فصل: باب الصيام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.فصل زكاة الفطر:

يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ عَنْهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وقُوتِ عِيَالِهِ وإِنْ بِتَسَلُّفٍ، وهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوِ الْفَجْرِ، خِلافٌ.
الشرح:
قوله: (يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ) الظاهر من لفظه أنه أراد بجزء الصاع ما يجب عَلَى مالك جزء من رقيق، وقد فسّر قدره. بقوله بعد: (والمشترك والمبعض بقدر الملك)، ونحوه لابن عرفة حيث حدّ زكاة الفطر إِذَا أريد به المصدر بأنها: إعطاء مسلم فقير لقوته يوم الفطر صاعاً من غالب القوت، أو جزءه المسمى للجزء المقصور وجوبه عَلَيْهِ قال: ولا ينتقض بإعطاء صاع ثانٍ؛ لأنه زكاة كأضحية ثانية، وإلا زيد مرة واحدة، وحدّها إِذَا أريد بها الاسم بأنها: صاع من غالب القوت، أو جزءه المسمى للجزء المقصور وجوبه عَلَيْهِ يعطى مسلماً فقيراً لقوت يوم الفطر. انتهى.
ولا يبعد هذا المحمل قوله: (عنه)؛ لعطفه عَلَيْهِ (وعن كل مسلم)، ولو أراد الإشارة لقول سند: من قدر عَلَى بعض الزكاة أخرجه عَلَى ظاهر المذهب. لكان الأنسب أن يقول: أو بعضه عوضاً من قوله: (أو جزؤه).

متن الخليل:
مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ مِنْ مُعَشَّرٍ، أَوْ أَقِطٍ، غَيْرَ عَلَسٍ، إِلا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرُهُ، وعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ، وإِنْ لأَبٍ وخَادِمِهَا أَوْ رِقٍّ لَوْ مُكَاتِباً وآبِقاً رُجِيَ، ومَبِيعاً بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيارٍ ومُخْدَماً، إِلا لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى مُخْدَمِهِ، والْمُشْتَرِكُ، والْمُبَعِّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ، ولا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ، والْمُشْتَرَى فَاسِداً عَلَى مُشْتَرِيهِ، ونُدِبَ إِخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلاةِ، ومِنْ قُوتِهِ الأَحْسَنِ، وغَرْبَلَةُ الْقَمْحِ إِلا الْغَلِثِ.
الشرح:
قوله: (مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ) أي: من أغلب قوت البلد لا قوت المؤدي، بدليل ما ذكر بعد من ندب إخراجها من قوته الأحسن، وجوازها من قوته الأدون.

متن الخليل:
ودَفْعُهَا لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ، أَوْ رِقُّهُ يَوْمَهُ ولِلإِمَامِ الْعَدْلِ، وعَدَمُ زِيَادَةٍ، وإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ، وجَازَ إِخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ ودَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِينَ وآصُعٍ لِوَاحِدٍ وقُوتِهِ الأَدْوَنِ إِلا لِشُحٍّ، وإِخْرَاجُهُ قَبْلَهُ بِكَالْيَوْمَيْنِ، وهَلْ مُطْلَقاً أَوْ لِمُفَرِّقٍ تَأْوِيلانِ ولا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ.
الشرح:
قوله: (وعَدَمُ زِيَادَةٍ) الظاهر من اقتصاره عَلَى هذه العبارة أنه يشير لقول مالك: لا يؤديها بالمُدّ الأكبر بل بِمُدِّهِ - عليه السلام -.
فإن أراد خيراً فعلى حدته. قال القرافي: سدّاً لذريعة تغيير المقادير الشرعية. ولو أراد عدم زيادة المسكين على صاع واحد لقال مثلاً: وعدم زيادة مسكين، وسيقول فِي الجائزات ودفع صاع لمساكين وآصع لواحد. والله تعالى أعلم.

.باب الصيام:

يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ، أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ، ولَوْ بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ، فَإِنْ لَمْ يُرَ بَعْدَ ثَلاثِينَ صَحْواً كُذِّبَا أَوْ مُسْتَفِيضَةً.
الشرح:
قوله: (فَإِنْ لَمْ يُرَ بَعْدَ ثَلاثِينَ صَحْواً كُذِّبَا) ليس بمفرع عَلَى شهادة الشاهدين فِي الصحو والمصر فقط كما قيل، بل هو أعم من ذلك.

متن الخليل:
وعَمَّ، إِنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا، لا بِمُنْفَرِدٍ إِلا كَأَهْلِهِ ومَنْ لا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ.
الشرح:
قوله: (لا بِمُنْفَرِدٍ) يحتمل أن يريد به لا بإخبار منفرد عن رؤية نفسه، وهذا جارٍ عَلَى المنصوص فِي المذهب إلّا أنه بعيد من لفظه، ويحتمل أن يريد لا بنقل منفرد عن الشهادة أو الاستفاضة، وهذا هو الظاهر من لفظه، إلا أنه جارٍ عَلَى غير المشهور، فقد اختلف فِي نقل ثبوته بخبر الواحد، فأجازه أبو محمد، وحكاه عن أحمد بن ميسر، وأباه أبو عمران الفاسي وقال: إنما قاله ابن ميسر فيمن بعث لذلك، وليس كنقل الرجل لأهله؛ لأنه القائم عليهم، وصوّب ابن رشد وابن يونس قول أبي محمد، وأنه لا فرق بينه وبين نقله لأهله، ولَمْ يحك اللخمي والباجي غيره، هذا تحصيل ابن عرفة، وزاد: ونَقْل ابن الحاجب الخلاف فِي نقله لأهله لا أعرفه.

