فصل: باب الكتابة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.باب التدبير:

التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وإِنْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ، لا عَلَى وَصِيَّةٍ كَإِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي، أَوْ سَفَرِي هَذَا.
الشرح:
قوله: (التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ) لا شكّ فِي إخراجه الصبي والمجنون، وأما قول ابن الحاجب تبعاً لابن شاس: وشرطه التمييز لا البلوغ فينفذ من المميز.
فقال ابن عبد السلام: ظاهره أنّه ينفذ من المميز ولَو كَانَ صغيراً، وهُوَمشكل؛ لأن غير المكلف لا يلزمه شيء من التزاماته، وإنما لزمته الوصية إِذَا مات استحساناً؛ ولما روى عَن الماضين فيها؛ ولأن له الرجوع عنها ولا رجوع له عَن التدبير إِذَا لزمه، وقد نصّ عبد الملك عَلَى أن تدبير من لَمْ يبلغ الحلم لا يجوز، وكلّ من رأيته ممن يعتمد عَلَيْهِ ينكر هذا الموضع من كلام ابن الحاجب، وكذا استشكله ابن راشد القفصي، وابن هارون وتبعهم فِي "التوضيح".
وقال ابن عرفة: هذا الاستشكال واضح إِن حمل قوله: (فينفذ من المميز) على اللزوم، وإِن حمل عَلَى صحته دون لزومه فيصير كالوصية فيصحّ، وقد يؤيده قول ابن القاسم فِي ذات الزوج: لا حجة لزوجها إنما هِيَ وصية.
وقال الباجي فِي ترجمة وصية الصغير: قال عبد الملك: لا يجوز تدبير من لَمْ يحتلم. انتهى.
وقول عبد الملك فِي "النوادر" وما فعل ابن عرفة من عزوه لنقل الباجي أخفّ مما فعل ابن راشد القفصي، من عزوه لحكاية بعض من سمعه من الفقهاء عَن الرجراجي.

متن الخليل:
أَوْ بَعْدَ مَوْتِي إِن لَمْ يُرِدْهُ ولَمْ يُعَلِّقْهُ، أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ بِدَبَّرْتُكَ، وأَنْتَ مُدَبَّرٌ، أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، ونَفَذَ تَدْبِيرُ نِصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وأُوجِرَ لَهُ.
الشرح:
قوله: (أَوْ بَعْدَ مَوْتِي إِن لَمْ يُرِدْهُ ولَمْ يُعَلِّقْهُ) أي وكذا يحمل عَلَى الوصية. إذا قال: أنت حر بعد موتي بهذين الشَرْطين، وهذا قول ابن القاسم.
قال فِي "المدونة" فيمن قال لعبده فِي صحته: أنت حرّ بعد موتي، فإن أراد بِهِ وجه الوصية صدق، وإِن أراد بِهِ التدبير صدق.
قال ابن القاسم: هِيَ وصية أبداً حتى يبين أنّه أراد التدبير ثُمَّ قال فيمن قال إِن كلمت فلاناً فأنت حرّ بعد موتي فكلمه لزمه عتقه بعد موته كما لَو حلف بالعتق ولَمْ يقل بعد موتي فحنث، فأنّه يلزمه قال وكذلك هذا يلزمه ويعتق من ثلته، وصار حنثه بعتق العبد بعد الموت شبيهاً بالتدبير ففرق فِي قوله: أنت حر بعد موتي بين غير المعلق، فجعله وصية وبين المعلق فجعله تدبيراً.

متن الخليل:
وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ، وصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ، إِنْ عَتَقَ، وقُدِّمَ الأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ، ولِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ، إِنْ لَمْ يَمْرَضْ، ورَهْنُهُ، وكِتَابَتُهُ، لا إِخْرَاجُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ، وفُسِخَ بَيْعُهُ، إِنْ لَمْ يَعْتِقْ،كَالْمُكَاتِبِ وإِنْ جَنَى، فَإِنْ فَدَاهُ، وإِلا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ، تَقَاضَيَا، وحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِياً، ورَجَعَ، إِنْ وَفَّى وإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ اتُّبِعَ بِالْبَاقِي، أَوْ بَعْضُهُ بِحِصَّتِهِ، وخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إِسْلامِ مَا رُقَّ، أَوْ فَكِّهِ وقُوِّمَ بِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ، إِلا بَعْضاً عَتَقَ، وقَرَّ مَالُهُ بِيَدِهِ.
