُونَ لِمِثْلِهِ ثُمَّ مَاتُوا) بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ (فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ وِلَادَتِهِمْ أَحْيَاءً (وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الْجَنِينِ أَمَةً وَهُوَ حُرٌّ) فَفِيهِ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ (فَتُقَدَّرُ) أُمَّهُ (حُرَّةً) لِتَكُونَ بِصِفَةِ الْجَنِينِ (أَوْ كَانَتْ) أُمُّ الْجَنِينِ (ذِمِّيَّةً حَامِلًا مِنْ ذِمِّيٍّ وَمَاتَ) الذِّمِّيُّ بِدَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ جُنِيَ عَلَى أُمِّهِ فَأَسْقَطَتْهُ فَفِيهِ غُرَّةٌ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ (عَلَى أَصْلِنَا) أَيْ قَاعِدَةِ مَذْهَبِنَا إنْ مَاتَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَلَهُ وَلَدٌ غَيْرُ بَالِغٍ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبِعَا لِلدَّارِ (فَتُقَدَّرُ) الذِّمِّيَّةُ (مُسْلِمَةً) اعْتِبَارًا بِصِفَةِ الْجَنِينِ.
(وَلَا يُقْبَلُ فِي الْغُرَّةِ خُنْثَى وَلَا خَصِيٌّ وَنَحْوِهِ) كَمَوْجُوءِ الْخُصْيَتَيْنِ وَمَسْلُولِهِمَا لِأَنَّهُ عَيْبٌ (وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ وَلَا مَعِيبَ يُرَدُّ فِي الْبَيْعِ وَلَا هَدْمَةً) لِأَنَّ الْغُرَّةَ بَدَلٌ فَاعْتُبِرَتْ فِيهَا السَّلَامَةُ كَإِبِلِ الصَّدَقَةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهَا خِيَارٌ (وَلَا مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ) لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى مَنْ يَكْفُلُهُ (بَلْ) يَقْبَلُ فِيهَا (مِنْ لَهُ سَبْعُ) سِنِينَ (فَأَكْثَرُ وَلَوْ جَاوَزَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ) كَانَ (أَسْوَد كَأَبْيَضَ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ.
(فَصْل وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ مَمْلُوكًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ) لِأَنَّهُ جَنِينُ آدَمِيَّةٍ وَقِيمَةُ الْأَمَةِ بِمَنْزِلَتِهِ دِيَةُ الْحُرَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَقُدِّرَ بَدَلُهُ مِنْ قِيمَتِهَا كَسَائِرِ أَعْضَائِهَا (نَقْدًا) لِأَنَّهُ قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ الْمُتَقَوِّمَةِ (وَمَعَ سَلَامَتِهِ) أَيْ جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ الْعَيْبِ (وَعَيْبِهَا تُعْتَبَرُ) الْأَمَةُ (سَلِيمَةً) وَيُؤْخَذُ عُشْرُ قِيمَتِهَا اعْتِبَارًا بِوَصْفِهِ (وَلَوْ كَانَتْ أُمُّهُ) أَيْ الْجَنِينِ الرَّقِيقِ (حُرَّةً فَتُقَدَّرُ أَمَةً وَيُؤْخَذُ عُشْرُ قِيمَتِهَا نَقْدًا) اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجَنِينِ (وَلَا يَجِبُ مَعَ الْغُرَّةِ ضَمَانُ نَقْصِ الْأُمِّ) لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَا تُوجِبُ أَرْشَيْنِ (وَوَلَد الْمُدَبَّرَةِ و) وَلَد (الْمُكَاتِبَةِ وَ) وَلَدِ (الْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ) قَبْلَ وُجُودِهَا.
(وَ) وَلَدُ (أُمِّ الْوَلَدِ إذَا حَمَلَتْ) كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ) بِخِلَافِ نَحْوِ أَخِيهِ فَإِنَّ وَلَدَهُ يُعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّهُ رَحِمٌ مُحَرَّمٌ (لَهُ حُكْمُ وَلَدِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا غَرَرَ (وَجَنِينُ مُعْتَقٌ بَعْضُهَا بِالْحِسَابِ) فَإِذَا كَانَ نِصْفُهَا حُرًّا فَنِصْفُهُ حُرٌّ فِيهِ نِصْفُ غُرَّةٍ لِوَرَثَتِهِ وَفِي النِّصْفِ الْبَاقِي نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ لِسَيِّدِهِ.
