الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية
.الباب الثالث في صفة أداء الشهادة والاستماع إلى الشهود: وَالصَّحِيحُ أَنَّ النِّسْبَةَ إلَى الْجَدِّ لَا بُدَّ مِنْهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا قَضَى قَاضٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْجَدِّ يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالِاسْمِ الْمُجَرَّدِ مَشْهُورًا كَأَبِي حَنِيفَةَ يَكْفِي، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَالصِّنَاعَةُ لَا تَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْجَدِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ شَرَطَ ذِكْرَ الْجَدِّ إلَّا إذَا كَانَتْ صِنَاعَةً يُعْرَفُ بِهَا لَا مَحَالَةَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِنْ ذُكِرَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَقَبِيلَتُهُ وَحِرْفَتُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي مَحَلَّتِهِ رَجُلٌ بِهَذَا الِاسْمِ وَهَذِهِ الْحِرْفَةِ يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ آخَرَ لَا يَكْفِي حَتَّى يَذْكُرَ شَيْئًا آخَرَ يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ كَذَا ذُكِرَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ وَارْتِفَاعُ الِاشْتِرَاكِ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ. إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِشِرَاءِ مَحْدُودٍ، أَوْ بَيْعِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا بُدَّ، وَأَنْ يَذْكُرُوا فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ يَقُولُوا أَقَرَّ بِشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بَيْعِهِ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ دَوَابَّ لَهُ عَدَدًا مَعْلُومًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ الشُّهُودُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَخَافُ أَنْ تَبْطُلَ الشَّهَادَةُ، وَلَا يُقْضَى لِلْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بَيَّنُوا الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ اللَّوْنِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ مَعَ ذِكْرِ الْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ النَّوْعِ بِأَنْ يَقُولَ فَرَسٌ، أَوْ حِمَارٌ وَنَحْوُهُ، وَلَا يَكْفِي بِذِكْرِ اسْمِ الدَّابَّةِ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَبَى ذِكْرَ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَأَلَ الْقَاضِي الشُّهُودَ عَنْ لَوْنِ الدَّابَّةِ وَذَكَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا عِنْدَ الدَّعْوَى وَذَكَرُوا الصِّفَةَ عَلَى خِلَافِهِ تُقْبَلُ وَالتَّنَاقُضُ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَا يَضُرُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. شَهِدَا أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَهِيَ فُلَانَةُ حَرَامٌ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْهَا قَالَ: فِيهِ خَلَلٌ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْفِعْلِ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَقَعَ بِهِ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ فِي الشَّهَادَةِ إنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَكَذَا لَا يَكْتَفِي الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحَنِثَ فِيهَا حَتَّى يُفَسِّرَ لَفْظَ الْيَمِينِ وَالْحِنْثَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي. الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِفْلَاسِ أَنْ يَشْهَدَا وَيَقُولَا: لَا نَعْلَمُ لَهُ مَالًا سِوَى ثِيَابِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. رَجُلٌ جَاءَ إلَى رَجُلٍ فَسَاوَمَهُ ثَوْبًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ وَأَخَذَ الثَّوْبَ وَافْتَرَقَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْقِدَا بَيْعًا بِلِسَانِهِمَا جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الشَّهَادَةِ قَالُوا: يَنْبَغِي لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا لَهُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّوْبَ، وَلَا يَشْهَدَانِ عَلَى الْبَيْعِ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مُقَدِّمَاتٌ يَعْلَمُ الشُّهُودُ أَنَّ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالْقَاضِي الَّذِي وَقَعَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الشَّهَادَةِ فَالشُّهُودُ كَيْفَ يَشْهَدُونَ قِيلَ: يَشْهَدُونَ عَلَى الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْبَيْعِ، وَقِيلَ: لَوْ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالُوا فِي شَهَادَتِهِمْ (اين مدعا مُلْك اين مُدَّعِي است)، وَلَمْ يَقُولُوا: (دردست اين مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ است) اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ طَلَبَ التَّسْلِيمَ لَا يَقْضِي بِهَا مَا لَمْ يَقُولُوا: (دردست اين مُدَّعَى عَلَيْهِ بنا حَقّ) كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ لَوْ سَأَلَ الْقَاضِي مِنْ الشُّهُودِ أَهُوَ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقَالَ الشَّاهِدُ لَا أَدْرِي تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَفِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَمْ يَقُولُوا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ قَصْرُ يَدِهِ عَنْهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى هَذَا الْمُدَّعِي حُكِيَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ وَأَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ يَعْنِي لِلْقَضَاءِ بِالتَّسْلِيمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً وَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى التَّسْلِيمِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَدْرَكَنَا كَثِيرًا مِنْ مَشَايِخِنَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا وَأَنَا أُفْتِي أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ قُصُورًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ يَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ فِي شَهَادَتِهِ: (اين عَين مُلْك اين مُدَّعِي است وَحَقّ وى است) حَتَّى لَا يُمْكِنَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ (وَحَقّ وى ني بِنَفْيِ) وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ يَقُولُ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي (فُلَان جيز مُلْك مِنْ است وَحَقّ مَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ). وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَحَقُّ مِنْ است وَيَقُولَ فِي قَوْلِهِ: (وبد سِتّ فُلَان بنا حَقّ بدست فُلَان بنا حَقّ است)، وَكَذَلِكَ فِي نَظَائِرِهِ حَتَّى لَا يَلْحَقُ بِهِ كَلِمَةُ النَّفْيِ قَالَ: الِاحْتِيَاطُ فِي هَذَا وَلَكِنَّ هَذَا الِاحْتِيَاطَ فِي مَوْضِعٍ يُطَالَبُ بِالتَّسْلِيمِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَنْ الشُّهُودِ إذَا قَالُوا بِالْفَارِسِيَّةِ: (مَا كواهي دهيم كه اين عَيْن مُدَّعَى بِمُلْكِ اين مَدْعِيٌّ است) هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: (مَا كواهي دهيم) فِي الْعُرْفِ لِلِاسْتِقْبَالِ وَلِلْحَالِ (مَا كواهي ميدهيم) كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ شُهُودٍ كَانَ فِي لَفْظِ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (مَا كواهي ميدهيم كه فُلَان جيزآن فُلَان است) هَلْ يَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ (مُلْك فُلَان است)؟ قَالَ: نَعَمْ وَكَانَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَهُمْ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْمِلْكَ، أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ فَسَّرُوا أَخَذَ بِتَفْسِيرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرُوا وَغَابُوا، أَوْ مَاتُوا فَالْقَاضِي يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ بِالْمِلْكِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي فَتَاوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ حَقُّ هَذَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَقُولُوا مِلْكُهُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ، وَقِيلَ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ الشُّهُودَ عَنْ الْحَقِّ أَرَادُوا بِهِ الْمِلْكَ، أَوْ مَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَقِّ وَيَبْنِي الْأَمْرَ عَلَى مَا فَسَّرُوا، وَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَقِّي، وَلَمْ يَقُلْ مِلْكِي هَلْ تَصِحُّ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى؟ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَفَسَّرَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهِهَا، ثُمَّ شَهِدَ الْآخَرُ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ شَهَادَةِ صَاحِبِي لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي حَتَّى يَتَكَلَّمَ كُلُّ شَاهِدٍ بِشَهَادَتِهِ قَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا احْتِيَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الشُّهُودِ الْإِجْمَالُ، وَهَذَا دَأْبُهُ فِي هَذَا الْبَابِ، أَمَّا عِنْدَنَا، فَإِذَا شَهِدَ الْأَوَّلُ وَفَسَّرَ، وَقَالَ: الثَّانِي أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ بِهِ هَذَا فَإِنَّهُ يَكْفِي، ثُمَّ قَالَ:- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْمُخْتَارُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَصِيحًا يُمْكِنُهُ بَيَانُ الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالُ كَمَا قَالَ: صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا غَيْرَ فَصِيحٍ يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِجْمَالُ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْلَا حِشْمَةُ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ الشَّهَادَةَ بِلِسَانِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِلِسَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَيْضًا، وَقَالَ: الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْمُخْتَارُ أَنْ يُحَوِّلَ الْجَوَابَ عَلَى التَّفْصِيلِ: إنْ أَحَسَّ الْقَاضِي بِخِيَانَةٍ مِنْ الشُّهُودِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ كَلَّفَ كُلَّ شَاهِدٍ أَنْ يُفَسِّرَ شَهَادَتَهُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَإِنْ لَمْ يَحُسَّ بِشَيْءٍ مِنْ. الْخِيَانَةِ لَا يُكَلِّفُ وَيُحَكِّمُ فِي ذَلِكَ رَأْيَهُ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. وَقَالَ: شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ إنَّمَا يُقْبَلُ الْإِجْمَالُ مِنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ إذَا قَالَ فِي شَهَادَتِهِ: لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثُمَّ قَالَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذِهِ الْأَقَاوِيلُ فِيمَا إذَا قَالَ الثَّانِي إنِّي أَشْهَدُ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ أَوْ قَالَ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لَا تُقْبَلُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ عَلَى الْحَقِّ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مِثْلِ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ قَدْ يَكُونُ صِلَةً وَمَا قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى مَنْ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ، كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. إذَا كُتِبَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِي بَيَاضٍ وَقُرِئَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي جَمِيعَ مَا سَمَّى وَوَصَفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ: هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي قُرِئَ وَوُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي فَهَذِهِ شَهَادَةٌ صَحِيحَةٌ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ فِي رَجُلٍ ادَّعَى دَارًا مِنْ نُسْخَةٍ، أَوْ صَكٍّ قَرَأَهَا، فَقَالَ: الشُّهُودُ وَهُمْ أُمِّيُّونَ: (مَا همجنين كواهي ميدهيم) لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ صَحِيحَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فِي النَّوَازِلِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِنُسْخَةٍ قَرَأَهَا بِلِسَانِهِ، ثُمَّ قَرَأَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ النُّسْخَةِ وَالشَّاهِدُ الْآخَرُ يَقْرَأُ مَعَهُ مُقَارِنًا بِقِرَاءَتِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ يَصِفُ حُدُودَ الْمُدَّعَى حِينَ يَنْظُرُ فِي الصَّكِّ وَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَجْهِهَا هَلْ تُقْبَلُ؟ قَالَ: إذَا كَانَ يَنْظُرُ وَيَنْقُلُهُ وَيَحْفَظُهُ عَنْ النَّظَرِ فَلَا تُقْبَلُ، وَإِذَا كَانَ يَسْتَعِينُ بِهِ نَوْعَ اسْتِعَانَةٍ كَقَارِئِ الْقُرْآنِ عَنْ الْمُصْحَفِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ. ادَّعَى عَلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَبْلَغَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ قِيلَ: تُقْبَلُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا ادَّعَى بِالْفَارِسِيَّةِ (دوازده درم) وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (ده دوازده درم) لَا تُقْبَلُ لِمَكَانِ الْجَهَالَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى (ده دوازده درم) لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ التَّارِيخَ فِي الدَّعْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ قَالَ: (اين عَين مُلْك منست ازده دوازده سَالَ) فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ التَّارِيخَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ قَبْضَ شَيْءٍ فَشَهِدُوا بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ (اين مُدَّعَى عَلَيْهِ جَنِين كَفَتْ كه اين مُدَّعِي اين مَدْعِيٌّ بِهِ رابر مِنْ فرستاد) لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا فِي حَادِثَةٍ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقَضَاءِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قَدْ كَذَبْتُ فِي شَهَادَتِي فَسَمِعَ الْقَاضِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمْ قَالَ ذَلِكَ فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا كُلُّنَا عَلَى شَهَادَتِنَا قَالُوا لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَيُقِيمُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يَشْهَدَانِ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا شَهِدَ فِي حَادِثَةٍ قَبْلَ الدَّعْوَى، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الدَّعْوَى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَمَنْ شَهِدَ، وَلَمْ يَبْرَحْ، ثُمَّ قَالَ: أَوْهَمْتُ بَعْضَ شَهَادَتِي يَعْنِي تَرَكْتُ مَا يَجِبُ عَلَيَّ ذِكْرُهُ، أَوْ أَتَيْتُ بِمَا لَا يَجُوزُ لِي: إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا، قَالَهُ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ، أَوْ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ عَدْلًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ مِثْلُ أَنْ يَدَعَ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ، أَوْ أَنْ يَتْرُكَ ذِكْرَ اسْمِ الْمُدَّعِي، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ الْإِشَارَةَ إلَى أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ، أَمَّا فِي مَوْضِعِ شُبْهَةِ التَّلْبِيسِ كَمَا إذَا شَهِدَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ قَالَ: غَلِطْتُ بَلْ هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ تُقْبَلُ إذَا قَالَ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُقْضَى بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ أَوَّلًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَبِمَا نَفَى أَوْ زَادَ عِنْدَ آخَرِينَ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، وَأَمَّا بَعْدَ مَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ فَلَمْ تُقْبَلْ، وَعَلَى هَذَا إذَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ فَذَكَرَ الشَّرْقِيَّ مَكَانَ الْغَرْبِيِّ، أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ كَأَنْ ذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بَدَلَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ مَثَلًا، فَإِنْ تَدَارَكَهُ قَبْلَ الْبَرَاحِ عَنْ الْمَجْلِسِ قُبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا هَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَالْكَافِي وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ. عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ فَقَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا شَهِدَ عَلَيْهِمَا رَجُلَانِ بِأَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا إنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْ رُجُوعِهِمَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَيُعَدِّلُهُ وَقَفَ فِي أَمْرِهِمَا، وَلَمْ يُنَفِّذْ شَهَادَتَهُمَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَأَبْطَلَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةٍ يَشْهَدُ أَنَّهَا لِآخَرَ فَشَهَادَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهَا، ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهَا لِفُلَانٍ آخَرَ لَا يُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي لَا بَيِّنَةَ لِي وَحَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: كُلُّ بَيِّنَةٍ آتِي بِهَا فَهُمْ شُهُودُ زُورٍ، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ فِيمَا أَدَّعِي عَلَى هَذَا فَلَمَّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي جَاءَ بِفُلَانٍ يَشْهَدُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ: مَا لِي عِنْدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ شَهَادَةٌ عَلَى هَذَا، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ شَهَادَتَهُمَا، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَوْ قَالَ: كُلُّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَا تُسْمَعُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي هَذَا وَأَشْهَرُ قَوْلَيْهِ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ: قَضَاؤُنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ، وَقَالَ: الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. رَجُلَانِ قَالَا: لَا شَهَادَةَ لِفُلَانٍ عِنْدَنَا، ثُمَّ شَهِدَا لَهُ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي النَّوَادِرِ إذَا قَالَ: لَا شَهَادَةَ لِفُلَانٍ عِنْدِي فِي أَمْرٍ، أَوْ قَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَذَا، ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَكَذَا لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ قَالَا: كُلُّ شَهَادَةٍ نَشْهَدُ بِهَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ فَهِيَ زُورٌ، ثُمَّ جَاءَا وَشَهِدَا، وَقَالَا: لَمْ نَتَذَكَّرْ حَيْثُ قُلْنَا: ثُمَّ تَذَكَّرْنَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ لَهُ دَعْوَى فِي عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَهُ عَلَى ذَلِكَ شُهُودٌ، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْعَبْدُ لَيْسَ هُوَ الْعَبْدُ الَّذِي لِفُلَانٍ فِيهِ الدَّعْوَى، ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى ذَلِكَ الْعَبْدَ بِعَيْنِهِ لِنَفْسِهِ وَشَهِدَ لَهُ ذَلِكَ الشَّاهِدُ الَّذِي قَالَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَقَدْ قِيلَ: يَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تُقْبَلَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلٌ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ، وَقَالَ: بِعْتنِي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدْتُكَ الثَّمَنَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ وَقَبْضَ الثَّمَنِ فَشَهِدَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ، وَقَالَا: لَا نَعْرِفُ الْعَبْدَ وَلَكِنَّهُ قَالَ لَنَا: عَبْدِي زَيْدٌ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ اسْمُهُ زَيْدٌ، أَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ اسْمَهُ زَيْدٌ قَالَ: لَا يَتِمُّ الْبَيْعُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ، فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ الثَّمَنَ، وَإِنْ نَكِلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِنُكُولِهِ، وَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ عَبْدَهُ زَيْدًا الْمُوَلَّدَ فَنَسَبُوهُ إلَى شَيْءٍ يُعْرَفُ مِنْ عَمَلٍ، أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ حِلْيَةٍ، أَوْ عَيْبٍ فَوَافَقَ ذَلِكَ هَذَا الْعَبْدَ، قَالَ: هَذَا وَالْأَوَّلُ فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ إلَّا أَنِّي أَسْتَحْسِنُ إذَا نَسَبُوهُ إلَى مَعْرُوفٍ أَنْ أُجِيزَهُ، وَكَذَا الْأَمَةُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْمُنْتَقَى شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لِهَذَا فِي هَذِهِ الدَّارِ أَلْفُ ذِرَاعٍ، فَإِذَا الدَّارُ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، أَوْ شَهِدَا أَنَّ لَهُ فِي هَذَا الْقَرَاحِ عَشَرَةُ أَجْرِبَةٍ، فَإِذَا الْقَرَاحُ خَمْسَةُ أَجْرِبَةٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ كُلَّهَا، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ دَارِهِ فِي دَارِ هَذَا هَذِهِ، وَلَمْ يَحُدَّا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ إلَى أَيِّ مَوْضِعٍ هِيَ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ وَحَلَالُهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْعَقْدَ- الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. إنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَ هَذَا ثَوْبًا، أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَقَالُوا بِأَنَّا لَا نَعْرِفُ الثَّوْبَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَبَيَانُ الثَّوْبِ إلَى الْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنِ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. إذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ فِي هَذَا الدَّيْنِ وَالْمَالُ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ يَدَّعِيهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .الباب الرابع فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل: .الفصل الأول فيمن لا تقبل شهادته لعدم أهليته لها: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَبْلَ التَّحَمُّلِ، أَوْ بَعْدَهُ فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالتَّسَامُعِ، أَوْ لَا تَجُوزُ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تَجُوزُ فِيمَا طَرِيقُهُ السَّمَاعُ وَمَا لَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ إذَا كَانَ بَصِيرًا وَقْتَ التَّحَمُّلِ أَعْمَى عِنْدَ الْأَدَاءِ إذَا كَانَ يَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى شَيْئًا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشَارَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إجْمَاعًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ عَمِيَ بَعْدَ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْقَضَاءِ يَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي الْكَافِي. الْأَعْمَى إذَا شَهِدَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ صَارَ بَصِيرًا فَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ، وَالْمَعْتُوهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَجْنُونِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ يُجَنُّ سَاعَةً وَيُفِيقُ سَاعَةً فَشَهِدَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَدَّرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِيَوْمَيْنِ، وَقَالَ: إذَا كَانَ جُنُونُهُ يَوْمَيْنِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يُفِيقُ هَكَذَا فَشَهِدَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ إلَّا شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ فِي حَقِّ النَّسَبِ دُونَ الْمِيرَاثِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَكَذَا شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا يَقَعُ فِي الْمَلَاعِبِ. وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَكَذَلِكَ أَهْلُ السِّجْنِ إذَا شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْبَعْضِ فِيمَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ فِي السِّجْنِ لَا تُقْبَلُ. أَمَّا شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِانْفِرَادِهِنَّ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ، وَهُوَ صِيَاحُ الْوَلَدِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْأُمِّ، أَوْ عَلَى تَحَرُّكِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْأُمِّ فَقَبُولُهُ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْمِيرَاثِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا تُقْبَلُ وَاشْتَرَطَ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَتْ عَدْلَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَهُوَ أَرْجَحُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. أَمَّا شَهَادَتُهُنَّ عَلَى تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ عِنْدَهُمَا وَشَهَادَةُ الرَّجُلِ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلَيْنِ عَلَى تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ، أَوْ عَلَى تَحَرُّكِهِ حَالَةَ الِانْفِصَالِ عِنْدَ الْكُلِّ فَلَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا شَهَادَةَ لِلنِّسَاءِ فِي السَّرِقَةِ فِي حَقِّ الْقَطْعِ وَتُقْبَلُ فِي حَقِّ الضَّمَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ. رَجُلٌ قَالَ: إنْ شَرِبْتُ الْخَمْرَ فَمَمْلُوكِي هَذَا حُرٌّ فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَلَا يُحَدُّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ سَرَقْتُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ شَيْئًا فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى هَذَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَلَا يُقْطَعُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَمْلُوكِ قِنًّا كَانَ، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَلِكَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. كُلُّ مِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِلرِّقِّ، أَوْ لِلْكُفْرِ، أَوْ لَلصِّبَا، ثُمَّ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ فَأَدَّاهَا قُبِلَتْ، وَلَوْ رُدَّتْ لِفِسْقٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ، أَوْ الْعَبْدُ لِمَوْلَاهُ، أَوْ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ، ثُمَّ زَالَتْ فَأَدَّاهَا لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ تَحَمَّلَ لِمَوْلَاهُ، أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ فَأَدَّاهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالْبَيْنُونَةِ قُبِلَتْ، كَذَا إنْ تَحَمَّلَهَا، وَهُوَ عَبْدٌ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ صَبِيٌّ فَأَدَّاهَا بَعْدَ زَوَالِ هَذِهِ الْعَوَارِضِ قُبِلَتْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الْأَدَاءِ، وَلَا مَانِعَ حِينَئِذٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. لَوْ شَهِدَ لِصَاحِبَتِهِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ، وَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذَا الْفَصْلَ فِي الْأَصْلِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يُعِيدَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. .