متن الخليل:
وَعَلَى عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ رَفْعُ رُؤْيَتِهِ.
الشرح:
قوله: (وعَلَى عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ رَفْعُ رُؤْيَتِهِ) ظاهره ولو علم المرجو جرحة نفسه، وكذا فِي "النوادر" عن أشهب.

متن الخليل:
وَالْمُخْتَارُ، وغَيْرِهِمَا، وإِنْ أَفْطَرُوا فَالْقَضَاءُ والْكَفَّارَةُ، إِلا بِتَأْوِيلٍ فَتَأْوِيلانِ.
الشرح:
قوله: (والْمُخْتَارُ، وغَيْرِهِمَا) يوهم كما قيل أن اللخمي اختار وجوب رفع غير العدل والمرجو، وإنما اختار قول أشهب باستحبابه.
قال ابن عرفة: ونقْل ابن بشير بدل استحبابه وجوبه لا أعرفه.

متن الخليل:
لا بِمُنَجِّمٍ ولا يُفْطِرُ مُنْفَرِدٌ بِشَوَّالٍ ولَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ، إِلا بِمُبِيحٍ، وفِي تَلْفِيقِ شَاهِدٍ أَوَّلَهُ لآخَرَ آخره، ولُزُومِهِ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ بِشَاهِدٍ تَرَدُّدٌ، ورُؤْيَتُهُ نَهَاراً لِلْقَابِلَةِ، وإِنْ ثَبَتَ نَهَاراً أَمْسَكَ، وإِلا كَفَّرَ إِنِ انْتَهَكَ، وإِنْ غَيَّمَتْ ولَمْ يُرَ فَصَبِيحَتُهُ يَوْمُ الشَّكِّ، وصِيمَ عَادَةً وتَطَوُّعاً، وقَضَاءً وكَفَّارَةً، ولِنَذْرٍ صَادَفَ، لا احْتِيَاطاً ونُدِبَ إِمْسَاكُهُ لِيُتَحَقَّقَ، لا لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ زَوَالِ عُذْرٍ مُبَاحٌ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ كَمُضْطَرٍّ، فَلِقَادِمٍ وَطْءُ زَوْجَةٍ طَهُرَتْ، وكَفُّ لِسَانٍ وتَعْجِيلُ فِطْرٍ وتَأْخِيرُ سُحُورٍ، وصَوْمٌ بِسَفَرٍ، وإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ وصَوْمُ عَرَفَةَ إِنْ لَمْ يَحُجَّ، وعَشْرُ ذِي الْحُجَّةِ وعَاشُورَاءَ وتَاسُوعَاءَ، والْمُحَرَّمِ، ورَجَبٍ، وشَعْبَانَ وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِمَنْ أَسْلَمَ وقَضَاؤُهُ، وتَعْجِيلُ الْقَضَاءِ، ومُتَابَعَتُهُ كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ، وبَدْءٌ بِكَصَوْمٍ تَمَتُّعٍ، إِنْ لَمْ يَضِقِ الْوَقْتُ، وفِدْيَةٌ لِهَرِمٍ أَوْ عَطَشٍ وصَوْمُ ثَلاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وكُرِهَ كَوْنُهَا الْبِيضَ كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ، وذَوْقُ مِلْحٍ وعِلْكٌ ثُمَّ يَمُجُّهُ، ومُدَاوَاةُ حَفَرٍ زَمَنَهُ إِلا لِخَوْفِ ضَرَرٍ، ونَذْرُ يَوْمٍ مُكَرَّرٍ، ومُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ، وفِكْرٍ، إِنْ عُلِمَتِ السَّلامَةُ، وإِلا حَرُمَتْ، وحِجَامَةُ مَرِيضٍ فَقَطْ، وتَطَوُّعٌ قَبْلَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ، ومَنْ لا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ ولا غَيْرُهَا كَأَسِيرٍ كَمَّلَ الشُّهُورَ.
الشرح:
قوله: (لا بِمُنَجِّمٍ) هو في مقابلة قوله: (يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ...إلى آخر الثلاثة). وهو مما يؤيد الاحتمال الثاني الذي ذكرنا فِي قوله: (لا بمنفرد) فتدبّره.
تكميل:
قال ابن بشير: وقد ركن بعض أصحابنا البغداديين إِلَى أن الإنسان إِذَا تحقق عنده بالحساب إمكان الرؤية رجع إليها مَعَ الغيم، وهذا باطل.
قال ابن عرفة: لا أعرفه لمالك، بل قال ابن العربي: كنت أنكر عَلَى الباجي نقله عن بعض الشافعية لتصريح أئمتهم بلغوه حتى رأيته لابن شريح، وقاله بعض التابعين.

متن الخليل:
وإِنِ الْتَبَسَتْ وظَنَّ شَهْراً صَامَهُ، وإِلا تَخَيَّرَ.
الشرح:
قوله: (وإِلا تَخَيَّرَ) إنما عدل عن قول ابن الحاجب: يتحرى؛ لأنه ناقشه فِي "التوضيح" بأن فرض المسألة أنه فاقد للظن فكيف يتحرى؟ قال: وإنما مراده يتخير، فأطلق عَلَيْهِ التحرّي لعدم اللبس.

