فصل: قال البيضاوي:

صباحاً 8 :36
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
13
السبت
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال البيضاوي:

{وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إلاَّ بالتي هي أَحْسَنُ}.
إلا بالخصلة التي هي أحسن كعارضة الخشونة باللين والغضب بالكظم والمشاغبة بالنصح، وقيل هو منسوخ بآية السيف إذ لا مجادلة أشد منه وجوابه أنه آخر الدواء، وقيل المراد به ذو العهد منهم. {إلاَّ الذين ظَلَمُوا منْهُمْ} بالإفراط في الاعتداء والعناد أو بإثبات الولد وقولهم {يَدُ الله مَغْلُولَة} أو بنبذ العهد ومنع الجزية. {وَقُولُوا ءَامَنَّا بالذي أُنزلَ إلَيْنَا وَأُنزلَ إلَيْكُمْ} هو من المجادلة بالتي هي أحسن. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وبكتبه ورسله فإن قالوا باطلًا لم تصدقوهم وإن قالوا حقًا لم تكذبوهم» {وإلهنا وإلهكم وَاحد وَنَحْنُ لَهُ مُسْلمُونَ} مطيعون له خاصة وفيه تعريض باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله.
{وكذلك} ومثل ذلك الإنزال. {أَنزَلْنَا إلَيْكَ الكتاب} وحيًا مصدقًا لسائر الكتب الإلهية وهو تحقيق لقوله: {فالذين ءاتيناهم الكتاب يُؤْمنُونَ به} هم عبد الله بن سلام وأضرابه، أو من تقدم عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب. {وَمنْ هَؤُلاء} ومن العرب أو أهل مكة أو ممن في عهد الرسول من أهل الكتابين. {مَن يُؤْمنُ به} بالقرآن. {وَمَا يَجْحَدُ بآياتنا} مع ظهورها وقيام الحجة عليها. {إلاَّ الكافرون} إلا المتوغلون في الكفر فإن جزمهم به يمنعهم عن التأمل فيما يقيد لهم صدقها لكونها معجزة بالإضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كما أشار إليه بقوله: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا منْهُ قَبْله من كتاب وَلاَ تَخُطُّهُ بيَمينكَ} فإن ظهور هذا الكتاب الجامع لأنواع العلوم الشريفة أمي لم يعرف بالقراءة والتعلم خارق للعادة، وذكر اليمين زيادة تصوير للمنفي ونفي للتجوز في الإسناد. {إذًا لارتاب المبطلون} أي لو كنت ممن يخط ويقرأ لقالوا لعله تعلمه أو التقطه من كتب الأولين الأقدمين، وإنما سماهم مبطلين لكفرهم أو لارتيابهم بانتفاء وجه واحد من وجوه الإعجاز المكاثرة، وقيل لارتاب أهل الكتاب لوجدانهم نعتك على خلاف ما في كتبهم فيكون إبطالهم باعتبار الواقع دون المقدر. {بَلْ هُوَ} بل القرآن.
{ءَايَات بينات في صُدُور الذين أُوتُوا العلم} يحفظونه لا يقدر أحد على تحريفه. {وَمَا يَجْحَدُ بآياتنا إلاَّ الظالمون} المتوغلون في الظلم بالمكابرة بعد وضوح دلائل إعجازها حتى لم يعتدوا بها.
{وَقَالُوا لَوْلاَ أُنزلَ عَلَيْه آيَة مّن رَّبّه} مثل ناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى، وقرأ نافع وابن عامر والبصريان وحفص {ءايات}. {قُلْ إنَّمَا الآيات عندَ الله} ينزلها كما يشاء لست أملكها فآتيكم بما تقترحونه. {إنَّمَا أَنَا نَذير مُّبين} ليس من شأني إلا الإنذار وإبانته بما أعطيت من الآيات.
{أَوَ لَمْ يَكْفهمْ} آية مغنية عما اقترحوه. {أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب يتلى عَلَيْهمْ} تدوم تلاوته عليهم متحدين به فلا يزال معهم آية ثابتة لا تضمحل بخلاف سائر الآيات، أو يتلى عليهم يعني اليهود بتحقيق ما في أيديهم من نعتك ونعت دينك. {إنَّ في ذَلكَ} الكتاب الذي هو آية مستمرة وحجة مبينة. {لَرَحْمَةً} لنعمة عظيمة. {وذكرى لقَوْمٍ يُؤْمنُونَ} وتذكرة لمن همه الإيمان دون التعنت. وقيل إن أناسًا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتب كتب فيها بعض ما يقول اليهود، «فقال كفى بها ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم» فنزلت.
{قُلْ كفى بالله بَيْنى وَبَيْنَكُمْ شَهيدًا} بصدقي وقد صدقني بالمعجزات، أو بتبليغي ما أرسلت به إليكم ونصحي ومقابلتكم إياي بالتكذيب والتعنت. {يَعْلَمُ مَا في السموات والأرض} فلا يخفى عليه حالي وحالكم. {والذين ءَامَنُوا بالباطل} وهو ما يعبد من دون الله. {وَكَفَرُوا بالله} منكم. {أولئك هُمُ الخاسرون} في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان.
{وَيَسْتَعْجلُونَكَ بالعذاب} بقولهم {فَأَمْطرْ عَلَيْنَا حجَارَةً مّنَ السماء}. {وَلَوْلاَ أَجَل مُّسَمًّى} لكل عذاب أو قوم. {لَّجَاءَهُمُ العذاب} عاجلًا. {وَلَيَأْتيَنَّهُمْ بَغْتَةً} فجأة في الدنيا كوقعة بدر أو الآخرة عند نزول الموت بهم. {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} بإتيانه.
{يَسْتَعْجلُونَكَ بالعذاب وَإنَّ جَهَنَّمَ لَمُحيطَة بالكافرين} ستحيط بهم يوم يأتيهم العذاب، أو هي كالمحيطة بهم الآن لإحاطة الكفر والمعاصي التي توجبها بهم، واللام للعهد على وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على موجب الإحاطة، أو للجنس فيكون استدلالًا بحكم الجنس على حكمهم.
{يَوْمَ يغشاهم العذاب} ظرف {لَمُحيطَة} أو مقدرة مثل كان كيت وكيت. {من فَوْقهمْ وَمن تَحْت أَرْجُلهم} من جميع جوانبهم. {وَيَقُولُ} الله أو بعض ملائكته بأمره لقراءة ابن كثير وابن عامر والبصريين بالنون. {ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي جزاءه.
{ياعبادى الذين ءَامَنُوا إنَّ أَرْضى وَاسعَة فَإيَّاىَ فاعبدون} أي إذا لم يتسهل لكم العبادة في بلدة ولم يتيسر لكم إظهار دينكم فهاجروا إلى حيث يتمشى لكم ذلك، وعنه عليه الصلاة والسلام: «من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شبرًا استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما السلام» والفاء جواب شرط محذوف إذ المعنى إن أرضي واسعة إن لم تخلصوا العبادة لي في أرض فأخلصوها في غيرها.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائقَةُ الموت} تناله لا محالة. {ثُمَّ إلَيْنَا تُرْجَعُونَ} للجزاء ومن هذا عاقبته ينبغي أن يجتهد في الاستعداد له وقرأ أبو بكر بالياء.
{والذين ءَامَنُوا وَعَملُوا الصالحات لَنُبَوّئَنَّهُمْ} لننزلنهم. {مّنَ الجنة غُرَفًَا} علالي، وقرأ حمزة والكسائي {لنثوينهم} أي لنقيمنهم من الثواء فيكون انتصاب غرفًا لإجرائه مجرى لننزلنهم، أو بنزع الخافض أو بتشبيه الظرف المؤقت بالمبهم. {تَجْرى من تَحْتهَا الأنهار خالدين فيهَا نعْمَ أَجْرُ العاملين} وقرىء {فنعم} والمخصوص بالمدح محذوف دل عليه ما قبله.
{الذين صَبَرُوا} على أذية المشركين والهجرة للدين إلى غير ذلك من المحن والمشاق. {وعلى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ} ولا يتوكلون إلا على الله.
{وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْملُ رزْقَهَا} لا تطيق حمله لضعفها أو لا تدخره، وإنما تصبح ولا معيشة عندها. {الله يَرْزُقُهَا وَإيَّاكُمْ} ثم إنها مع ضعفها وتوكلها وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء في أنه لا يرزقها وإياكم إلا الله، لأن رزق الكل بأسباب هو المسبب لها وحده فلا تخافوا على معاشكم بالهجرة، فإنهم لما أمروا بالهجرة قال بعضهم كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت. {وَهُوَ السميع} لقولكم هذا. {العليم} بضميركم.
{وَلَئن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر} المسؤول عنهم أهل مكة. {لَيَقُولُنَّ الله} لما تقرر في العقول من وجوب انتهاء الممكنات إلى واحد واجب الوجود. {فأنى يُؤْفَكُونَ} يصرفون عن توحيده بعد إقرارهم بذلك.
{الله يَبْسُطُ الرزق لمَن يَشَاءُ منْ عبَاده وَيَقْدرُ لَهُ} يحتمل أن يكون الموسع له والمضيق عليه واحدًا على أن البسط والقبض على التعاقب وألا يكون على وضع الضمير موضع من يشاء وإبهامه لأن من يشاء مبهم. {إنَّ الله بكُلّ شيء عَليم} يعلم مصالحهم ومفاسدهم.
{وَلَئن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ منَ السماء مَاءً فَأَحْيَا به الأرض من بَعْد مَوْتهَا لَيَقُولُنَّ الله} معترفين بأنه الموجد للممكنات بأسرها أصولها وفروعها، ثم إنهم يشركون به بعض مخلوقاته الذي لا يقدر على شيء من ذلك. {قُل الحمد للَّه} على ما عصمك من مثل هذه الضلالة، أو على تصديقك وإظهار حجتك. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقلُونَ} فيتناقضون حيث يقرون بأنه المبدىء لكل ما عداه ثم إنهم يشركون به الصنم، وقيل لا يعقلون ما تريد بتحميدك عند مقالهم.
{وَمَا هذه الحياة الدنيا} إشارة تحقير وكيف لا وهي لا تزن عند الله جناح بعوضة. {إلاَّ لَهْو وَلَعب} إلا كما يلهى ويلعب به الصبيان يجتمعون عليه ويبتهجون به ساعة ثم يتفرقون متعبين. {وَإنَّ الدار الآخرة لَهىَ الحيوان} لهي دار الحياة الحقيقية لامتناع طريان الموت عليها، أو هي في ذاتها حياة للمبالغة، و{الحيوان} مصدر حي سمي به ذو الحياة وأصله حييان فقلبت الياء الثانية واوًا وهو أبلغ من الحياة لما في بناء فعلان من الحركة والاضطراب اللازم للحياة ولذلك اختير عليها ها هنا.
{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} لم يؤثروا عليها الدنيا التي أصلها عدم الحياة والحياة فيها عارضة سريعة الزوال.
{فَإذَا رَكبُوا في الفلك} متصل بما دل عليه شرح حالهم أي هم على ما وصفوا به من الشرك فإذا ركبوا البحر. {دَعَوُا الله مُخْلصينَ لَهُ الدين} كائنين في صورة من أخلص دينه من المؤمنين حيث لا يذكرون إلا الله ولا يدعون سواه لعلمهم بأنه لا يكشف الشدائد إلا هو. {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلَى البر إذَا هُمْ يُشْركُونَ} فاجؤوا المعاودة إلى الشرك.
{ليَكْفُرُوا بمَآ ءاتيناهم} اللام فيه لام كي أي يشركون ليكونوا كافرين بشركهم نعمة النجاة. {وَليَتَمَتَّعُوا} باجتماعهم على عبادة الأصنام وتوادهم عليها، أو لام الأمر على التهديد ويؤيده قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي وقالون عن نافع {وَليَتَمَتَّعُوا} بالسكون. {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عاقبة ذلك حين يعاقبون.
{أَوَ لَمْ يَرَوْا} يعني أهل مكة. {أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمنًا} أي جعلنا بلدهم مصونًا عن النهب والتعدي آمنًا أهله عن القتل والسبي. {وَيُتَخَطَّفُ الناس منْ حَوْلهمْ} يختلسون قتلًا وسبيًا إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب. {أفبالباطل يُؤْمنُونَ} أبعد هذه النعمة المكشوفة وغيرها مما لا يقدر عليه إلا الله يؤمنون بالصنم أو الشيطان. {وَبنعْمَة الله يَكْفُرُونَ} حيث أشركوا به غيره وتقديم الصلتين للاهتمام أو الاختصاص على طريق المبالغة.
{وَمَنْ أَظْلَمُ ممَّن افترى عَلَى الله كَذبًا} بأن زعم أن له شريكًا. {أَوْ كَذَّبَ بالحق لَمَّا جَاءَهُ} يعني الرسول أو الكتاب، وفي {لَّمًّا} تسفيه لهم بأن لم يتوافقوا ولم يتأملوا قط حين جاءهم بل سارعوا إلى التكذيب أول ما سمعوه. {أَلَيْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوًى للكافرين} تقرير لثوائهم كقوله:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكبَ المَطَايَا

أي ألا يستوجبون الثواء فيها وقد افتروا مثل هذا الكذب على الله وكذبوا بالحق مثل هذا التكذيب، أو لاجترائهم أي ألم يعلموا أن {فى جَهَنَّمَ مَثْوًى للكافرين} حتى اجترؤوا مثل هذه الجراءة.
{والذين جاهدوا فينَا} في حقنا وإطلاق المجاهدة ليعم جهاد الأعادي الظاهرة والباطنة بأنواعه. {لَنَهْديَنَّهُمْ سُبُلَنَا} سبل السير إلينا والوصول إلى جنابنا، أو لنزيدنهم هداية إلى سبيل الخير وتوفيقًا لسلوكها كقوله تعالى: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى} وفي الحديث: «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم» {وَإنَّ الله لَمَعَ المحسنين} بالنصر والإعانة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل المؤمنين والمنافقين». اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري:

{إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ منْ دُونه منْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ (42)}.
التفسير: هذا توكيد للمثل المذكور وزيادة عليه حيث لم يجعل ما يدعونه شيئًا هذا على تقدير كون {ما} نافية و{من} زائدة، ويجوز أن تكون استفهامًا نصبًا ب {يدعون} أو بمعنى الذي و{من} للتبيين المراد ما يدعون من دونه من شيء فإن الله يعلمه.
وهو العزيز الحكيم قادر على إعدامه وإهلاكهم لكنه حكيم يمهلهم ليكون الهلاك عن بينة والحياة عن بينة. وفيه ايضًا تجهيل لهم حيث عبدوا ما هو أقل من لا شيء وتركوا عبادة القاهر القادر الحكيم. ثم إن الجهلة من قريش كانوا يسخرون من ضرب المثل بالذباب والعنكبوت ونحوهما فنزلت {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} وذلك لأن الأمثال والتشبيهات وسائل إلى المعاني المحتجبة في الأستار كما سبق في أول البقرة، حيث ضرب المثل بالبعوضة. قال الحكيم: العلم الحدسي يعرفه العاقل، وأما إذا كان فكريًا دقيقًا فإنه لا يعقله إلا العالم لافتقاره إلى مقدمات سابقة. والمثل مما يفتقر في إدراك صحته وحسن موقعه إلى أمور سابقة ولاحقة يعرف بها تناسب مورده ومضربه وفائدة إيراده فلا يعقل صحتها إلا العلماء. وحين أمر الخلق بالإيمان وأظهر الحق بالبرهان وقص قصصًا فيها عبر، وأنذر أهل الكفر بإهلاك من غبر ووصف سبيل أهل الاباطيل بالتمثيل، قوى قلوب أهل الإيمان بأن كفرهم ينبغي أن لا يورث شكًا في صحة دينكم، وشكهم يجب أن لا يؤثر في رد يقينكم، ففي خلق السموات والأرض بالحق بيان ظاهر وبرهان باهر وإن لم يؤمن به على وجه الأرض كافر. وإنما قال هاهنا {لآية للمؤمنين} مع قوله: {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} وقوله: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار} [البقرة: 164] إلى قوله: {لآيات لقوم يعقلون} [البقرة: 164] لأن المؤمن لا يقصر نظره من الخلق على معرفة الخالق فحسب ولكنه يرتقي منه إلى نعوت الكمال والجلال فيعرف أنه خلقهما متقنًا محكمًا وهو المراد بقوله: {بالحق} والخلق المتقن المحكم لا يصدر إلا عن العالم بالكليات والجزئيات، وإلا عن الواجب الواحد الذات والصفات كقوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [الأنبياء: 22] ثم يرتقي من مجموع هذه المقدمات إلى صحة الرسالة وحقيقة المعاد.