فصل: (بَابُ الْقَسَامَةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(بَابُ الْقَسَامَةِ):

اسْم لِلْقَسَمِ أُقِيم مَقَامُ الْمَصْدَر مِنْ أَقْسَمَ إقْسَامًا وَقَسَامَةً فَهِيَ الْأَيْمَانُ إذَا كَثُرَتْ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ (وَهِيَ) شَرْعًا (أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومُ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِف أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْقَسَامَةِ فِي الْجَاهِلِيَّة الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ ا هـ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَنْصَارِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

.شروطُ ثبوتِ الْقَسَامَةِ:

(وَلَا تَثْبُتُ) الْقَسَامَةُ (إلَّا بِشُرُوطٍ) أَرْبَعَةٍ بَلْ عَشَرَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي:(أَحَدُهَا):

.(دَعْوَى الْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ):

لِأَنَّ كُلَّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ لَا يَثْبُتُ لِشَخْصٍ إلَّا بَعْدَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَهُ وَالْقَتْلُ مِنْ الْحُقُوقِ (عَلَى وَاحِدٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ» وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ ضَعِيفَة خُولِفَ بِهَا الْأَصْلُ لِدَلِيلٍ فِي الْوَاحِدِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ وَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ مَا عَدَاهُ (مُعَيَّنٍ) لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ عَلَى الْمُبْهَمِ (مُكَلَّفٍ) لِتَصِحَّ الدَّعْوَى (ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ مُلْتَزِمٍ) لِأَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ كَالذِّمِّيِّ لِعُمُومِ قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ» وَالْأُنْثَى كَالذَّكَرِ (ذَكَرًا كَانَ الْمَقْتُول أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا) لِأَنَّهُ قَتْلُ آدَمِيٍّ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فَشُرِعَتْ الْقَسَامَةُ فِيهِ كَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَلِأَنَّ مَا كَانَ حُجَّةً فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَانَ حُجَّةً فِي قَتْلِ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ (وَيُقْسِمُ عَلَى الْعَبْدِ) الْمَقْتُولِ (سَيِّدُهُ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ وَارِثه (وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ) قَبْلَ وُجُودِهَا (كَالْقِنِّ) لِيُقْسِمَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ.
قُلْتُ وَالْمُبَعَّض يُقْسِم عَلَيْهِ وَارِثُهُ وَسَيِّدُهُ بِحَسَبِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ (فَإِنْ قُتِلَ عَبْدًا لِمُكَاتِبٍ فَلِلْمُكَاتِبِ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى الْجَانِي) بِشُرُوطِهِ لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْمَقْتُولِ (وَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ) الْجَانِي (فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُقْسِمَ) عَلَيْهِ لِعَوْدِهِ إلَيْهِ هُوَ وَمَا كَانَ بِيَدِهِ (وَلَوْ اشْتَرَى) الْعَبْدُ (الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَة عَبْدًا أَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا فَقُتِلَ فَالْقَسَامَةُ لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ (دُونَهُ) أَيْ الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ مَلَكَ (وَلَا قَسَامَةَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجِرَاحِ وَالْأَطْرَافِ وَالْمَالِ غَيْرَ الْعَبْدِ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ ثَبَتَتْ فِي النَّفْسِ لِحُرْمَتِهَا فَاخْتَصَّتْ بِهَا كَالْكَفَّارَةِ (وَالدَّعْوَى فِيهَا كَ) الدَّعْوَى فِي (سَائِرِ الْحُقُوقِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ يَمِينًا وَاحِدَةً) لِأَنَّهَا دَعْوَى لَا قَسَامَةَ فِيهَا فَلَا تُغَلَّظُ بِالْعَدَدِ.
(وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْقَتْلَ مِنْ غَيْرِ وُجُودِ قَتِيلٍ وَلَا عَدَاوَةَ) فَالْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِعُمُومِ الْخَبَرِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ كَغَيْرِهِ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ) لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا فِي مَالِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ.
