فصل: القول في سورة الفاتحة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أسباب النزول (نسخة منقحة)



.القولُ في آية التسمية وبيان نزولها:

- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن إبراهيم المقري، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَا مُحَمَّدُ اسْتَعِذْ، ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الخلال قال، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْرِفُ خَتْمَ السُّورَةِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
- أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا لَا نَعْلَمُ فَصْلَ مَا بَيْنَ السُّورَتَيْنِ حَتَّى تَنْزِلَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).
- أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي كل سورة.

.القول في سورة الفاتحة:

اخْتَلَفُوا فِيهَا: فَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ.
- أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَرَزَ سَمِعَ مُنَادِيًا يُنَادِيهِ: يَا مُحَمَّدُ، فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ انْطَلَقَ هَارِبًا، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ لَكَ. قَالَ: فَلَمَّا بَرَزَ سَمِعَ النِّدَاءَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ، قَالَ: قُلْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أشهد وأن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قال: قل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} حتى فرع مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ». وَهَذَا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
- أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفَسِّرُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُفَسِّرُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْقَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِمَكَّةَ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ.
- وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ السَّعْدِيِّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: دَقَّ اللَّهُ فَاكَ أَوْ نَحْوَ هَذَا»، قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ.
وَعِنْدَ مُجَاهِدٍ: أَنَّ الْفَاتِحَةَ مَدَنِيَّةٌ. قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لِكُلِّ عَالِمٍ هَفْوَةٌ، وَهَذِهِ بَادِرَةٌ مِنْ مُجَاهِدٍ، لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَالْعُلَمَاءُ عَلَى خِلَافِهِ. وَمِمَّا يُقْطَعُ بِهِ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} يَعْنِي الْفَاتِحَةَ.
- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْقُرْآنِ مِثْلَهَا، إِنَّهَا لَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ».
وَسُورَةُ (الْحِجْرِ) مكية بلا اختلاف، وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَمْتَنَّ عَلَى رَسُولِهِ بِإِيتَائِهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَهُوَ بِمَكَّةَ ثُمَّ يُنْزِلُهَا بِالْمَدِينَةِ. وَلَا يَسَعُنَا الْقَوْلُ: بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يُصَلِّي بِلَا فَاتِحَةِ الْكِتَابِ. هَذَا مِمَّا لَا تقبله العقول.

.سورة البقرة:

مَدَنِيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ.
- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الصَّغِيرُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْكَبِيرُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ زُرَيْقٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ}. [1، 2].

- أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ الزَّعْفَرَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَرْبَعُ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ نَزَلَتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ، وَآيَتَانِ بَعْدَهَا نَزَلَتَا في الكافرين، وثلاث عَشْرَةَ بَعْدَهَا نَزَلَتْ فِي المنافقين.

.قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ}. [6].

- قَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ وَخَمْسَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي الْيَهُودَ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}. [14].

- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا شَيْبَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا ذَاتَ يَوْمٍ فَاسْتَقْبَلَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: انْظُرُوا كَيْفَ أَرُدُّ هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءَ عَنْكُمْ، فَذَهَبَ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالصِّدِّيقِ سَيِّدِ بَنِي تَيْمٍ، وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَثَانِي رَسُولِ اللَّهِ فِي الْغَارِ، الْبَاذِلِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِسَيِّدِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، الْفَارُوقِ الْقَوِيِّ فِي دِينِ اللَّهِ، الْبَاذِلِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ. ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَتَنِهِ، سَيِّدِ بَنِي هَاشِمٍ مَا خَلَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ افْتَرَقُوا. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَصْحَابِهِ: كَيْفَ رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ؟ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَافْعَلُوا كَمَا فَعَلْتُ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا. فَرَجَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآية.

.قوله: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}. [21].

-أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ، أخبرنا أبو عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو تُرَابٍ الْقُهُسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ نَزَلَ فِيهِ {يَا أيها الناس}، فهو مكي، و {يا أَيُّهَا الذين آمنوا}، فهو مدني.
يعني أن يَا أَيُّهَا الناس خِطَابُ أهل مكة، ويا أيها الذين آمنوا خطاب أَهْلِ المدينة. فقوله: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} خِطَابٌ لِمُشْرِكِي مَكَّةَ إِلَى قَوْلِهِ: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا}. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَازِلَةٌ فِي الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ جَزَاءَ الْكَافِرِينَ بِقَوْلِهِ: {النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} ذَكَرَ جَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ.

.قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا}. [26].

- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ: لَمَّا ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ لِلْمُنَافِقِينَ، يَعْنِي قَوْلَهُ: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} وَقَوْلَهُ: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} قَالُوا: اللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْلَى مِنْ أَنْ يَضْرِبَ الْأَمْثَالَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هذه الآية.
-وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الذُّبَابَ وَالْعَنْكَبُوتَ فِي كِتَابِهِ، وَضَرَب لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ الْمَثَلَ- ضَحِكَتِ الْيَهُودُ وَقَالُوا: مَا يُشْبِهُ هَذَا كَلَامَ اللَّهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
-أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عن عطاء، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ آلِهَةَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا} وَذَكَرَ كَيْدَ الْآلِهَةِ فَجَعَلَهُ كَبَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ، فَقَالُوا: أَرَأَيْتَ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ الذُّبَابَ وَالْعَنْكَبُوتَ فِيمَا أَنْزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى مُحَمَّدٍ، أَيُّ شَيْءٍ يَصْنَعُ بِهَذَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.

.قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}. [44].

- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذُكِرَ: نَزَلَتْ فِي يَهُودِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ لِصِهْرِهِ وَلِذَوِي قَرَابَتِهِ وَلِمَنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ رَضَاعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: اثْبُتْ عَلَى الدِّينِ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ، وَمَا يَأْمُرُكَ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ- يَعْنُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَإِنَّ أَمْرَهُ حَقٌّ. فَكَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِذَلِكَ وَلَا يَفْعَلُونَهُ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}. [45].

عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ خِطَابٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَدَبٌ لِجَمِيعِ الْعِبَادِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَجَعَ بِهَذَا الْخِطَابِ إِلَى خِطَابِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} الْآيَةَ. [62].

-أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن كثير، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَمَّا قَصَّ سَلْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِصَّةَ أَصْحَابِ الدَّيْرِ، قَالَ: «هُمْ فِي النَّارِ». قَالَ سَلْمَانُ: فَأَظْلَمَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} إِلَى قوله: {وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} قَالَ: فَكَأَنَّمَا كُشِفَ عَنِّي جَبَلٌ.
- أَخْبَرَنَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عن أسباط، عَنْ السُّدِّيِّ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} الْآيَةَ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ لَمَّا قَدِمَ سَلْمَانُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَ يُخْبِرُ عَنْ عِبَادَتِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. كَانُوا يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ، وَيُؤْمِنُونَ بِكَ، وَيَشْهَدُونَ أَنَّكَ تُبْعَثُ نَبِيًّا. فَلَمَّا فَرَغَ سَلْمَانُ مِنْ ثَنَائِهِ عَلَيْهِمْ قَالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «يَا سَلْمَانُ هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} وَتَلَا إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}».
-أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّاءَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابن مسعود، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} الْآيَةَ، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ. وَكَانَ مِنْ أَهْلِ جُنْدِيسَابُورَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَمَا بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ نَازِلَةٌ فِي الْيَهُودِ.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} الْآيَةَ. [79].

نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ غَيَّرُوا صِفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبدلوا نعته.
-قَالَ الْكَلْبِيُّ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَا: إِنَّهُمْ غَيَّرُوا صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كِتَابِهِمْ، وَجَعَلُوهُ آدَمَ سِبْطًا طَوِيلًا، وَكَانَ رَبْعَةً أَسْمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالُوا لِأَصْحَابِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ: انْظُرُوا إِلَى صِفَةِ النَّبِيِّ الَّذِي يُبْعَثُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، لَيْسَ يُشْبِهُ نَعْتَ هَذَا. وَكَانَتْ لِلْأَحْبَارِ وَالْعُلَمَاءِ مَأْكَلَةٌ مِنْ سَائِرِ الْيَهُودِ، فَخَافُوا أَنْ تَذْهَبَ مَأْكَلَتُهُمْ إِنْ بَيَّنُوا الصِّفَةَ، فَمِنْ ثَمَّ غَيَّرُوا.

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}. [80].

-أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الصُّوفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الْعَطَّارُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، حدَّثنا أَبِي وَعَمِّي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عن عكرمة، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَدِينَةَ، وَالَيَهُودُ تَقُولُ: إِنَّمَا هَذِهِ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا يُعَذَّبُ النَّاسُ فِي النَّارِ لِكُلِّ أَلْفِ سَنَةٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا يَوْمًا وَاحِدًا فِي النَّارِ، مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ ثُمَّ يَنْقَطِعُ الْعَذَابُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}.
-أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا جُوَيْبِرٌ، عن الضحاك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي قَوْلِهِ: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} قَالَ: وَجَدَ أَهْلُ الْكِتَابِ مَا بَيْنَ طَرَفَيْ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا فَقَالُوا: لَنْ نُعَذَّبَ فِي النَّارِ إِلَّا مَا وَجَدْنَا فِي التَّوْرَاةِ. فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ اقْتَحَمُوا فِي النَّارِ. فَسَارُوا فِي الْعَذَابِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى سَقَرَ، وَفِيهَا شَجَرَةُ الزَّقُّومِ، إِلَى آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَةِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ خَزَنَةُ أَهْلِ النَّارِ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ لَنْ تُعَذَّبُوا فِي النَّارِ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً، فَقَدِ انْقَضَى الْعَدَدُ، وَبَقِيَ الْأَبَدُ.