فصل: (الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِكَةِ فِي الضَّحَايَا):

مساءً 7 :47
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
19
الجمعة
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّامِنُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِكَةِ فِي الضَّحَايَا):

يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الشَّاةَ لَا تُجْزِئُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً، وَالْبَقَرُ وَالْبَعِيرُ يُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ إذَا كَانُوا يُرِيدُونَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّقْدِيرُ بِالسَّبْعِ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ، وَلَا يَمْنَعُ النُّقْصَانَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
لَا يُشَارِكُ الْمُضَحِّي فِيمَا يَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ مَنْ لَا يُرِيدُ الْقُرْبَةَ رَأْسًا، فَإِنْ شَارَكَ لَمْ يَجُزْ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَا هَذَا فِي سَائِرِ الْقُرَبِ إذَا شَارَكَ الْمُتَقَرِّبُ مَنْ لَا يُرِيدُ الْقُرْبَةَ لَمْ تَجُزْ عَنْ الْقُرْبَةِ، وَلَوْ أَرَادُوا الْقُرْبَةَ- الْأُضْحِيَّةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرَبِ- أَجْزَأَهُمْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقُرْبَةُ وَاجِبَةً أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ وَجَبَ عَلَى الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ جِهَاتُ الْقُرْبَةِ أَوْ اخْتَلَفَتْ بِأَنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ وَبَعْضُهُمْ جَزَاءَ الصَّيْدِ وَبَعْضُهُمْ هَدْيَ الْإِحْصَارِ وَبَعْضُهُمْ كَفَّارَةً عَنْ شَيْءٍ أَصَابَهُ فِي إحْرَامِهِ وَبَعْضُهُمْ هَدْيَ التَّطَوُّعِ وَبَعْضُهُمْ دَمَ الْمُتْعَةِ أَوْ الْقِرَانِ وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ الْعَقِيقَةَ عَنْ وَلَدٍ وُلِدَ لَهُ مِنْ قَبْلُ، كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي نَوَادِرِ الضَّحَايَا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ الْوَلِيمَةَ وَهِيَ ضِيَافَةُ التَّزْوِيجِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ كَرِهَ الِاشْتِرَاكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَبِيًّا أَوْ كَانَ شَرِيكُ السَّبْعِ مَنْ يُرِيدُ اللَّحْمَ أَوْ كَانَ نَصْرَانِيًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْآخَرَيْنِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ذِمِّيًّا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ وَهُوَ يُرِيدُ اللَّحْمَ أَوْ يُرِيدُ الْقُرْبَةَ فِي دِينِهِ لَمْ يُجْزِئْهُمْ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْقُرْبَةُ، فَكَانَتْ نِيَّتُهُ مُلْحَقَةً بِالْعَدَمِ، فَكَأَنْ يُرِيدَ اللَّحْمَ وَالْمُسْلِمُ لَوْ أَرَادَ اللَّحْمَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ مُدَبَّرًا وَيُرِيدُ أُضْحِيَّةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةً يُكْرَهُ وَيُجْزِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَبْعِ شِيَاهٍ حُكْمًا، إلَّا أَنْ يُرِيدَ حِينَ اشْتَرَاهَا أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِيهَا فَلَا يُكْرَهُ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَانَ أَحْسَنَ، وَهَذَا إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا مُعْسِرًا فَقَدْ أَوْجَبَ بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةً بَعْدَ مَا أَوْجَبَهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَسَعْهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ أَشْرَكَ جَازَ، وَيَضْمَنُ سِتَّةَ أَسْبَاعِهَا، وَقِيلَ فِي الْغَنِيِّ: إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ.
اشْتَرَكَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فِي بَقَرَةٍ لِوَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَلِلْآخَرَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سُبْعَاهَا، فَمَاتَ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهَا وَتَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا صَغِيرَيْنِ وَتَرَكَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ مَعَ حِصَّةِ الْبَقَرَةِ فَضَحَّى الْوَصِيُّ عَنْهُمَا حِصَّةَ الْمَيِّتِ مِنْ الْبَقَرَةِ لَا تُجْزِي عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الِابْنَةِ صَارَ لَحْمًا لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ لِأَنَّهَا أَصَابَتْ مِيرَاثَ الْأَبِ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ سِوَى حِصَّةِ الْبَقَرَةِ جَازَتْ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهَا غَنِيَّةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ اشْتَرَكَ خَمْسَةٌ فِي بَقَرَةً فَجَاءَ رَجُلٌ فَسَأَلَهُمْ الشَّرِكَةَ فِيهَا فَأَجَابَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ وَامْتَنَعَ الْوَاحِدُ فَضَحَّوْا جَازَ؛ لِأَنَّ الَّذِي جَعَلَ نَصِيبَهُ مِنْ نَصِيبِ الْأَرْبَعَةِ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ السُّبْعِ، فَخُذْهَا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِحَاجَتِنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ خُمْسٌ وَلِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ خُمْسٌ، أَمَّا الْخُمْسُ فَلِأَنَّ الشُّرَكَاءَ خَمْسَةٌ فَكَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خُمْسًا، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ فَلِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ لَمَّا أَجَابُوهُ فَقَدْ جَعَلُوهُ مُسَاوِيًا أَنْصِبَاءَهُمْ وَهِيَ أَرْبَعُ أَخْمَاسٍ بَيْنَ خَمْسَةٍ، وَأَقَلُّهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ خَمْسَةٌ، فَإِذَا أَجَابَهُ الْأَرْبَعَةُ فَقَدْ جَعَلُوا أَنْصِبَاءَهُمْ بَيْنَ خَمْسَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ، وَأَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَكْثَرُ مِنْ السُّبْعِ، وَذَلِكَ يَسْهُلُ مَعْرِفَتُهُ بِالْبَسْطِ وَالتَّجْنِيسِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ كَانُوا سِتَّةً فَأَشْرَكَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ وَاحِدًا وَأَبَى الْوَاحِدُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ نَصِيبَهُ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ حِسَابِهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ، فَيَكُونُ لِخَمْسَةٍ ثَلَاثُونَ، وَقَدْ جُعِلُوا عَلَى سِتَّةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، وَخَمْسَةٌ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ.