(وَ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ كَغَيْرِهِ فِي (الدَّعْوَى عَلَيْهِ) بِالْقَتْلِ (إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِمَالٍ أَوْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمهُ فِي حَالِ حَجْرِهِ) لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ وَيُتْبَعُ بِذَلِكَ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ (وَلَوْ جُرِحَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (مُسْلِمٌ فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ فَلَا قَسَامَةَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ.
(وَإِنْ مَاتَ) الْمَجْرُوحُ (مُسْلِمًا فَارْتَدَّ وَارِثُهُ قَبْلَ الْقَسَامَةِ فَلِذَلِكَ) أَيْ لَا قَسَامَةَ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُرْتَدِّ لِمَا لَهُ إمَّا أَنْ يَزُولَ أَوْ يَكُونُ مَوْقُوفًا وَحُقُوقُ الْمَالِ لَهَا حُكْمُهُ فَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ فَلَا حَقَّ لَهُ وَإِنْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ فَهُوَ قَبْلَ انْكِشَافِ حَالِهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِشَيْءٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ خُصُوصًا قَتْلَ مُسْلِمٍ (وَإِنْ ارْتَدَّ) الْوَارِثُ (قَبْلَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ كَانَتْ الْقَسَامَةُ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُرْتَدِّ (مِنْ الْوَارِثِ) لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ كَالْعَدَمِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ قَسَامَةِ غَيْرِهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَة قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ) أَيْ الْمُرْتَدُّ (فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ) لِعَدَمِ الْوَارِث الْخَاصِّ (وَإِنْ ارْتَدَّ رَجُلٌ فَقُتِلَ عَبْدُهُ أَوْ ارْتَدَّ) السَّيِّدُ.
(فَإِنْ عَادَ) السَّيِّدُ (إلَى الْإِسْلَامِ فَلَهُ الْقَسَامَةُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَرْتَدّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَنْ قُتِلَ لِلرِّدَّةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا (فَلَا) قَسَامَةَ لِعَدَمِ الْوَارِثِ الْخَاصِّ.

.(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الثَّانِي اللَّوْثُ وَلَوْ فِي الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ):

(وَاللَّوْثُ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ كَنَحْوِ مَا كَانَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ وَكَمَا بَيْنَ الْقَبَائِلِ الَّتِي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ وَمَا بَيْنَ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ بَيْنَهُمْ الدِّمَاءُ وَالْحُرُوبُ وَمَا بَيْنَ الْبُغَاةِ وَأَهْلِ الْعَدْلِ وَمَا بَيْنَ الشُّرَط) بِوَزْنِ رُطَب أَعْوَانُ السُّلْطَانِ الْوَاحِدِ شُرْطَة كَغُرْفَةِ وَشُرْطِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَاللُّصُوصُ) جَمْعُ لِصٍّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ السَّارِقُ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَالْمُخْتَلِسُ وَبَاطُّ الصَّفَنِ وَنَحْوِهِ.
(وَكُلُّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُولِ ضِغْنٌ) أَيْ حِقْدٌ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ قَتْلَهُ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنْ لَا تُشَرِّعَ الْقَسَامَةُ تَرْكَ الْعَمَل بِهِ فِي الْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ لِقِصَّةِ الْأَنْصَارِيِّ فِي الْقَتِيلِ بِخَيْبَرَ وَلَا يَجُوز الْقِيَاسُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ بِالْمَظِنَّةِ وَلَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ فِي الْمَظَانِّ لِعَدَمِ التَّسَاوِي بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْمُقْتَضَى.
(قَالَ الْقَاضِي يَجُوز لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى الْقَاتِلِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ عَنْ مَكَانِ الْقَتْلِ لِأَنَّ) النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَنْصَارِ «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» وَكَانُوا بِالْمَدِينَةِ وَالْقَتِيلُ بِخَيْبَرَ وَلِأَنَّ (لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ كَمَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مِنْ إنْسَانِ شَيْئًا فَجَاءَ آخَرُ يَدَّعِيهِ جَازَ) لِلْمُشْتَرِي (أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (لَا يَسْتَحِقُّهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِلْكٌ الَّذِي بَاعَهُ) لَهُ.