الفصل الثاني فيمن لا تقبل شهادته لفسقه: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْفَاسِقُ إذَا كَانَ وَجِيهًا فِي النَّاسِ ذَا مُرُوءَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْكَافِي. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ آكِلِ الرِّبَا الْمَشْهُورِ بِذَلِكَ الْمُقِيمِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اشْتَهَرَ بِأَكْلِ الْحَرَامِ هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. تُرَدُّ شَهَادَةُ آكِلِ مَالِ الْيَتِيمِ بِأَكْلِهِ مَرَّةً هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُدْمِنِ الْخَمْرِ وَأَرَادَ بِهِ الْإِدْمَانَ فِي النِّيَّةِ يَعْنِي يَشْرَبُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنَّهُ يَشْرَبُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَجَدَهُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ الْإِدْمَانِ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ أَوْ يَخْرُجَ سَكْرَانًا فَيَسْخَرَ مِنْهُ الصِّبْيَانُ حَتَّى إنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي السِّرِّ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُدْمِنِ السُّكْرِ وَأَرَادَ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ سِوَى الْخَمْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ شَرِبَ لِلتَّدَاوِي لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَجْلِسُ مَجْلِسَ الْفُجُورِ وَالْمَجَانَةِ وَالشُّرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَأْتِي بَابًا مِنْ الْكَبَائِرِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْحَدُّ لِلْفِسْقِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. كُلُّ فَرْضٍ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إذَا أُخِّرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا أَخَّرَ الزَّكَاةَ وَالْحَجَّ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ذَهَبَتْ عَدَالَتُهُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ بِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِتَأْخِيرِ الْحَجِّ لَا تَسْقُطُ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَأْخِيرَ الزَّكَاةِ لَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَإِنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَصِيرُ فَاسِقًا، كَذَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَلَمْ يُقَدِّرْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَدَدَ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَهَذَا إذَا تَرَكَهَا مَجَانَةً وَرَغْبَةً عَنْهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِنْ تَرَكَهَا بِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ، أَوْ بُعْدِهِ مِنْ الْمِصْرِ، أَوْ بِتَأْوِيلٍ بِأَنْ كَانَ يُفَسِّقُ الْإِمَامَ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا تَرَكَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ اسْتِخْفَافًا بِالْجَمَاعَةِ بِأَنْ لَا يَسْتَعْظِمَ تَفْوِيتَ الْجَمَاعَةِ كَمَا تَفْعَلُهُ الْعَوَامُّ، أَوْ مَجَانَةً، أَوْ فِسْقًا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ تَرَكَهَا مُتَأَوِّلًا بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ فَاسِقًا فَكَرِهَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْرِفَهُ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُضَلِّلُ الْإِمَامَ، وَلَا يَرَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ جَائِزًا فَهَذَا مِمَّا لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَهُوَ صَاحِبُ فِرَاشٍ، وَقَالَا: إنَّهُ أَشْهَدَنَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: اُكْتُمَا فَكَتَمْنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَقَرَّا عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالْفِسْقِ، وَالْفَاسِقُ لَا قَوْلَ لَهُ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ. إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ، أَوْ عِتْقِ أَمَةٍ، وَقَالَا: كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ عَامٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَتَأْخِيرُهُمَا لَا يُوهِنُ شَهَادَتَهُمَا قَالَ مَوْلَانَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَهْنًا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ يُمْسِكُهَا إمْسَاكَ الزَّوْجَاتِ وَالْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَإِذَا أَخَّرُوهَا صَارُوا فَسَقَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ إنَّ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الشَّاهِدِ لِيَشْهَدَ لَهُ فَأَخَّرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ظَاهِرٍ، ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ هَذَا الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ صَارَ فَاسِقًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقَامِرِ قَامَرَ بِالشِّطْرَنْجِ، أَوْ بِأَيِّ شَيْءٍ، وَإِنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ، وَلَمْ يُقَامِرْ- إنْ دَاوَمَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ، أَوْ كَانَ يَحْلِفُ بِالْيَمِينِ الْبَاطِلَةِ فِي ذَلِكَ- لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَفِي الْقُنْيَةِ. مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ فِي الطَّرِيقِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَمَنْ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ فَهُوَ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَلْعَبُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَلَاهِي، وَذَلِكَ لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الصَّلَاةِ، وَلَا عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ الْفَرَائِضِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ مُسْتَشْنَعَةً بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَزَامِيرِ وَالطَّنَابِيرِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَشْنَعَةً نَحْوَ الْحُدَاءِ وَضَرْبِ الْقَصَبِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ بِأَنْ يَرْقُصُوا بِهِ فَيَدْخُلَ فِي حَدِّ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ بِهِ الْعَدَالَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مَنْ لَعِبَ بِالصَّوْلَجَانِ يُرِيدُ الْفُرُوسَةَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّقَّاصِ وَالْمُشَعْوِذِ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَلَا شَهَادَةُ مَنْ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ يُطِيرُهُنَّ، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْسِكُ الْحَمَامَ يَسْتَأْنِسُ بِهَا، وَلَا يُطَيِّرُهَا عَادَةً فَهُوَ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَهَكَذَا فِي الْكَافِي. وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إلَّا إذَا كَانَتْ تَجُرُّ حَمَامَاتٍ أُخَرَ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ فَتُفَرِّخُ فِي وَكَرِهَا فَيَأْكُلُ وَيَبِيعُ مِنْهُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يُغَنِّي لِلنَّاسِ وَيُسْمِعُهُمْ، أَمَّا لَوْ كَانَ لِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ حَتَّى يُزِيلَ الْوَحْشَةَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ فِي الصَّحِيحِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَنِّيَةٍ تُسْمِعُ النَّاسَ صَوْتَهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَغَنَّ لَهُمْ، كَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّائِحَةِ الَّتِي تَنُوحُ فِي مُصِيبَةِ غَيْرِهَا وَاِتَّخَذَتْ ذَلِكَ مَكْسَبَةً هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَاَلَّتِي تَنُوحُ فِي مُصِيبَتِهَا فَشَهَادَتُهَا مَقْبُولَةٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُخَنَّثِ الَّذِي يُبَاشِرُ الرَّدِيَّ مِنْ الْأَفْعَالِ وَيُلَيِّنُ كَلَامَهُ عَمْدًا، أَمَّا إذَا كَانَ فِي كَلَامِهِ لِينٌ وَفِي أَعْضَائِهِ تَكَسُّرٌ خِلْقَةً، وَلَمْ يَشْتَهِرْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَفْعَالِ الرَّدِيئَةِ فَهُوَ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّاعِرِ وَهُوَ الْفَاسِقُ الْمُتَهَتِّكُ الَّذِي لَا يُبَالِي بِمَا يَصْنَعُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَمَنْ اشْتَدَّتْ غَفْلَتُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالْمَعْرُوفُ بِالْكَذِبِ لَا عَدَالَةَ لَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا، وَإِنْ تَابَ بِخِلَافِ مَنْ وَقَعَ فِي الْكَذِبِ سَهْوًا أَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ مَرَّةً، ثُمَّ تَابَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَالْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ إذَا شَهِدَ بِزُورٍ وَتَابَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. الْفَاسِقُ إذَا تَابَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ زَمَانٌ يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَثَرُ التَّوْبَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَغَيْرُ الْعَدْلِ إذَا شَهِدَ بِزُورٍ، ثُمَّ تَابَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. الْمَحْدُودُ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ إذَا تَابَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ، وَإِنْ تَابَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّهُ أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهَدَاءِ عَلَى صِدْقِ مَقَالَتِهِ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ تُقْبَلُ وَيَصِيرُ هُوَ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ ضُرِبَ بَعْضَ الْحَدِّ فَهَرَبَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَة تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يُضْرَبْ جَمِيعَهُ. وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ، ثُمَّ أَسْلَمَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا حُدَّ ثُمَّ أُعْتِقَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَذْفُ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ وَحُدَّ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَوْ حَصَلَ بَعْضُ الْحَدِّ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ وَبَعْضُهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ حَتَّى لَوْ تَابَ تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ. وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَة، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. الشَّاعِرُ إنْ كَانَ يَهْجُو لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَمْدَحُ وَكَانَ أَغْلَبُ مَدْحِهِ الصِّدْقَ قُبِلَتْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. الرَّجُلُ الصَّالِحُ إذَا تَغَنَّى بِشِعْرٍ فِيهِ فُحْشٌ لَا تَبْطُلُ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ حَكَى فُحْشَ غَيْرِهِ، وَاَلَّذِي تَعَلَّمَ شِعْرَ الْعَرَبِ إنْ كَانَ تَعَلَّمَ لِأَجْلِ الْعَرَبِيَّةِ لَا تَبْطُلُ عَدَالَتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فُحْشٌ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ كَانَ يَشْتُمُ أَهْلَهُ وَمَمَالِيكَهُ وَأَوْلَادَهُ إنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ أَحْيَانًا لَا يُؤَثِّرُ فِي إسْقَاطِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَخْلُو مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ. وَكَذَا الشَّتَّامُ لِلْحَيَوَانِ كَدَابَّتِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يُظْهِرُ سَبَّ السَّلَفِ الَّذِينَ هُمْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَكَذَا الْعُلَمَاءُ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَنْ سُئِلَ عَنْهُ وَقَالُوا نَتَّهِمُهُ بِشَتْمِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَقْبَلْ ذَلِكَ وَأُجِيزُ شَهَادَتَهُ، وَلَوْ قَالُوا نَتَّهِمُهُ بِالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ وَنَظُنُّ ذَلِكَ، وَلَمْ نَرَهُ قُبِلَتْ، وَلَمْ أُجِزْ شَهَادَتَهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: شَهَادَةُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَقْبُولَةٌ عِنْدَنَا إذَا كَانَ هَوًى لَا يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ، وَلَا يَكُونُ مَاجِنًا وَيَكُونُ عَدْلًا فِي تَعَاطِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ الْمُسْتَحْقَرَةَ كَالْبَوْلِ عَلَى الطَّرِيقِ وَالْأَكْلِ عَلَيْهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَكَذَا مَنْ يَأْكُلُ فِي السُّوقِ بَيْنَ النَّاسِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. مَنْ أَكَلَ فَوْقَ الشِّبَعِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَفِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ شَهَادَةَ الْبَخِيلِ لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ بِسَرَاوِيلَ وَحْدَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إزَارٍ إذَا لَمْ يُعْرَفْ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. حُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ شَيْخًا لَوْ صَارَعَ الْأَحْدَاثَ فِي الْمَجَامِعِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. تُرَدُّ شَهَادَةُ شَيْخٍ مَعْرُوفٍ بِالصَّلَاحِ بِمُحَاسَبَةِ ابْنِهِ فِي النَّفَقَةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الطُّفَيْلِيِّ وَالْمُجَازِفِ فِي كَلَامِهِ وَالْمَسْخَرَةِ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. شَهَادَةُ بَائِعِ الْأَكْفَانِ لَا تُقْبَلُ قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ إذَا ابْتَكَرَ لِذَلِكَ الْعَمَلِ وَتَرَصَّدَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ يَبِيعُ الثِّيَابَ وَيُشْتَرَى مِنْهُ الْأَكْفَانُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَبِيعُ الثِّيَابَ الْمُصَوَّرَةَ أَوْ يَنْسِجُهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَدِمَ الْأَمِيرُ بَلْدَةً فَخَرَجَ النَّاس وَجَلَسُوا فِي الطَّرِيقِ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ قَالَ خَلَفٌ بَطَلَتْ عَدَالَتُهُمْ إلَّا أَنْ يَذْهَبُونَ لِلِاعْتِبَارِ فَحِينَئِذٍ لَا تَبْطُلُ عَدَالَتُهُمْ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُمْ إذَا خَرَجُوا لَا لِتَعْظِيمِ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ، وَلَا لِلِاعْتِبَارِ تَبْطُلُ عَدَالَتُهُمْ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَقْلَفِ إلَّا إذَا تَرَكَهُ اسْتِخْفَافًا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَشَهَادَةُ الْخَصِيِّ مَقْبُولَةٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. تُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. شَهَادَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ جَائِزَةٌ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَالنِّسَاءِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ. الْعُمَّالُ إذَا كَانُوا عُدُولًا، وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْ النَّاسِ بِغَيْرِ حَقٍّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ أَخَذُوا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُونُوا عُدُولًا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا شَهَادَةُ الصَّكَّاكِينَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ غَالِبُ حَالِهِمْ الصَّلَاحَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْغِيَاثِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ. وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّ شَهَادَةَ الرَّئِيسِ وَالْجَابِي فِي السِّكَّةِ أَوْ الْبَلْدَةِ الَّذِي يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ فِي الْجِبَايَاتِ، وَالصَّرَّافِ الَّذِينَ يَجْمَعُونَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهِ وَيَأْخُذُهَا طَوْعًا لَا تُقْبَلُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. أَمَّا شَهَادَةُ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيَّةِ كَالْكَسَّاحِ وَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ وَالْحَجَّامِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَوَلَّاهَا قَوْمٌ صَالِحُونَ فَمَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَادِحُ لَا يَبْنِي عَلَى ظَاهِرِ الصِّنَاعَةِ، وَكَذَا النَّخَّاسُونَ وَالدَّلَّالُونَ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
|