الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية
.وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ: وَلَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَظَنَّ أَنَّهُ يُفَطِّرُهُ فَأَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفَطِّرُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَإِذَا احْتَلَمَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ عَلِمَ حُكْمَ الِاحْتِلَامِ كَفَّرَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ احْتَجَمَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفَطِّرُهُ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا أَفْتَاهُ فَقِيهٌ بِالْفَسَادِ، وَلَوْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَاعْتَمَدَهُ فَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافُ ذَلِكَ، وَإِنْ عَرَفَ تَأْوِيلَهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَإِذَا اكْتَحَلَ أَوْ دَهَنَ نَفْسَهُ أَوْ شَارِبَهُ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إلَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَأُفْتِيَ لَهُ بِالْفِطْرِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ مِصْرَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ شَيْئًا وَنَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جَامَعَ مُتَعَمِّدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَنَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ جَامَعَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِذَا أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ ثُمَّ نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ ثُمَّ أَكَلَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ. وَالصَّحِيحُ إذَا أَفْطَرَ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الصَّوْمَ تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. فَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا صَارَ فِي آخِرِ النَّهَارِ عَلَى صِفَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ اسْتَاكَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ اغْتَابَ إنْسَانًا فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفْطِرُهُ ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا أَوْ تَأَوَّلَ حَدِيثًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَفْطَرَتْ الْمَرْأَةُ مُتَعَمِّدَةً ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ مَرِضَتْ يَوْمَهَا ذَلِكَ قَضَتْ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ حَتَّى صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ قِيلَ لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ جَامَعَ بَهِيمَةً أَوْ مَيِّتَةً فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ فَأَكَلَ مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ عَالِمًا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِي دُبُرِهِ أَوْ سِلْكَةٍ قَدْ ابْتَلَعَهَا، وَلَمْ يُغَيِّبْهَا مِنْ يَدِهِ ثُمَّ أَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا. وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ فَطَّرَهُ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَالْقَيْءِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِنْ أَكَلَ مَيْتَةً قَدْ تَدَوَّدَتْ فَسَدَ صَوْمُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَدَوَّدَتْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قُدِّمَ لِيُقْتَلَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَاسْتَسْقَى رَجُلًا فَسَقَاهُ فَشَرَّبَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ طَوْعًا نَهَارًا مُتَعَمِّدًا ثُمَّ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ فِي ظَاهِرِ الْأُصُولِ لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. .الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْأَعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ الْإِفْطَارَ: فَلَوْ سَافَرَ نَهَارًا لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنْ أَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْطَرَ ثُمَّ سَافَرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ أَكَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ عَلَى السَّفَرِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ سَافَرَ بِاخْتِيَارِهِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ سَافَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ لِيَحْمِلَ شَيْئًا نَسِيَهُ فَأَكَلَ بِمَنْزِلِهِ ثُمَّ خَرَجَ الْقِيَاسُ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ رَفَضَ سَفَرَهُ قَالَ الْفَقِيهُ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ. (وَمِنْهَا الْمَرَضُ) الْمَرِيضُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ أَوْ ذَهَابَ عُضْوٍ يُفْطِرُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ خَافَ زِيَادَةَ الْعِلَّةِ وَامْتِدَادَهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. ثُمَّ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْمَرِيضِ وَالِاجْتِهَادُ غَيْرُ مُجَرَّدِ الْوَهْمِ بَلْ هُوَ غَلَبَةُ ظَنٍّ عَنْ أَمَارَةٍ أَوْ تَجْرِبَةٍ أَوْ بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ ظَاهِرِ الْفِسْقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى أَنْ يَمْرَضَ بِالصَّوْمِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ لَهُ نَوْبَةُ الْحُمَّى فَأَكَلَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ الْحُمَّى لَا بَأْسَ بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَمَنْ كَانَ لَهُ حُمَّى غَبٌّ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الْمُعْتَادُ أَفْطَرَ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ الْحُمَّى تُعَاوِدُهُ وَتُضْعِفُهُ فَأَخْلَفَتْ الْحُمَّى تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا حَبَلُ الْمَرْأَةِ، وَإِرْضَاعُهَا) الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ، وَلَدِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (وَمِنْهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ)، وَإِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ وَنَفِسَتْ أَفْطَرَتْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ الْمَرْأَةُ إذَا أَفْطَرَتْ عَلَى أَنَّهُ يَوْمُ الْحَيْضِ ثُمَّ إنَّهَا لَمْ تَحِضْ فِي يَوْمِهَا ذَلِكَ الْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ طَهُرَتْ لَيْلًا صَامَتْ الْغَدَ إنْ كَانَتْ أَيَّامُ حَيْضِهَا عَشَرَةً، وَإِنْ كَانَتْ دُونَهَا فَإِنْ أَدْرَكَتْ مِنْ اللَّيْلِ مِقْدَارَ الْغُسْلِ وَزِيَادَةَ سَاعَةٍ لَطِيفَةٍ تَصُومُ وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ مَعَ فَرَاغِهَا مِنْ الْغُسْلِ لَا تَصُومُ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الِاغْتِسَالِ مِنْ جُمْلَةِ الْحَيْضِ فِيمَنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَمِنْهَا الْعَطَشُ وَالْجُوعُ كَذَلِكَ) إذَا خِيفَ مِنْهُمَا الْهَلَاكُ أَوْ نُقْصَانُ الْعَقْلِ كَالْأَمَةِ إذَا ضَعُفَتْ عَنْ الْعَمَلِ وَخَشِيَتْ الْهَلَاكَ بِالصَّوْمِ، وَكَذَا الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مُوَكَّلُ السُّلْطَانِ إلَى الْعِمَارَةِ فِي الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ إذَا خَشَى الْهَلَاكَ أَوْ نُقْصَانَ الْعَقْلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَمِنْهَا: كِبَرُ السِّنِّ) فَالشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَمَا يُطْعِمُ فِي الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْعَجُوزُ مِثْلُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَهُوَ الَّذِي كُلُّ يَوْمٍ فِي نَقْصٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. ثُمَّ إنْ شَاءَ أَعْطَى الْفِدْيَةَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ بِمَرَّةٍ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا إلَى آخِرِهِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ مَا فَدَى بَطَلَ حُكْمُ الْفِدَاءِ الَّذِي فَدَاهُ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَلَوْ كَانَ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوْ صَوْمُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ فَعَجَزَ عَنْهُ وَصَارَ شَيْخًا فَانِيًا فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ صَوْمٍ إذَا كَانَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ جَازَ الْإِطْعَامُ بَدَلًا عَنْهُ إذَا وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الصَّوْمِ، وَكُلَّ صَوْمٍ كَانَ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْإِطْعَامُ عَنْهُ، وَأَمَّا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَكَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ لِفَقْرِهِ وَعَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؛ لِأَنَّ هَذَا صَارَ بَدَلًا عَنْ الصِّيَامِ بِالنَّصِّ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَلَوْ فَاتَ صَوْمُ رَمَضَانَ بِعُذْرِ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ وَاسْتَدَامَ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ حَتَّى مَاتَ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ إنْ أَوْصَى بِأَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَيُطْعَمُ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ بَرِئَ الْمَرِيضُ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ، وَأَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ بِقَدْرِ مَا فَاتَهُ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ جَمِيعِ مَا أَدْرَكَ فَإِنْ لَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالْفِدْيَةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيُطْعِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ لَمْ يُوصِ وَتَبَرَّعَ عَنْهُ الْوَرَثَةُ جَازَ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا يَصُومُ عَنْهُ الْوَلِيُّ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ ثُمَّ مَاتَا لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ بِقَدْرِ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ جَاءَ الرَّمَضَانُ الثَّانِي، وَلَمْ يَقْضِ الْأَوَّلَ قُدِّمَ الْأَدَاءُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. ذَكَرَ الرَّازِيّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْإِفْطَارَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ لَا يَحِلُّ هَكَذَا فِي الْكَافِي. وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ. وَالضِّيَافَةُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- عُذْرٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ هَكَذَا فِي الْكَافِي. قَالُوا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ يَرْضَى بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ، وَلَا يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِتَرْكِ الْإِفْطَارِ يُفْطِرُ وَيَقْضِي وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ يُفْطِرُ دَفْعًا لِلْأَذَى عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ بِالْقَضَاءِ لَا يُفْطِرُ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْإِفْطَارِ أَذَى الْمُسْلِمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِفْطَارُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا كَانَ فِي تَرْكِ الْإِفْطَارِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَتَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الْمُضِيفِ وَالضَّيْفِ هَكَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ الضِّيَافَةُ لَيْسَتْ بِعُذْرٍ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. الْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى، وَإِنْ اسْتَوْعَبَ جُنُونُهُ كُلَّ الشَّهْرِ لَمْ يَقْضِهِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْجُنُونِ الطَّارِئِ عَلَى الْبُلُوغِ وَالْمُقَارِنِ لَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ أَفَاقَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَالنِّهَايَةِ. وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ رَمَضَانَ كُلَّهُ قَضَاهُ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَبَقِيَ كَذَلِكَ أَيَّامًا لَمْ يَقْضِ يَوْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَظَاهِرُ حَالِهِ النِّيَّةُ وَالْعَمَلُ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَاجِبٌ حَتَّى لَوْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُتَهَتِّكًا يَعْتَادُ الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ قَضَاهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَمْ يَنْوِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. الْغَازِي إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقَاتِلُ الْعَدُوَّ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ يَخَافُ الضَّعْفَ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقِتَالُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِتَالِ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِ الْإِفْطَارِ لِيَتَقَوَّى، وَلَا كَذَلِكَ الْمَرَضُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. الْمُحْتَرِفُ الْمُحْتَاجُ إلَى نَفَقَتِهِ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِحِرْفَتِهِ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفِطْرُ قَبْلَ أَنْ يَمْرَضَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. .الْبَابُ السَّادِسُ فِي النَّذْرِ: (أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِهِ شَرْعًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ. (وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لَا وَسِيلَةً فَلَمْ يَصِحَّ النَّذْرُ بِالْوُضُوءِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ. (وَالثَّالِثُ) أَنْ لَا يَكُونَ وَاجِبًا فِي الْحَالِ، وَفِي ثَانِي الْحَالِ فَلَمْ يَصِحَّ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَفْرُوضَاتِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَالرَّابِعُ) أَنْ لَا يَكُونَ الْمَنْذُورُ مَعْصِيَةً بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. فَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ أَفْطَرَ وَقَضَى، وَهَذَا النَّذْرُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِنَفْسِهِ مَنْهِيٌّ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ تَرْكُ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ- تَعَالَى-، وَإِنْ صَامَ فِيهِ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَحِيلَ الْكَوْنِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَمْسِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ فُلَانٌ بَعْدَمَا أَكَلَ أَوْ بَعْدَمَا حَاضَتْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ غَيْرِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَلَمْ يَأْكُلْ صَامَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ فُلَانٌ فِي يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ كُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ، وَجَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يُعَافَى فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَعُوفِيَ فُلَانٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ فُلَانٌ فَعَلَيْهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَحْدَهُ أَبَدًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَتَعْيِينُ الْأَدَاءِ إلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ نِصْفِ يَوْمٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ عَشَرَةً لَزِمَهُ ذَلِكَ وَيُعَيِّنُ وَقْتًا يُؤَدِّي فِيهِ فَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ، وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّتَابُعَ عِنْدَ النَّذْرِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا فَإِنْ نَوَى فِيهِ التَّتَابُعَ، وَأَفْطَرَ يَوْمًا فِيهِ أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي مُدَّةِ الصَّوْمِ اسْتَأْنَفَ وَاسْتَأْنَفَتْ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مُتَفَرِّقًا فَصَامَ مُتَتَابِعًا أَجْزَأَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَصَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَأَفْطَرَ يَوْمًا لَا يَدْرِي أَنَّ يَوْمَ الْإِفْطَارِ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَصُومُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ فَيُؤْخَذُ عَشَرَةٌ مُتَتَابِعَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا وَيَوْمًا فَعَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِذَلِكَ الْأَبَدَ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ صَوْمُ أَيَّامٍ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْأَكْثَرَ، وَلَوْ قَالَ صَوْمُ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَهُمَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَيَّامِ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَعَلَيْهِ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَعِنْدَهُمَا سَبْعَةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ كَذَا كَذَا يَوْمًا يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَلَوْ قَالَ كَذَا، وَكَذَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. رَجُلٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ جُمُعَةٍ لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ صَوْمُ الْجُمَعِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذَا عَلَى عَشَرَةِ جُمَعٍ، وَعِنْدَهُمَا عَلَى جَمِيعِ جُمَعِ الْعُمُرِ، وَلَوْ قَالَ جُمَعِ هَذَا الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ يَمُرُّ فِي هَذَا الشَّهْرِ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ خَمِيسٍ إلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُهُ وَحْدَهُ، وَلَا يَجِبُ كُلُّ خَمِيسٍ يَأْتِي إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ السَّبْتِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ سَبَّتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لَزِمَهُ سَبْعَةُ سُبُوتٍ؛ لِأَنَّ السَّبْتَ فِي سَبْعَةِ أَيَّامٍ لَا يَتَكَرَّرُ فَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْعَدَدِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ كُلَّ خَمِيسٍ يَأْتِي عَلَيْهِ فَأَفْطَرَ خَمِيسًا وَاحِدًا فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى صَارَ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ كَانَ النَّذْرُ بِصِيَامِ الْأَبَدِ فَعَجَزَ لِذَلِكَ أَوْ بِاشْتِغَالِهِ بِالْمَعِيشَةِ لِكَوْنِ صِنَاعَتِهِ شَاقَّةً فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيُطْعِمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِعُسْرَتِهِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ لِشِدَّةِ الزَّمَانِ كَالْحَرِّ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيَنْتَظِرَ الشِّتَاءَ فَيَقْضِي كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَذَرَهُ بِالْأَبَدِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ صَوْمُ شَهْرٍ لَزِمَهُ صَوْمُ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَصْدُ وَغَيْرُهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَزِمَهُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَتَعْيِينُ الشَّهْرِ إلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عَقِيبَ النَّذْرِ حَتَّى لَا يَأْثَمَ بِالتَّأْخِيرِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الشَّهْرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِذَا نَوَى شَهْرًا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا لَزِمَهُ التَّتَابُعُ، وَإِنْ أَطْلَقَ يُخَيَّرُ، وَإِنْ عَيَّنَ الشَّهْرَ فَأَفْطَرَ يَوْمًا قَضَاهُ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنْ أَفْطَرَ كُلَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ التَّفَرُّقِ وَالتَّتَابُعِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَوَّالٍ وَذِي الْقِعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ فَصَامَهُنَّ بِالْأَهِلَّةِ، وَكَانَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ وَشَوَّالٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ عَلَيْهِ صَوْمُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَعَيَّنَ لِلصَّوْمِ شَوَّالًا وَذَا الْقِعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ، وَكَانَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ ثَلَاثِينَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَشَوَّالٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ سِتَّةِ أَيَّامٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا مِثْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ إنْ نَوَى الْمُمَاثَلَةَ فِي التَّتَابُعِ يَلْزَمُهُ صَوْمُ شَهْرٍ مُتَتَابِعٍ، وَإِنْ نَوَى الْمُمَاثَلَةَ فِي الْعَدَدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إنْ شَاءَ صَامَ مُتَفَرِّقًا، وَإِنْ شَاءَ مُتَتَابِعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَفِي النَّوَازِلِ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ مِثْلَهُ فِي الْوُجُوبِ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ أَفْطَرَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَضَاهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَإِنْ قَالَهُ فِي شَوَّالٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْعِيدَيْنِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَاقِلًا عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ يَصُومُ سَنَةً بِالْأَهِلَّةِ وَيَقْضِي خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِرَمَضَانَ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ قَضَاءً عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ مُتَتَابِعَةٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ السَّنَةِ بِعَيْنِهَا لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ الْمُتَتَابِعَةَ لَا تَخْلُو عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا أَوْجَبَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا قَضَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ تَخْلُو عَنْ أَيَّامِ الْحَيْضِ فَصَحَّ الْإِيجَابُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ دَهْرًا فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ الدَّهْرَ فَعَلَى الْعُمُرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. إذَا عَلَّقَ النَّذْرَ بِالصَّوْمِ بِشَرْطٍ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ وُجُودِهِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا، وَإِذَا كَانَ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ، وَأَدَّاهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا فَصَامَ رَبِيعًا الْأَوَّلَ مَكَانَهُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ عُوفِيتُ صُمْتُ كَذَا لَمْ يَجِبْ حَتَّى يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ، وَهَذَا قِيَاسٌ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَلَا اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَإِذَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمَ شَهْرٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ شَهْرٌ يَلْزَمُهُ صَوْمُ شَهْرٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ فَيُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ. الْمَرِيضُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ صَحَّ يَوْمًا لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ الشَّهْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِقَدْرِ مَا صَحَّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا ثُمَّ صَامَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَحَدُهُمَا رَجَبٌ أَجْزَأَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَجَبٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْمُقَطَّعَاتِ. .الْبَابُ السَّابِعُ فِي الِاعْتِكَافِ: (أَمَّا تَفْسِيرُهُ) فَهُوَ اللَّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ نِيَّةِ الِاعْتِكَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَيَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ، وَهُوَ الْمَنْذُورُ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا، وَإِلَى سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ، وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ مَا سِوَاهُمَا هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (وَأَمَّا شُرُوطُهُ) فَمِنْهَا النِّيَّةُ حَتَّى لَوْ اعْتَكَفَ بِلَا نِيَّةٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. وَمِنْهَا مَسْجِدُ الْجَمَاعَةِ فَيَصِحُّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ لَهُ أَذَانٌ، وَإِقَامَةٌ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَفْضَلُ الِاعْتِكَافِ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمُقَدَّسِ ثُمَّ فِي الْجَامِعِ ثُمَّ فِيمَا كَانَ أَهْلُهُ أَكْثَرَ، وَأَوْفَرَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَالْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا فَتِلْكَ الْبُقْعَةُ فِي حَقِّهَا كَمَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ لَا تَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ. وَلَوْ اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ جَازَ وَيُكْرَهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَمَسْجِدُ حَيِّهَا أَفْضَلُ لَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، وَلَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ صَلَاتِهَا مِنْ بَيْتِهَا إذَا اعْتَكَفَتْ فِيهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا مَسْجِدٌ تَجْعَلُ مَوْضِعًا مِنْهُ مَسْجِدًا فَتَعْتَكِفُ فِيهِ كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَمِنْهَا الصَّوْمُ، وَهُوَ شَرْطُ الْوَاجِبِ مِنْهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَهُوَ قَوْلُهُمَا: إنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَيْسَ لِأَقَلِّهِ تَقْدِيرٌ عَلَى الظَّاهِرِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَوَى الِاعْتِكَافَ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ صَحَّ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ أَوْ يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا بِغَيْرِ صَوْمٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَصُومَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ ذَاتِ الصَّوْمِ لَا الصَّوْمُ بِجِهَةِ الِاعْتِكَافِ حَتَّى إنَّ مَنْ نَذَرَ بِاعْتِكَافِ رَمَضَانَ صَحَّ نَذْرُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. فَإِنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَعْتَكِفْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ آخَرَ مُتَتَابِعًا وَيَصُومَ فِيهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ فَاعْتَكَفَ فِيهِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَمَّا فَاتَ عَنْ وَقْتِهِ وَصَارَ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ وَالْمَقْصُودُ لَا يَتَأَدَّى بِغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ ثُمَّ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ لَا يُجْزِيهِ، وَلَوْ أَفْطَرَ وَقَضَى صَوْمَ الشَّهْرِ مَعَ الِاعْتِكَافِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مِثْلُ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْخُلَاصَةِ. إذَا أَصْبَحَ الرَّجُل صَائِمًا مُتَطَوِّعًا ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ اعْتَكَفَ هَذَا الْيَوْمَ فَلَا اعْتِكَافَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَالصَّوْمُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ وَاجِبًا بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ)؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ وَالْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ مَمْنُوعُونَ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فَيَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فَيَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَالزَّوْجِ إنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. فَإِنْ أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ بِالِاعْتِكَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ مَنَعَهَا لَا يَصِحُّ مَنْعُهُ وَالْمَوْلَى إذَا مَنَعَ الْمَمْلُوكَ بَعْدَ الْإِذْنِ صَحَّ مَنْعُهُ وَيَكُونُ مُسِيئًا فِي ذَلِكَ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ بِالِاعْتِكَافِ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إذَا نَذَرَا بِهِ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. فَإِذَا أَعْتَقَ فَعَلَيْهِ، وَإِنْ بَانَتْ قَضَتْ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاعْتِكَافِ شَهْرًا فَأَرَادَتْ أَنْ تَعْتَكِفَ مُتَتَابِعًا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالتَّفْرِيقِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي اعْتِكَافِ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَاعْتَكَفَتْ فِيهِ مُتَتَابِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (وَأَمَّا آدَابُهُ) فَأَنْ لَا يَتَكَلَّمَ إلَّا بِخَيْرٍ، وَأَنْ يُلَازِمَ بِالِاعْتِكَافِ عَشَرًا مِنْ رَمَضَانَ، وَأَنْ يَخْتَارَ أَفْضَلَ الْمَسَاجِدِ كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَيُلَازِمَ التِّلَاوَةَ وَالْحَدِيثَ وَالْعِلْمَ وَتَدْرِيسَهُ وَسِيَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، وَأَخْبَارَ الصَّالِحِينَ وَكِتَابَةَ أُمُورِ الدِّينِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَحَدَّثَ بِمَا لَا إثْمَ فِيهِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. (وَأَمَّا مَحَاسِنُهُ فَظَاهِرَةٌ) فَإِنَّ فِيهِ تَسْلِيمَ الْمُعْتَكِفِ كُلِّيَّتَهُ إلَى عِبَادَةِ اللَّهِ- تَعَالَى- فِي طَلَبِ الزُّلْفَى وَتَبْعِيدِ النَّفْسِ مِنْ شُغْلِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ مَانِعَةٌ عَمَّا يَسْتَوْجِبُ الْعَبْدُ مِنْ الْقُرْبَى، وَاسْتِغْرَاقِ الْمُعْتَكِفِ أَوْقَاتَهُ فِي الصَّلَاةِ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَاتِ، وَتَشْبِيهُ الْمُعْتَكِفِ نَفْسَهُ بِمَنْ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وَبِاَلَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ وَمِنْهَا اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ وَالصَّائِمُ ضَيْفُ اللَّهِ- تَعَالَى- هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ. (وَأَمَّا مُفْسِدَاتُهُ) فَمِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا إلَّا بِعُذْرٍ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ. سَوَاءٌ كَانَ الْخُرُوجُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَلَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ مِنْ مَسْجِدِ بَيْتِهَا إلَى الْمَنْزِلِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْتَكِفَةً فِي الْمَسْجِدِ فَطَلُقَتْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهَا وَتَبْنِي عَلَى اعْتِكَافِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ. (وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْخُرُوجُ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، وَأَدَاءِ الْجُمُعَةِ) فَإِذَا خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ وَيَرْجِعَ إلَى الْمَسْجِدِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ، وَلَوْ مَكَثَ فِي بَيْتِهِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ، وَإِنْ كَانَ سَاعَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَلَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ بَيْتُ صَدِيقٍ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْتَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْضِيَ إلَى الْبَعِيدِ فَإِنْ مَضَى بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. وَإِنْ كَانَ خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ لَهُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى التُّؤَدَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَهَكَذَا فِي الْعِنَايَةِ. وَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالنَّوْمُ فَيَكُونُ فِي مُعْتَكَفِهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَضَاءُ هَذِهِ الْحَاجَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْخُرُوجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَيَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إنْ كَانَ مُعْتَكَفُهُ قَرِيبًا مِنْ الْجَامِعِ بِحَيْثُ لَوْ انْتَظَرَ زَوَالَ الشَّمْسِ لَا تَفُوتُهُ الْخُطْبَةُ وَالْجُمُعَةُ، وَإِذَا كَانَ بِحَيْثُ تَفُوتُهُ لَمْ يَنْتَظِرْ زَوَالَ الشَّمْسِ لَكِنَّهُ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْأَذَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ يَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتًّا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَذَا فِي الْكَافِي. فَإِنْ مَكَثَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَتَمَّ اعْتِكَافَهُ لَا يُفْسِدُهُ، وَيُكْرَهُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ. فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِعُذْرٍ بِأَنْ انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ أَوْ أُخْرِجَ مُكْرَهًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا آخَرَ مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَكَذَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَخَرَجَ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَلَوْ خَرَجَ لِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ فَحَبَسَهُ الْغَرِيمُ سَاعَةً فَسَدَ اعْتِكَافُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَوْلُهُمَا أَيْسَرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَلَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. وَلَوْ خَرَجَ لِجِنَازَةٍ يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ، وَكَذَا لِصَلَاتِهَا، وَلَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ أَوْ لِإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ أَوْ الْحَرِيقِ أَوْ الْجِهَادِ إذَا كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا أَوْ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ. وَكَذَا إذَا خَرَجَ سَاعَةً بِعُذْرِ الْمَرَضِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. وَلَوْ شَرَطَ وَقْتَ النَّذْرِ الِالْتِزَامَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَحُضُورِ مَجْلِسِ الْعِلْمِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْحُجَّةِ. وَلَوْ صَعِدَ الْمِئْذَنَةَ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بَابُ الْمِئْذَنَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُؤَذِّنُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْرِجَ رَأْسَهُ إلَى بَعْضِ أَهْلِهِ لِيَغْسِلَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذَا كُلُّهُ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ أَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي التُّحْفَةِ لَا بَأْسَ فِيهِ بِأَنْ يَعُودَ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدَ الْجِنَازَةَ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ. (وَمِنْهَا الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ) فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ نَحْوَ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْجِمَاعُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، وَمَا سِوَاهُ يُفْسِدُ إذَا أَنْزَلَ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ لَا يُفْسِدُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَوْ أَمْنَى بِالتَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ لَا يُفْسِدُ اعْتِكَافَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا لَوْ احْتَلَمَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَوَّثَ الْمَسْجِدُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِلَّا فَيَخْرُجُ وَيَغْتَسِلُ وَيَعُودُ إلَى الْمَسْجِدِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ فِي إنَاءٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَمِنْهَا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ) نَفْسُ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونُ لَا تَفْسُدُ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى لَا يَنْقَطِعَ التَّتَابُعُ، وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامًا أَوْ أَصَابَهُ لَمْ يُفْسِدْ اعْتِكَافَهُ وَعَلَيْهِ إذَا بَرِئَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ فَإِنْ تَطَاوَلَ الْجُنُونُ وَبَقِيَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَاقَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ صَارَ مَعْتُوهًا ثُمَّ أَفَاقَ بَعْدَ سِنِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. (وَأَمَّا مَحْظُورَاتُهُ): فَمِنْهَا الصَّمْتُ الَّذِي يَعْتَقِدُهُ عِبَادَةً فَإِنَّهُ يُكْرَهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ قُرْبَةً فَلَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا الصَّمْتُ عَنْ مَعَاصِي اللِّسَانِ فَمِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَلَا يُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ سِبَابٌ، وَلَا جِدَالٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. إذَا أَكَلَ الْمُعْتَكِفُ نَهَارًا نَاسِيًا لَا يَضُرُّهُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَكْلِ لِأَجْلِ الصَّوْمِ لَا لِأَجْلِ الِاعْتِكَافِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الِاعْتِكَافِ، وَهُوَ مَا مُنِعَ عَنْهُ لِأَجْلِهِ لَا لِأَجْلِ الصَّوْمِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالنَّهَارُ وَاللَّيْلُ كَالْجِمَاعِ وَالْخُرُوجِ، وَمَا كَانَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الصَّوْمِ، وَهُوَ مَا مُنِعَ عَنْهُ لِأَجْلِ الصَّوْمِ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَمْدُ وَالسَّهْوُ وَالنَّهَارُ وَاللَّيْلُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَلَا بَأْسَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ الطَّعَامَ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ مَتْجَرًا فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَالذَّخِيرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيُرَاجِعَ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَيَلْبَسُ الْمُعْتَكِفُ وَيَتَطَيَّبُ وَيَدْهُنُ رَأْسَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَإِذَا سَكِرَ الْمُعْتَكِفُ لَيْلًا لَمْ يُفْسِدْ اعْتِكَافَهُ؛ لِأَنَّهُ تَنَاوَلَ مَحْظُورَ الدِّينِ لَا مَحْظُورَ الِاعْتِكَافِ كَمَا لَوْ أَكَلَ مَالَ الْغَيْرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. وَإِذَا فَسَدَ الِاعْتِكَافُ الْوَاجِبُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ فَإِنْ كَانَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ إذَا أَفْطَرَ يَوْمًا يَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَإِنْ كَانَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ سَوَاءٌ أَفْسَدَهُ بِصُنْعِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَالْخُرُوجِ وَالْجِمَاعِ وَالْأَكْلِ فِي النَّهَارِ أَوْ بِعُذْرٍ كَمَا إذَا مَرَضَ فَاحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ كَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ الطَّوِيلِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
|