متن الخليل:
وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ بِالْعَدَدِ.
الشرح:
قوله: (وأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ بِالْعَدَدِ) أي: يعتبر عدد أيام رمضان، فلو وافق شوالاً لَمْ يحسب يوم العيد، ثم إن كانا كاملين أو ناقصين قضى يوماً واحداً وهو يوم العيد، وإن كان رمضان ناقصاً وشوال كاملاً لَمْ يقض شيئاً، وإن كان العكس قضى يومين، وكذلك إن صادف ذا الحجّة لَمْ يعتد بيوم النحر، ولا بأيام التشريق، ثم ينظر إِلَى ما بقى.

متن الخليل:
لا قَبْلَهُ، أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ.
الشرح:
قوله: (لا قَبْلَهُ) أي: فلا يجزئه إن وافق ما قبل رمضان سواءً كان ذلك فِي سنة واحدة أو فِي أكثر، وذلك متفق عَلَيْهِ فِي السنة الواحدة، واختلف فيما زاد عَلَيْهَا فقيل هو كالسنة الواحدة فِي عدم الإجزاء، وعَلَيْهِ درج المصنف حيث أطلق، وقيل: يقع الشهر الثاني قضاءً من رمضان الأول والثالث قضاءً عن الثاني ثم كذلك.
قال ابن عبد السلام: وأجراهما بعضهم عَلَى الخلاف فِي طلب تعيين الأيام فِي الصلاة، والأقرب عدم الإجزاء قياساً عَلَى من بقي أيّاماً يصلّي الظهر مثلاً قبل الزوال، وقد يفرق بأن أمارات أوقات الصلاة أظهر من أمارات رمضان، وفرض الصلاة متسع الوقت فالمخطئ مفرّط.

متن الخليل:
وَفِي مُصَادَفَتِهِ تَرَدُّدٌ.
الشرح:
قوله: (وفِي مُصَادَفَتِهِ تَرَدُّدٌ) أي: فإِذَا تبين له أنه صادف رمضان الذي قصد صومه ففي إجزائه تَرَدُّدٌ، وذلك أن اللخمي قطع بإجزائه كأنه المذهب.
وقال ابن رشد فِي رسمٍ لَمْ يدرك من سماع عيسى: لا يجزيه عَلَى مذهب ابن القاسم، ويجزيه عَلَى مذهب أشهب وسحنون، فاستشكله فِي "التوضيح" مَعَ حكايته فِي " البيان" و "المقدمات " الاتفاق عَلَى الإجزاء إِذَا صادف شهراً بعده. قال: وينبغي أن يكون عدم الإجزاء فيما بعده أولى وقد ذكر فِي "النوادر" الإجزاء عن ابن القاسم إِذَا صادفه، وجزم صاحب " الأشراف " به ثم قال: وفيه خلاف. انتهى فليتأمل.
وذكر ابن عرفة أنه لَمْ يجد لابن القاسم ما نقله عنه ابن رشد من عدم الإجزاء إِذَا صادفه، ثم استبعد أن يكون أخذه من قوله فِي سماع عيسى يعيد كل رمضان صامه إِذَا لَمْ يدر قبل رمضان صام أم بعده؛ مَعَ نقله عنه أنه إن بان أنه بعده أجزأه. قال بل ذكر الشيخ أبو محمد سماع عيسى بزيادة فليعد كلّ ما صام حتى يوقن أنه صادفه أو صام بعده.
ونقل عياض عن ابن القاسم فِي "العتبية" كابن رشد، وخرّجه عَلَى قول مالك من صام يوم الشكّ لرمضان فصادفه لَمْ يجزه، ويردُّ بأن نية تعيين مبهم عُلم امتناع عدمه أقوى من نية محتمل لا يمتنع عدمه. انتهى.
يعني: أن رمضان فِي فرض المسألة مبهم علم امتناع عدمه فِي السنة إذ لابد من وجوده فِيهَا، فنية تعيينه أقوى من نية الاحتياط لصوم يوم الشكّ، فإنه محتمل وجوده وعدم وجوده؛ لأنه لا يمتنع عدمه بحيث لا يكون من رمضان أصلاً وهو فرق نبيل.

متن الخليل:
وَصِحَّتُهُ مُطْلَقاً بِنِيَّةٍ مُبَيَّتَةٍ، وكَفَتْ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ لا مَسْرُودٍ ويَوْمٍ مُعَيَّنٍ، ورُوِيَتْ عَلَى الاكْتِفَاءِ فِيهِمَا، لا إِنِ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِكَمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ، وبِنَقَاءٍ، ووَجَبَ إِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ وإِنْ لَحْظَةً، ومَعَ الْقَضَاءِ إِنْ شَكَّتْ، وبِعَقْلٍ، وإِنْ جُنَّ ولَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً أَوْ أُغْمِيَ يَوْماً أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ ولَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ، لا إِنْ سَلِمَ ولَوْ نِصْفَهُ، وبِتَرْكِ جِمَاعٍ، وإِخْرَاجِ مَنِيٍّ، ومَذْيٍ، وقَيْءٍ.
الشرح:
قوله: (وَصِحَّتُهُ مُطْلَقاً بِنِيَّةٍ مُبَيَّتَةٍ) فهم من الإطلاق أن عاشوراء كغيره وهو المشهور.