(وَإِذَا سَقَطَ جَنِينُ ذِمِّيَّةٍ قَدْ وَطِئَهَا مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَجَبَ فِيهِ مَا فِي الْجَنِينِ الذِّمِّيِّ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ (فَإِنْ أُلْحِقَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِ فَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (تَمَامُ الْغُرَّةِ) لِاتِّضَاحِ الْحَالِ.
(وَإِنْ ادَّعَتْ نَصْرَانِيَّةٌ) وَيَهُودِيَّةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْكَوَافِرِ (أَوْ) ادَّعَى (وَرَثَتُهَا أَنَّ جَنِينَهَا مِنْ مُسْلِمٍ مِنْ وَطْءٍ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا فَإِنْ اعْتَرَفَ الْجَانِي) بِذَلِكَ (فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَإِنْ اعْتَرَفَتْ الْعَاقِلَةُ أَيْضًا وَكَانَ مِمَّا تَحْمِلهُ) الْعَاقِلَةُ بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ غَيْرَ عَمْدٍ وَمَاتَ مَعَ أُمِّهِ أَوْ بَعْدَهَا (فَالْغُرَّةُ عَلَيْهَا) أَيْ الْعَاقِلَةِ لِاعْتِرَافِهَا (وَتَحْلِفُ) الْعَاقِلَةُ (مَعَ الْإِنْكَارِ) أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمٍ (وَعَلَيْهَا مَا فِي جَنِينِ الذِّمِّيِّينَ وَالْبَاقِي عَلَى الْجَانِي) إنْ اعْتَرَفَ لِثُبُوتِهِ بِاعْتِرَافِهِ (وَإِنْ اعْتَرَفَتْ الْعَاقِلَةُ دُونَ الْجَانِي فَالْغُرَّةُ عَلَيْهَا مَعَ دِيَةِ أُمِّهِ) حَيْثُ مَاتَ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ (وَإِنْ أَنْكَرَ الْجَانِي وَالْعَاقِلَةُ) أَنَّهُ مِنْ مُسْلِمٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْجَنِينَ مِنْ مُسْلِمٍ وَوَجَبَتْ دِيَةُ ذِمِّيٍّ) وَهِيَ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ أُمّهِ عَلَى ذَلِكَ الدَّيْنِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ أَنَّ هَذَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِمْ (وَإِنْ كَانَ) مَا وَجَبَ فِي الْجَنِينِ (مَا لَا تَحْمِلهُ الْعَاقِلَةُ) لِكَوْنِهِ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَمَاتَ قَبْلَ أُمِّهِ أَوْ بِجِنَايَةٍ مُنْفَرِدَةٍ (فَقَوْلُ الْجَانِي وَحْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ الْخَصْمُ فِيهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ (وَلَوْ كَانَتْ النَّصْرَانِيَّةُ امْرَأَةَ مُسْلِمٍ) أَوْ سَرِيَّتَهُ (فَادَّعَى الْجَانِي أَنَّ الْجَنِينَ مِنْ ذِمِّيٍّ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا) وَأَنْكَرَ وَرَثَةُ الْجَنِينِ (فَقَوْلُ وَرَثَةِ الْجَنِينِ) مَعَ يَمِينِهِمْ لِأَنَّ الْجَنِينَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ فَإِنَّ الْوَلَد لِلْفِرَاشِ.
(فَصْل وَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَحَمَلَتْ بِمَمْلُوكَيْنِ فَضَرَبَهَا أَحَدُهُمَا فَأَسْقَطَتْ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ آدَمِيًّا (وَضَمِنَ) الضَّارِبُ (لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ) كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرُهُمَا (وَيَسْقُطُ ضَمَانُ) نَصِيبِهِ (نَفْسُهُ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضْمَنُ مَالَهُ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ أَعْتَقَهَا الضَّارِبُ بَعْدَ ضَرْبِهَا وَكَانَ مُعْسِرًا) بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ (ثُمَّ أَسْقَطَتْ عِتْقَ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَمِنْ وَلَدِهَا) بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ (وَعَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ) لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ جَنِينِهَا (وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ الضَّارِبِ (ضَمَانُ مَا أَعْتَقَهُ) لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ جِنَايَةٌ وَقَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ مَمْلُوكَهُ (وَإِنْ كَانَ) الضَّارِبُ (مُوسِرًا سَرَى الْعِتْقُ إلَيْهَا وَإِلَى جَنِينُهَا) وَعَلَيْهِ ضَمَانُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الْجَنِينِ بِنِصْفِ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ وَلَا يَضْمَنُ أُمَّهُ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهَا بِإِعْتَاقِهَا فَلَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهَا.
