فصل: (فَصْلٌ): في تَتَابُعِ الاعْتِكَافِ وأحكامه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ): في تَتَابُعِ الاعْتِكَافِ وأحكامه:

(مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ كَمَنْ نَذَرَ شَهْرًا أَوْ أَيَّامًا مُتَتَابِعَةً وَنَحْوَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ)؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «السُّنَّةُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إجْمَاعًا، وَسَنَدُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَوْ بَطَلَ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِمَا لَمْ يَصِحَّ لِأَحَدٍ اعْتِكَافٌ وَكَنَّى بِهَا عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ يَحْتَاج إلَى فِعْلِهِمَا.
(وَ) كَ (قَيْءٍ بَغْتَةً وَغَسْلِ مُتَنَجِّسٍ يَحْتَاجُهُ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، (وَالطَّهَارَةِ عَنْ حَدَثٍ) كَغُسْلٍ جَنَابَةٍ وَوُضُوءٍ لِحَدَثٍ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجُنُبَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْمُحْدِثُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ بِدُونِ وُضُوءٍ (وَ لَا) يَخْرُجُ لِطَهَارَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَ(التَّجْدِيدِ وَلَهُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ: الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ (لِيُصَلِّيَ بِهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ)؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ لِلْحَدَثِ، وَإِنَّمَا يَتَقَدَّمُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ وَهِيَ كَوْنُهُ عَلَى وُضُوءٍ، وَرُبَّمَا يَحْتَاجُ إلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ، (وَ) لَهُ أَنْ (يَتَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ) وَيَغْتَسِلَ فِيهِ (بِلَا ضَرَرٍ) أَيْ: إذَا لَمْ يُؤْذِ بِهِمَا، (فَإِذَا خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ) فَلَهُ الْمَشْيُ عَلَى عَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ عَجَلَةٍ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِيهَا مَشَقَّةٌ وَ(لَهُ قَصْدُ بَيْتِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَلِيقُ بِهِ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا مِنْهُ كَسِقَايَةٍ) أَيْ مِيضَأَةٍ، (لَا يَحْتَشِمُ مِثْلُهُ مِنْهَا وَلَا نَقْصَ عَلَيْهِ) فِي دُخُولِهَا.
قَالُوا: وَلَا مُخَالَفَةَ لِعَادَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَيَلْزَمُهُ قَصْدُ أَقْرَبِ مَنْزِلَيْهِ) لِدَفْعِ حَاجَتِهِ بِهِ بِخِلَافِ مَنْ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَبْعَدِ مِنْهُ لِعَدَمِ تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ دُخُولِهِ لِلِاعْتِكَافِ، (وَإِنْ بَذَلَ لَهُ صَدِيقُهُ أَوْ غَيْرُهُ مَنْزِلَهُ الْقَرِيبَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ) قَبُولُهُ (لِلْمَشَقَّةِ بِتَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَالِاحْتِشَامِ) مِنْهُ.
(وَيَخْرُجُ) الْمُعْتَكِفُ (لِيَأْتِيَ بِمَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ يَحْتَاجُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا سَبَقَ؛ (وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لِأَجْلِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ فِي بَيْتِهِ؛ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِإِبَاحَةِ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا نَقْصَ فِيهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَكِيمٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ، وَيَسْتَحْيِ أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيُرِيدَ أَنْ يُخْفِيَ جِنْسَ قُوتِهِ)، (وَلَهُ غَسْلُ يَدِهِ فِيهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ (فِي إنَاءٍ مِنْ وَسَخٍ وَزَفَرٍ وَنَحْوِهِمَا) كَغَسْلِ يَدَيْهِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ فِي إنَاءٍ (لِيَفْرُغَ خَارِجِ الْمَسْجِدِ)؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُصَلِّينَ بِذَلِكَ، (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ لِغَسْلِهِمَا) مِمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْهُ بُدًّا.
(وَيَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ إنْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِوَاجِبٍ فَلَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ كَالْمُعْتَدَّةِ، (أَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ إلَيْهَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً لِلشَّرْطِ، (وَلَهُ التَّبْكِيرُ إلَيْهَا) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ جَائِزٌ فَجَازَ تَعْجِيلُهُ كَالْخُرُوجِ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ.