متن الخليل:
أَوْ مَعَ الْفَجْرِ.
الشرح:
قوله: (أَوْ مَعَ الْفَجْرِ) هذا قول عبد الوهاب، خلاف رواية ابن عبد الحكم أنها لا تجزئ.
قال ابن عرفة، وصوّب اللخمي الأول بما حاصله: كلّ ما جاز للأكل حتى الفجر لَمْ يجب الإمساك إلا معه، والأول حقٌّ؛ لآية {حَتَّى يَتَبَيَّنَ} [البقرة: 187،وحديث: "حتى ينادي ابن أم مكتوم"؛ فإنه لا ينادي حتى يطلع الفجر، وكل ّما لَمْ يجب الإمساك إلّا مقارناً للفجر لَمْ تجب النية إلّا كذلك، لعدم فائدة تقدّم النية عَلَى المنوي، وتبعه ابن رشد، ويُردّ بأن ظاهره حصر وجوب النية في المقارنة وهو خلاف الإجماع، وبأن أول جزء من الإمساك واجب النية كسائره، وكل ما كان كذلك لزم تقدم نيته عَلَيْهِ؛ لأنها قصد إليه، والقصد متقدّم عَلَى المقصود وإلّا كان غير منوي.

متن الخليل:
وإِيصَالِ مُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ لِمَعِدَةٍ بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ، أَوْ حَلْقٍ، وإِنْ مِنْ أَنْفٍ، وأُذُنٍ، وعَيْنٍ، وبُخُورٍ، وقَيْءٍ، وبَلْغَمٍ إِنْ أَمْكَنَ طَرْحُهُ مُطْلَقاً.
الشرح:
قوله: (لِمَعِدَةٍ بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ أَوْ حَلْقٍ، وإِنْ مِنْ أَنْفٍ، وأُذُنٍ، وعَيْنٍ) الظاهر أن قوله: (أو حلق) معطوف عَلَى معدة؛ فكأنه اعتبر فيما يصل من الأسفل بالحقنة ما يليه وهو المعدة، وفيما يصل من الأعالي ما يليها وهو الحلق، فما جاوز ما يليه كان أحرى، وهذا وإن لم يساعد عبارة غيره فإليها يرجع فِي المعنى، ويحتمل عَلَى بُعدٍ أن يكون معطوفاً عَلَى حقنة كأنه قال: سواء كان وصوله للمعدة بسبب حقنة أو بسبب مرور عَلَى حلق.
تنبيهات:
الأول: حكى ابن حبيب فِي كتاب الطبّ عن جماعة من السلف: كراهة الحقنة لغير ضرورة غالبة؛ لأنها شعبة من عمل قوم لوط قال: ورواه مُطرِّف عن مالك، وفِي "المختصر " روى ابن عبد الحكم عن مالك: ليس بها بأس. قال فِي "التوضيح": ظاهره خلاف ويمكن حمل الأخير عَلَى الضرورة فيتفقان.
الثاني: لمّا نوّع المصنّف الأعالي للمنفذ المتسع والضيّق، ولَمْ يفعل ذلك فِي الأسافل، دلّ عَلَى أن ما يقطر فِي الإحليل ليس كالحقنة فِي الدبر كما صرّح به بعد هذا، ومثله فِي "المدوّنة".
قال ابن عرفة: ونقْل ابن الحاجب القضاء فيه لا أعرفه.
الثالث: يتناول قوله: (أو عين) كل ما يكتحل به من أثمد أو صبر أو غيرهما كما فِي "المدوّنة".
الرابع: قال فِي الذخيرة من اكتحل ليلاً لا يضره هبوط الكحل فِي معدته نهاراً فإن سلم فهو خلاف ما يأتي فِي الاستياك بالجوزاء ليلاً، والفرق سهل.
الخامس: إِذَا علم من عادته أن الكحل أو نحوه لا يصل إِلَى حلقه فلا شئ عَلَيْهِ قاله اللخمي.
السادس: قال أبو الحسن الصغير: هذا أصل فِي كلّ ما يعمل فِي الرأس من الحناء والدهن وغيرهما، وفِي "التهذيب" عن السليمانية: من تبخّر بالدواء فوجد طعم الدّخان فِي حلقه يقضي يوماً، بمنزلة من اكتحل أو دهن رأسه فوجد طعم ذلك. انتهى. والقصد منه دهن الرأس.
ابن الحاجب بخلاف دهن الرأس، وقيل: إلّا أن يستطعمه.
ابن عبد السلام: خلاف فِي حال "التوضيح": لَمْ أر الأول.
وعدّ عياض فِي " قواعده " دهن الرأس من المكروهات فقال: القبّاب لا يجوز عَلَى المشهور أن يعمل عَلَى رأسه حناء أو غيره إِذَا علم بوصوله لحلقه، ويكره عَلَى قول أبي مصعب، وعَلَيْهِ مشى فِي " القواعد".
السابع: قال سند: لو حكّ أسفل رجليه بالحنظل فوجد طعمه فِي فيه أو قبض بيده عَلَى الثلج فوجد برده فِي جوفه فلا شئ عَلَيْهِ.

متن الخليل:
أَوْ غَالِبٍ مِنْ مَضْمَضَةٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ غَالِبٍ مِنْ مَضْمَضَةٍ) ينبغي أن يكون تقديره: أو وصول غالب لا إيصال غالب؛ لأن الغلبة تنافي الإيصال دون الوصول إذ هو أعمّ.

متن الخليل:
أَوْ سِوَاكٍ، وقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقاً، وإِنْ بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِماً كَمُجَامَعَةِ نَائِمَةٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ سِوَاكٍ) هذا هو الصحيح وقال ابن حبيب: من جهل أن يمجّ ما اجتمع فِي فيه من السواك الرطب فلا شئ عَلَيْهِ. قال الباجي: وفيه نظر؛ لأنه يغيّر الريق وما كان بهذه الصفة ففي عمده القضاء والكفارة، وفِي التأول والنسيان القضاء فقط، ويأتي الكلام عَلَى الجوز.

متن الخليل:
وَكَأَكْلِهِ شَاكَّاً فِي الْفَجْرِ، أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ، ومَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ اقْتَدَى بِالْمُسْتَدِلِّ، وإِلا احْتَاطَ.
الشرح:
قوله: (وَكَأَكْلِهِ شَاكَّاً فِي الْفَجْرِ) سكت عن الشكّ فِي الغروب لأنه أحرى.

متن الخليل:
إِلا الْمُعَيَّنُ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ.
الشرح:
قوله: (إِلا الْمُعَيَّنُ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ) اتبع فِي النسيان تشهير ابن الحاجب، وقد وهّمه ابن عرفة وشهَّر القضاء.

متن الخليل:
وَفِي النَّفْلِ، بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ ولَوْ بِطَلاقٍ بَتٍّ، إِلا لِوَجْهٍ كَوَالِدٍ، وشَيْخٍ وإِنْ لَمْ يَحْلِفَا.
الشرح:
قوله: (وَفِي النَّفْلِ، بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ ولَوْ بِطَلاقٍ بَتٍّ، إِلا لِوَجْهٍ كَوَالِدٍ، وشَيْخٍ وإِنْ لَمْ يَحْلِفَا) ظاهره أن الإغياء والاستثناء راجعان للقضاء، وذلك لا يصح فيجب صرفهما لتحريم تعمّد الفطر فِي النفل، والمعنى: أنه يحرم عَلَى المتطوع تعمد الفطر لغير عذرٍ من مرض ونحوه، فيخالف من أمره بذلك، ويحنث من حلف عَلَيْهِ ولو كانت يمينه بطلاق الثلاث إلّا أن يكون ذلك لوجهٍ كحنانة والديه وأمر شيخه.
فإن قلت: ولأي خلاف أشار (بلو)؟
قلت: جاءت الرواية عن مُطرِّف فِي "النوادر" أنه يحنث الحالف عَلَيْهِ بالله مُطْلَقاً، وبالطلاق والعتق والمشي، إلّا أن يكون لذلك وجه واجب كطاعة أبويه إن عزما عَلَى فطره ولو بغير يمين، زاد ابن رشد: إن كان رقّة عَلَيْهِ لإدامة صومه. انتهى، فاختلف المتأخرون من الفاسيين فِي معنى قوله: (إلّا أن يكون لذلك وجه) فحكى عن أبي الفضل راشد أنه قال: الوجه أن يقصد بيمينه الحنانة، كأنه رده لما ذكر بعده فِي الأبوين، ومنهم من قال: الوجه أن يكون يمينه آخر الثلاث فلا يحنثه فلعلّ المصنف أشار (بلو) لخلاف هذا الثاني، وعَلَيْهِ فقوله: (كوالد وشيخ) تمثيل عَلَى طريق التفسير للوجه، وليس بتشبيه لإفادة حكم فِي فرع آخر، هذا أمثل ما انقدح لي فِي الوقت فِي تمشيته، مَعَ أن كلام مُطرِّف ينبوا عن هذا المحمل، عَلَى أنه لا يرفع الإشكال بالكلية، بل يبقى فيه من المناقشة أن يقال: هذا ينتج أن الإفطار لعزيمة الوالدين والشيخ ليس بحرام؛ وإِذَا لَمْ يكن حراماً فلا قضاء عَلَيْهِ عملاً بقوله: (وفِي النَّفْلِ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ)، وليس كذلك، بل لابد من القضاء كما يأتي فِي كلام عياض. والله تعالى أعلم.
وأما إلحاق حرمة الشيخ بحرمة الوالدين فعزاه فِي "التوضيح" لابن غلاب، ويشبه أن يكون منزعاً صوفياً، كما حكى فِي الشابّ الذي قالوا له: كل معنا. فقال: إنّي صائم.
فقال أبو يزيد البسطامي دعوا من سقط من عين الله.
على أنه جاء عن عيسى بن مسكين، أحد فقهاء المالكية أنه قال لصاحب له فِي صوم تطوع أمره بفطره: ثوابك فِي سرور أخيك المسلم بفطرك عنده أفضل من صومك، ولَمْ يأمره بقضائه.
فقال عياض: قضاؤه واجب، ولَمْ يذكره لوضوحه.
ابن عرفة: هذا خلاف ظاهر المذهب يعني إباحة الفطر قال: ونقل بعض الشيوخ عن شيوخنا عن الشيخ الصالح الفقيه أبي علي الحسن الزَّبيدي أنه قال لصائم متطوع حضره طعام جماعة: كل ونعلمك فائدة، فلما أكل أخذ بأذنه وقال له: إِذَا عقدت مَعَ الله عهداً فلا تنقضه.
ابن عرفة: لعلّه علم منه عزمه عَلَى الفطر تأولاً.

متن الخليل:
وَكَفَّرَ إِنْ تَعَمَّدَ بِلا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وجَهْلٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ جِمَاعاً.
الشرح:
قوله: (بِلا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وجَهْلٍ) المتأول هو: المستند إِلَى شبهة، والجاهل هو: الذي لا يستند إِلَى شئ. قال اللخمي: اختلف فِي الجاهل فجعله ابن حبيب كالعامد فقال فِي الذي يتناول فلقة حبة: إن كان ساهياً فلا كفارة عَلَيْهِ، وإن كان جاهلاً أو عامداً كان عَلَيْهِ القضاء والكفارة، والمعروف من المذهب: أن الجاهل فِي حكم المتأول ولا كفارة عَلَيْهِ؛ لأنه لَمْ يقصد انتهاك صومه، ولو كان رجل حديث عهدٍ بالإسلام يظن أن الصيام الإمساك عن الأكل والشرب دون الجماع لَمْ تجب عَلَيْهِ كفّارة إن جامع.

متن الخليل:
أَوْ رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَاراً أَوْ أَكْلاً أَوْ شُرْباً بِفَمٍ فَقَطْ وإِنْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ، أَوْ مَنْيَّاً وإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ إِلا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتُه عَلَى الْمُخْتَارِ، وإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ، فَتَأْوِيلانِ. بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِيناً لِكُلٍّ مُدٌّ، وهُوَالأَفْضَلُ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ، أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ، وعَنْ أَمَةٍ وَطِئَهَا، أَوْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا نِيَابَةً، فَلا يَصُومُ، ولا يَعْتِقُ عَنْ أَمَةٍ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ) تقدم عند قوله: (أو غالب من مضمضة أو سواك) ما صوّبه الباجي: أن السواك الرطب المغيّر للريق فِي تعمد ابتلاعه القضاء والكفارة، وفِي التأويل والنسيان القضاء فقط، وهذا لا يختصّ بالجوزاء نعم هي أشدّ من غيرها، حتى ذكر عن أبي محمد صالح عن بعض ثقات شيوخه أنه وقف لابن لبابة أو غيره عَلَى أن من استاك بالجوزاء فِي رمضان ليلاً وأصبح عَلَى فيه فعَلَيْهِ القضاء، وإن استاك بالنهار فعَلَيْهِ القضاء والكفارة. انتهى.
وقد وقفت فِي النسخة الكبرى من نوازل ابن الحاجّ عَلَى ما نصّه: قال ابن عتاب: ومما لا يجوز الاستياك به سواك أهل زماننا هذا المتخذ من أصول الجوز، فمن استاك به فِي ليلٍ أو نهار فعَلَيْهِ القضاء. انتهى.
يعني: لا يجوز للرجال كما قال أبو عمر بن عبد البر وأنكره ابن العربي، ومن الغريب ما كتب لي به شيخنا الفقيه الحافظ أبو عبد الله القوري أنّ شيخنا الفقيه أبا محمد عبد الله العبدوسي أفتى: أن من تسحّر بالنبات المسمى بالحرشف فأصبح صبغه عَلَى فيه بمنزلة من استاك بالجوزاء ليلاً. وهذا اللفظ عند أهل اللغة بفتح الحاء المهملة والشين المعجمة ذكره الزبيدي فِي " لحن العامّة " وغيره.

متن الخليل:
وإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ ورَجَعَتْ، إِنْ لَمْ تَصُمْ بِالأَقَلِّ مِنَ الرَّقَبَةِ. وكَيْلِ الطَّعَامِ، وفِي تَكْفِيرِهِ عَنْهَا إِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُبْلَةِ حَتَّى أَنْزَلا تَأْوِيلانِ وفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلٍ لِيُجَامِعَ قَوْلانِ، لا إِنْ أَفْطَر نَاسِياً، أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ إِلا بَعْدَ الْفَجْرِ.
الشرح:
قوله: (وَرَجَعَتْ إِنْ لَمْ تَصُمْ بِالأَقَلِّ مِنَ الرَّقَبَةِ. وكَيْلِ الطَّعَامِ) كان حقّه أن يزيد وثمنه كما قال عبد الحق فِي "النكت" و ابن محرز.

متن الخليل:
أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ، أَوْ قَدِمَ لَيْلاً، أَوْ سَافَرَ دُونَ الْقَصْرِ، أَوْ رَأَى شَوَّالاً نَهَاراً فَظَنُّوا الإِبَاحَةَ، بِخِلافِ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ كَرَاءٍ، ولَمْ يُقْبَلْ.
الشرح:
قوله: (أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ) نصّه فِي سماع أبي زيد وسئل عن رجلٍ تسحّر فِي رمضان فِي الفجر، فظنّ أن ذلك اليوم لا يجزئ عنه صيامه، فأكل متأولاً؟ قال: يقضي يوماً مكانه ولا كفارة عَلَيْهِ.
قال ابن رشد: هذا بيّن مثل ما فِي "المدوّنة" وأغفل ابن عرفة هذا السماع.

متن الخليل:
أَوْ أَفْطَرَ لِحُمَّى ثُمَّ حُمَّ أَوْ لِحَيْضٍ ثُمَّ حَصَلَ، أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ غِيبَةٍ، ولَزِمَ مَعَهَا الْقَضَاءُ إِنْ كَانَتْ لَهُ.
الشرح:
قوله: (ولَزِمَ مَعَهَا الْقَضَاءُ إِنْ كَانَتْ لَهُ) أي: للمكفر، احترازاً ممن كفّر عن غيره من أمة وزوجة وغيرهما.

متن الخليل:
والْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ بِمُوجِبِهَا ولا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ، وذُبَابٍ وغُبَارِ طَرِيقٍ، أَوْ دَقِيقٍ، أَوْ كَيْلٍ، أَو جبسٍ لِصَانِعِهِ، وحُقْنَةٍ فِي إِحْلِيلٍ أَوْ دُهْنِ جَائِفَةٍ، ومَنِيِّ مُسْتَنْكِحٍ أَوْ مَذْيٍ ونَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ فَرْجٍ طُلُوعَ الْفَجْرِ، وجَازَ سِوَاكٌ كُلَّ النَّهَارِ، ومَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ، وإِصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ، وصَوْمُ دَهْرٍ وجُمُعَةٍ فَقَطْ وفِطْرٌ بِسَفَرٍ قَصْرٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ ولَمْ يَنْوِهِ فِيهِ، وإِلا قَضَى ولَوْ تَطَوُّعاً.
الشرح:
قوله: (ونَزْعِ مَأْكُولٍ) ظاهره كظاهر كلام غيره أنه لا يحتاج إِلَى مضمضة، ورأيت فِي النسخة الكبرى من نوازل ابن الحاجّ أنه يلقى ما فِي فيه ويتمضمض، وظاهر سياقه أنه لابن القاسم، وفِي نوازل البرزلي: من نام قبل أن يتمضمض حتى طلع الفجر وقد بيّت الصيام فلا شئ عليه.

متن الخليل:
ولا كَفَّارَةَ، إِلا أَنْ يَنْوِيَهُ بِسَفَرٍ كَفِطْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ، وبِمَرَضٍ خَافَ زِيَادَتَهُ، أَوْ تَمَادِيَهُ، ووَجَبَ إِنْ خَافَ هَلاكاً، أَوْ شَدِيدَ أَذًى كَحَامِلٍ، ومُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ أَوْ غَيْرَهُ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، والأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ هَلْ مَالِ الأَبِ، أَوْ مَالِهَا؟ تَأْوِيلانِ، والْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ، بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ غَيْرَ رَمَضَانَ وإِتْمَامُهُ إِنْ ذَكَرَ قَضَاءَهُ.
الشرح:
قوله: (وَلا كَفَّارَةَ، إِلا أَنْ يَنْوِيَهُ بِسَفَرٍ كَفِطْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ) كأنه شبّه الأضعف الذي يخالف فيه أشهب بالأقوى الذي يوافق عَلَيْهِ، واستوفى مَعَ ذلك ذكر الفرعين المنصوصين؛ فلهذا لَمْ يستغن عن ذكر الأحرى.

متن الخليل:
وفِي وَجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلافٌ، وأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْداً إِلا أَنْ يَأْتِيَ تَائِباً، وإِطْعَامُ مُدِّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ
لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لِمِثْلِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ.
الشرح:
قوله: (وَفِي وَجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلافٌ) قال فِي "التوضيح": القَوْلانِ جاريان فِي الفرض والنفل نقلهما عبد الحقّ فِي " التهذيب " وابن يونس ونحوه لابن عرفة، خلافاً لابن عبد السلام في تخصيصه الخلاف بقضاء التطوع عَلَى ظاهر كلام ابن الحاجب، وأنه لا يقضي فِي قضاء رمضان إلّا يوماً واحداً، ثم صوّب ابن عبد السلام عدم التعدد لما يلزم عَلَى طرد التعدد لو أفطر فِي قضاء أحد اليومين أن يقضي أَيْضاً يومين، وفِي اليوم الثاني كذلك، ويتضاعف هذا بما لا يقوله هذا القائل؛ فردّه ابن عرفة بقول ابن رشد فِي سماع يحيي: ثم إن أفطر بعد ذلك متعمداً فِي قضاء القضاء كان عَلَيْهِ صيام ثلاثة أيام، اليوم الذي كان ترتب فِي ذمته بالفطر فِي رمضان، أو بالفطر متعمداً فِي التطوع، ويوم لفطره فِي القضاء متعمداً، ويوم لفطره فِي قضاء القضاء متعمداً.
قال ابن عرفة: فهذا يؤذن بتكرره مُطْلَقاً ولا نصّ بخلافه، ونفي ابن عبد السلام له لا أعرفه. ووجدت عَلَى طرته بخط شيخنا الفقيه الحافظ أبي عبد الله القوري فِي " تهذيب الطالب " ما يؤذن بعدم التعدد.

متن الخليل:
ولا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ إِنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ لا إِنِ اتَّصَلَ مَرَضُهُ مَعَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، ومَنْذُورُهُ، والأَكْثَرُ إِنِ احْتَمَلَهُ لَفْظُهُ بِلا نِيَّةٍ كَشَهْرٍ، فَثَلاثِينَ، إِنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلالِ، وابْتِدَاءُ سَنَةٍ.
الشرح:
قوله: (لا إِنِ اتَّصَلَ مَرَضُهُ) هذا أحرى من مفهوم الشرط قبله، ثم لو قال عذره لكان أولى؛ لأنه أعمّ، ولما حصّل ابن عرفة الخلاف فِي المسألة قال: ففي كون القضاء عَلَى الفور أو التراخي لبقاء قدره قبل تاليه بشرط السلامة أو مُطْلَقاً، الثلاثة، وأخذ ابن رشد من قولهما فِي الموت الأول أظهر من أخذ اللخمي منه الثلاث إذ لا يلزم من عدم الفدية عدم الفور ففي قول ابن الحاجب لا يجب علي الفور اتفاقاً، نظر. انتهى.
وأما ابن عبد السلام فقال: هو كما قال متفق عَلَيْهِ؛ وإنما الخلاف فِي الباب عَلَى الخلاف فيمن أخّر أداء الواجب الموسّع فمات فِي آخر الوقت هل يموت آثماً أم لا؟.

متن الخليل:
وقَضَى مَا لا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي سَنَةٍ، إِلا أَنْ يُسَمِّيَهَا، أَوْ يَقَولَ هَذِهِ و يَنْوِيَ بَاقِيَهَا، فَهُوَ.
الشرح:
قوله: (إِلا أَنْ يُسَمِّيَهَا، أَوْ يَقَولَ هَذِهِ ويَنْوِيَ بَاقِيَهَا، فَهُوَ) أي فالباقي هو الواجب عَلَيْهِ، فالضمير يعود عَلَى الباقي، ويجب أن يعطف ينوي بالواو لا بأو كما فِي النسخ التي وقفنا عَلَيْهَا، فما اشتمل كلامه إلّا عَلَى مسألتين، ومما يوضّح ذلك اقتصاره فِي "التوضيح" عليهما ناقلاً قول اللخمي: فإن قال: لله عليّ أن أصوم هذه السنة فإن سمّاها كسنة سبعين - صام ما بقي منها قلّ أو كثر ولا قضاء عَلَيْهِ عن الماضي، وإن قال: هذه السنة ولَمْ يرد استئناف السنة من الآن فالقياس أن لا شئ عَلَيْهِ إلّا صيام ما بقى منها، كالأول.
وقال مالك فِي "العتبية" فيمن حلف وهو فِي نصف سنة إن فعل كذا وكذا فعَلَيْهِ صوم هذه السنة إن نوى باقيها فذلك له، وإن لَمْ ينو شيئاً استأنف من يوم حلف اثنا عشر شهراً، وفِي هذا نظر؛ لأن قوله: هذه السنة يقتضي التعريف، وهو بمنزلة من قال: لله عليّ أن أصلي هذا اليوم، فليس عَلَيْهِ إلّا صلاة ما بقى منه. انتهى.
وفي رسم بع من سماع عيسى قال ابن القاسم: من قال لله عليّ صيام هذه السنة وهو فِي سنة ست وثمانين، وقد مضى نصفها فعَلَيْهِ صيام اثني عشر شهراً.
قال ابن رشد: إلّا أن يكون أراد ما بقي من السنة فتكون له نيته قال ذلك مالك فِي سماع أشهب من كتاب الطلاق، فمضى المصنّف عَلَى الرواية دون قياس اللخمي، وقال ابن عرفة فِي قياس اللخمي: يردّ بأن ابتداء السنة متأتٍ، فحملها عَلَى بعضها مجاز مَعَ يسر الحقيقة، وابتداء اليوم من حين الاشارة ممتنع، فيحمل عَلَى بعضه مجازاً.

متن الخليل:
وَلا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ، بِخِلافِ فِطْرِهِ لِسَفَرٍ، وصَبِيحَةُ الْقُدُومِ فِي يَوْمِ قُدُومِهِ.
الشرح:
قوله: (ولا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ) أي: قضاء ما لا يصح صومه لذلك، فالألف واللام للعهد.
فإن قلت: هلا حملته عَلَى ما هو أعم من هذا، فأدرجت فيه قضاء أيام المرض والحيض؟.
قلت: قوله فيما تقدّم: (إلَّا الْمُعَيَّنَ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِسْيَانٍ) يغني عن إعادته هنا، وإن كان قوله بعد هذا (بخِلَافِ فِطْرِهِ لِسَفَرٍ) يناسبه، والأمر قريب.

متن الخليل:
إِنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ، وإِلا فَلا، وصِيَامُ الْجُمُعَةِ إِنْ نَسِيَ الْيَوْمَ عَلَى الْمُخْتَارِ، ورَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ، وإِنْ تَعْيِيناً لا بِسَابِقَيْهِ، إِلا لِمُتَمَتِّعٍ لا تَتَابُعُ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامٍ.
الشرح:
قوله: (إِنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ) لو أدخل الكاف عَلَى عيد لكان أعمّ.

متن الخليل:
وَإِنْ نَوَى بِرَمَضَانَ فِي سَفَرِهِ غَيْرَهُ، أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَوْ نَوَاهُ، ونَذْراً لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، ولَيْسَ لِمَرْأَةٍ يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجٌ تَطَوُّعٌ بِلا إِذْنٍ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ نَوَى بِرَمَضَانَ فِي سَفَرِهِ غَيْرَهُ، أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَوْ نَوَاهُ، ونَذْراً لَمْ يُجْز عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) خصّ السفر لأن الحضر أحرى، وعبّر بقوله: (غيره)؛ ليندرج النذر والكفارة والتطوع، فاشتمل كلامه بالنصّ، ومفهوم الموافقة عَلَى عشر صور، خمسٌ فِي السفر: النذر والكفارة والتطوّع وقضاء الخارج والتشريك ومثلها فِي الحضر، هذا ظاهر لفظه وعهدة نصوصها عَلَيْهِ وجلّها تضمنه"توضيحه" فِي فصل القضاء وفصل المبيحات.
فإن قلت: لَمْ ترك مذهب "المدوّنة" فِي قضاء الخارج إذ قال فِيهَا: "عَلَيْهِ قضاء الآخر" فروي بكسر الخاء وفتحها؟
قلت: لقول ابن رشد: عدم الإجزاء عنهما هو الصواب عند أهل النظر، وصححه ابن عبد السلام وغيره.
فرع:
إِذَا بنينا عَلَى هذا القول فقال ابن المواز: يكفّر عن الأول مداً لكلّ يوم ويكفر عن الثاني كفارة العمد فِي كلّ يوم.
أبو محمد: يريد إلّا أن يعذر بجهل أو تأويل.
وقال أشهب: لا كفارة عَلَيْهِ؛ لأنه صامه ولَمْ يفطره. أبو محمد: وهو الصواب.