(وَإِنْ ضَرَبَ غَيْرُ سَيِّدٍ بَطْنَ أَمَةٍ فَعَتَقَتْ مَعَ جَنِينِهَا) بِأَنْ كَانَ عِتْقُهَا مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ فَوَجَدَتْ أَوْ نَجَزَ السَّيِّدُ عِتْقَهَا (أَوْ عِتْقَ) الْجَنِينِ (وَحْدَهُ) بِأَنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ (ثُمَّ أَسْقَطَتْ فَفِيهِ غُرَّةٌ) لِأَنَّهُ سَقَطَ حُرًّا وَالْعِبْرَةُ بِحَالِ السُّقُوطِ لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ فِيهِ بِشَيْءٍ (وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ) حُرًّا (مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ فَفِيهِ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ) وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا دِيَةً مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ وَأَخَذَ غُرَّةً) قِيمَتُهَا عُشْرُ (الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ أُمِّهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى الدِّينِ الْأَكْثَرِ دِيَةً لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَّبِعُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهِ دِينًا (وَإِنْ سَقَطَ الْجَنِينُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ دِيَةُ حُرٍّ إنْ كَانَ حُرًّا) ذَكَرًا إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إنْ كَانَ أُنْثَى (أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا إذَا كَانَ سُقُوطُهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا إذَا ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ بِاسْتِهْلَالِهِ) أَيْ صُرَاخِهِ (أَوْ ارْتِضَاعِهِ أَوْ تَنَفُّسِهِ أَوْ عُطَاسِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُعْلَمُ بِهِ حَيَاتُهُ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَرَّكُ بِالِاخْتِلَاجِ وَسَبَبٌ آخَرُ وَهُوَ خُرُوجُهُ مِنْ مَضِيقٍ فَإِنَّ اللَّحْمَ يَخْتَلِج سِيَّمَا إذَا عُصِرَ ثُمَّ نَزَلَ فَلَمْ تَثْبُتْ بِذَلِكَ حَيَاتُهُ.
(وَ) إنْ سَقَطَ حَيًّا (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيِّتَةِ) لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ وَيَجُوزُ بَقَاؤُهَا أَشْبَهَ الْمَيِّتِ.
(وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا فَجَاءَ آخَرُ فَقَتَلَهُ وَكَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ إذَا كَانَ) قَتْلُهُ (عَمْدًا) لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ (أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً) مَعَ الْعَفْوِ وَفِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (إذَا كَانَ سُقُوطُهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ) وَإِلَّا فَهُوَ كَالْجَانِي عَلَى مَيِّتٍ يُعَزِّرُ فَقَطْ وَالْغُرَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بَلْ كَانَتْ حَرَكَتُهُ كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لِقَاتِلٍ هُوَ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَيُؤَدَّب الثَّانِي) كَالْجَانِي عَلَى مَيِّت (وَإِنْ بَقِيَ الْجَنِينُ) بَعْدَ الْوَضْعِ (حَيًّا وَبَقِيَ زَمَنًا سَالِمًا لَا أَلَمَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الضَّارِبُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ جِنَايَتِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَانِي وَوَارِثُ الْجَنِينِ (فِي خُرُوجِهِ حَيًّا فَقَوْلُ جَانٍ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُج حَيًّا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَإِنْ كَانَ ثُمَّ بَيِّنَةً عَمِلَ بِهَا،.