(وَ) لَهُ (إطَالَةُ الْمُقَامِ بَعْدَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ، وَلَا يُكْرَهُ لِصَلَاحِيَّةِ الْمَوْضِعِ لِلِاعْتِكَافِ، (وَلَا يَلْزَمُهُ) إذَا خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ (سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ)، بَلْ لَهُ سُلُوكُ الْأَبْعَدِ.
وَفِي الْمُبْدِعِ: وَالْأَفْضَلُ سُلُوكُ الْأَبْعَدِ إنْ خَرَجَ لِجُمُعَةٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَغَيْرِهِمَا، وَذُكِرَ قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْأَفْضَلُ خُرُوجُهُ لِذَلِكَ وَعَوْدُهُ فِي أَقْصَرِ طَرِيقٍ لَا سِيَّمَا فِي الْمَنْذُورِ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ سُرْعَةُ الرُّجُوعِ بَعْدَ) صَلَاتِهِ (الْجُمُعَةَ) إلَى مُعْتَكَفِهِ لِيُتِمَّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ، (وَكَذَا) لَهُ الْخُرُوجُ (إنْ تَعَيَّنَ خُرُوجُهُ لِإِطْفَاءِ حَرِيقٍ وَإِنْقَاذِ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ) كَمَنْ تَحْتَ هَدْمٍ (وَلِنَفِيرٍ مُتَعَيَّنٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ)؛؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ كَالْجُمُعَةِ (وَلِشَهَادَةٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا فَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ) لِذَلِكَ لِظَاهِرِ الْآيَاتِ وَالتَّحَمُّلِ كَالْأَدَاءِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ (وَلِخَوْفٍ مِنْ فِتْنَةٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ: أَوْ مَالِهِ نَهْبًا أَوْ حَرِيقًا وَنَحْوِهِ) كَالْغَرَقِ؛ لِأَنَّهُ عُذِرَ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ كَالْجُمُعَةِ فَهَهُنَا أَوْلَى، (وَلِمَرَضٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْمُقَامُ) كَالْقِيَامِ الْمُتَدَارَكِ (أَوْ لَا يُمْكِنُهُ) الْمُقَامُ مَعَهُ (إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى خِدْمَةٍ أَوْ فِرَاشٍ) فَلَهُ الْخُرُوجُ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ) بِخُرُوجِهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ: لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
وَ(لَا) يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ (إنْ كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا كَصُدَاعٍ وَحُمَّى خَفِيفَةٍ) وَوَجَعِ ضِرْسٍ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَشْبَهَ الْمَبِيتَ بِبَيْتِهِ.
(وَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْخُرُوجِ) مِنْ مُعْتَكَفِهِ (بِأَنْ حُمِلَ وَأُخْرِجَ أَوْ هَدَّدَهُ قَادِرٌ) بِسَلْطَنَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ كَلِصٍّ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ (فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَعِدَّةَ الْوَفَاةِ بِالْمَنْزِلِ فَمَا أَوْجَبَهُ بِنَذْرِهِ أَوْلَى (كَحَائِضٍ وَمَرِيضٍ وَخَائِفٍ أَنْ يَأْخُذَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا فَخَرَجَ وَاخْتَفَى) فَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ لِلْعُذْرِ.
(وَإِنْ أَخْرَجَهُ) سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ (لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحَقِّ عَلَيْهِ (بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ)؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ (فَلَا) يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ (لِوُجُوبِ الْخُرُوجِ) عَلَيْهِ.
(وَإِنْ خَرَجَ) الْمُعْتَكِفُ (مِنْ الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لَمْ يَبْطُلْ) اعْتِكَافُهُ لِحَدِيثِ «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (وَيَبْنِي) عَلَى اعْتِكَافِهِ (إذَا زَالَ الْعُذْرُ فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَبْطُلُ فِيهِ.
(فَإِنْ أَخَّرَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الِاعْتِكَافِ (مَعَ إمْكَانِهِ بَطَلَ مَا مَضَى)، كَمَا لَوْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ (كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ) زَالَا وَأَخَّرَ الرُّجُوعَ بَعْدَ زَوَالِهِمَا فَإِنَّ اعْتِكَافَهُ يَبْطُلُ بِذَلِكَ.
(وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ) الْمُعْتَكِفَةُ مِنْ الْمَسْجِدِ (لِوُجُودِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ، فَتَرْجِعُ إلَى بَيْتِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ) مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (رَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ)؛ لِأَنَّ اللُّبْثَ مَعَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ حَرَامٌ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ رَحَبَةٌ، (وَإِنْ كَانَ لَهُ رَحَبَةٌ غَيْرُ مُحَوَّطَةٍ) قَيَّدَ بِهِ ابْنُ حَمْدَانَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَوَّطَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَحُكْمُهَا حُكْمُهُ (يُمْكِنُهَا ضَرْبُ خِبَاءٍ) هُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ وَجَمْعُهُ: أَخْبِيَةٌ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ مِثْلُ: كِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ وَيَكُونُ عَلَى عُودَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْتٌ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (فِيهَا بِلَا ضَرَرٍ سُنَّ) لَهَا ضَرْبُ الْخِبَاءِ بِهَا وَأَنْ تَجْلِسَ بِهَا (إنْ لَمْ تَخَفْ تَلْوِيثًا، فَإِذَا طَهُرَتْ دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ) لِتُتِمَّ اعْتِكَافَهَا لِمَا رَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنَّ الْمُعْتَكِفَاتُ إذَا حِضْنَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِهِنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَضْرِبْنَ الْأَخْبِيَةَ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَطْهُرْنَ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ.
(وَ) تَخْرُجُ الْمُعْتَكِفَةُ (لِعِدَّةِ وَفَاةٍ) فِي مَنْزِلِهَا لِوُجُوبِهَا شَرْعًا كَالْجُمُعَةِ، وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ لَا يُسْتَدْرَكُ إذْ تُرِكَ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ (وَنَحْوِهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ (مِمَّا يَجِبُ الْخُرُوجُ لَهُ) كَمَا إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ خَارِجَةٍ وَدَفْنُ مَيِّتٍ.
(وَلَا تُمْنَعُ الْمُسْتَحَاضَةُ الِاعْتِكَافَ)؛ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ لَا تَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ «اعْتَكَفَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ وَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَفَّظَ وَتَتَلَجَّمَ لِئَلَّا تُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صِيَانَتُهُ مِنْهَا خَرَجَتْ مِنْهُ) لِوُجُوبِ صِيَانَتِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.
(وَلَا يَعُودُ) الْمُعْتَكِفُ (مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً وَلَا يُجَهِّزُهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَّا بِشَرْطٍ) بِأَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ اعْتِكَافِهِ (أَوْ وُجُوبٍ) بِأَنْ يَتَعَيَّنَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ إذَنْ (وَكَذَا كُلُّ قُرْبَةٍ لَا تَتَعَيَّنُ) عَلَيْهِ (كَزِيَارَةِ) رَحِمٍ أَوْ صَدِيقٍ (وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَأَدَائِهَا) إذَا لَمْ يَتَعَيَّنَا عَلَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِشَرْطٍ (وَتَغْسِيلِ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ) لَا يَخْرُجُ إلَيْهِ إلَّا بِشَرْطٍ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ شَرَطَ مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ كَالْعَشَاءِ فِي مَنْزِلِهِ وَالْمَبِيتِ فِيهِ جَازَ لَهُ فِعْلُهُ)؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِعَقْدِهِ كَالْوُقُوفِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ نَذَرَ مَا أَقَامَهُ وَلِتَأَكُّدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَامْتِنَاعِ النِّيَابَةِ فِيهِمَا، وَ(لَا) يَصِحُّ الشَّرْطُ (إنْ شَرَطَ) الْمُعْتَكِفُ (الْوَطْءَ أَوْ) شَرَطَ الْخُرُوجَ لِأَجْلِ (الْفُرْجَةِ أَوْ النُّزْهَةِ أَوْ الْخُرُوجِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ) شَرَطَ (التَّكَسُّبَ بِالصِّنَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ) وَالْخُرُوجَ لِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الِاعْتِكَافَ صُورَةً وَمَعْنًى كَشَرْطِ تَرْكِ الْإِقَامَةِ بِالْمَسْجِدِ وَكَالْوَقْفِ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَرْطُ مَا يُنَافِيهِ.