(وَكَذَلِكَ) فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ (إذَا وَجَدَ شَيْئًا بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ أَبِيهِ فِي دَفْتَرِهِ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ) إذَا عُلِمَ مِنْهُ الصِّدْقُ وَالْأَمَانَةُ وَإِنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا (وَكَذَلِكَ) فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ (إذَا بَاعَ شَيْئًا لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ عَيْبًا فَادَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَعِيبٌ وَأَرَادَ رَدّه كَانَ لَهُ) أَيْ الْبَائِعُ (أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ بَاعَهُ بَلْ يَأْمَنُ الْعَيْبَ) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقْبَل قَوْلَ الْبَائِعِ وَالْمَذْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي) لِلْقَتْلِ (إلَّا بَعْدَ الِاسْتِثْبَاتِ وَغَلَبَةِ ظَنٍّ تُقَارِبُ الْيَقِينَ) وَلِذَلِكَ لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ وَاتُّهِمَتْ الْيَهُودُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ لِقَاتِلِكُمْ قَالُوا كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ».
(وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعِظَهُمْ) وَيَقُولُ لَهُمْ اتَّقُوا اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الْآيَةَ (وَيُعَرِّفهُمْ مَا فِي الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ) مِنْ الْإِثْمِ وَإِنَّهَا تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ (وَيَدْخُلُ فِي اللَّوْث لَوْ حَصَلَ عَدَاوَةٌ بَيْن سَيِّدِ عَبْدٍ) وَغَيْرِهِ فَقَتَلَ الْعَبْدَ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى عَدُوِّهِ (وَ) يَدْخُلُ فِيهَا اللَّوْثُ أَيْضًا لَوْ حَصَلَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ (عَصَبَتِهِ) وَغَيْرِهِمْ وَقُتِلَ فَلِعَصَبَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ اكْتِفَاءً بِمَا بَيْن عَصَبَتِهِ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا لَوْ حَصَلَتْ عَدَاوَةٌ بَيْن سَيِّدٍ وَعَبْدِهِ (فَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي صَحْرَاءَ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرَ عَبْدِهِ كَانَ ذَلِكَ لَوْثًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ).
قُلْتُ لَعَلَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ (وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الْقَسَامَةُ) عَلَى الْعَبْدِ بِبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَة) بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَالْمَقْتُولُ أَوْ عَصَبَتِهِ أَوْ سَيِّدِهِ وَلَكِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ أَوْ كَانَتْ عَصَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ (أَوْ وُجِدَ قَتِيلًا عِنْد مَنْ مَعَهُ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ أَوْ فِي زِحَامٍ أَوْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْفُسَّاق أَوْ) شَهِدَ بِالْقَتْلِ (عَدْلٌ وَاحِدٌ وَفَسَقَةٌ أَوْ تَفَرَّقَ فِئَتَانِ عَنْ قَتِيلٍ أَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ) عَدْلَانِ (عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ أَوْ شَهِدَ) أَيْ الرَّجُلَانِ (أَنَّ هَذَا الْقَتِيلُ قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ إنْسَانًا قَتَلَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ) لَمْ يَثْبُتْ الْقَتْلُ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا وَالْمَنْصُوص يُثْبِتُ الْقَتْلَ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَالْمُبْدِعِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامُهُمْ فِي الشَّهَادَةِ.
(أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الرَّجُلَيْنِ عَلَى الْقَاتِلِ (أَنَّهُ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ) أَنَّهُ قَتَلَهُ (بِسِكِّينٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» الْخَبَرَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِلْقَسَامَةِ (مَعَ الْعَدَاوَةِ) الظَّاهِرَةِ (أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الْقَتْلُ غَيْرُ الْعَدُوِّ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ الْأَنْصَارَ هَلْ كَانَ بِخَيْبَرَ غَيْرَ الْيَهُودِ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ غَيْرِهِمْ فِيهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمْلَاكًا لِلْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُونَهَا لِأَخْذِ غِلَالِ أَمْلَاكِهِمْ (وَلَا) يُشْتَرَط لِلْقَسَامَةِ أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ بِالْقَتِيلِ أَثَرُ الْقَتْلِ كَدَمٍ فِي أُذُنِهِ أَوْ أَنْفِهِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ الْأَنْصَارَ هَلْ بِقَتِيلِهِمْ أَثَرٌ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ الْقَتْلَ يَحْصُلُ بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ كَضَمِّ الْوَجْهِ (وَقَوْل الْقَتِيل قَتَلَنِي فُلَانٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» الْخَبَرَ، وَأَمَّا قَوْلُ قَتِيلِ بَنِي إسْرَائِيلَ فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ قَسَامَةُ بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَمُعْجِزَاتِ نَبِيِّهِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَلِكَ فِي تَبْرِئَةِ الْمُتَّهَمِينَ فَلَا يَجُوزُ تَعْدِيَتُهُ إلَى تُهْمَةِ الْبَرِيئِينَ.
(وَمَتَى ادَّعَى) أَحَدٌ (الْقَتْلَ عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ) مَعَ عَدَمِ لَوْثٍ (أَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَوْضِعٍ فَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى قَاتِل مَعَ عَدَم اللَّوْث) أَيْ عَلَى أَحَد أَنَّهُ قَتَلَهُ (حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً وَبَرِئَ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَوْا عَلَى جَمَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا وَالتَّحْلِيفُ فِي إنْكَارِ دَعْوَى الْعَمْدِ رِوَايَةٌ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَالْقَوْلُ بِالْحَلِفِ هُوَ الْحَقُّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْن الْبَنَّاءِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَة الثَّانِيَةُ لَا يَمِينَ وَلَا غَيْرَهُ قَطَعَ بِهَا الْخِرَقِيُّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَقَدَّمَهَا فِي الْمُنْتَهَى (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَحْلِفُ (لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ) لِأَنَّهُ كَالْحَدِّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ (بَلْ) يَقْضِي عَلَيْهِ (بِدِيَةِ) الْقَتْلِ.

.(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الثَّالِثُ اتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ فِي الدَّعْوَى):

لِأَنَّهَا دَعْوَى قَتْلٍ فَاشْتُرِطَ اتِّفَاقُ جَمِيعُهُمْ فِيهَا كَالْقِصَاصِ (فَإِنْ كَذَّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ أَحَدُهُمْ قَتَلَهُ هَذَا وَقَالَ آخَرُ لَمْ يَقْتُلْهُ هَذَا أَوْ) قَالَ (بَلْ قَتَلَهُ هَذَا لَمْ تَثْبُتْ الْقَسَامَةُ عَدْلًا كَانَ الْمُكَذِّبُ أَوْ فَاسِقًا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ) أَيْ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ (فَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى) بِالْقَتْلِ (عَلَى أَهْلِ مَدِينَةٍ أَوْ) أَهْلِ (مَحَلَّةٍ أَوْ) عَلَى (وَاحِدٍ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لَمْ تُسْمَعْ) الدَّعْوَى لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى (فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ الْمُدَّعَى (أَحَدُهُمْ وَلَمْ يُوَافِقْهُ فِي الدَّعْوَى مِثْلَ أَنْ قَالَ أَحَدُهُمْ قَتَلَهُ هَذَا وَقَالَ الْآخَرَ لَا نَعْلَمُ قَاتِلَهُ لَمْ تَثْبُتْ) الْقَسَامَةُ (أَيْضًا) لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَيْنِ الْقَاتِلِ فَلَمْ تَثْبُتْ الْقَسَامَةُ كَمَا لَوْ كَذَّبَهُ وَلِأَنَّ الْحَقَّ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِأَيْمَانِهِمَا الَّتِي أُقِيمَتْ مَقَامَ الْبَيِّنَة وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ فِي الْأَيْمَانِ كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى.
(وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَد الْوَلِيَّيْنِ غَائِبًا فَادَّعَى الْحَاضِرُ دُونَ الْغَائِبِ) لَمْ يَثْبُتْ الْقَتْلُ (أَوْ ادَّعَيَا) أَيْ الْوَلِيَّانِ (جَمِيعًا عَلَى) شَخْصٍ (وَاحِدٍ وَنَكَل أَحَدُهُمَا عَنْ الْأَيْمَانِ لَمْ يَثْبُتْ الْقَتْلُ) لِعَدَمِ الْأَيْمَانِ مِنْهُمَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ فِيهَا (وَإِذَا قَالَ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْقَسَامَةِ غَلِطْتُ مَا هَذَا) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الَّذِي قَتَلَهُ) بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ (أَوْ) قَالَ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْقَسَامَةِ (ظَلَمْتُهُ بِدَعَاوَى الْقَتْلِ عَلَيْهِ) بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ لِاعْتِرَافِ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ (أَوْ) قَالَ الْوَلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ (كَانَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي بَلَد آخَرَ يَوْمَ قُتِلَ وَلِيِّي وَكَانَ بَيْنَهُمَا بُعْدٌ لَا يُمْكِنْهُ) أَيْ:
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَنْ يَقْتُلَهُ إذَا كَانَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ (بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ) لِاعْتِرَافِهِ بِكَذِبِ نَفْسِهِ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدّ مَا أَخَذَهُ) لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ.
(وَإِنْ قَالَ) الْوَلِيُّ (مَا أَخَذْتُهُ حَرَامٌ سُئِلَ) الْوَلِيُّ (عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنِّي كَذَبْتُ فِي دَعْوَايَ عَلَيْهِ بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ أَيْضًا) لِاعْتِرَافِهِ بِالْكَذِبِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَلِيُّ (أَرَدْتُ) بِقَوْلِي مَا أَخَذْتُهُ حَرَامٌ (أَنَّ الْأَيْمَانَ تَكُونُ فِي جَنَبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فِي جِهَتِهِ (لَمْ تَبْطُلْ) دَعْوَاهُ بِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَ) الْوَلِيُّ (هَذَا) أَيْ الْمَالُ (مَغْصُوبٌ وَأَقَرَّ بِمَنْ غَصَبَهُ مِنْهُ لَزِمَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدُّهُ) أَيْ رَدّ مَا أَخَذَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ مِنْهُ إنْ صَدَّقَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ) أَنَّهُ كَانَ غَصَبَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ بِبَدَلِهِ.
(وَإِنْ) قَالَ الْوَلِيُّ هَذَا حَرَامٌ (لَمْ يُقِرُّ بِهِ لِأَحَدٍ لَمْ تُرْفَعْ يَدُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ مُسْتَحِقُّهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (فِي مُرَادِهِ) بِقَوْلِهِ: هَذَا حَرَامٌ لِأَنَّهُ أَدْرَى (وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) بِالْقَتْلِ (بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْلِ فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُولِ لَا يُمْكِنُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَجِيئُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى بَلَدِ الْمَقْتُولِ (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَطَلَتْ الدَّعْوَى) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَتْلِ مِنْهُ إذَنْ (وَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَقْتُلْهُ لَمْ تُسْمَعْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ) كَمَا لَوْ شَهِدْت أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ غَيْرَ مَحْصُورٍ (فَإِنْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (مَا قَتَلَهُ فُلَانٌ بَلْ قَتَلَهُ فُلَانٌ سُمِعَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَعُمِلَ بِهَا لِأَنَّهَا عَلَى نَفْيِ مَحْصُورٍ كَقَوْلِهَا: هَذَا وَارِثُ زَيْدٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ (وَإِنْ قَالَ إنْسَانٌ: مَا قَتَلَهُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ أَنَا قَتَلْتُهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ (الْوَلِيُّ لَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (الْقَسَامَةُ) لِاحْتِمَالِ كَذِب الْمُقِرِّ (وَلَا يَلْزَمهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدّ الدِّيَةِ إنْ كَانَ أَخَذَهَا) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ ظُلْمُهُ.
(وَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ (الْوَلِيُّ أَوْ طَالَبَهُ) الْوَلِيُّ (بِمُوجِبِ الْقَتْلِ لَزِمَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (رَدّ مَا أَخَذَهُ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَبَطَلَتْ دَعْوَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْأَوَّلِ لِتَصْدِيقِ الْوَلِيّ أَنَّ الْقَاتِلَ الثَّانِي وَعَنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَحْيَا نَفْسًا (وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيُّ (مُطَالَبَةُ الثَّانِي بِالدِّيَةِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.
وَفِي الْمُنْتَهَى فِي الْجِنَايَاتِ: وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي بَعْدَ إقْرَارِ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ.

.(فَصْلٌ) الشَّرْطُ (الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّعِيَيْنِ) لِلْقَتْلِ:

(ذُكُورٌ مُكَلَّفُونَ وَلَوْ وَاحِدًا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقْسِمُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ» وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا قَتْلُ الْعَمْدِ فَاعْتُبِرَ كَوْنُهَا مِنْ رِجَالٍ عُقَلَاءَ كَالشَّهَادَةِ (فَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ) فِي الْقَسَامَةِ فَلَا يُسْتَحْلَفْنَ لِمَفْهُومِ مَا سَبَقَ.
(وَ) لَا (الْخَنَاثَى) لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ (وَ) لَا مَدْخَلَ أَيْضًا (لِلصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ فِي الْقَسَامَةِ) لِأَنَّ قَوْلَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَمْ يُقْبَلْ فَكَذَا لَا يُقْبَلْ قَوْلُهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا (عَمْدً كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً) لِأَنَّ الْخَطَأَ أَحَدُ الْقَتْلَيْنِ أَشْبَهَ الْآخَرَ لَا يُقَالُ الْخَطَأُ يُثْبِتُ الْمَالَ وَلِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ فِيهِ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ ضِمْنًا لِثُبُوتِ الْقَتْلِ وَمِثْلُهُ لَا يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ.
بِدَلِيلِ مَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا لِيَرِثَهَا وَأَقَامَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ (فَيُقْسِمُ الرِّجَالُ الْعُقَلَاءُ فَقَطْ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَالْحَقُّ) فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ (لِلْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا مُكَلَّفِينَ أَوْ لَا (وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (لَا مَدْخَلَ لَهُمْ) فِي الْقَسَامَةِ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (فَكَمَا لَوْ نَكَل الْوَرَثَةُ) فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَأُ (فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَارِثِينَ (اثْنَيْنِ فَأَكْثَر الْبَعْضُ غَائِبٌ أَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَوْ نَاكِلٍ عَنْ الْيَمِينِ فَلِحَاضِرٍ مُكَلَّفٍ أَنْ يَحْلِفَ بِقِسْطِهِ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حَقٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَقِيَامُ الْمَانِعِ بِصَاحِبِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ حَلِفِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ نَصِيبَهُ وَكَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا حَلَفَ بِقِسْطِهِ لِأَنَّ لَوْ كَانَ الْجَمِيعُ حَاضِرِينَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ مِنْ الْإِيمَان فَكَذَا مَعَ الْمَانِعِ.
هَذَا (وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى) بِالْقَتْلِ (خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَقِلَ الْمَجْنُونُ حَلَفَ مَا يَخُصّهُ وَأَخَذَ مِنْ الدِّيَة بِقِسْطِهِ) لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَيْمَانِ صَاحِبِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَإِنْ كَانَتْ) الدَّعْوَى بِالْقَتْلِ (عَمْدًا لَمْ تَثْبُتْ الْقَسَامَةُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيَبْلُغُ الصَّغِيرُ وَيَعْقِل الْمَجْنُونُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ وَالْبَيِّنَةُ أَيْمَانُ الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ) وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهُ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَيُشْتَرَط) لِلْقَسَامَةِ (أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُدَّعِينَ بَيِّنَةٌ) فَإِنْ كَانَ قُضِيَ لَهُمْ بِهَا وَلَا قَسَامَةَ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (تَكْلِيفُ قَاتِلٍ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ (وَ) يُشْتَرَط أَيْضًا (إمْكَانُ الْقَتْلِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا كَبَقِيَّةِ الدَّعَاوَى (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (صِفَةُ الْقَتْلِ) أَيْ أَنْ يَصِفَ الْقَتْلَ فِي الدَّعْوَى فَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ حَاكِمٌ قَبْلَ تَفْصِيلِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (طَلَبُ الْوَرَثَةِ) جَمِيعُهُمْ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (اتِّفَاقُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةُ (عَلَى الْقَتْلِ وَ) عَلَى (عَيْنِ الْقَاتِلِ وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ) مُفَصَّلًا (وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ (أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى بِقَتْلِ عَمْدٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ) لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حُجَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِهَا الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ (فَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مِمَّنْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ يَقْتُلُ كَافِرًا أَوْ الْحُرِّ يَقْتُلُ عَبْدًا سُمِعَتْ الْقَسَامَةُ) كَالْخَطَإِ (لَكِنْ إنْ كَانَ عَلَى قَتْلِ عَمْدٍ مَحْضٍ لَمْ يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ) لِخَبَرِ سَهْلٍ (وَكَذَا إنْ كَانَ) الْقَتْلُ (خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) لَمْ يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ كَالْعَمْدِ (إنْ قُلْنَا تَجْرِي فِيهِمَا) أَيْ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ (الْقَسَامَةُ) وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا.
(فَصْلٌ وَيَبْدَأُ فِي الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ) عُدُولًا كَانُوا أَوْ لَا نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ» (فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ (بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ قَتَلَهُ) لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مَقَامُ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ.
(وَ) إذَا حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُ قَتَلَهُ (ثَبَتَ حَقُّهُمْ قِبَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفُوا) أَيْ الْمُدَّعُونَ (حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ امْرَأَةً خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ قَالُوا: كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ: فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا قَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ أَقْوَالَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ قَالَ: فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
(وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ الْيَمِينِ كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ كَمَا يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (عَلَيْهِ وَ) يُعْتَبَرُ (حُضُورُ الْمُدَّعِي أَيْضًا) وَقْتَ الْيَمِينِ كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَتَخْتَصُّ الْأَيْمَانُ بِالْوَرَثَةِ) لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ فِي دَعْوَى فَلَمْ تُشْرَعْ فِي حَقِّ غَيْرِ الْوَارِث كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ (الذُّكُورُ) الْمُكَلَّفِينَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ وَالْخَنَاثَى وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ (دُونَ غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ الْوُرَّاثِ الذُّكُورِ (فَتُقْسَمُ) الْأَيْمَانُ (بَيْنَ الرِّجَالِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً) لِأَنَّ مُوجِبَهَا الدِّيَةُ وَهِيَ تُقْسَمُ كَذَلِكَ فَكَذَا يَجِبُ أَنْ تُقْسَمَ هِيَ (وَإِنْ كَانَ) الْوَارِثُ رَجُلًا (وَاحِدًا حَلَفَهَا) أَيْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الرِّجَالُ الْوَارِثُونَ (خَمْسِينَ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (يَمِينًا) وَاحِدَةً تَعْدِيلًا بَيْنَهُمْ.
(وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ) مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا (حَلَفَ مِنْهُمْ خَمْسُونَ) رَجُلًا (كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (يَمِينًا) وَاحِدَةً لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ» (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْوُرَّاثُ (أَقَلَّ) مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا (فَإِنْ انْقَسَمَتْ) الْخَمْسُونَ عَلَيْهِمْ (مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ مِثْلَ أَنْ يَخْلُفَ الْمَقْتُولُ ابْنَيْنِ أَوْ) خَلَّفَ (أَخًا وَزَوْجًا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَة وَعِشْرِينَ يَمِينًا) لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْرُ إرْث كُلٍّ مِنْهُمَا (وَإِنْ كَانَ فِيهَا كَسْرٌ جُبِرَ) الْكَسْرُ (عَلَيْهِمْ كَزَوْجٍ وَابْنٍ يَحْلِفُ الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ عَشَر يَمِينًا وَ) يَحْلِفُ (الِابْنُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ) يَمِينًا لِأَنَّ تَكْمِيلَ الْخَمْسِينَ وَاجِبٌ وَلَا يُمْكِنُ تَبْعِيضُهَا وَالْجَبْرُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ لِعَدَمِ الْمَزِيَّةِ فَالزَّوْجُ لَهُ الرُّبْعُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْف فَيَكْمُلُ وَالِابْنُ لَهُ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْف فَيَكْمُلُ فَيَصِيرُ كَمَا ذُكِرَ.
(وَإِنْ كَانُوا) أَيْ الْوُرَّاثُ (ثَلَاثَةَ بَنِينَ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (سَبْعَةَ عَشَرَ) يَمِينًا لِأَنَّ لِكُلِّ ابْنٍ ثَلَاثَةُ أَيْمَان سِتَّةَ عَشَرَ يَمِينًا وَثُلُثَيْنِ ثُمَّ يَكْمُلُ (وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ) أَيْ الْوُرَّاث (مَنْ لَا قَسَامَةَ عَلَيْهِ لِحَالٍ كَالنِّسَاءِ) الْخَنَاثَى (سَقَطَ حُكْمُهُ) لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْقَسَامَةِ (فَابْنٌ وَبِنْتٌ يَحْلِف الِابْنُ خَمْسِينَ) يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ الْبِنْتُ (وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ) أَوْ لِأَبٍ فَقَطْ (وَأَخٌ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ) فَقَطْ (قُسِمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ) دُونَ الْأُخْتَيْنِ (عَلَى أَحَدِ عَشَرَ) لِأَنَّهَا سِهَامَ الْأَخَوَيْنِ مِنْ مُصَحِّحِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّ أَصْلَهَا مِنْ ثَلَاثَةِ مَخْرَجٍ الثُّلُثُ لِوَلَدَيْ الْأُمِّ وَاحِدٌ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا وَلِوَلَدَيْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَالِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ مُتَبَايِنَانِ مُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ هِيَ جُزْءُ السَّهْمِ فَاضْرِبْهَا فِي ثَلَاثَةٍ يَحْصُلُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمِنْهَا تَصِحُّ حِصَّةُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ثَمَانِيَةً وَحِصَّةُ الْأَخِ لِأُمٍّ ثَلَاثَةً وَمَجْمُوع ذَلِكَ أَحَدَ عَشَرَ.
فَلِذَلِكَ قَالَ (عَلَى الْأَخ مِنْ الْأَبَوَيْنِ) أَوْ لِأَبٍ (ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى الْأَخ لِأُمٍّ ثَلَاثَةٌ) فَيَحْصُلُ فِي قِسْمَةِ الْخَمْسِينَ عَلَى الْأَحَدِ عَشَرَ كَسْرٌ (ثُمَّ يُجْبَرُ الْكَسْرُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفُ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ وَ) يَحْلِفُ الْأَخُ (الْآخَرُ) وَهُوَ الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ فَقَطْ (أَرْبَعَ عَشْرَةَ) يَمِينًا.