فصل: فَصْلٌ: (الْقَسْمُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمَا):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.فَصْلٌ: (الْقَسْمُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمَا):

(أَوْ) تَكُونَ (فِي غَيْرِ يَدِ أَحَدٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَيَتَحَالَفَانِ وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ، لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِهَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ لِعَدَمِ الْيَدِ فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمَا، وَتَحْتَ هَذَا الْقِسْمِ حَالَانِ مِنْ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا فِي الْمُنْتَهَى كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
(وَكَذَا إنْ نَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا (لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ مَا فِي يَدِ الْآخَرِ بِنُكُولِهِ) عَلَى الْيَمِينِ لَهُ (وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ الْآخَر قَضَى لَهُ) أَيْ لِلَّذِي حَلَفَ (بِجَمِيعِهَا) أَيْ جَمِيعِ الْعَيْنِ النِّصْفِ بِحَلِفِهِ لِكَوْنِهِ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَيْهِ وَالنِّصْفِ الْآخَرِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ (فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا) أَيْ الْعَيْنِ (فَمَا دُونُ) بِالْبِنَاءِ عَلَى الضَّمِّ لَحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةُ مَعْنَاهُ أَيْ فَأَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) ادَّعَى (الْآخَرُ أَكْثَرَ مِنْ بَقِيَّتِهَا أَوْ) ادَّعَى الْآخَرُ (كُلَّهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ وَاضِعُ يَدِهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلَا رَافِعَ لِيَدِهِ وَالْبَاقِي لِمُدَّعِي الْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ بِلَا يَمِينٍ لِعَدَمِ التَّنَازُعِ لَهُ فِيهِ.
(وَإِنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً وَهِيَ السَّدُّ الَّذِي يَرُدُّ مَاءَ النَّهْرِ مِنْ جَانِبِهِ حَاجِزٌ بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الْآخَرِ تَحَالَفَا وَهِيَ) أَيْ الْمُسَنَّاةُ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ لِأَنَّهَا حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا يَنْتَفِعُ بِهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَشْبَهَ الْحَائِطَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ (وَكَذَا إنْ نَكَلَا) عَنْ الْيَمِينِ تَنَاصَفَاهَا (لِأَنَّهَا حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، وَإِنْ تَنَازَعَا صَغِيرًا دُونَ التَّمْيِيزِ فِي أَيْدِيهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ (رَقِيقٌ) لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَيَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِيهِ لَا رُجْحَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (وَيَتَحَالَفَانِ) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ.
(وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ إذَا بَلَغَ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَيْ يَدِ مُدَّعِي الرِّقَّ (عَلَى الْمِلْكِ مِثْلُ أَنْ يَلْتَقِطَهُ) ثُمَّ يَدَّعِي رِقَّهُ (فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِرِقِّهِ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ) لِأَنَّهَا الظَّاهِرُ وَالْأَصْلُ فِي بَنِي آدَمَ وَالرِّقُّ طَارِئٌ (وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ وَاضِعِي الْيَدِ عَلَى طِفْلٍ (بَيِّنَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ مَا فِي يَدِ الْآخَرِ بِبَيِّنَةٍ (وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى (مُمَيِّزًا فَقَالَ إنِّي حُرٌّ فَهُوَ حُرٌّ) فَيُخَلَّى إلَى حَالِ سَبِيلِهِ وَيَمْنَعَانِ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي ابْنِ آدَمَ (إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ كَالْبَالِغِ إلَّا أَنَّ الْبَالِغَ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ ثَبَتَ رِقُّهُ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْمُمَيِّزِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَلِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِالْوَصِيَّةِ وَأَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ.
(وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمُدَّعَيْنِ لِلْعَيْنِ (بَيِّنَةٌ بِالْعَيْنِ) الْمُدَّعَى بِهَا بِيَدِهَا أَوْ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ (حُكِمَ لَهُ بِهَا) لِرُجْحَانٍ بِالْبَيِّنَةِ (وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ لَمْ يُقَدِّمْ أَسْبَقَهَا تَارِيخًا بَلْ) هُمَا (سَوَاءٌ) خِلَافًا لِلْقَاضِي.