(وَإِنْ قَالَ: مَرِضْت أَوْ عَرَضَ لِي عَارِضٌ خَرَجْت فَلَهُ شَرْطُهُ) كَالشَّرْطِ فِي الْإِحْرَامِ، وَإِفَادَتِهِ: جَوَازُ التَّحَلُّلِ إذَا حَدَثَ عَائِقٌ عَنْ الْمُضِيِّ، (وَلَهُ السُّؤَالُ عَنْ الْمَرِيضِ) مَا لَمْ يُعَرِّجْ أَوْ يَقِفْ لِمَسْأَلَتِهِ، (وَ) لَهُ (الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي طَرِيقِهِ إذَا خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مَا لَمْ يُعَرِّجْ أَوْ يَقِفْ لِمَسْأَلَتِهِ)؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ووَسَلَّمَ «كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إنْ كُنْتُ لَأَدْخُلُ الْبَيْتَ وَالْمَرِيضُ فِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلَّا وَأَنَا مَارَّةٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ اللُّبْثِ الْمُسْتَحَقِّ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَ أَوْ رَدَّ السَّلَامَ فِي مُرُورِهِ، (وَلَهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ إذَا خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ (الدُّخُولُ إلَى مَسْجِدٍ) آخَرَ (يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ إنْ كَانَ) ذَلِكَ الْمَسْجِدُ (أَقْرَبَ إلَى مَكَانِ حَاجَتِهِ مِنْ) الْمَسْجِدِ (الْأَوَّلِ)؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِصَرِيحِ النَّذْرِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَتَعَيَّنَ بِشُرُوعِ الِاعْتِكَافِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ بِذَلِكَ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا أَشْبَهَ مَا لَوْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ الْأَوَّلُ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ سُلْطَانٌ فَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فَأَتَمَّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَسْجِدُ الَّذِي دَخَلَ إلَيْهِ (أَبْعَدَ) مِنْ مَحَلِّ حَاجَتِهِ الْأَوَّلِ، (أَوْ خَرَجَ) الْمُعْتَكِفُ إلَيْهِ أَيْ: إلَى الْمَسْجِدِ الثَّانِي ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِتَرْكِهِ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا.
(فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدَانِ مُتَلَاصِقَيْنِ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَصِيرُ فِي الْآخَرِ فَلَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ)؛ لِأَنَّهُمَا كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ انْتَقَلَ مِنْ إحْدَى زَاوِيَتَيْهِ إلَى الْأُخْرَى (وَإِنْ كَانَ يَمْشِي بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ (فِي غَيْرِهِمَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ، وَإِنْ قَرُبَ) مَا بَيْنَهُمَا، وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِمَشْيِهِ بَيْنَهُمَا لِتَرْكِهِ اللُّبْثَ الْمُسْتَحَقَّ إذَنْ.
(وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ خُرُوجًا مُعْتَادًا) يَعْنِي لِعُذْرٍ مُعْتَادٍ (كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) أَيْ: الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (وَطَهَارَةٍ مِنْ الْحَدَثِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجُمُعَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ: لَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُ كَالْمُسْتَثْنَى لِكَوْنِهِ مُعْتَادًا وَلَا كَفَّارَةَ إذْ لَوْ وَجَبَ فِيهِ شَيْءٌ لَامْتَنَعَ مُعْظَمُ النَّاسِ مِنْ الِاعْتِكَافِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى اعْتِكَافِهِ وَلَمْ تَنْقُصْ بِهِ مُدَّتُهُ، (وَإِنْ خَرَجَ لِ) عُذْرٍ (غَيْرِ مُعْتَادٍ كَنَفِيرٍ وَشَهَادَةٍ وَاجِبَةٍ وَخَوْفٍ مِنْ فِتْنَةٍ وَمَرَضٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَقَيْءٍ بَغْتَةً وَغَسْلِ مُتَنَجِّسٍ يَحْتَاجُهُ وَإِطْفَاءِ حَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، (وَلَمْ يَتَطَاوَلْ فَهُوَ عَلَى اعْتِكَافِهِ وَلَا يَقْضِي الْوَقْتَ الْفَائِتَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ يَسِيرًا) مُبَاحًا أَشْبَهَ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ وَغُسْلَ الْجَنَابَةِ، (وَإِنْ تَطَاوَلَ) غَيْرُ الْمُعْتَادِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ، (فَإِنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا خُيِّرَ بَيْنَ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ بِالشُّرُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَإِنْ كَانَ) الِاعْتِكَافُ (وَاجِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى مُعْتَكَفِهِ) لِأَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.