الشرح:
قوله: (وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ) أي: حملت بِهِ بعده أي: بعد التدبير؛ وبهذا فسّر ابن يونس "المدونة" فقال: جعل ما فِي ظهر المدبر من ولد قبل التدبير بمنزلة ما فِي بطن المدبرة قبل التدبير، فخروج النطفة من المدبر كولادة المدبرة، وولادة المدبرة كحمل أمة المدبر.

متن الخليل:
وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ، وإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ اسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ، وإِلا بِيعَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ، عَتَقَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ، وأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئاً لَمْ يُوقَفْ، وإِذَا مَاتَ نُظِرَ، فَإِنْ صَحَّ اتُّبِعَ بِالْخِدْمَةِ وعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وإِلا فَمِنَ الثُّلُثِ، ولَمْ يَتَّبِعْ، وإِنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ وُقِفَ خَرَاجُ سَنَةٍ، ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ مَا خَدَمَ نَظِيرُهُ، وبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْداً، وبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ ولِلتَّرِكَة، وبَعْضُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ، ولَهُ حُكْمُ الرِّقِّ، وإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ، وأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ومَوْتِ فُلانٍ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ أَيْضاً، ولا رُجُوعَ، وإِنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ فُلانٍ بِشَهْرٍ فَمُعْتَقٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
الشرح:
قوله: (حَيْثُ كَانَ) أي وإِن تداولته الأملاك. وبالله تعالى التوفيق.

.باب الكتابة:

نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، وحَطُّ جُزْءٍ آخَرَ، ولَمْ يُجْبَرِ الْعَبْدُ عَلَيْهَا.وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْجَبْرُ بِكَاتَبْتُكَ، ونَحْوِهِ بِكَذَا، وظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وصُحِّحَ خِلافُهُ، وجَازَ بِغَرَرٍ كَآبِقٍ، وعَبْدِ فُلانٍ وَجَنِينٍ، لا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ، أَوْ كَخَمْرٍ، ورُجِعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ، وفَسْخُ مَا عَلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ كَذَهَبٍ فِي وَرِقٍ ومُكَاتَبَةُ وَلِيٍّ مَا لِمَحْجُورِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، ومُكَاتَبَةُ أَمَةٍ وصَغِيرٍ، وإِنْ بِلا مَالٍ وكَسْبٍ، وبَيْعُ كِتَابَةٍ، أَوْ جُزْءٍ لا نَجْمٍ، فَإِنْ وَفَّى فَالْوَلاءُ لِلأَوَّلِ وإِلا رُقَّ لِلْمُشْتَرِي، وإِقْرَارُ مَرِيضٍ بِقَبْضِهَا، إِنْ وُرِثَ غَيْرَ كَلالَةٍ ومُكَاتَبَتُهُ بِلا مُحَابَاةٍ، وإِلا فَفِي ثُلُثِهِ، ومُكَاتَبَةُ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ فَتُوَزَّعُ عَلَى قُوَّتِهِمْ عَلَى الأَدَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ، وهُمْ، وإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ حُمَلاءُ مُطْلَقاً ويُؤْخَذُ مِنَ الْمَلِيءِ الْجَمِيعُ، ويُرْجِعُ إِنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى الدَّافِعِ، ولَمْ يَكُنْ زَوْجاً ولا يَسْقُطْ عَنْهُمْ شَيْءٌ بِمَوْتِ وَاحِدٍ، ولِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ، إِنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ وقَوَوْا، فَإِنْ رُدَّ، ثُمَّ عَجَزُوا صَحَّ عِتْقُهُ، والخِيَار فِيهَا، ومُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ بِمَالٍ وَاحِدٍ لا أَحَدِهِمَا، أَوْ بِمَالَيْنِ، وبِمُتَّحِدٍ بِعَقْدَيْنِ، فَيُفْسَخُ، ورِضَا أَحَدِهِمَا بِتَقْدِيمِ الآخَرِ، ورَجَعَ لِعَجْزٍ بِحِصَّتِهِ كَإِنْ قَاطَعَهُ بِإِذْنِهِ مِنْ عِشْرِينَ عَلَى عَشَرَةٍ، فَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ رَدِّ مَا فَضَّلَ بِهِ شَرِيكُهُ، وإِسْلامِ حِصَّتِهِ رِقَّاً، ولا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الآذِنِ وإِنْ قَبَضَ الأَكْثَرَ، فَإِنْ مَاتَ أَخَذَ الآذِنُ مَالَهُ، بِلا نَقْصٍ، إِنْ تَرَكَهُ، وإِلا فَلا شَيْءَ لَهُ، وعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ لِمَا لَهُ، إِلا إِنْ قَصَدَ الْعِتْقَ كَإِنْ فَعَلْتَ فَنِصْفُكَ حُرٌّ، فَكَاتَبَهُ، ثُمَّ فَعَلَ وُضِعَ النِّصْفُ، ورُقَّ كُلُّهُ إِنْ عَجَزَ، ولِلْمُكَاتِبِ بِلا إِذْنٍ بَيْعٌ واشْتِرَاءٌ، ومُشَارَكَةٍ، ومُقَارَضَةٌ، ومُكَاتَبَةٌ، واسْتِخْلافُ عَاقِدٍ لأَمَتِهِ، وإِسْلامُهَا، أَوْ فِدَاؤُهَا، إِنْ جَنَتْ بِالنَّظَرِ، وسَفَرٌ لا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ.
الشرح:
قوله: (وَيُرْجِعُ إِنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى الدَّافِعِ، ولَمْ يَكُنْ زَوْجاً) الأولى أن يكون لفظ (يرجع) مبنياً للمجهول حتى يعمّ كلّ راجع من مكاتب أَو وارث أَو سيّد، ويناسب ما عطف عَلَيْهِ وهُوَلفظ يؤخذ، و(عَلَى الدَّافِعِ) متعلق (بيعتق)، والمراد بِهِ المكاتب الذي دفع ذلك من ماله سواءً باشر الدفع هُوَأَو غيره، ونصوصه واضحة، وأما الزوج فقال فِي آخر المكاتب من "المدونة": لا يرثه ممن معه فِي الكتابة إِلا من لَو أدى عنه لَمْ يرجع عَلَيْهِ إِلا الزوجة فإنها لا ترثه، ولا يرجع عَلَيْهَا إِن عتقت بأدائه فِي حياته أَو بعد موته فِي ماله، ولا يرجع عَلَيْهَا من يرثه من وارث أَو سيد.
أبو الحسن الصغير: أقاموا منه أن الزوج لا يرجع عَلَى زوجته إِذَا فداها بغير أمرها من يد العدو، وهُوَيعرفها، وإن كَانَ بأمرها فهو سلف يرجع عَلَيْهَا بِهِ.
وقال ابن يونس: قال ابن حبيب: عَن مطرف وابن الماجشون: لا يرجع أَحَدهمَا عَلَى الآخر إِذَا أدى عنه ما يعتق بِهِ من الكتابة، وقال أَيْضاً عَن ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون: إِذَا أفدا أحد الزوجين صاحبه.
ابن يونس: يريد أَو ابتاعه فلا رجوع له عَلَيْهِ إِلا أن يكون فداه بأمره أَو فداه وهو غير عارف بِهِ فليتبعه بذلك فِي ملائه وعدمه، زاد فِي بعض التقاييد: فانظر قوله: لا يرجع عَلَيْهَا إِن عتقت بأدائه، وكذلك لَو ودت هِيَ عنه. انتهى.
وكأنّه أراد أن يجعل قول الأخوين تفسيراً للمدونة فتأمله، ولَمْ يزد ابن عبد السلام وابن عرفة والمصنف فِي "التوضيح" عَلَى ما فِي "المدونة".

متن الخليل:
وَإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ، وإِسْقَاطُ شُفْعَتِهِ، لا عِتْقٌ وإِنْ قَرِيباً وَهِبَةٌ، وصَدَقَةٌ، وتَزْوِيجٌ.
الشرح:
قوله: (وإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ) كذا فيما رأينا من النسخ، وهو عكس المقصود، فالصواب فِي ذمته.

متن الخليل:
وَإِقْرَارٌ بِجِنَايَةِ خَطَإٍ، وسَفَرٌ بَعُدَ، إِلا بِإِذْنٍ، ولَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ، إِنِ اتَّفَقَا، ولَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَيُرَقُّ، ولَوْ ظَهَرَ مَالٌ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ غَابَ عِنْدَ الْمَحِلِّ ولا مَالَ لَهُ، فَسَخَ الْحَاكِمُ، وتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ كَالْقِطَاعَةِ، وإِنْ شَرَطَ خِلافَهُ، وقَبَضَ، إِنْ غَابَ سَيِّدُهُ، وإِنْ قَبْلَ أَجَلِهِ، وفُسِخَتْ، إِنْ مَاتَ، وإِنْ عَنْ مَالٍ، إِلا لِوَلَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ دَخَلَ مَعَهُ بِشَرْطٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَتُؤَدَّى حَالَةً وَرِثَهُ مَنْ مَعَهُ فَقَطْ، مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً، وقَوِيَ وَلَدُهُ عَلَى السَّعْيِ سَعَوْا، وتُرِكَ مَتْرُوكُهُ لِلْوَلَدِ، إِنْ أَمِنَ كَأُمِّ وَلَدِهِ.
الشرح:
قوله: (وَإِقْرَارٌ بِجِنَايَةِ خَطَإٍ) أشار بِهِ لقوله فِي كتاب الجنايات من "المدونة": وإن أقرّ مكاتب بقتلٍ خطأ لَمْ يلزمه شيء عجز أَو عتق، ولَو أقرّ بدينٍ لزم ذمته عتق أَو رقّ. فصرّح بالفرق بين جناية الخطأ والدين، وإياه تبع المصنف.

متن الخليل:
وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيباً، أَوِ اسْتُحِقَّ مَوْصُوفاً فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ، وإِنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، ومَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ، وبِيعَتْ كَأَنْ أَسْلَمَ، وبِيعَ مَعَهُ مَنْ فِي عَقْدِهِ، وكَفَّرَ بِالصَّوْمِ واشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ، واسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا، أَوْ مَا يُولَدُ لَهَا، ومَا يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ، وقَلِيلٍ كَخِدْمَةٍ، بَعْدَ وَفَاءِ لَغْوٍ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ، وإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ رُقَّ كَالقِنِّ، وأُدِّبَ إِنْ وَطِئَ - بِلا مَهْرٍ، وعَلَيْهِ نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ، وإِنْ حَمَلَتْ خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ، وأُمُومَةِ الْوَلَدِ، إِلا لِضُعَفَاءَ مَعَهَا، أَوْ أَقْوِيَاءَ لَمْ يَرْضَوْا وحُطَّ حِصَّتُهَا، إِنِ اخْتَارَتِ الأُمُومَةَ، وإِنْ قُتِلَ. فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ، وهَلْ قِنَّاً، أَوْ مُكَاتِباً، تَأْوِيلانِ، وإِنِ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ، وعَتَقَ إِنْ عَجَزَ، والْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ والأَدَاءِ، لا الْقَدْرِ والأَجَلِ والْجِنْسِ، وإِنْ أَعَانه جَمَاعَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ، وعَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ، إِنْ عَجَزَ، وإِلا فَلا، وإِنْ أَوْصَى بِمُكَاتَبَتِهِ فَكِتَابَةُ الْمِثْلِ، إِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وإِنْ أَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ جَازَتْ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيباً، أَوِ اسْتُحِقَّ مَوْصُوفاً فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ، وإِنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ) هذه من مشكلات هذا المختصر، وما زلت أتمنى أن أقف عَلَى شرح مثل هذه المشكلات من كلام شيخ شيوخنا العلامة أبي عبد الله بن مرزوق، والشيخ البساطي والشيخ حلولو، ولَمْ أجد إِلَى ذلك سبيلاً؛ لأن هذه الشروحات لَمْ تصل لهذه البلاد إِلا ليد من هُوَبها ضنين، وقد كتب لي بعض الثقات كلام الإمام أبي عبد الله بن مرزوق عَلَيْهَا بالنظر إِلَى تمشية لفظها دون نقولها ونصّه: "كذا وجدت هذا الكلام فِي بعض النسخ، فإن كَانَ قوله: (وإِن وجد) معطوفاً عَلَى أن فِي قوله: (وفسخت إِن مات)، ويكون المعنى أن الكتابة تفسخ أَيْضاً إِن وجد السيّد العوض الذي كاتب عَلَيْهِ عبده معيباً أَو استحقّ ذلك العوض من يده، وقد كَانَ كاتبه عَلَيْهِ موصوفاً فِي ذمة العبد أَو استحق من يده، وقد كَانَ كاتبه عَلَيْهِ معيناً، وهُوَمعنى قوله: (كمعين) وفسخ الكتابة لاستحقاق العوض الموصوف والمعين يثبت وإِن ملك المكاتب هذا العوض بوجه شبهة، وأحرى أن يثبت إِذَا ثبت أن ذلك العوض لا شبهة له فيه، بل سرقه أَو غصبه؛ ولهذه الأخروية غيا بقوله: (وَإِن بشبهة له)، والضمير للمكاتب أي: وإِن ثبت كون ذلك العوض للمكاتب بوجه شبهة لئلا يقال إِن كَانَ فِي يده بشبهة فهو معذور فلا تفسخ الكتابة بل يعود مكاتباً.
وقوله: (إِن لَمْ يكن له مال) عَلَى هذا معناه إِن فسخ الكتابة لعيب العوض أَو استحقاقه موصوفاً أَو معيباً إنما هُوَإِذَا لَمْ يكن للمكاتب مال، وأما إِن كَانَ للمكاتب مال فأنّه يبقى مكاتباً ويرجع عَلَيْهِ بمثل العوض إِن كَانَ موصوفاً وبقيمته إِن كَانَ معيناً، فقوله: (إِن لَمْ يكن له مال) شرط فِي فسخ الكتابة فِي هذه الصورة، ثُمَّ هذا الكلام عَلَى مقتضى هذا الشرح مخالف للمذهب، فإن النصوص متظافرة عَلَى أن الكتابة لا تفسخ لعيب العوض أَو استحقاقه بل يعود العبد مكاتباً إِن لَمْ يكن له مال، وأما إِن كَانَ له مال فإن عتقه يمضي ويرجع عَلَيْهِ بما ذكر، فالكتابة لا تفسخ عَلَى حال؛ وإنما الذي يفسخ إِن لَمْ يكن له مال هُوَالعتق الذي حصل له بدفع العوض المستحق عَلَى قول؛ وعَلَى هذا فالحكم عكس ما ذكر، فلو قال: لا إِن وجد.. إِلَى آخره لكان أولى، ولعلّه كذلك كَانَ وجعلت الواو مكان لا، ثُمَّ لَو كانت العبارة كذلك لما كَانَ لقوله: (وَإِن بشبهة له إِن لَمْ يكن له مال) فائدة؛ لأن الحكم عدم فسخ الكتابة كَانَ له فِي به العوض شبهة أَو لا كان له مال أَو لا وإصلاح عبارته مَعَ الاختصار إِن قصد ذكر ما لا تفسخ معه الكتابة عَلَى عادته فِي مثله أن يقول لا بعيب عوض أَو استحقاقه.
فإن قيل: ما ذكرت من مخالفة هذا الحكم للنصوص هُوَكذلك إِلا أنّه ظاهر فِي الفقه، فأنّه إِن لَمْ يكن له مال بعد تعيب العوض أَو استحقاقه تبين عجزه فتفسخ الكتابة، وربما يساعده ما فِي "المدونة" حين قال مالك: إِذَا أدى كتابته وعَلَيْهِ دين إِن علم أن ما دفعه من أموال الغرماء فلهم أخذه من السيد.
قال ابن القاسم: ويرجع رقاً، فظاهر قول ابن القاسم هذا فسخ الكتابة، ولا فرق بين الاستحقاق ودين الغرماء، فكأنه كله دين عَلَى المكاتب، ولذلك قال ابن الحاجب: أما لَو غره بما لا شبهة له فيه ردّ عتقه، وكذلك لَو أعطى مال الغرماء، وقد تتأول النصوص التي لا تقتضي فسخ الكتابة مَعَ عيب العوض أَو استحقاقه عَلَى ما إِذَا كَانَ للمكاتب مال، وأما إِن لَمْ يكن له مال فإنها تفسخ للعجز، فيكون كلام المصنف مقيداً لها؟.
قلنا: لا نسلم أن ما ذكر هو ظاهر الفقه؛ فأنّه لا يلزم من كون المكاتب لا مال له أن يعجز فتفسخ الكتابة، بل قد يكون من لا مال له قوياً عَلَى السعي فلا تفسخ الكتابة، وما ذكرت من مساواة الاستحقاق لدين المكاتب فهو كذلك؛ ولكن ابن يونس قال مفسراً لقول ابن القاسم: ويرجع رقاً. يريد مكاتباً، وأما ما ذكرت من تأويل النصوص فيمن له مال فمردود بنصّ ابن نافع وغيره عَلَى عود من لا مال له بعد استحقاق عوضه مكاتباً، وأما من له مال فلا يرد عتقه ويتبع بما ذكر.
ورأيت فِي بعض النسخ بدل ما شرحنا: (و إِن وجد العوض معيباً فمثله أَو استحقّ موصوفاً فقيمته كمعين إِن بشبهة له، وإِن لَمْ يكن له مال ع بِهِ دينا)، وهذا الكلام أقرب إِلَى الاستقامة وموافقة النقل، إِلا أن قوله فِي المستحق إِذَا كَانَ موصوفاً: يرجع فيه بالقيمة ليس كذلك، بل إنما يرجع فِي الموصوف بالمثل كما تقرر فِي العيب والاستحقاق، ويجب أن يقيد قوله فِي المعيب بمثله. بما إِذَا كَانَ موصوفاً.
وأما إِن كَانَ معينا فإن الرجوع فيه بالقيمة ومعناه أن المكاتب إِذَا أدى العوض الذي كوتب عَلَيْهِ وعتق، فألفى السيد العوض معيباً فإن عتقه يمضي ويرجع السيّد عَلَى المكاتب بمثل ذلك العوض، ولا فرق فِي هذا العوض بين كونه من ذوات الأمثال أَو ذوات القيم؛ لأن عوض الكتابة لما كَانَ فِي الذمة أشبه المسلم فيه، والمسلّم فيه إِذَا ظهر عيب بِهِ رجع على المسلّم إليه بمثله؛ لأنّه غير معين.
وإِن أدى المكاتب العوض الذي كاتب عَلَيْهِ، وكَانَ ذلك العوض الذي كاتب عَلَيْهِ موصوفاً بعتق أَيْضاً ثُمَّ استحقّ ذلك العوض من يد السيّد فإن عتقه يمضي ويرجع السيّد عَلَيْهِ بقيمة العوض، وكذا إِن كَانَ العوض معيباً فاستحقّ بعد أدائه وعتق المكاتب فإن العتق يمضي، ويرجع السيّد بالقيمة.
وإِلَى هذا أشار بقوله: (كمعين) أي كما يرجع فِي المعين بالقيمة يرجع فِي الموصوف بالقيمة، وكأنّه أشار إِلَى قياس الموصوف عَلَى المعين، وفيه بحث، وقوله: (إن بشبهة) هُوَشرط فِي مضي العتق والرجوع بالقيمة فِي استحقاق الموصوف والمعين، ولا يرجع إِلَى المعيب؛ لأنّه لَمْ يزل عَلَى ملك المكاتب، ومفهوم هذا الشَرْط يقتضي أن هذا العوض المستحق إِن لَمْ يكن فيه شبهة للمكاتب فإن عتقه لا يمضي ويعود العبد مكاتباً، وهذا هُوَ قول مالك ورواية أشهب وابن نافع عنه فِي القطاعة.
وقال به ابن القاسم وغيره: ولا فرق بين القطاعة والكتابة، وقوله: (وإن لَمْ يكن له مال... إِلَى آخره) أي وإن لَمْ يكن مال للمكاتب الذي تعين الرجوع عَلَيْهِ بالمثل فِي صورة العيب، وبالقيمة فِي صورة الاستحقاق، وملك العوض فِي صورة الاستحقاق بشبهة فأنّه يتبع بالمثل أَو القيمة ديناً فِي ذمته ولا يرجع مكاتباً؛ لأن عتقه قد تمّ وهُوَمعذور فيما ملك بشبهة، وأما من لا شبهة له فِي العوض فإن عتقه لا يمضي؛ لأنّه لا يعتق بالباطل كما قال مالك ويعود مكاتباً.
هذا آخر ما نقل لي الثقة من كلام الإمام ابن مرزوق، نقلته مَعَ ما فيه من التطويل ليكون عرضة للنظر والتأمل.على أني أسقطت منه شيئاً يسيراً.
وقد كانت تمشيتة النسخة الأولى انقدحت لي قبل وقوفي عَلَى كلامه؛ لكن عَلَى أن يكون التقدير: وفسخت الكتابة إِن مات، وفسخت العتاقة إِن وجد العوض معيباً، كأنّه من النوع المسمى عند أهل البديع بالاستخدام؛ كقول ابن الحاجب: وفِي لبن الجلالة وبيضها، وذهن السامع اللبيب يميزه، فعلى هذا لا يلزم ما أورد عَلَيْهِ من مخالفة المذهب، لكن عرض لي قول ابن رشد فِي أول مسألة من سماع أشهب: لا اختلاف إِذَا قاطع سيده عَلَى عبد موصوف، واستحقّ من يده أنّه يرجع عَلَيْهِ بقيمته ولا يرده فِي الكتابة، فلولا أنّه ذكر الموصوف مساوياً للمعين لتمت التمشية، وأما النسخة الثانية فكأنّه استند فيها لظاهر تعليل ابن عبد السلام الرجوع بالمثل فِي المعيب فإن الكتابة إنما تكون بغير المعين، والأعواض غير المعينة إِذَا اطلع فيها عَلَى عيب قضى بمثلها، وقول ابن رشد الذي قدمناه: إِذَا قاطع عَلَى موصوف فاستحقّ رجع بقيمته، وهذا كما ترى، فالمسألة محتاجةً إِلَى مزيد تحرير.

متن الخليل:
وَإِلا فَلِلْوَارِثِ الإِجَازَةُ أَوْ عِتْقُ مَحْمِلِ الثُّلُثِ، وإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ، أَوْ بِمَا عَلَيْهِ، أَوْ بِعِتْقِهِ جَازَتْ، إِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ كِتَابَتِهِ، أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أنّه مُكَاتَبٌ، وأَنْتَ حُرٌّ، عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ أَلْفاً، أَو وعَلَيْكَ أَلْفٌ لَزِمَ الْعِتْقُ والْمَالُ، وخُيِّرَ الْعَبْدُ فِي الالْتِزَامِ والرَّدِّ، فِي أَنْتَ حُرٌّ، عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ، أَوْ إِنْ أَعْطَيْتَ.
الشرح:
قوله: (وَإِلا فَلِلْوَارِثِ الإِجَازَةُ أَوْ عِتْقُ مَحْمِلِ الثُّلُثِ) ينطبق عَلَى المسألتين قبله.

متن الخليل:
أَوْ نَحْوِهِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ نَحْوِهِ) معطوف عَلَى المجرور بفي فَيُجَرُّ، ولَو كَانَ ما عطف عَلَيْهِ محكياً. وبالله تعالى التوفيق.