(فَصْل وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ ضَرَبَهَا فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا فَأَنْكَرَ) الضَّرْبَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ) بِالضَّرْبِ (أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ ضَرَبَهَا وَأَنْكَرَ إسْقَاطَهَا فَقَوْلُهُ أَيْضًا مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إسْقَاطَهَا) لَا عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَإِنْ ثَبَتَ الْإِسْقَاطُ وَالضَّرْبُ وَادَّعَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَأَنْكَرَتْهُ فَإِنْ كَانَتْ أَسْقَطَتْهُ عَقِبَ ضَرْبِهَا ف) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْ الضَّرْبِ لِوُجُودِهِ عَقِبَهُ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لَأَنْ يَكُونَ سَبَبًا لَهُ (وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا ضَرَبَتْ نَفْسَهَا أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً أَسْقَطَتْ مِنْهُ فَقَوْلُهَا) وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَإِنْ أَسْقَطَتْ بَعْدَ الضَّرْبِ بِأَيَّامٍ وَبَقِيَتْ سَالِمَةً إلَى حِينِ الْإِسْقَاطِ فَقَوْلُهَا أَيْضًا) لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَالِمَةً فَقَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (كَمَا لَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَلَمْ يَبْقَ مُتَأَلِّمًا وَلَا ضَمِنًا وَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ) لَمْ يَضْمَنْهُ الضَّارِبُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَوْتُهُ بِجِنَايَتِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي وُجُودِ التَّأَلُّمِ) بِأَنْ قَالَتْ بَقِيَتْ مُتَأَلِّمَةً إلَى الْإِسْقَاطِ أَنْكَرَ الْجَانِي (فَقَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِادِّعَائِهِ الْأَصْلِ (وَإِنْ تَأَلَّمَتْ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَادَّعَى) الْجَانِي (بُرْأَهَا) فَأَنْكَرَتْهُ (فَقَوْلُهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ (وَإِنْ قَالَتْ سَقَطَ حَيًّا) لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (وَقَالَ) سَقَطَ مَيِّتًا فَفِيهِ غُرَّةٌ (فَقَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ) أَيْ مَا وَلَدَتْهُ (وَقَالَتْ) وَلَدْتُهُ (لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ وَأَنْكَرَ) هَا الْجَانِي (فَقَوْلُهَا) مَعَ يَمِينِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا وَلَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَقَبِلَ قَوْلِهَا فِيهِ كَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَوُجُودُ حَيْضِهَا وَطُهْرِهَا.
(وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً بِاسْتِهْلَالِهِ وَأَقَامَ) الْجَانِي (بَيِّنَةً بِخِلَافِهَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهَا) لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ وَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (وَإِنْ قَالَتْ مَاتَ) الْوَلَدُ (عَقِبَ الْإِسْقَاطِ وَقَالَ) الْجَانِي (عَاشَ مُدَّةً) ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْجِنَايَةِ (فَقَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا اعْتِبَارًا بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ (وَمَعَ التَّعَارُضِ) بِأَنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ تَقَدَّمَ بِبَيِّنَتِهِ لِأَنَّهَا وَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ (وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ عَاشَ مُدَّةً فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ بَقِيَ مُتَأَلِّمًا حَتَّى مَاتَ فَأَنْكَرَ فَقَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأَلُّمِ (وَمَعَ التَّعَارُضِ تُقَدِّمُ بَيِّنَتَهَا) لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ (وَيُقْبَلُ فِي اسْتِهْلَالِ الْجَنِينِ وَ) فِي (سُقُوطِهِ وَ) فِي (بَقَائِهِ مُتَأَلِّمًا أَوْ بَقَاءِ أُمِّهِ مُتَأَلِّمَةً قَوْلَ امْرَأَةٍ عَدْلٍ) لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ الرَّجُلُ غَالِبًا.
(وَإِنْ اعْتَرَفَ الْجَانِي بِاسْتِهْلَالِهِ أَوْ مَا يُوجَبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ) أَيْ الْجَانِي لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ اعْتِرَافًا (وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ فِيهِ الْغُرَّةَ) لِكَوْنِهِ مَاتَ مَعَ أُمِّهِ أَوْ بَعْدَهَا بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ (فَهِيَ) أَيْ الْغُرَّةُ (عَلَى الْعَاقِلَةِ وَبَاقِي الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ) لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ (وَكُلّ مَنْ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ ف) هُوَ (مَعَ يَمِينِهِ) كَمَا سَبَقَ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ خَصْمِهِ.
(فَصْل وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْهَا جَنِينَانِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَاسْتَهَلَّ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ وَسَقَطَ الْآخَرُ مَيِّتًا وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ اسْتِهْلَالِ أَحَدِهِمَا (وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسْتَهَلِّ فَقَالَ الْجَانِي هُوَ الْأُنْثَى وَقَالَ وَارِثُ الْجَنِينِ هُوَ الذَّكَرُ فَقَوْلُ الْجَانِي) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا زَادَ عَنْ دِيَةِ الْأُنْثَى (وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قَدِمَ بِهَا) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُظْهِرُ الْحَقَّ وَتُبَيِّنُهُ (وَإِنْ كَانَ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ وَجَبَتْ دِيَةُ الذَّكَرِ) لِثُبُوتِ اسْتِهْلَالِهِ وَالْبَيِّنَةُ الْمُعَارِضَةُ لَهَا نَافِيَةٌ وَلَمْ تَجِبْ دِيَةُ الْأُنْثَى لِعَدَمِ ادِّعَاءِ وَارِثِهَا إيَّاهَا (وَإِنْ) لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَ(اعْتَرَفَ الْجَانِي بِاسْتِهْلَالِ الذَّكَرِ فَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ) اسْتِهْلَالَهُ (فَقَوْلُهُمْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُمْ (فَإِذَا حَلَفُوا كَانَ عَلَيْهِمْ دِيَةُ الْأُنْثَى) لِاعْتِرَافِهِمْ بِاسْتِهْلَالِهَا (وَعَلَى الْجَانِي تَمَامُ دِيَةِ الذَّكَرِ وَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِاعْتِرَافِهِ.
(وَإِنْ اتَّفَقُوا) عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَهَلَّ (وَلَمْ يَعْرِفْ لَزِمَ) الْعَاقِلَةَ (دِيَةُ أُنْثَى) لِأَنَّهَا الْيَقِينُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ (وَتَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الَّذِي لَمْ يَسْتَهِلَّ) مِنْهُمَا بِكُلِّ حَالٍ (وَإِنْ ضَرَبَهَا) الْجَانِي (فَأَلْقَتْ يَدًا ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا فَإِنْ كَانَ إلْقَاؤُهُمَا مُتَقَارِبًا وَبَقِيَتْ الْمَرْأَةُ مُتَأَلِّمَةً إلَى أَنْ أَلْقَتْهُ دَخَلَتْ) دِيَةُ (الْيَدِ فِي ضَمَانِ الْجَنِينِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الضَّرْبَ قَطَعَ يَدَهُ وَسَرَى إلَى نَفْسِهِ (ثُمَّ إنْ كَانَ) الْجَنِينُ (سَقَطَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ لِمِثْلِهِ فَفِيهِ غُرَّةٌ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) إنْ سَقَطَ حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ (فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ بَقِيَ حَيًّا لَمْ يَمُتْ فَعَلَى الضَّارِبِ ضَمَانُ الْيَدِ بِدِيَتِهَا) كَمَا لَوْ جُنِيَ عَلَى إنْسَانٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ.
(وَإِنْ أَلْقَتْ الْيَدَ وَزَالَ الْأَلَمُ ثُمَّ أَلْقَتْ الْجَنِينَ ضَمِنَ الْيَدَ وَحْدَهَا) لِسُقُوطِهَا بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ بِخِلَافِ الْجَنِينِ (ثُمَّ إنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا لِوَقْتٍ لَا يَعِيشُ لِمِثْلِهِ فَفِي الْيَدِ نِصْفُ غُرَّةٍ) لِأَنَّ الْجَنِينَ لَوْ كَانَ مَضْمُونًا إذَنْ كَانَ فِيهِ غُرَّةٌ وَفِي الْيَدِ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ (وَإِنْ أَلْقَتْهُ) بَعْدَ إلْقَاءِ الْيَدِ (حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عَاشَ وَكَانَ بَيْنَ إلْقَاءِ الْيَدِ وَإِلْقَائِهِ مُدَّةً يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْحَيَاةُ لَمْ تُخْلَقْ فِيهِ) أَيْ الْجَنِينِ (قَبْلَهَا فَإِنْ قُلْنَ أَيْ الْقَوَابِلُ أَنَّهَا يَدٌ مَنْ لَمْ تُخْلَقْ فِيهِ الْحَيَاةُ أَوْ يَدُ مَنْ خُلِقَتْ فِيهِ) الْحَيَاةُ (وَلَمْ يَمْضِ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرِ) وَجَبَ فِي الْيَدِ نِصْفُ الْغُرَّةِ لِأَنَّهَا نِصْفُ مَا يَجِبُ فِي الْجَنِينِ إذَنْ (أَوْ أَشْكَلَ) الْحَالُ (عَلَيْهِنَّ وَجَبَ نِصْفُ غُرَّةٍ) لِأَنَّهُ يَقِينٌ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ قُلْتُ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفُصُولِ إذَا أَلْقَتْ يَدًا أَوْ نَحْوِهَا فِيهَا غُرَّةٌ لِأَنَّ ذَاكَ مَحَلَّهُ إذَا انْفَرَدَتْ وَمَا هُنَا إذَا كَانَتْ مَعَ جَنِينٍ (وَإِذَا شَرِبَتْ الْحَامِلُ دَوَاءً فَأَلْقَتْ بِهِ جَنِينًا فَعَلَيْهَا غُرَّةٌ لَا تَرِثُ مِنْهَا) شَيْئًا (لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ) لِجَنِينِهَا.
(وَإِنْ جُنِيَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا فَفِيهِ مَا نَقَصَهَا) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا نَقْصُهَا فَكَذَا فِي جَنِينِهَا.