ثَلَاثَةُ نَفَرٍ اشْتَرَكُوا فِي بَقَرَةٍ فَأَشْرَكَ أَحَدُهُمْ رَجُلًا فِي الرُّبْعِ جَازَ وَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مِثْلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَصِحَّ الْجَعْلُ فِي نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ فَصَحَّ فِي نَصِيبِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ اشْتَرَاهَا ثَلَاثَةٌ وَأَشْرَكَ وَاحِدٌ رَجُلًا فِي نَصِيبِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا وَجَازَتْ الْقُرْبَةُ، وَإِنْ أَشْرَكَ فِي السُّبْعِ جَازَ إنْ أَجَازَ شُرَكَاؤُهُ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ لَهُ سُبْعُ نَصِيبِهِ فَلَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَجَازَ وَاحِدٌ فَلَهُ سَبْعُ نَصِيبِهِمَا فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا وَاحِدٌ وَأَشْرَكَ سَبْعَةً لَمْ تَجُزْ الْأُضْحِيَّةُ، وَتَصَدَّقَ بِقِيمَةِ سُبْعِهِ إذَا مَضَتْ الْأَيَّامُ وَلَيْسَ عَلَى شُرَكَائِهِ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِشَيْءٍ، وَلَوْ قَالَ لِسِتَّةٍ: أَشْرَكْتُكُمْ فَقَبِلَ أَحَدُهُمْ فَلَهُ السُّبْعُ وَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ نِصْفُ الْبَقَرَةِ لِوَاحِدٍ وَالنِّصْفُ لِاثْنَيْنِ فَضَاعَتْ فَاشْتَرَوْا أُخْرَى أَثْلَاثًا ثُمَّ وُجِدَتْ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْبَاعِ الْأُولَى تَصَدَّقُوا بِمَا بَيْنَ ذَلِكَ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً لِلْأُضْحِيَّةِ وَنَوَى السُّبْعَ مِنْهَا لِعَامِهِ هَذَا وَسِتَّةَ أَسْبَاعِهَا عَنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ يَجُوزُ عَنْ الْعَامِ وَلَا يَجُوزُ عَنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ نَوَى بَعْضُ الشُّرَكَاءِ التَّطَوُّعَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ الْأُضْحِيَّةَ لِلْعَامِ الَّذِي صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ الْأُضْحِيَّةَ الْوَاجِبَةَ عَنْ عَامِهِ ذَلِكَ جَازَ الْكُلُّ، وَتَكُونُ عَنْ الْوَاجِبِ عَمَّنْ نَوَى الْوَاجِبَ عَنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ تَطَوُّعًا عَمَّنْ نَوَى الْقَضَاءَ عَنْ الْعَامِ الْمَاضِي، وَلَا تَكُونُ عَنْ قَضَائِهِ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَةِ شَاةٍ وَسَطٍ لِمَا مَضَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ فِي الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَةً لَمْ يُجْزِهِمْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَانِيَةِ إلَّا أَنَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ، بِأَنْ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَابْنًا وَبَقَرَةً فَضَحَّى بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمَرْأَةِ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ فَلَمْ يَجْرِ فِي نَصِيبِهَا وَلَمْ يَجْرِ فِي نَصِيبِ الِابْنِ أَيْضًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي أَضَاحِي الزَّعْفَرَانِيِّ وَلَوْ كَانَتْ الْبَدَنَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَضَحَّيَا بِهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَنِصْفُ السُّبْعِ تَبَعٌ فَلَا يَصِيرُ لَحْمًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ الْوَالِدِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِنْ دَفَعَ أَحَدُهُمْ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَنِصْفًا، وَالْآخَرُ دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا، وَالْآخَرُ دِينَارًا جَازَتْ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ النَّصِيبِ هُوَ السُّبْعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَكَ خَمْسَةٌ وَدَفَعَ أَحَدُهُمْ دِينَارَيْنِ وَالثَّانِي دِينَارَيْنِ وَنِصْفًا وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَالرَّابِعُ كَذَلِكَ وَالْخَامِسُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ وَنِصْفًا جَازَتْ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ النَّصِيبِ هُوَ السُّبْعُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اشْتَرَى سَبْعَةٌ بَقَرَةً لِيُضَحُّوا بِهَا فَمَاتَ أَحَدُ السَّبْعَةِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ كِبَارٌ: اذْبَحُوهَا عَنْهُ وَعَنْكُمْ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ ذَبَحَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ لَا يُجْزِئُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَعْضُهَا قُرْبَةً لِعَدَمِ الْإِذْنِ مِنْهُمْ فَلَمْ يَقَعْ الْكُلُّ قُرْبَةً ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّجَزِّي كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ، أَحَدُهُمْ بِعَشَرَةٍ، وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ، وَالْآخَرُ بِثَلَاثِينَ، وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِثْلُ ثَمَنِهَا فَاخْتَلَطَتْ حَتَّى لَا يَعْرِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاتَهُ بِعَيْنِهَا، وَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً فَيُضَحِّيَ بِهَا أَجْزَأَتْهُمْ، وَيَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الثَّلَاثِينَ بِعِشْرِينَ وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ بِعَشَرَةٍ وَلَا يَتَصَدَّقُ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَذْبَحَهَا عَنْهُ أَجْزَأَهُمْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَوْ اشْتَرَى عَشَرَةٌ عَشْرَ أَغْنَامٍ بَيْنَهُمْ فَضَحَّى كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً جَازَ، وَيُقَسَّمُ اللَّحْمُ بَيْنَهُمْ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ اقْتَسَمُوا مُجَازَفَةً يَجُوزُ إذَا كَانَ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا مِنْ الْأَكَارِعِ أَوْ الرَّأْسِ أَوْ الْجِلْدِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْغَنَمُ فَضَحَّى كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً وَرَضُوا بِذَلِكَ جَازَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي الْأَضَاحِيّ لِلزَّعْفَرَانِيِّ اشْتَرَى سَبْعَةُ نَفَرٍ سَبْعَ شِيَاهٍ بَيْنَهُمْ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ بِعَيْنِهَا فَضَحَّوْا بِهَا كَذَلِكَ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ، فَقَوْلُهُ اشْتَرَى سَبْعَةُ نَفَرٍ سَبْعَ شِيَاهٍ بَيْنَهُمْ يَحْتَمِلُ شِرَاءَ كُلِّ شَاةٍ بَيْنَهُمْ وَيَحْتَمِلُ شِرَاءَ شِيَاهٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَاةً وَلَكِنْ لَا بِعَيْنِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الثَّانِي فَمَا ذُكِرَ فِي الْجَوَابِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَصِيرُ مُضَحِّيًا شَاةً كَامِلَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْأَوَّلُ فَمَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِنَّ الْغَنَمَ إذَا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ضَحَّيَا بِهَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
شَاتَانِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ذَبَحَاهُمَا عَنْ نُسُكَيْهِمَا أَجْزَأَهُمَا، بِخِلَافِ الْعَبْدَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَاهُمَا عَنْ كَفَارَتَيْهِمَا لَا يَجُوزُ.
إبِلٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ ضَحَّيَا بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سُبْعٌ أَوْ سُبْعَانِ وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

اشْتَرَى شَاتَيْنِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَضَاعَتْ إحْدَاهُمَا فَضَحَّى بِالثَّانِيَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ هِيَ أَرْفَعَ مِنْ الَّتِي ضَحَّى بِهَا أَوْ أَدْوَنَ مِنْهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بَقَرَةً سَوْدَاءَ لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى بَلْقَاءَ وَهِيَ الَّتِي اجْتَمَعَ فِيهَا السَّوَادُ وَالْبَيَاضُ لَزِمَ الْآمِرَ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشًا أَقْرَنَ أَعْيَنَ لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى كَبْشًا أَجَمَّ لَيْسَ أَعْيَنَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَرْغَبُ فِيهِ النَّاسُ لِلْأُضْحِيَّةِ فَخَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الثَّنِيَّ مِنْ الْبَقَرِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا فَاشْتَرَى مُسِنَّةً فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ الثَّنِيُّ يُشْتَرَى بِأَقَلَّ مِمَّا يُشْتَرَى بِهِ الْمُسِنَّةُ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسِنَّةُ وَالثَّنِيُّ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَزِمَ الْآمِرَ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ إلَى خَيْرٍ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَاسْتَأْجَرَ إنْسَانًا حَتَّى قَادَهَا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ شَاةً أَوْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ فَأَهْدَى بَقَرَةً أَوْ جَزُورًا أَوْ ضَحَّى بِبَقَرَةٍ أَوْ جَزُورٍ جَازَ.
رَجُلٌ ضَحَّى بِشَاةٍ تُسَاوِي تِسْعِينَ، وَرَجُلٌ آخَرُ ضَحَّى بِبَقَرَةٍ تُسَاوِي سَبْعِينَ، وَرَجُلٌ آخَرُ تَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأُضْحِيَّةُ صَاحِبِ الشَّاةِ أَعْلَى مِنْ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِ الْبَقَرَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الشَّاةِ أَكْثَرُ وَاَلَّذِي ضَحَّى بِبَقَرَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي تَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ.
اشْتَرَى شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَهُوَ فَقِيرٌ وَضَحَّى بِهَا ثُمَّ أَيْسَرَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحرميني- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا: لَا يُعِيدُ وَبِهِ نَأْخُذُ.
وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ الشَّاةَ اسْمُ جِنْسٍ يَتَنَاوَلُ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ جَمِيعًا، وَإِنْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ضَأْنًا فَاشْتَرَى مَعْزًا أَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَوْصَى أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَقَعُ عَلَى الشَّاةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوصِ وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ بَقَرَةً بِجَمِيعِ مَالِهِ وَيُضَحِّيَ بِهَا عَنْهُ فَمَاتَ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ بِالثُّلُثِ بِلَا خِلَافٍ، وَيَشْتَرِي بِالثُّلُثِ شَاةً وَيُضَحِّي بِهَا عَنْهُ، وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ بَقَرَةً بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ مَالِهِ وَيُضَحِّيَ بِهَا عَنْهُ فَمَاتَ وَثُلُثُ مَالِهِ أَقَلُّ مِنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يُضَحِّي عَنْهُ عَلَى مَذْهَبِنَا بِمَا بَلَغَتْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً بِهَذِهِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَيُضَحِّيَ عَنْهُ إنْ مَاتَ، ثُمَّ مَاتَ فَضَاعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمٌ لَمْ يُضَحِّ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي قَوْلِهِمَا يَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ فَيُضَحِّي عَنْهُ عَلَى قِيَاسِ النَّسَمَةِ، وَالنَّسَمَةُ رَقَبَةٌ تُشْتَرَى لِلْعِتْقِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ: يَا فُلَانُ قَدْ أَشْرَكْتُكَ فِي ثُلُثَيْهَا كَانَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَلَوْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ فِي جَمِيعِهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّا لَوْ أَعْطَيْنَاهُ الْجَمِيعَ لَا يَكُونُ شَرِيكًا، وَإِنْ قَالَ: قَدْ جَعَلْتُ لَهُ نَصِيبًا أَوْ سَهْمًا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ السُّدُسُ فِي قَوْلِهِ: قَدْ جَعَلْتُ لَكَ سَهْمًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ السَّهْمَ عِنْدَهُ مُفَسَّرٌ بِالسُّدُسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا دُونَ السُّدُسِ وَلِذَلِكَ بَطَلَ.