قَالَ يُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا لِأَنَّ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالتَّارِيخِ الْمُقَدَّمِ أَثْبَتَتْ لَهُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ لَمْ تُعَارِضْهُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى وَتَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَسَقَطَتَا فَبَقِيَ مِلْكُ السَّابِقِ تَحْتَ اسْتِدَامَتِهِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ أَحَقُّ بِالتَّرْجِيحِ لِجَوَازِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ دُونَ الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَنَحْوَهُ لَقُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ اتِّفَاقًا، فَإِذَا لَمْ يُرَجَّحْ بِهَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ التَّسَاوِي وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةٍ مَمْنُوعٌ لِثُبُوتِهِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِأَنْ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ.
(فَإِنْ وُقِيَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ (وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى وَالْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا) فَهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إحْدَاهُمَا مَا يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ مِنْ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ وَلَا غَيْرِهِ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ كَنِتَاجٍ بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ (أَوْ) شَهِدَتْ بِ (سَبَبِ غَيْرِهِ) كَشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ.
(وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ وَحْدَهُ أَوْ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا بِالْمِلْكِ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةُ الْآخَرِ بِالْمِلْكِ مُنْذُ شَهْرٍ وَلَمْ تَقُلْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَهُمَا سَوَاءٌ) لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَسَاوَيَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهُوَ مِلْكُ الْعَيْنِ الْآنَ فَوَجَبَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْحُكْمِ.
(وَلَا تُقَدَّمُ إحْدَاهُمَا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ) كَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ وَالْأُخْرَى رَجُلَيْنِ (وَلَا اشْتِهَارُ الْعَدَالَةِ وَلَا الرِّجَالُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَلَا الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِد وَالْيَمِين) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مُقَدَّرَةٌ بِالشَّرْعِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِالزِّيَادَةِ، وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ حُجَّةٌ مُفْرَدَةٌ فَأَشْبَهَ الرَّجُلَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ (وَإِنْ تَسَاوَتَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعَارَضَتَا وَتَحَالَفَا فِيمَا بِيَدِهِمَا وَقُسِّمَتْ) الْعَيْنُ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي وَضْعِ الْيَدِ (وَأُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا (مَا لَمْ تَكُنْ) الْعَيْنُ (فِي يَدِ أَحَدٍ) مِنْهُمَا وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَهَكَذَا فِي الْمُنْتَهَى وَأَصْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا يَتَنَاصَفَانِ تَبَعًا لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَانَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (أَوْ) كَانَتْ الْعَيْنُ (بِيَدِ ثَالِثٍ وَلَمْ يُنَازَعْ) فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا (وَكَانَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَيَسْقُطَانِ) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (بِالتَّعَارُضِ) وَهُوَ التَّسَاوِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ وَشَهِدَتْ) لَهُ (الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ سُمِعَتْ) الشَّهَادَةُ (وَإِنْ لَمْ تَقُلْ) الْبَيِّنَةُ (وَهِيَ مِلْكُهُ لَمْ تُسْمَعْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ (وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ) وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ (تَعَارَضَتَا) جَوَابٌ وَإِنْ ادَّعَى وَقَوْلُهُ سَمِعْتُ وَمَا بَعْدَهُ اعْتِرَاضٌ (حَتَّى وَلَوْ أُرِّخَا) قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِنْصَافِ حَيْثُ قَالَ: مُرَادُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَرَّخَا.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي أَيْدِيهِمَا تَحَالَفَا وَتَنَاصَفَاهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ ثَالِثٍ لَمْ يُنَازَعْ أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ صَاحِبَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا (وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لِلْخَارِجِ) لِتَقْدِيمِ بَيِّنَتِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ (وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِأَبِي خَلَّفَهَا تَرِكَةً وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا فَهِيَ) أَيْ الدَّارُ (لِلْمَرْأَةِ دَاخِلَةً كَانَتْ أَوْ خَارِجَةً لِأَنَّ بَيِّنَتَهَا شَهِدَتْ بِالسَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِنَقْلِ الْمِلْكِ كَبَيِّنَةِ مِلْكٍ عَلَى بَيِّنَةٍ يَدٍ).
فَائِدَةٌ:
قَالَ الْغَزِّيِّ إذَا تَعَارَضَ الْمُسْقِطُ وَالْمُوجِبُ جُعِلَ الْمُسْقِطُ آخِرًا كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا أَوْ عَيْنًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَقْرَرْتَ أَنْ لَا دَعْوَى وَلَا خُصُومَةَ لَك عَلَيَّ وَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَانْدَفَعَتْ الدَّعْوَى، وَلَوْ احْتَمَلَ أَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ بُعْدِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ وَالْمُوجِبَ إذَا تَعَارَضَا جُعِلَ الْمُسْقِطُ آخِرًا إذَا السُّقُوطُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ.
وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ الدَّعَاوَى كُلِّهَا فِي سَنَةِ كَذَا صَحَّ هَذَا الدَّفْعُ.

.(فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا):

(فَإِنْ ادَّعَاهَا) مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (لِنَفْسِهِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَيْنِ الثَّانِي فَوَجَبَ أَنْ يَحْلِفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا (فَإِنْ نَكَلَ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْيَمِينَيْنِ (أَخَذَاهَا) أَيْ الْعَيْنَ (مِنْهُ أَوْ) أَخَذَا (بَدَلَهَا) مِنْهُ وَهُوَ مِثْلُهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَقِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً لِأَنَّ الْعَيْنَ فَاتَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا بِتَفْرِيطِهِ فِي الْحَلِفِ لَهُ (وَاقْتَرَعَا) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْعَيْنِ وَبَدَلِهَا لِأَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ بِالْعَيْنِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَوَجَبَتْ الْقُرْعَةُ لِتَعْيِينِهِ (وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهَا) أَيْ الْعَيْنَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ (لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ وَلَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ) بِهَا لِأَحَدِهِمَا (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.
(فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ) لِصَاحِبِهِ (وَأَخَذَهَا) لِتَرَجُّحِهِ بِالْقُرْعَةِ (فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَبْدًا مُكَلَّفًا فَأَقَرَّ) الْعَبْدُ بِالرِّقِّ (لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى وَاحِدًا وَأَقَرَّ لَهُ (وَإِنْ صَدَّقَهُمَا) الْعَبْدُ (فَهُوَ لَهُمَا) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ لَهُمَا.
(وَإِنْ جَحَدَهُمَا) وَقَالَ إنَّهُ حُرٌّ (قُبِلَ قَوْلُهُ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالرِّقُّ طَارِئٌ (وَإِنْ كَانَ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (غَيْرَ مُكَلَّفٍ لَمْ يُرَجَّحْ) أَحَدُهُمَا (بِإِقْرَارِهِ لَهُ) لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا (مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ) كَأَنْ يَقُولُ هِيَ لِزَيْدٍ مَثَلًا (حَلَفَ زَيْدٌ أَنَّهَا) لَهُ (وَأَخَذَهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ لَهُ بِهَا صَاحِبُ الْيَدِ صَارَتْ الْعَيْنُ كَأَنَّهَا فِي يَدِهِ فَيَكُونُ الْآخَرُ مُدَّعِيًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُنْكَرٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ) أَيْ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ إنْ الْتَمَسَ يَمِينَهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَخَافَ مِنْ الْيَمِينِ فَيُقِرُّ لِلْآخَرِ (فَإِنْ نَكِلَ) الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ لِلْآخَرِ (أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا) حُكْمًا عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا (الْمُقَرُّ لَهُ فَأَقَامَ) الْمُدَّعِي (الْآخَرُ بَيِّنَةً) أَنَّهَا لَهُ (أَخَذَهَا) لِتَرَجُّحِهِ.
(وَلِلْمُقَرِّ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُقِرِّ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يُعْرَفْ لِغَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى) وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (وَإِنْ أَقَرَّ) مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ (بِهَا لَهُمَا وَنَكِلَ عَنْ التَّعْيِينِ) بِأَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ هِيَ لَهُمَا (اقْتَسَمَاهَا) لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ (وَإِنْ قَالَ) مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ (هِيَ لِأَحَدِهِمَا وَأَجْهَلُهُ فَإِنْ صَدَّقَاهُ) عَلَى أَنَّهُ يَجْهَلُهُ (لَمْ يَحْلِفْ) لِتَصْدِيقِهِمَا لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَذَّبَاهُ (حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ (وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ لِلْعَيْنِ.
(فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا) لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَقَرَّ بِهَا لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ فَصَارَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ هُوَ صَاحِبُ الْيَدِ دُونَ الْآخَرِ فَبِالْقُرْعَةِ يَتَعَيَّنُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَحْلِفُ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَقْضِي لَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ عَبَثًا (ثُمَّ إنْ بَيَّنَهُ) أَيْ بَيَّنَ مَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ الْمُسْتَحِقُّ لَهَا بَعْدَ قَوْلِهِ هِيَ لِأَحَدِهِمَا أَجْهَلُهُ (قَبْلُ) كَبَيِّنَةِ ابْتِدَاءٍ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ مَنْ قَرَعَ أَخَذَهَا أَيْضًا أَيْ بِلَا يَمِينٍ (وَلَهُمَا) أَيْ: لِلْمُتَنَازِعَيْنِ اللَّذَيْنِ ادَّعَيَا الْعَيْنَ وَقَالَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِأَحَدِهِمَا وَأَجْهَلُهُ (الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَحْلِيفِهِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى يَمِينِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ صَدَّقَاهُ لَمْ تَنْتَفِ الْقُرْعَةُ (فَإِنْ نَكِلَ) مَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ عَنْ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ لِلْعَيْنِ (قُدِّمَتْ الْقُرْعَةُ) لِأَنَّ الْقُرْعَةَ تُعَيِّنُ الْمُقَرَّ لَهُ، فَإِذَا قَرَعَ صَاحِبَهُ كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ لَهُ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ.
(وَيَحْلِفُ) الْمُقِرُّ (لِلْمَقْرُوعِ إنْ أَكْذَبَهُ) فِي عَدَمِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ مَتَى صَدَّقَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ يَمِينٌ (فَإِنْ نَكِلَ) الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ (أُخِذَ مِنْهُ بَدَلُهَا) كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ (وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا) أَيْ أَنْكَرَ مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ كَوْنَهَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (وَلَمْ يُنَازِعْ أَقَرَعَ) بَيْنَ الْمُدَّعِيَيْنِ كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ (فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْآخَرِ) الْمَقْرُوعِ (فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ) لِمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيِّ لِأَنَّ قُرْعَتَهُ حُكْمٌ فَلَا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) الْعَيْنُ (بِيَدِ أَحَدٍ) وَتَنَازَعَهَا اثْنَانِ (فَهِيَ لِأَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَمُقَدَّمٌ فِي أَوَّلِ الْقِسْمِ الثَّانِي أَنَّهُمَا يَتَنَاصَفَاهَا (وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا) كَمَا لَوْ أَنْكَرَ رَبُّ الْيَدِ وَنَازَعَ (وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعَارَضَتَا) لِتَسَاوِيهِمَا فِي عَدَمِ الْيَدِ (سَوَاءٌ كَانَ مُقِرًّا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، لَا بِعَيْنِهِ أَوْ) كَانَتْ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا (لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ) فَيَصِيرَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (وَكَذَلِكَ إنْ أَنْكَرَهُمَا) وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا.
(ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ بَعْدَ إقَامَتِهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (لَمْ يُرَجَّحْ) الْمُقَرُّ لَهُ (بِذَلِكَ) الْإِقْرَارِ (وَحُكْمِ التَّعَارُضِ بِحَالِهِ) لِتَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَلَا تُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا بِرُجُوعِ الْيَدِ إلَى صَاحِبِهَا لِأَنَّهَا يَدٌ طَارِئَةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا (وَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ) فَيُعْمَلُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ.
(وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ لَهُ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا (قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَتَيْنِ، فَالْمُقَرُّ لَهُ) بِالْعَيْنِ (كَدَاخِلٍ وَالْآخَرُ كَخَارِجٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِيَدِهِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِخِلَافِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّ الْعَيْنَ انْتَقَلَتْ إلَى يَدِهِ بِإِقْرَارِ صَاحِبِ الْيَدِ (وَإِنْ ادَّعَاهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا (صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بَعْدَ التَّعَارُضِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَيْنِ اثْنَانِ فَوَجَبَ أَنْ يَحْلِفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا (وَهِيَ) أَيْ الْعَيْنُ (لَهُ) لِتَرَجُّحِ جَانِبِهِ بِوَضْعِ الْيَدِ (فَإِنْ نَكِلَ) عَنْ الْيَمِينِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (أَخَذَاهَا مِنْهُ وَ) أَخَذَا مِنْهُ (بَدَلَهَا) لِأَنَّ الْعَيْنَ فَاتَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا بِتَرْكِ الْيَمِينِ لِلْآخَرِ (وَاقْتَرَعَا عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْعَيْنِ وَبَدَلِهَا لِأَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ بِالْعَيْنِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَوَجَبَتْ الْقُرْعَةُ لِتَعْيِينِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ بِهَا لِغَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْمُدَّعِيَيْنِ لَهُمَا (فَتَقَدَّمَ) فِي بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ.
(وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ عَبْدٌ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ) وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ صَحَّحَتَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ (أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ زَيْدًا بَاعَهُ الْعَبْدَ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، وَادَّعَى الْآخَر أَنَّهُ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً) شَهِدَتْ بِدَعْوَاهُ (صَحَّحْنَا أَسْبَقَ التَّصَرُّفَيْنِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الثَّانِيَ صَادَفَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَبَطَلَ (وَإِلَّا) يُعْلَمُ التَّارِيخُ (تَعَارَضَتَا) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَكَذَا لَوْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَصْوَبُ: أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ لَمْ يَتَعَارَضَا، فَإِنَّهُ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدَانِ لَكِنْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ الْمَرْأَةَ وَجَهِلَ السَّابِقُ، فَإِمَّا أَنْ يُقْرَعَ أَوْ يَبْطُلَ الْعَقْدَانِ بِحُكْمٍ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ (وَكَذَا إنْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ نَفْسِهِ) وَادَّعَى أَنَّ زَيْدًا أَعْتَقَهُ وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ فَإِنْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهَذِهِ الْيَدِ (أَوْ) كَانَ الْعَبْدُ (بِيَدِ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمُدَّعِينَ لِشِرَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَهُ مِنْ زَيْدٍ إلْغَاءً لِهَذِهِ الْيَدِ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنَدِهَا وَهُوَ الدَّعْوَى الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ فَتَكُونُ عَادِيَّةً فَلَا تُرَجَّحُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهَذِهِ الْيَدِ، فَكَذَا هُنَا.
(وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ زَيْدٍ) وَادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ (فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ مَا إذَا ادَّعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا) عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ.
(وَإِنْ ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا سَقَطَتَا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَشْهَدُ بِضِدِّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى فَكَانَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ مَسْأَلَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ (وَإِنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَقَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بَلْ أَنَا حُرٌّ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا) وَتَسَاقَطَتَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ قُلْتُ وَيُخْلَى سَبِيلُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ طَارِئٌ وَلَمْ يَثْبُتْ (وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَادَّعَى) عَلَيْهِ (اثْنَانِ) ادَّعَى (كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنِّي بِثَمَنٍ سَمَّاهُ) الْمُدَّعِي (فَصَدَّقَهُمَا) مَنْ بِيَدِهِ الْعَبْدُ (لَزِمَهُ ثَمَنَانِ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (فَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ لَهُمَا وَبَرِئَ) لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ (وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا) وَحْدَهُ (وَأَقَامَ) أَحَدُهُمَا (بِهِ بَيِّنَةً لَزِمَهُ الثَّمَنُ) لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوْ لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ لِثُبُوتِ دَعْوَاهُ (وَحَلَفَ لِلْآخَرِ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُهُ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً مُطْلَقَتَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةً عُمِلَ بِهِمَا) لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَنَّهُمَا عَقْدَانِ وَقَدْ شَهِدَ بِهِمَا بَيِّنَتَانِ، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ إلَى الثَّانِي ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَيْضًا فَيُعْمَلُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَيُلْزَمُ بِالثَّمَنَيْنِ.
(وَإِنْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا) أَيْ الشِّرَاءَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَتْ بِهِمَا الْبَيِّنَتَانِ (تَعَارَضَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ وَصَارَا كَمَا لَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ (وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى آخَرَ (أَنَّهُ بَاعَنِي إيَّاهُ) أَيْ نَحْوَ الْعَبْدِ (بِأَلْفٍ وَأَقَامَ) بِدَعْوَاهُ (بَيِّنَةً قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا) لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ حَاصِلٌ لِمَنْ سَبَقَ فَالْعَقْدُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ (وَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي التَّارِيخِ (تَعَارَضَتَا) وَيَتَخَالَفَانِ وَيَتَنَاصَفَانِ الْعَبْدَ وَنَحْوَهُ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَاخِلَةٌ فِي إحْدَى النِّصْفَيْنِ خَارِجَةٌ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ، فَكَانَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلِكُلٍّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِع بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَأَنْ يَفْسَخَ وَيَرْجِعَ بِكُلِّهِ، وَأَنْ يَأْخُذَ كُلَّهَا مَعَ فَسْخِ الْآخَرِ وَإِنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا تَعَارَضَتَا فِي ذَلِكَ إذَنْ لَا فِي شِرَاءٍ لِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ.
فَيُقْبَلُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ بِيَمِينٍ لَهُمَا أَنَّ الْعَيْنَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا غَصَبَنِي) الْعَبْدُ وَنَحْوُهُ (وَقَالَ الْآخَرُ مَلَّكَنِيهِ أَوْ أَقَرَّ لِي بِهِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهُوَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ) لِأَنَّ عِنْدَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَهُوَ ثُبُوتُ الْيَدِ لَهُ وَالْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى إنَّمَا تَشْهَدُ بِتَصَرُّفِهِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا (وَلَا يَغْرَمُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِلْآخَرِ شَيْئًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ.
فَكَمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (وَإِنْ ادَّعَى) رَبُّ دَارٍ (أَنَّهُ أَجَّرَهُ الْبَيْتَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ) أَجَّرْتَنِي (كُلَّ الدَّارِ) بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً (تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا) أَيْ لَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مَا زَادَ عَلَى الْبَيْتِ (وَتَقَدَّمَ أَوَّل لَا طَرِيق الْحُكْمِ وَصِفَتُهُ مَا لَا يَصِحُّ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فِيهِ قَبْلَ الدَّعْوَى وَمَا يَصِحُّ) سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ فِيهِ قَبْلَهَا.
تَتِمَّةٌ:
نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ أَخَذَ مِنْ رَجُلَيْنِ ثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيَّهُمَا ثَوْبُ هَذَا مِنْ ثَوْبِ هَذَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَوْبًا مِنْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَادَّعَاهُ الْآخَرُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَأَخَذَ الثَّوْبَ الْجَيِّدَ وَالْآخَرُ لِلْآخَرِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا تَنَازَعَا ثَوْبًا بِيَدِ غَيْرِهِمَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.

.(بَابُ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ):

(التَّعَارُضُ: التَّعَادُلُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) يُقَالُ: تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ إذَا تَقَابَلَتَا وَعَارَضَ زَيْدًا عُمَرُ إذَا أَتَاهُ بِمِثْلِ مَا أَتَاهُ بِهِ وَتَعَارُضُ الْبَيِّنَتَيْنِ اخْتِلَافُهُمَا بِأَنْ تُثْبِتَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا نَفَتْهُ الْأُخْرَى حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَتَسَاقَطَانِ (إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ مَتَى قُتِلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ) أَيْ سَيِّدَهُ (قُتِلَ وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَتْلِ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ بِأَنْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَيِّنَةً أَنَّ سَيِّدَهُ قُتِلَ وَأَقَامَ وَرَثَتُهُ بَيِّنَةً) أَنَّهُ مَاتَ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَعَتَقَ) لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةً وَهُوَ الْقَتْلُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ مِتَّ فِي الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ) وَإِنْ مِتَّ (فِي صَفَرٍ فَغَانِمٌ حُرٌّ) وَمَاتَ (وَلَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ) بِمُوجِبِ عِتْقِهِ (وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ) مَوْتَهُ فِي الشَّهْرَيْنِ (فَقَوْلُهُمْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُمَا فِي الرِّقِّ (وَبَقِيَا عَلَى الرِّقِّ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي غَيْرِ الْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ (وَإِنْ أَقَرُّوا لِأَحَدِهِمَا) بِمُوجِبِ عِتْقِهِ (أَوْ أَقَامَ) بِهِ (بَيِّنَةَ عِتْقٍ) لِثُبُوتِ مُقْتَضِيهِ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ الْعَبْدَيْنِ (بَيِّنَةً بِمُوجِبِ عِتْقِهِ تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَنْفِي مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى (وَبَقِيَا عَلَى الرِّقِّ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَاتَ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَصَفَرٍ.
(وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ فِي أَحَدِ الشَّهْرَيْنِ) وَهُمَا الْمُحَرَّمُ وَصَفَرٌ وَلَمْ يُعْلَم عَيْنُهُ (أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا) لِلْعِلْمِ بِمُوجِبِ عِتْقِ أَحَدِهِمَا وَلَا مُعَيِّنَ لَهُ غَيْرَ الْقُرْعَةِ فَمَنْ قَرَعَ عَتَقَ (وَإِنْ قَالَ إنْ مِتُّ فِي مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئْتُ فَغَانِمٌ حُرٌّ وَجُهِلَ) كَوْنُهُ مَاتَ فِيهِ أَوْ بَرِئَ (ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَرِئَ أَوْ لَمْ يَبْرَأْ فَيُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِكُلِّ حَالٍ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُهُ فَيَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ.
(وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا وَبَقِيَا عَلَى الرِّقِّ) نَقَلَهُ فِي الْمُقْنِعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ تَنْفِي مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ فِي الْمُقْنِعِ وَالْقِيَاسِ أَنْ يُعْتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَزِيدَ فِي الشَّرْحِ مَا نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ (وَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ لِأَحَدِهِمَا بِمَا يُوجِبُ عِتْقَهُ عَتَقَ بِإِقْرَارِهِمْ وَكَذَا حُكْمُ) قَوْلِهِ (إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا) فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ بَرِئْتُ فَغَانِمٌ إذَا أَتَى عَنْ بَدَلٍ مِنْ فِي وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْعَبْدَيْنِ بَيِّنَةً (فِي التَّعَارُضِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَتَسَاقُطِهِمَا وَكَوْنِهِمَا يَبْقَيَانِ عَلَى الرِّقِّ أَوْ يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى مَا سَبَقَ.
(وَأَمَّا فِي الْجَهْلِ) أَيْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ (مَاتَ) وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (فَيُعْتَقُ سَالِمٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامَ الْمَرَضِ وَعَدَمَ الْبُرْءِ وَإِنْ أَتْلَفَ ثَوْبًا) وَنَحْوَهُ مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ تَعَدِّيًا أَوْ نَحْوَهُ (فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَهُ عِشْرُونَ وَ) شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ) أُخْرَى (أَنَّ قِيمَتَهُ ثَلَاثُونَ لَزِمَهُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَهُوَ عِشْرُونَ) دُون مَا تَعَارَضَتَا فِيهِ لِتَسَاقُطِهِمَا فِيهِ (وَكَذَا لَوْ كَانَ بِكُلِّ، قِيمَةٍ شَاهِدٌ) ثَبَتَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْآخَرِ) الشَّاهِدِ بِالْعَشَرَةِ الزَّائِدَةِ (عَلَى الْعَشَرَةِ كَمَا يَأْتِي آخِرُ الْبَابِ بَعْدَهُ) كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ مَعَ الْيَمِينِ نِصَابٌ لَا يُعَارِضُهُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: (لَوْ اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَانِ فِي قِيمَةِ عَيْنٍ قَائِمَةٍ لِيَتِيمٍ يُرِيدُ الْوَصِيُّ مَعَهَا أَخْذَ بَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ فِيمَا يَظْهَرُ) إنْ احْتَمَلَتْ وَإِلَّا فِيمَا يُصَدِّقُهَا الْحِسُّ.
(وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَجَّرَ حِصَّةَ مُوَلِّيهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَ) شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَجَّرَهَا (بِنِصْفِهَا) أَيْ بِنِصْفِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا أُخِذَ بِبَيِّنَةِ الْأَكْثَرِ حَيْثُ اُحْتُمِلَ (وَتَقَدَّمَ إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ وَابْنُهَا وَاخْتَلَفَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا فِي أَسْبِقْهُمَا) مَوْتًا (فِي)، بَابِ (مِيرَاثِ الْغَرْقَى) مُفَصَّلًا.