(ثُمَّ لَا يَخْلُو) النَّذْرُ (مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ) بِالِاسْتِقْرَاءِ (أَحَدِهَا: نَذْرُ اعْتِكَافِ أَيَّامٍ غَيْرِ مُتَتَابِعَةٍ وَلَا مُعَيَّنَةٍ) كَنَذْرِهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مَعَ الْإِطْلَاقِ (فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ) مِنْ الْأَيَّامِ مُحْتَسِبًا بِمَا مَضَى، (لَكِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْيَوْمَ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ) لِيَكُونَ مُتَتَابِعًا وَقَالَ الْمَجْدُ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى بَعْضِ الْيَوْمِ، وَيُكَفِّرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ (الثَّانِي: نَذَرَ أَيَّامًا مُتَتَابِعَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ) بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ فَاعْتَكَفَ بَعْضَهَا ثُمَّ خَرَجَ لِمَا تَقَدَّمَ وَطَالَ (فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى بِأَنْ يَقْضِيَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) جَبْرًا لِفَوَاتِ التَّتَابُعِ.
(وَبَيْنَ الِاسْتِئْنَافِ بِلَا كَفَّارَةٍ)؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَشَرَعَ فِيهِ، ثُمَّ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ (الثَّالِثُ: نَذَرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً كَالْعُشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ) لِيَأْتِيَ بِالْوَاجِبِ، (وَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ.
(وَإِنْ خَرَجَ) الْمُعْتَكِفُ (جَمِيعُهُ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ مُخْتَارًا عَمْدًا أَوْ مُكْرَهًا بِحَقٍّ)، كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ فَأُخْرِجَ لَهُ، (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ.
(وَإِنْ قَلَّ) زَمَنُ خُرُوجِهِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا لَوْ طَالَ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ جَمِيعِهِ: أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ بَعْضُ جَسَدِهِ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي رَأْسَهُ إلَيَّ فَأُرَجِّلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(ثُمَّ إنْ كَانَ) الْمُعْتَكِفُ (فِي) نَذْرٍ (مُتَتَابِعٍ) بِشَرْطٍ أَوْ نِيَّةٍ بِأَنْ كَانَ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ أَوْ نَوَاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ لِذَلِكَ (اسْتَأْنَفَ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ الْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ إلَّا بِهِ، (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ لِإِتْيَانِهِ بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) خَرَجَ مِنْ مُعْتَكَفِهِ (مُكْرَهًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ نَاسِيًا فَقَدْ تَقَدَّمَ) حُكْمُهُ قَرِيبًا، (وَإِنْ كَانَ) الْمُعْتَكِفُ (فِي) نَذْرٍ (مُعَيَّنٍ مُتَتَابِعٍ كَنَذْرِ شَعْبَانَ مُتَتَابِعًا أَوْ فِي) نَذْرٍ (مُعَيَّنٍ) كَشَعْبَانَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ (بِالتَّتَابُعِ اسْتَأْنَفَ) لِتَضَمُّنِ نَذْرِهِ التَّتَابُعَ؛ وَلِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْمُدَّةِ الْمُطْلَقَةِ، (وَكَفَّرَ) كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِتَرْكِهِ الْمَنْذُورَ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ بِلَا عُذْرٍ (وَيَكُونُ الْقَضَاءُ) فِي الْكُلِّ.
(وَالِاسْتِئْنَافُ عَلَى الْكُلِّ عَلَى صِفَةِ الْأَدَاءِ فِيمَا يُمْكِنُ)، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَشْرُوطًا فِيهِ الصَّوْمُ أَوْ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُقْتَضَى أَوْ الْمُسْتَأْنَفَ يَكُونُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ، كَمَا لَوْ عَيَّنَ زَمَنًا وَمَضَى فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، لَكِنْ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ أَفْسَدَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْأَيَّامِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لُزُومُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي مُوسَى؛؛ لِأَنَّ فِي الِاعْتِكَافِ فِي هَذَا الزَّمَنِ فَضِيلَةً لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْقَضَاءُ فِي غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ وَعَلَى هَذَا: فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَشَرَعَ فِي اعْتِكَافِهَا فِي أَوَّلِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ فِي الْعَشْرِ مِنْ قَابِلٍ؛ لِأَنَّ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ لَزِمَهُ بِالشَّرْعِ عَنْ نَذْرِهِ فَإِذَا أَفْسَدَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ عَلَى صِفَةِ مَا أَفْسَدَهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ (الْوَطْءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُعْتَكِفُ (فِي فَرْجٍ وَلَوْ نَاسِيًا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ) لِمَا رَوَى حَرْبٌ فِي مَسَائِلِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إذَا جَامَعَ الْمُعْتَكِفُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَ الِاعْتِكَافَ»؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ تَفْسُدُ بِالْوَطْءِ عَمْدًا فَكَذَلِكَ سَهْوًا كَالْحَجِّ.