اشْتَرَى بَقَرَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: قَدْ أَشْرَكْتُكَ بِدِينَارَيْنِ فَقَبِلَ كَانَ خُمْسُ الْبَقَرَةِ لَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
اشْتَرَى شَاةً فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا يُنْقِصُهَا وَلَكِنْ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ حَدِّ الضَّحَايَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِذَا رَجَعَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْمَعِيبَةَ جَازَتْ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَرَاءَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا آخُذُهَا مَذْبُوحَةً فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا أَخَذَهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ الْبَائِعِ إلَّا حِصَّةَ نُقْصَانِ الْعَيْبِ، فَإِنْ تَوَى الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَوَى الْبَعْضُ وَوَصَلَ إلَيْهِ الْبَعْضُ يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِمَا كَانَ مِنْ حِصَّةِ الشَّاةِ، فَلَا يَتَصَدَّقُ بِقَدْرِ حِصَّةِ نُقْصَانِ الْعَيْبِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةً وَنُقْصَانُ الْعَيْبِ دِرْهَمٌ يَتَصَدَّقُ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ مَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَا يُعْتَبَرُ الشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ مَعَ الذَّنَبِ فِي الْمَانِعِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ غَصَبَ أُضْحِيَّةً مَذْبُوحَةً ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ أُخِذَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِذَا أَخَذَ الْمُضَحِّي قِيمَتَهَا يَتَصَدَّقُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّضْمِينِ مَلَكَهَا مِنْهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ، وَإِذَا بَاعَهَا مِنْهُ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهَا فَكَذَا هَذَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ رَدَّ الْقِيمَةَ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُضَحِّي؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِلَا صُنْعِهِ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ الْمُضَحِّي عَنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ أَوْ فَقِيرٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يَهَبَ الْأَصْلَ مِنْ الْغَاصِبِ فَكَذَا يَمْلِكُ الْبَدَلَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهَا لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ إبْرَاءُ الْبَعْضِ وَاسْتِيفَاءُ الْبَعْضِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مَأْكُولٍ أَوْ مَتَاعٍ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَأْكُولَ وَيَنْتَفِعَ بِالْمَتَاعِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَكُونُ عَلَى صِفَةِ الْأَصْلِ وَنَهْجِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
اشْتَرَى الْمُعْسِرُ شَاةً وَمَاتَتْ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَخَرَجَ مِنْهَا جَنِينٌ تَصَدَّقَ بِالْوَلَدِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِنُقْرَةِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا فَضَحَّى بِهَا، ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ النُّقْرَةَ بِعَيْبٍ وَأَخَذَ الْمَذْبُوحَ تَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَجَازَتْ الْقُرْبَةُ، وَلَوْ تَبَايَعَا كَبْشًا بِنَعْجَةٍ وَضَحَّيَا فَوَجَدَ مُشْتَرِي الْكَبْشِ بِهِ عَيْبًا يُنْقِصُهُ الْعُشْرَ، فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِعُشْرِ النَّعْجَةِ مَذْبُوحَةً وَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَيَتَصَدَّقُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ مَا رَدَّ مِنْ اللَّحْمِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِقِيمَةِ عُشْرِ النَّعْجَةِ حَيًّا وَلَا صَدَقَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَضِيَ بَائِعُ الْكَبْشِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَذْبُوحًا فَالْآخَرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ النَّعْجَةِ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا إلَّا حِصَّةَ الْعَيْبِ لَوْ كَانَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّعْجَةَ مَذْبُوحَةً وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا دَفَعَ النَّعْجَةَ لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَبْشِ الَّذِي رَضِيَ بِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَهَا دَارٌ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا تَسْكُنُهَا مَعَ زَوْجِهَا فَعَلَيْهَا الْأُضْحِيَّةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ إذَا قَدَرَ زَوْجُهَا عَلَى الْإِسْكَانِ قعم يخ كب لَا تَجِبُ عَلَيْهَا أُضْحِيَّةٌ وَلَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ مُوسِرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ مُعْسِرًا، قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَاخْتِلَافُهُمْ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إنْ لَمْ تَسْكُنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عِنْدَهُمْ وَبِهِ أَجَبْتُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
قِيلَ: لِعَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ عَلَى مُقِرٍّ مُفْلِسٍ هَلْ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ؟.
(قَالَ: لَا)، فَقِيلَ: وَهَلْ عَلَيْهِ الْأُضْحِيَّةُ؟.
فَقَالَ: لَا مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيٍّ وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَا يُمَكِّنُهُ شِرَاءَ الْأُضْحِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ فَيُضَحِّيَ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا إذَا وَصَلَ إلَيْهِ الدَّيْنُ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْأَلَ مِنْهُ ثَمَنَ الْأُضْحِيَّةِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ.
لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ غَائِبٌ فِي يَدِ شَرِيكِهِ أَوْ مُضَارِبِهِ وَمَعَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ الْحَجَرَيْنِ أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ تَلْزَمُهُ الْأُضْحِيَّةُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: أَرْبَعَةُ نَفَرٍ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةً لَوْنُهَا وَسَمْتُهَا وَاحِدٌ، فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا وَاحِدَةً مِنْهَا مَاتَتْ وَلَا يُدْرَى لِمَنْ هِيَ، فَإِنَّهُ تُبَاعُ هَذِهِ الْأَغْنَامُ جُمْلَةً وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَاةٌ، ثُمَّ يُوَكِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ بِذَبْحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَيُحَلِّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ أَيْضًا حَتَّى يَجُوزَ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَتْ لِزَوْجِهَا: ضَحِّ عَنِّي كُلَّ عَامٍ مِنْ مَهْرِي الَّذِي لِي عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، لَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ وَقْتِهَا عَلَى الزَّوْجَةِ الْمُعْسِرَةِ، وَلَا عَلَى الزَّوْجِ الْمُعْسِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- خَاصَّةً (ظت) وَلَا عَلَى أُمِّهِ الْمُعْسِرَةِ تَصَدُّقٌ بِلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ، لَا يُجْزِئُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
إذَا لَمْ يَجِدْ أُضْحِيَّةً فِي بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِطَلَبِهَا إلَى مَوْضِعٍ يَمْشُونَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدِهِ لِشِرَاءِ الشِّيَاهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ):

تَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى الْمَكْرُوهِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- نَصًّا أَنَّ كُلَّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا قَاطِعًا لَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهِ لَفْظَ الْحَرَامِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَهُوَ الْمُخْتَارُ، هَكَذَا فِي شَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
هَذَا هُوَ الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فَإِلَى الْحَلَالِ أَقْرَبُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ.
وَالْأَصْلُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَصْلِ، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ إثْبَاتُ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الْحُرْمَةُ لِعَارِضٍ، يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ إنْ كَانَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَكَانَتْ الضَّرُورَةُ قَائِمَةً فِي حَقِّ الْعَامَّةِ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الضَّرُورَةُ هَذَا الْمَبْلَغَ فَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَصَارَ إلَى الْأَصْلِ، وَعَلَى الْعَكْسِ إنْ كَانَ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةَ يُنْظَرُ إلَى الْعَارِضِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وُجُودُ الْمُحَرَّمِ فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ لِلتَّنْزِيهِ، نَظِيرُ الْأَوَّلِ سُؤْرُ الْهِرَّةِ، وَنَظِيرُ الثَّانِي لَبَنُ الْأَتَانِ وَلُحُومُهَا، وَنَظِيرُ الثَّالِثِ سُؤْرُ الْبَقَرَةِ الْجَلَّالَةِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
(وَهَذَا الْكِتَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثِينَ بَابًا).

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ):

وَهَذَا الْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَصْلَيْنِ:

.(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ دِينِيٍّ):

نَحْوُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ حُرْمَةِ الْمَحَلِّ وَإِبَاحَتِهِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ تَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ وَطَهَارَتِهِ، وَفِي حُرْمَةِ الْعَيْنِ وَإِبَاحَتِهِ.
خَبَرُ الْوَاحِدِ يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ كَالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا عَدْلًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مَحْدُودًا أَوْ لَا، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدُ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ، وَهَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْهِدَايَةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي الدِّيَانَاتِ إلَّا إذَا كَانَ قَبُولُ قَوْلِ الْكَافِرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ يَتَضَمَّنُ قَوْلَهُ فِي الدِّيَانَاتِ، فَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ الدِّيَانَاتُ فِي ضِمْنِ الْمُعَامَلَاتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا ضَرُورَةً هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
مِنْ أَرْسَلَ رَسُولًا مَجُوسِيًّا أَوْ خَادِمًا فَاشْتَرَى لَحْمًا فَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ وَسِعَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، مَعْنَاهُ إذَا كَانَ ذَبِيحَةَ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ وَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْحِلِّ أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ فِي الْحُرْمَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَسْتُورِ فِي الدِّيَانَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
خَبَرُ مُنَادِي السُّلْطَانِ مَقْبُولٌ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وَإِذَا حَضَرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً إلَّا فِي إنَاءٍ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ قَذِرٌ وَهُوَ عِنْدَهُ مُسْلِمٌ مَرْضِيٌّ لَمْ يَتَوَضَّأْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً، هَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَحْوَطَ، وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِهِ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَلَا تَيَمُّمَ عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ جَوَابُ الْحُكْمِ، فَأَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بَعْدَ الْوُضُوءِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي هَذَا الْوَجْهِ قَالَ فِي الْكِتَابِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرِيقَ الْمَاءَ ثُمَّ يَتَيَمَّمَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا يَعْقِلَانِ مَا يَقُولَانِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ خَبَرَهُمَا فِي هَذَا كَخَبَرِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ اشْتَرَى لَحْمًا فَلَمَّا قَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ قَدْ خَالَطَهُ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَأْكُلَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مُسْلِمٌ اشْتَرَى لَحْمًا وَقَبَضَهُ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْكُلَ وَلَا يُطْعِمَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ أَخْبَرَهُ بِحُرْمَةِ الْعَيْنِ وَبُطْلَانِ الْمِلْكِ، وَحُرْمَةُ الْعَيْنِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى- فَيَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا بُطْلَانُ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بُطْلَانُ الْمِلْكِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الْعَيْنِ هَاهُنَا لَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَا أَنْ يَحْبِسَ الثَّمَنَ عَنْ الْبَائِعِ إذْ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ اللَّحْمَ وَلَكِنَّ الَّذِي كَانَ اللَّحْمُ فِي يَدِهِ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ فَأَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ، وَلَوْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ بِالتَّنَاوُلِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِذْنِ أَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ أَنَّهُ حَرَامُ الْعَيْنِ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
اشْتَرَى رَجُلٌ طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ مَلَكَ ذَلِكَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةً فَجَاءَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَشَهِدَ أَنَّ هَذَا لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ غَصَبَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَيِّتُ؟ فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَوَطْءِ الْجَارِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَنَزَّهْ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فِي يَدِ رَجُلٍ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ: هَذَا غَصْبٌ فِي يَدَيْهِ مِنْ فُلَانٍ، وَاَلَّذِي فِي يَدَيْهِ يُكَذِّبُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَهُ وَهُوَ مُتَّهَمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ؟.
فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ، فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ كَانَ فِي سَعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وُضُوءًا غَيْرَهُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ، كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ الَّذِي أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ ثِقَةً عَدْلًا، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَلَكَهُ لَمْ يَغْصِبْهُ مِنْ أَحَدٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَتَنَزَّهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ تَسَاقَطَا بِحُكْمِ التَّعَارُضِ فَتُعْتَبَرُ الْإِبَاحَةُ الْأَصْلِيَّةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فَاسِقًا، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالَ: يَتَنَزَّهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَعَلَى هَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمًا فَقَالَ لَهُ خَارِجٌ عَدْلٌ: لَا تَشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ، وَقَالَ الْقَصَّابُ: اشْتَرِ فَإِنَّهُ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ وَالْقَصَّابُ ثِقَةٌ، فَإِنَّهُ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِقَوْلِ الْقَصَّابِ عَلَى قَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا تَزُولُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَأْكُلُونَ طَعَامًا وَيَشْرَبُونَ شَرَابًا فَدَعَوْهُ إلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ قَدْ عَرَفَهُ: هَذَا اللَّحْمُ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَهَذَا الشَّرَابُ قَدْ خَالَطَهُ الْخَمْرُ، وَقَالَ الَّذِينَ دَعَوْهُ إلَى ذَلِكَ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ بَلْ هُوَ حَلَالٌ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فِي حَالِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا عُدُولًا ثِقَاتٍ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانُوا مُتَّهَمِينَ أَخَذَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْرَبَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَالَ: وَيَسْتَوِي أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِالْحُرْمَةِ مُسْلِمًا حُرًّا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلَانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ ثِقَةٌ عَمِلَ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ وَاسْتَوَى الْحَالَانِ عِنْدَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ ذَلِكَ وَشُرْبِهِ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ تَمَسَّكَ بِأَصْلِ الطَّهَارَةِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ حَلَالٌ مَمْلُوكَيْنِ ثِقَتَيْنِ وَاَلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَاحِدًا حُرًّا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ.