(وَلَا كَفَّارَةَ لِلْوَطْءِ) لِعَدَمِ النَّصِّ وَالْقِيَاسُ لَا يَقْتَضِيهِ، (بَلْ) عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (لِإِفْسَادِ نَذْرِهِ) إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَهُوَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (وَإِنْ بَاشَرَ) الْمُعْتَكِفُ (دُونَ الْفَرْجِ) أَوْ قَبَّلَ (لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا بَأْسَ) كَغَسْلِ رَأْسِهِ وَتَرْجِيلِ شَعْرِهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ.
(وَ) إنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبَّلَ (لِشَهْوَةٍ حَرُمَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}.
(فَإِنْ أَنْزَلَ فَكَوَطْءٍ فَيَفْسُدُ) اعْتِكَافُهُ وَلَا كَفَّارَةَ لَهُ بَلْ لِإِفْسَادِ نَذْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ (فَلَا) إفْسَادَ كَالصَّوْمِ.
(وَإِنْ سَكِرَ) الْمُعْتَكِفُ (وَلَوْ لَيْلًا) بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ كَالْمَرْأَةِ تَحِيضُ (أَوْ ارْتَدَّ) الْمُعْتَكِفُ (بَطَلَ اعْتِكَافُهُ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك}؛ وَلِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ.
(وَلَا يَبْنِي إذَا زَالَ سُكْرُهُ أَوَعَادَ إلَى الْإِسْلَام؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ) بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ تَحِيضُ (وَإِنْ شَرِبَ الْمُعْتَكِفُ مُسْكِرًا وَلَمْ يُسْكِرْهُ أَوْ أَتَى كَبِيرَةً لَمْ يَفْسُدْ) اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ.
(وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ) أَيْ: كُلِّ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّلَاةِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، (وَ) يُسْتَحَبُّ لَهُ (اجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ: يُهِمُّهُ مِنْ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ»؛ وَلِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ الِاعْتِكَافِ (فَفِيهِ أَوْلَى) رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ فُضُولَ الْكَلَامِ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ فُضُولَ الْكَلَامِ مَا عَدَا كِتَابِ اللَّهِ: أَنْ تَقْرَأَهُ أَوْ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ تَنْطِقَ فِي مَعِيشَتِك بِمَا لَا بُدَّ لَك مِنْهُ.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ تَزُورَهُ) فِي الْمَسْجِدِ (زَوْجَتُهُ) وَتَتَحَدَّثَ مَعَهُ وَتُصْلِحَ رَأْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ (مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا مِنْهَا وَلَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ مَعَ مَنْ يَأْتِيهِ مَا لَمْ يُكْثِرْ) «لِأَنَّ صَفِيَّةَ زَارَتْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَحَدَّثَ مَعَهَا، وَرَجَّلَتْ عَائِشَةُ رَأْسَهُ» (وَ) لَهُ أَنْ (يَأْمُرَ بِمَا يُرِيدُ خَفِيفًا) بِحَيْثُ (لَا يَشْغَلُهُ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ: أَيُّ رَجُلٍ اعْتَكَفَ فَلَا يُسَابَّ وَلَا يَرْفُثْ فِي الْحَدِيثِ وَيَأْمُرْ أَهْلَهُ بِالْحَاجَةِ أَيْ: وَهُوَ يَمْشِي وَلَا يَجْلِسُ عِنْدَهُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(وَلَا يَبِيعُ) الْمُعْتَكِفُ (وَلَا يَشْتَرِي إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ طَعَامٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ) خَارِجَ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقِفَ أَوْ يُعَرِّجَ لِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ.