وَإِنْ كَانَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ مَمْلُوكَيْنِ ثِقَتَيْنِ وَاَلَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ حَلَالٌ حُرًّا وَاحِدًا ثِقَةً، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَأْكُلَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَبْدٌ ثِقَةٌ وَبِالْآخَرِ حُرٌّ ثِقَةٌ عَمِلَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ فِيهِ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَمْلُوكَانِ ثِقَتَانِ وَبِالْأَمْرِ الْآخَرِ حُرَّانِ ثِقَتَانِ أَخَذَ بِقَوْلِ الْحُرَّيْنِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حُرَّانِ عَدْلَانِ، وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْعَبِيدِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَرْبَعَةَ أَعْبُدٍ يَتَرَجَّحُ خَبَرُ الْأَرْبَعَةِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ خَبَرَ الْمَمْلُوكِ وَالْحُرِّ فِي الْأَمْرِ الدِّينِيِّ عَلَى السَّوَاءِ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْعَدَالَةِ، فَيَطْلُبْ التَّرْجِيحَ أَوَّلًا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ، فَإِذَا اسْتَوَى الْعَدَدَانِ، يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ بِكَوْنِهِ حُجَّةً فِي الْأَحْكَامِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِذَا اسْتَوَيَا يَطْلُبُ التَّرْجِيحَ مِنْ حَيْثُ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ رَجُلَانِ وَبِالْآخِرِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ يُؤْخَذُ بِخَبَرِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مُسْلِمًا شَهِدَ عِنْدَ رَجُلٍ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ فُلَانٍ وَهِيَ مُقِرَّةٌ لَهُ بِالرِّقِّ أَمَةٌ لِفُلَانٍ غَصَبَهَا وَاَلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ؟.
فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهَا وَإِنْ اشْتَرَاهَا وَوَطِئَهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً لِهَذَا الَّذِي فِي يَدَيْهِ فَأَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ ثِقَةٌ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ):

يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَةِ، وَمِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْوَكَالَاتُ وَالْمُضَارَبَاتُ وَالرِّسَالَاتُ فِي الْهَدَايَا وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَاتِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا صَحَّ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي أَخْبَارِ الْمُعَامَلَاتِ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ تَغْلِيبِ رَأْيِهِ فِيهِ إنْ أَخْبَرَهُ صَادِقٌ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِ ذَلِكَ عَمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ لِرَجُلٍ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ آخَرُ وَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهَا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِمَنْ عَرَفَهَا لِلْأَوَّلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ هَذَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكَهَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ أَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا، وَإِنْ اشْتَرَاهَا جَازَ وَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَيَكُونُ الشِّرَاءُ جَائِزًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.
وَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ إنِّي اشْتَرَيْتُهَا أَوْ وَهَبَهَا لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيَّ أَوْ وَكَّلَنِي بِبَيْعِهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ إذَا كَانَ عَدْلًا مُسْلِمًا، ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- شَرَطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْيَدِ مُسْلِمًا عَدْلًا، وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ أَمَّا الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْحَاكِمُ الشَّهِيدُ ذَكَرَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْعَدَالَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِسْلَامَ، وَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّ ذِكْرَ الْإِسْلَامِ مِنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- اتِّفَاقِيٌّ لَا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ فَاسِقًا لَا تَثْبُتُ إبَاحَةُ الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ بِنَفْسِ الْخَبَرِ بَلْ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُ صَادِقٌ حَلَّ لَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ، وَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يَحِلُّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ كَمَا فِي الدِّيَانَاتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى أَخْبَرَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ أَنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِلْكُ فُلَانٍ وَأَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهَا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فُلَانًا مَلَكَهَا مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْ أَذِنَ لَهُ بِبَيْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ أَنَّ الْجَارِيَةَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ صَاحِبُ الْيَدِ بِذَلِكَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ ذِي الْيَدِ.
وَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ فَاسِقًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الشَّيْءَ فِي الْغَالِبِ، وَذَلِكَ كَدُرَّةٍ نَفِيسَةٍ فِي يَدِ فَقِيرٍ لَا يَمْلِكُ قُوتَ يَوْمِهِ وَكَكِتَابٍ فِي يَدِ جَاهِلٍ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لَهُ بِشِرَاءٍ، وَلَا قَبُولِ هَدِيَّةٍ، وَلَا صَدَقَةٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَاهُ بِذَلِكَ امْرَأَةً حُرَّةً كَانَ الْجَوَابُ فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَى بِهِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ هِبَةً، وَلَا صَدَقَةً حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ الْعَبْدُ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ثِقَةً لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فَاسِقًا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ بَقِيَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ كَمَا فِي الْحُرِّ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَتَى بِهِ غُلَامًا صَغِيرًا أَوْ جَارِيَةً صَغِيرَةً حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ قَبْلَ السُّؤَالِ، فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ عَدْلًا، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا الصَّغِيرُ أَرَادَ أَنْ يَهَبَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ، وَلَا صَدَقَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ مَأْذُونٌ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَالْقَابِضُ يَتَحَرَّى وَيَبْنِي الْحُكْمَ عَلَى مَا يَقَعُ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّحَرِّي، قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الصَّغِيرَ فِيمَا يُخْبِرُ بَعْدَ مَا تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ أَنَّهُ صَادِقٌ إذَا قَالَ: هَذَا الْمَالُ مَالُ أَبِي أَوْ مَالُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالُ مَوْلَايَ، وَقَدْ بَعَثَ بِهِ إلَيْكَ هَدِيَّةً أَوْ صَدَقَةً، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هُوَ مَالُنَا، وَقَدْ أَذِنَ لَنَا أَبُونَا أَنْ نَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْكَ أَوْ نَهَبَهُ لَكَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَالْفَقِيرُ إذَا أَتَاهُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ مَوْلَاهُ يَتَحَرَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَذِنَ فِي دُخُولِ الدَّارِ عَبْدُ رَجُلٍ أَوْ ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَرَّى إلَّا أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ عَنْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ لِأَجَلِ ذَلِكَ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ إذَا أَتَى بَقَّالًا أَوْ نَحْوَهُ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا وَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إنْ طَلَبَ الصَّابُونَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْهُ، وَإِنْ طَلَبَ الزَّبِيبَ وَالْبَاقِلَاءَ وَالْقُبَيْطَاءَ مِمَّا يَأْكُلُهُ الصِّبْيَانُ عَادَةً لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
جَارِيَةٌ قَالَتْ لِرَجُلٍ: بَعَثَنِي مَوْلَايَ إلَيْكَ هَدِيَّةً وَسِعَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَاقِلًا وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَالْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَرَفَ جَارِيَةً لِرَجُلٍ يَدَّعِيهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهَا لَهُ وَالْأَمَةُ تُصَدِّقُهُ فِي أَنَّهَا لَهُ، ثُمَّ رَأَى الْجَارِيَةَ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ يَقُولُ هَذَا الَّذِي فِي يَدِهِ: كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ ذَلِكَ كَانَ مُدَّعِيًا أَنَّهَا لَهُ وَالْجَارِيَةُ تُصَدِّقُهُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ لِي، وَإِنَّمَا أَمَرْتُ فُلَانًا بِذَلِكَ لِأَمْرٍ خَفِيٍّ وَصَدَّقَتْهُ الْجَارِيَةُ فِي قَوْلِهِ هَذَا وَالْمُدَّعِي مُسْلِمٌ ثِقَةٌ لَا بَأْسَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْجَارِيَةُ كَاذِبٌ فِيمَا يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَلَا يَقْبَلَ هِبَتَهُ، وَلَا صَدَقَتَهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ ذُو الْيَدِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَالَ: هِيَ لِي ظَلَمَنِي فُلَانٌ وَغَصَبَهَا مِنِّي فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ، وَلَا يَقْبَلَ هِبَتَهُ وَلَا صَدَقَتَهُ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ ثِقَةً أَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْغَصْبَ، وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِالتَّلْجِئَةِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَمْرٌ مُسْتَنْكَرٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا فِي التَّلْجِئَةِ مَا أَخْبَرَ بِخَبَرٍ مُسْتَنْكَرٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ.
وَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ: كَانَ فُلَانٌ ظَلَمَنِي وَغَصَبَهَا مِنِّي، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ظُلْمِهِ فَأَقَرَّ بِهَا لِي وَدَفَعَهَا إلَيَّ، فَإِنْ كَانَ ثِقَةً لَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: غَصَبَهَا مِنِّي فُلَانٌ فَخَاصَمْتُهُ إلَى الْقَاضِي فَقَضَى الْقَاضِي لِي بِهَا بِبَيِّنَةٍ أَقَمْتُهَا أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّامِعِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ إذَا كَانَ ثِقَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ كَاذِبًا فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِيهَا مِنْهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ، وَإِنْ قَالَ: قَضَى لِي بِهَا الْقَاضِي فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَدَفَعَهَا إلَيَّ، أَوْ قَالَ:
قَضَى الْقَاضِي لِي بِهَا فَأَخَذْتُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، إنْ كَانَ ثِقَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ قَالَ: قَضَى لِي بِهَا فَجَحَدَنِي الْقَضَاءَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، كَمَا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ، ثُمَّ جَحَدَ الْبَيْعَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ وَقَبَضْتُهَا بِأَمْرِهِ وَهُوَ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ عِنْدَ السَّامِعِ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ: إنَّ فُلَانًا ذَلِكَ جَحَدَ هَذَا الْبَيْعَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَالْقَائِلُ الثَّانِي مَأْمُونٌ ثِقَةٌ أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ وَأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ.
وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ الثَّانِي غَيْرَ ثِقَةٍ إلَّا أَنَّ فِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الثَّانِي صَادِقٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا غَيْرَ ثِقَتَيْنِ وَفِي أَكْبَرِ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّ الثَّانِي صَادِقٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَلَا يَقْبَلَ قَوْلَهُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الثَّانِي ثِقَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ رَأَى رَجُلًا يَبِيعُ جَارِيَةً عُرِفَتْ لِآخَرَ فَشَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ أَنَّ مَوْلَاهَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا فَاشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ، ثُمَّ حَضَرَ مَوْلَاهَا وَجَحَدَ الْأَمْرَ، فَالْمُشْتَرِي فِي سَعَةٍ مِنْ مَنْعِهَا حَتَّى يُخَاصِمَ إلَى الْقَاضِي، وَإِذَا قَضَى بِهَا لِلْمَالِكِ لَمْ يَسَعْهُ إمْسَاكُهَا إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ الشَّهَادَةَ بِالْوَكَالَةِ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا شَرْعًا، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنَّ فُلَانًا أَمَرَنِي بِبَيْعِ جَارِيَتِهِ الَّتِي فِي مَنْزِلِهِ وَدَفَعَهَا إلَى مُشْتَرِيهَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا مِنْهُ وَقَبْضِهَا مِنْ مَنْزِلِ مَوْلَاهَا بِأَمْرِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إذَا أَوْفَاهُ ثَمَنَهَا، إذَا كَانَ الْبَائِعُ ثِقَةً أَوْ كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ، وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ لَمْ يَسَعْ لَهُ أَنْ يَعْتَرِضَ لَهُ حَتَّى يَسْتَأْمِرَ مَوْلَاهَا فِي أَمْرِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَبَضَهَا وَوَطِئَهَا ثُمَّ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الْبَائِعَ كَذَبَ فِيمَا قَالَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَكْبَرُ ظَنِّهِ، فَإِنَّهُ يَعْتَزِلُ وَطْأَهَا حَتَّى يَتَعَرَّفَ خَبَرَهَا، وَهَكَذَا أَمْرُ النَّاسِ مَا لَمْ يَجِئْ التَّجَاحُدُ مِنْ الَّذِي كَانَ يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ لَمْ يَقْرَبْهَا وَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَيَتْبَعُ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الْعُقْرَ إلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ قَالَ: أَنَا وَكِيلُ فُلَانٍ وَقَدْ زَوَّجْتُكَ ابْنَتَهُ هَذِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ لَهُ أَنْ يَطَأهَا، وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ وَهِيَ فِي حِجْرِ أَخِيهَا فَلَا حَتَّى يُقِرَّ الْأَخُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى غَابَ عَنْهَا وَأَخْبَرَ مُخْبِرٌ أَنَّهَا قَدْ ارْتَدَّتْ، فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عِنْدَهُ ثِقَةً وَهُوَ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ وَسِعَهُ أَنْ يُصَدِّقَ الْمُخْبِرَ وَيَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ ثِقَةً وَفِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلَوْ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَ الْمَرْأَةَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ ارْتَدَّ ذَكَرَ فِي الِاسْتِحْسَانِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَسَوَّى بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: الصَّحِيحُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً فَأَخْبَرَهُ إنْسَانٌ أَنَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ إنْسَانٌ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ مُرْتَدَّةٌ يَوْمَ تَزَوَّجَهَا أَوْ كَانَتْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالْمُخْبِرُ ثِقَةٌ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا مَا لَمْ يَشْهَدْ بِذَلِكَ عِنْدَهُ شَاهِدَا عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِفَسَادِ عَقْدٍ كَانَ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا فَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَا عَدْلٍ بِذَلِكَ وَسِعَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَوْ أَتَاهَا رَجُلٌ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ أَصْلَ نِكَاحِهَا كَانَ فَاسِدًا أَوْ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ أَخًا لَهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ كَانَ مُرْتَدًّا لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُشْتَهَاةً فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّ أَبَا الزَّوْجِ أَوْ ابْنَهُ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا أَوْ أَرْبَعٍ سِوَاهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِسَبْقِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ ثَمَّةَ يُنَازِعُهُ، وَفِي الْعَارِضِ لَا يُنَازِعُهُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ، فَإِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ صِدْقُهُ وَجَبَ قَبُولُهُ هَكَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
امْرَأَةٌ غَابَ زَوْجُهَا فَأَتَاهَا مُسْلِمٌ غَيْرُ ثِقَةٍ بِكِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجِهَا، وَلَا تَدْرِي أَنَّهُ كِتَابُهُ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ أَكْبَرَ رَأْيِهَا أَنَّهُ حَقٌّ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَعْتَدَّ ثُمَّ تَتَزَوَّجَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ فَأَتَاهَا مُسْلِمٌ عَدْلٌ فَأَخْبَرَهَا أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا تَتَحَرَّى، ثُمَّ إذَا أَخْبَرَهَا عَدْلٌ مُسْلِمٌ أَنَّهُ مَاتَ زَوْجُهَا إنَّمَا تَعْتَمِدُ عَلَى خَبَرِهِ إذَا قَالَ: عَايَنْتُهُ مَيِّتًا، أَوْ قَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَتَهُ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى خَبَرِهِ، وَإِنْ أَخْبَرَهَا وَاحِدٌ بِمَوْتِهِ وَرَجُلَانِ آخَرَانِ أَخْبَرَا بِحَيَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهَا بِمَوْتِهِ قَالَ: عَايَنْتُهُ مَيِّتًا أَوْ شَهِدْتُ جِنَازَتَهُ حَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَإِنْ كَانَ اللَّذَانِ أَخْبَرَا بِحَيَاتِهِ ذَكَرًا تَارِيخًا لَاحِقًا فَقَوْلُهُمَا أَوْلَى، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِمَوْتِهِ أَوْ قَتْلِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ حَيٌّ فَشَهَادَةُ الْمَوْتِ أَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ لِلْمَرْأَةِ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ يَجْحَدُ، ثُمَّ غَابَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْ الْمَرْأَةَ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ وَأَنْ تَدَعَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا، وَلَا يَسَعُهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ زَوْجِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ سَمِعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَجَحَدَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَحَلَفَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يَسَعْهَا الْمَقَامُ مَعَهُ، وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ بِمَالِهَا أَوْ تَهْرَبَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ قَتَلَتْهُ، وَإِذَا هَرَبَتْ مِنْهُ لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: مَا ذُكِرَ أَنَّهَا إذَا هَرَبَتْ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ جَوَابُ الْقَضَاءِ، أَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى- فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ مَا اعْتَدَّتْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِرَجُلٍ: إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتِي، فَإِنْ كَانَتْ عَدْلَةٌ وَسِعَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً تَحَرَّى وَعَمِلَ بِمَا وَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إذَا قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْتُ بِزَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَ بِي، ثُمَّ طَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَلَا بَأْسَ عَلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ، وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: حَلَلْتُ لَكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَا لَمْ يَسْتَفْسِرْهَا لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ فِي حِلِّهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ مُطْلَقَ خَبَرِهَا بِالْحِلِّ، وَلَوْ أَنَّ جَارِيَةً صَغِيرَةً لَا تُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهَا فِي يَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي أَنَّهَا لَهُ فَلَمَّا كَبِرَتْ لَقِيَهَا رَجُلٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَقَالَتْ: أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ قَالَتْ: كُنْتُ أَمَةً لِلَّذِي كُنْتُ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَنِي وَكَانَتْ عِنْدَهُ ثِقَةً أَوْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ إذَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا، ثُمَّ قَالَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ: إنَّ نِكَاحِي كَانَ فَاسِدًا لِمَا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ لَا يَسَعُ لِهَذَا أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهَا وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَإِنْ قَالَتْ طَلَّقَنِي بَعْدَ النِّكَاحِ أَوْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَسِعَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى خَبَرِهَا وَيَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ بِخَبَرٍ مُحْتَمَلٍ، وَإِذَا أَخْبَرَتْ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهَا، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بِالْحُرْمَةِ بِأَمْرٍ عَارِضٍ بَعْدَ النِّكَاحِ مِنْ رَضَاعٍ طَارِئٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ ثِقَةً عِنْدَهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ ثِقَةً وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.