(وَلَيْسَ الصَّمْتُ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الصَّمْتُ إلَى اللَّيْلِ) وَ(قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ: ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي) قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَالتَّحْقِيقِ فِي الصَّمْتِ أَنَّهُ إنْ طَالَ حَتَّى تَضَمَّنَ تَرْكَ الْكَلَامِ الْوَاجِبِ صَارَ حَرَامًا، كَمَا قَالَ الصِّدِّيقُ: وَكَذَا أَنْ تَعْتَدَّ بِالصَّمْتِ عَنْ الْكَلَامِ الْمُسْتَحَبِّ وَالْكَلَامُ الْمُحَرَّمُ يَجِبُ الصَّمْتُ عَنْهُ وَفُضُولُ الْكَلَامِ يَنْبَغِي الصَّمْتُ عَنْهَا، (وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيْ: الصَّمْتَ (لَمْ يَفِ بِهِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: حَفِظْت مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا صُمَاتَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ وَلَا يَقْعُدُ وَلَا يَسْتَظِلُّ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَأَنْ يَصُومَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرُوهُ فَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد.
وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ فَرَآهَا لَا تَتَكَلَّمُ فَقَالَ: مَا لَهَا لَا تَتَكَلَّمُ؟ فَقَالُوا: حَجَّتْ مُصْمَتَةً فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَتَكَلَّمَتْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَيُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ الصِّدِّيقِ هَذَا وَقَوْلِهِ: «مَنْ صَمَتَ نَجَا» بِأَنَّ قَوْلَهُ الثَّانِيَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّمْتِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةِ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ)؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ فَأَشْبَهَ اسْتِعْمَالَ الْمُصْحَفِ فِي التَّوَسُّدِ وَنَحْوِهِ (وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي) بَابِ (صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَالَ الشَّيْخُ إنْ قَرَأَ عِنْدَ الْحُكْمِ الَّذِي أُنْزِلَ لَهُ أَوْ) قَرَأَ (مَا يُنَاسِبُهُ فَحَسَنٌ كَقَوْلِهِ لِمَنْ دَعَاهُ لِذَنْبٍ تَابَ مِنْهُ «مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا» وَقَوْلُهُ عِنْدَمَا أَهَمَّهُ: {إنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلَى اللَّهِ} وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ: لِلْمُعْتَكِفِ (إقْرَاءُ الْقُرْآنِ وَتَدْرِيسُ الْعِلْمِ وَمُنَاظَرَةُ الْفُقَهَاءِ وَمَجَالِسُهُمْ وَكِتَابَةُ الْحَدِيثِ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِ الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَلِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا الْمَسْجِدُ فَلَمْ يُسْتَحَبَّ فِيهَا ذَلِكَ كَالطَّوَافِ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ اسْتِحْبَابَهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الطَّاعَةَ لَا الْمُبَاهَاةَ، (لَكِنَّ فِعْلَهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَتَدْرِيسِ الْعِلْمِ وَمُنَاظَرَةِ الْفُقَهَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (أَفْضَلُ مِنْ الِاعْتِكَافِ لِتَعَدِّي نَفْعِهِ).
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَشْهَدَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ)؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ طَاعَةٌ وَحُضُورُهُ قُرْبَةٌ، وَمُدَّتُهُ لَا تَتَطَاوَلُ فَهُوَ كَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَرَدِّ السَّلَامِ.
(وَ) لَا بَأْسَ أَنْ (يُصْلِحَ بَيْنَ الْقَوْمِ وَيَعُودَ الْمَرِيضَ وَيُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَائِزِ وَيُهِنِّي وَيُعَزِّي وَيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ كُلَّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ.
(وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ: لِلْمُعْتَكِفِ (تَرْكُ لُبْسٍ رَفِيعِ الثِّيَابِ وَالتَّلَذُّذِ بِمَا يُبَاحُ لَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ وَ) أَنْ (لَا يَنَامَ إلَّا عَنْ غَلَبَةٍ وَلَوْ مَعَ قُرْبِ الْمَاءِ وَأَنْ لَا يَنَامَ مُضْطَجِعًا بَلْ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا، وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ، وَ) لَا بَأْسَ (أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَضَعَ سُفْرَةً) وَشِبْهَهَا (يَسْقُطُ عَلَيْهَا مَا يَقَعُ عَنْهُ لِئَلَّا يُلَوِّثَ الْمَسْجِدَ).
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ) الْمُعْتَكِفُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ تَخْتَصُّ مَكَانًا فَكَانَ تَرْكُ الطِّيبِ فِيهَا مَشْرُوعًا كَالْحَجِّ قَالَ أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَطَيَّبَ.