فصل: (كِتَابُ الذَّبَائِحِ):

صباحاً 8 :50
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
19
الجمعة
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

الْمُعَامَلَةُ فِي الْأَشْجَارِ وَالْكَرْمِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ إذَا ذَكَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَسَمَّى جُزْءًا مُشَاعًا وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةَ.
وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الرِّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى آخَرَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا مُعَامَلَةً أَشْهُرًا مَعْلُومَةً يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ وَالْكَرْمَ لَا يُخْرِجُ ثَمَرَةً فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً قَدْ تُخْرِجُ الثَّمَرَةَ وَقَدْ لَا تُخْرِجُ فَالْمُعَامَلَةُ مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ الثَّمَرَةَ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فَسَدَتْ، وَهَذَا إذَا أَخْرَجَتْ فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ شَيْئًا لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُرْغَبُ فِيهِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِمَنْزِلَةٍ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ النَّخِيلُ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ يُنْظَرُ إنْ أَخْرَجَتْ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِعِلَّةٍ حَدَثَتْ بِهَا فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ أَرْضًا مُعَامَلَةً خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطَ مِائَةَ سَنَةٍ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً جَازَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا دَفَعَ نَخِيلًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ تَكُونَ النَّخِيلُ مَعَ الثَّمَرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إنْ كَانَ النَّخِيلُ فِي حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فِي حَقِّ النَّخِيلِ وَالثِّمَارِ جَائِزَةٌ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خُرُوجُ الْأَشْجَارِ عَنْ حَدِّ النَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ إذَا بَلَغَتْ وَأَثْمَرَتْ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ كَرْمًا مُعَامَلَةً، وَفِيهَا أَشْجَارٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ سِوَى الْحِفْظِ قَالُوا: إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ لَذَهَبَتْ ثَمَرَتُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَيَكُونُ الْحِفْظُ هَاهُنَا لِلنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَا تَذْهَبُ ثَمَرَتُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ نَصِيبٌ مِنْ تِلْكَ الثِّمَارِ، وَلَوْ دَفَعَ شَجَرَ الْجَوْزِ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ جَازَ دَفْعُهَا مُعَامَلَةً وَلِلْعَامِلِ حِصَّةٌ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ أَوْ الْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي مُخْتَصَرِ خُوَاهَرْ زَادَهْ رَجُلٌ دَفَعَ نَخْلًا إلَى رَجُلَيْنِ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا السُّدُسَ وَلِلْآخَرِ النِّصْفَ وَلِرَبِّ النَّخِيلِ الثُّلُثَ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ نَخِيلًا مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ عَلَى أَنْ يُلَقِّحَاهُ بِتَلْقِيحٍ مِنْ عِنْدِهِمَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا أَثْلَاثًا فَهَذَا جَائِزٌ، وَلَوْ شَرَطُوا أَنَّ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ الثُّلُثَ وَلِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ بِعَيْنِهِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ مِائَةً عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُعَامَلَةُ كَانَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ الْآخَرِ عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ الْمُسَمَّى، ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَامِلُ الَّذِي شُرِطَ لَهُ الثُّلُثَانِ عَلَى رَبِّ النَّخِيلِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَبِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِ الْآخَرِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِذَا شَرَطَ رَبُّ النَّخِيلِ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْعَامِلِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ السَّقْيِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ شَيْئًا لَا بُدَّ مِنْهُ لِتَحْصِيلِ الْخَارِجِ بِأَنْ كَانَ الثَّمَرُ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا أَصْلًا بِدُونِ السَّقْيِ أَوْ يُخْرِجُ بِدُونِ السَّقْيِ شَيْئًا لَا يُرْغَبُ فِيهِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ النَّخِيلِ أَوْ يُخْرِجُ شَيْئًا مَرْغُوبًا إلَّا أَنَّهُ يَيْبَسُ بِدُونِ السَّقْيِ، وَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ أَصْلًا أَوْ يُؤَثِّرُ فِي جَوْدَتِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعْلُومًا لِلْحَالِ أَوْ كَانَ لَا يَدْرِي فِي الْحَالِ أَنَّهُ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي زِيَادَةِ الْجَوْدَةِ أَوْ لَا يُؤَثِّرُ فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ، فَإِنْ شَرَطَ رَبُّ النَّخِيلِ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ السَّقْيَ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْصِيلِ الْخَارِجِ فَالْمُعَامَلَةُ فِيهَا جَائِزَةٌ، وَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ السَّقْيَ يُؤَثِّرُ فِي تَحْصِيلِ الْخَارِجِ إمَّا أَصْلًا أَوْ جَوْدَةً فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَنَّ السَّقْيَ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ أَوْ لَا يُؤَثِّرُ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا، وَإِذَا شَرَطَ رَبُّ الْأَرْضِ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْبَاقِي عَلَى الْعَامِلِ فَهَذَا وَمَا لَوْ شَرَطَ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ وَسَكَتَ عَنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ، وَإِذَا شَرَطَ الْحِفْظَ عَلَى رَبِّ النَّخِيلِ فِي مَكَان لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْحِفْظِ بِأَنْ كَانَ فِي حَائِطٍ وَالْحَائِطُ حَصِينٌ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي اشْتِرَاطِ السَّقْيِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إذَا كَانَ السَّقْيُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْخَارِجِ أَصْلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ فُلَانًا يَعْمَلُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا فَاسِدًا، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَامِلُ أَجِيرًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْأَجِيرَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
نَخِيلٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَفَعَاهُ إلَى رَجُلٍ سَنَتَهُ هَذِهِ يَقُومُ عَلَيْهِ فَمَا خَرَجَ فَنِصْفُهُ لِلْعَامِلِ ثُلُثَا ذَلِكَ النِّصْف مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَالْبَاقِي بَيْنَ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ ثُلُثَاهُ لِلَّذِي شَرَطَ الثُّلُثَ مِنْ نَصِيبِهِ وَثُلُثُهُ لِلْآخَرِ جَازَ، وَلَوْ شَرَطَا ثُلُثَيْ الْبَاقِي لِشَارِطِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا كَانَ النَّخِيلُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَفَعَاهُ إلَى رَجُلٍ مُعَامَلَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنَّ نِصْفَ الْخَارِجِ لِلْعَامِلِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ نِصْفَانِ فَهَذَا جَائِزٌ وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ، وَلَوْ شَرَطَا أَنَّ نِصْفَ الْخَارِجِ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ بِعَيْنِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بَيْنَ صَاحِبِ النَّخِيلِ الْآخَرِ وَالْعَامِلِ نِصْفَانِ أَوْ عَلَى الْمُثَالَثَةِ فَهَذَا فَاسِدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ اشْتَرَطُوا أَنَّ لِلْعَامِلِ نِصْفَ الْخَارِجِ ثُلُثُهُ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَثُلُثَاهُ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بَيْنَ صَاحِبَيْ النَّخِيلِ نِصْفَانِ فَهُوَ فَاسِدٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
دَفَعَ رَجُلٌ نَخْلَهُ إلَى رَجُلَيْنِ يَقُومَانِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ نِصْفَ الْخَارِجِ وَلِلْآخَرِ سُدُسَهُ وَلِرَبِّ النَّخِيلِ ثُلُثَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَحَدَهُمَا بِنِصْفِ الْخَارِجِ وَالْآخَرَ بِسُدُسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ لِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى رَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ وَلِرَبِّ النَّخِيلِ الثُّلُثَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمَا بِبَدَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَذَلِكَ جَائِزٌ حَالَةَ الِانْفِرَادِ، وَلَوْ شَرَطُوا لِرَبِّ النَّخِيلِ الثُّلُثَ وَلِأَحَدِ الْعَامِلَيْنِ بِعَيْنِهِ الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ أَجْرَ مِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَجْرُ الْعَامِلَيْنِ عَلَى صَاحِبِ النَّخِيلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فَيَكُونُ النَّخِيلُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً، فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ قَدْ صَارَ بَقْلًا عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى آخَرَ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِيَغْرِسَ فِيهَا أَغْرَاسًا عَلَى أَنَّ الْأَغْرَاسَ وَالثِّمَارَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ الْأَغْرَاسُ لِأَحَدِهِمَا وَالثِّمَارُ لِأَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ قَاطِعٌ لِلشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ عَسَى لَا يُثْمِرُ النَّخِيلُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَصَاحِبُ الْغَرْسِ لَا يُصِيبُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْأَغْرَاسُ خَاصَّةً لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ شَرَطَ الْأَغْرَاسَ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَ الْأَغْرَاسَ لِمَنْ لَمْ تَكُنْ الْأَغْرَاسُ مِنْ جِهَتِهِ فَذَلِكَ فَاسِدٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي النَّوَادِرِ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ تَكُونَ الثِّمَارُ بَيْنَهُمَا وَسَكَتَا عَنْ الْأَغْرَاسِ فَالْأَغْرَاسُ لِمَنْ كَانَتْ الْأَغْرَاسُ مِنْ جِهَتِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى غَيْرِهِ أَرْضًا بِيضًا سِنِينَ مُسَمَّاةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَجَرٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنَّ الْأَرْضَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ، وَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ وَقَبَضَ الْعَامِلُ الْأَرْضَ عَلَى هَذَا وَغَرَسَهَا نَخْلًا أَوْ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا فَأَخْرَجَتْ ثَمَرًا كَثِيرًا فَجَمِيعُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالْكَرْمِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قِيمَةُ الْأَغْرَاسِ لِلْغَارِسِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ وَلَكِنْ قَالَ لَهُ اغْرِسْهَا شَجَرًا أَوْ نَخْلًا أَوْ كَرْمًا عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنَّ لَكَ عَلَيَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ نِصْفَ أَرْضٍ أُخْرَى بِعَيْنِهَا سِوَى الْأَرْضِ الَّتِي غَرَسَ فِيهَا فَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْغَرْسُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْأَرْضِ وَاشْتَرَطَ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِذَا عَمِلَ عَلَى هَذَا فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَوْ كَانَ الْغَرْسُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ وَقَدْ اشْتَرَطَا أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْمُزَارِعِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَهَذَا فَاسِدٌ، ثُمَّ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَرْسُ وَالْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَ فَاسِدًا أَيْضًا وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ وَقِيمَةُ غَرْسِهِ وَبَذْرُ مِثْلِ بَذْرِهِ عَلَى الزَّارِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ لَهُ الْغَارِسُ مَكَانَ الْمِائَةِ حِنْطَةً أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَالْكُلُّ فِي الْمَعْنَى الَّذِي يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ دَفَعَ النَّخِيلَ مُعَامَلَةً بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرِ، فَإِنْ كَانَ يَزِيدُ بِعَمَلِهِ الثَّمَرُ حَتَّى صَارَ شَرِيكًا فِيهِ جَازَ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ رَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا الْأَشْجَارَ وَالْكَرْمَ بِقُضْبَانٍ مِنْ قِبَلِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَلَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا فَغَرَسَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَأَدْرَكَ الْكَرْمُ وَكَبُرَتْ الْأَشْجَارُ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مِنْ صَاحِبِهَا كُلَّ سَنَةٍ بِأَجْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ أَخَذَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ وَقْتَ الرَّبِيعِ قَبْلَ النَّيْرُوزِ حَتَّى يَرْفَعَ الْأَشْجَارَ، قَالُوا: إنْ أَخَذَهُ بِذَلِكَ فِي وَقْتٍ قَبْلَ خُرُوجِ الثِّمَارِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَارِسَ لَا يَتَضَرَّرُ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ضَرَرًا زَائِدًا، قَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدِي إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَقَدْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مُسَانَهَةً لَا يُجْبِرُ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى قَلْعِ الْأَشْجَارِ إنْ أَبَى، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا دَفَعَ إلَى ابْنٍ لَهُ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَمْ يُوَقِّتْ لَهُ وَقْتًا فَغَرَسَ فِيهَا، ثُمَّ مَاتَ الدَّافِعُ وَخَلَفَ الِابْنُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَوَرَثَةٌ سِوَاهُ فَأَرَادَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَنْ يُكَلَّفَ الِابْنُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ قَلْعَ الْأَشْجَارِ كُلِّهَا لِيُقَسِّمُوا الْأَرْضَ، قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ فَمَا أَصَابَ حِصَّةَ الْغَارِسِ فَذَلِكَ لَهُ مَعَ غَرْسِهِ وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ كُلِّفَ قَلْعَهُ وَتَسْوِيَةَ أَرْضِهِ إنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يُكَلَّفُ بِقَلْعِ الْكُلِّ إلَّا إذَا جَرَى بَيْنَهُمْ صُلْحٌ، وَإِذَا دَفَعَ أَرْضًا إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا أَغْرَاسًا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ يُخَيَّرُ رَبُّ الْأَرْضِ إنْ شَاءَ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَةِ الشَّجَرِ وَيَمْلِكُهَا، وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَكَّارٌ غَرَسَ فِي أَرْضِ الدَّافِعِ تَالَّةً بِأَمْرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ التَّالَّةُ لِلدَّافِعِ فَالْأَشْجَارُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْأَكَّارِ وَقَدْ قَالَ لِلْأَكَّارِ: اغْرِسْهَا لِي فَكَذَلِكَ وَلِلْأَكَّارِ قِيمَةُ التَّالَّةِ، وَلَوْ قَالَ: اغْرِسْهَا وَلَمْ يَقُلْ: لِي فَغَرَسَهَا بِغِرَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ فَالْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ وَيُكَلِّفُهُ الْمَالِكُ قَلْعَهُ، وَلَوْ قَالَ اغْرِسْهَا عَلَى أَنَّ الْغِرَاسَ أَنْصَافًا جَازَ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا وَدَفَعَ إلَيْهِ التَّالَّةَ فَغَرَسَ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: أَنَا دَفَعْتُ التَّالَّةَ وَالْأَشْجَارَ لِي، وَقَالَ: الْغَارِسُ قَدْ سُرِقَتْ تِلْكَ التَّالَّةُ وَأَنَا غَرَسْتُ بِتَالَّةٍ مِنْ عِنْدِي وَالشَّجَرُ لِي، قَالُوا فِي الْأَشْجَارِ: يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ مُتَّصِلَةٌ بِأَرْضِهِ، وَالْقَوْلُ فِي سَرِقَةِ التَّالَّةِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهِ قَوْلُ الْغَارِسِ حَتَّى لَا يَكُونَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينًا فِيهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضَهُ إلَى آخَرَ لِيَتَّخِذَ كَرْمًا فَكُلُّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْغَارِسِ قِيمَةُ مَا أَخَذَهُ وَأُجْرَةُ مَا عَمِلَ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ كَرْمَهُ إلَى غَيْرِهِ مُعَامَلَةً وَقَامَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَهُ ثُمَّ جَاءَ عِنْدَ الْإِدْرَاكِ يَطْلُبُ الشَّرِكَةَ إنْ كَانَ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهَا بَعْدَ مَا خَرَجَتْ الثَّمَرَةُ وَالْعِنَبُ وَصَارَ بِحَالٍ لَوْ قُطِعَتْ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ لَا تَبْطُلُ شَرِكَتُهُ وَهُوَ الشَّرِيكُ عَلَى الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا وَلَكِنْ فِي وَقْتٍ لَوْ قُطِعَتْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ فَلَا شَرِكَةَ فِيهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ رُطَبَةً قَدْ انْتَهَى جِذَاذُهَا عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا الْعَامِلُ وَيَسْقِيَهَا حَتَّى يَخْرُجَ بَذْرُهَا عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَذْرِهَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا وَقْتًا؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ الْبَذْرِ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا وَالرُّطَبَةُ لِصَاحِبِهَا، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ تَكُونَ الرُّطَبَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَسَدَتْ الْمُعَامَلَةُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ غِرَاسَ شَجَرٍ أَوْ كَرْمٍ أَوْ نَخْلٍ قَدْ عُلِّقَ فِي الْأَرْضِ، وَلَمْ تَبْلُغْ الثَّمَرَةُ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَ نَخْلَهُ فَمَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذِهِ مُعَامَلَةٌ فَاسِدَةٌ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ سِنِينَ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي فِي كَمْ تَحْمِلُ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ وَالْكَرْمُ، وَالْأَشْجَارُ تَتَفَاوَتُ فِي ذَلِكَ لِتَفَاوُتِ مَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَإِنْ بَيَّنَا مُدَّةً مَعْلُومَةً صَارَ مِقْدَارُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ الْعَامِلِ مَعْلُومًا فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَا ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا دَفَعَ النَّخْلَ مُعَامَلَةً وَأَرَادَ الْعَامِلُ أَنْ يَضَعَ الْوَصْلَ عَلَى الْأَشْجَارِ فَأَصْلُ الْقَضِيبِ عَلَى الدَّافِعِ، ثُمَّ الْعَمَلُ فِي الْوَصْلِ مِنْ ضَرْبِ آلَةِ الشَّقِّ حَتَّى يَنْشَقَّ الشَّجَرُ فَيَدْخُلُ قَضِيبُ الْوَصْلِ فِي الشَّقِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَتِمَّ الْوَصْلُ عَلَى الْعَامِلِ، وَعَلَى هَذَا الْقَضِيبُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الْغَرْسُ عَلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ وَالْعَمَلِ لِيَصِيرَ غَرْسًا عَلَى الْعَامِلِ، وَكَذَا الدَّعَائِمُ عَلَى صَاحِبِ الْكَرْمِ وَنَصُّهَا فِي الْكَرْمِ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى هَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي دِيَارِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
حَرَّاثٌ غَرَسَ أَشْجَارًا فِي أَرْضٍ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَمَّا كَبُرَتْ الْأَشْجَارُ اخْتَصَمَا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ مُقِرًّا بِأَنَّ الْأَشْجَارَ غَرَسَهَا الْحَرَّاثُ مِنْ مِلْكِ نَفْسِهِ فَهِيَ لِلْحَرَّاثِ لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ دِيَانَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَ غَرَسَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَرَسَ بِأَمْرِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ شَرِكَةٍ تَطِيبُ لَهُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ تَالَّةً لِيَغْرِسَهَا عَلَى حَافَّةِ نَهْرٍ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ فَلَمَّا غَرَسَ وَأَدْرَكَ الشَّجَرُ قَالَ الدَّافِعُ لِلْغَارِسِ كُنْتَ خَادِمِي، وَفِي عِيَالِي دَفَعْتُ إلَيْكَ التَّالَّةَ لِتَغْرِسَهَا لِي فَتَكُونُ الْأَشْجَارُ لِي، قَالُوا: إنْ عَلِمَ أَنَّ التَّالَّةَ كَانَتْ لِلْغَارِسِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ التَّالَّةُ لِلدَّافِعِ، فَإِنْ كَانَ الْغَارِسُ فِي عِيَالِ الدَّافِعِ يَعْمَل لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَارِسُ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ، وَلَمْ يَغْرِسْهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَارِسُ قَلَعَ التَّالَّةَ مِنْ أَرْضِ رَجُلٍ وَغَرَسَهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَلَعَهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَفَعَ كَرْمَهُ مُعَامَلَةً فَأَثْمَرَ وَكَانَ الدَّافِعُ وَأَهْلُ دَارِهِ يَدْخُلُونَ الْكَرْمَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَحْمِلُونَ وَالْعَامِلُ لَا يَدْخُلُ إلَّا قَلِيلًا، فَإِنْ أَكَلَ أَهْلُ دَارِ الدَّافِعِ أَوْ حَمَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ الدَّافِعِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ أَخَذُوا بِإِذْنِهِ وَهُمْ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ فَهُوَ ضَامِنٌ نَصِيبَ الْعَامِلِ كَمَا لَوْ قَبَضَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَهُنَاكَ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَهُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَقَامَ عَلَيْهِ وَلَقَّحَهُ حَتَّى صَارَ بُسْرًا أَخْضَرَ، ثُمَّ مَاتَ صَاحِبُ الْأَرْضِ فَقَدْ انْتَقَضَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيَاسِ، وَكَانَ الْبُسْرُ بَيْنَ وَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ الْعَامِلِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِدَرَاهِمَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا مَاتَ، فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، ثُمَّ انْتِقَاضُهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا بِمَنْزِلَةِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى نَقْضِهَا فِي حَيَاتِهِمَا، وَلَوْ نَقَضَاهَا وَالْخَارِجُ بُسْرٌ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ: لِلْعَامِلِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يَقُومُ حَتَّى يُدْرِكَ الثَّمَرُ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ فِي انْتِقَاضِ الْعَقْدِ بِمَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ إضْرَارًا بِالْعَامِلِ وَإِبْطَالًا لِمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهُ بِعَقْدِ الْمُعَامَلَةِ وَهُوَ تَرْكُ الثِّمَارِ فِي الْأَشْجَارِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ، وَإِذَا انْتَقَضَ الْعَقْدُ يُكَلَّفُ الْجِذَاذَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ.
وَكَمَا يَجُوزُ نَقْضُ الْإِجَارَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ ابْتِدَاءً لِدَفْعِ الضَّرَرِ يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ أَنَا: آخُذُ نِصْفَ الْبُسْرِ، لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إبْقَاءَ الْعَقْدِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ، فَإِذَا رَضِيَ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ انْتَقَضَ الْعَقْدُ بِمَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ شَاءُوا صَرَمُوا الْبُسْرَ فَقَسَمُوهُ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ شَاءُوا أَعْطَوْهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْبُسْرِ وَصَارَ الْبُسْرُ كُلُّهُ لَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَنْفَقُوا عَلَى الْبُسْرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَرْجِعُونَ بِنِصْفِ نَفَقَتِهِمْ فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرِ، وَلَوْ كَانَ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ، وَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ نَحْنُ نَصْرِمُهُ بُسْرًا كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ الْخِيَارِ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا لِوَرَثَتِهِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا كَانَ الْخِيَارُ فِي الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَتَرْكِهِ إلَى وَرَثَةِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْعَامِلِ وَقَدْ كَانَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ هَذَا الْخِيَارُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ تَوْرِيثِ الْخِيَارِ بَلْ مِنْ بَابِ خِلَافَةِ الْوَارِثِ الْمُورِثَ فِيمَا هُوَ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لَهُ وَهُوَ تَرْكُ الثِّمَارِ عَلَى النَّخِيلِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ.
وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ كَانَ الْخِيَارُ إلَى وَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى مَا وَصَفْنَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَكِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ وَالْبُسْرُ أَخْضَرُ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَالْخِيَارُ فِيهِ إلَى الْعَامِلِ، فَإِنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَى مَا كَانَ يَعْمَلُ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّمَرُ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ الْعَامِلُ إذَا اخْتَارَ التَّرْكَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا دَفَعَ كَرْمَهُ مُعَامَلَةً فَمَاتَ الْعَامِلُ فِي السَّنَةِ فَأَنْفَقَ رَبُّ الْكَرْمِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَرَجَعَ بِهِ فِي الثَّمَرِ وَلَا سَبِيلَ لِلْعَامِلِ عَلَى الْغَلَّةِ حَتَّى يُعْطِيَهُ نَفَقَتَهُ وَكَذَا فِي الزَّرْعِ، وَلَوْ غَابَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَرْجِعْ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ الْحُرُّ إلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ نَخِيلًا لَهُ مُعَامَلَةً هَذِهِ السَّنَةَ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ وَيَسْقِيَهُ وَيُلَقِّحَهُ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَعَمِلَ عَلَى هَذَا فَالْخَارِجُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَبَيْنَ صَاحِبِ النَّخِيلِ نِصْفَانِ إذَا سَلِمَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ مِنْ الْعَمَلِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ مَاتَا مِنْ الْعَمَلِ فِي النَّخِيلِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ عَبْدًا فَجَمِيعُ الثَّمَرِ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ، وَعَلَى صَاحِبِ النَّخِيلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ صَبِيًّا فَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ النَّخِيلِ دِيَةُ الصَّبِيِّ وَالثَّمَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الصَّبِيِّ نِصْفَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
دَفَعَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ نَخْلَهُ مُعَامَلَةً، وَلَمْ يَعْمَلْ حَتَّى حُجِرَ عَلَيْهِ لَا تُنْتَقَضُ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ نَقْضَهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْحَجْرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ صَبِيًّا مَحْجُورًا فِي يَدِهِ نَخِيلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بِالنِّصْفِ فَعَمِلَ الْعَامِلُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ إنْ كَانَ الدَّافِعُ صَبِيًّا لَا فِي الْحَالِ وَلَا فِي ثَانِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ عَبْدًا لَا يُؤَاخَذُ بِأَجْرِ مِثْلِ الْعَامِلِ فِي الْحَالِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَكَّارٌ غَرَسَ أَشْجَارًا فِي أَرْضِ الدِّهْقَانِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ، إنْ غَرَسَهَا لِلدِّهْقَانِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، وَإِنْ أَمَرَ الدِّهْقَانَ بِشِرَائِهَا وَغَرْسِهَا فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَعَلَى الدِّهْقَانِ الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْأَشْجَارَ، وَإِنْ غَرَسَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ الدِّهْقَانِ فَهِيَ لِلْأَكَّارِ وَيُطَالِبُهُ الدِّهْقَانُ بِتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ.
مُعَلِّمٌ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَجَاءَ كُلٌّ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَذْرِ وَبَذَرُوا لِلْمُعَلِّمِ فَالْخَارِجُ لِأَرْبَابِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا الْبَذْرَ لِلْمُعَلِّمِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
نَهْرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَلَى ضِفَّتِهِ أَشْجَارٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ يَدَّعِي الْأَشْجَارَ، قَالُوا: إنْ عُرِفَ غَارِسُهَا فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَمَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ فِي مَوْضِعٍ هُوَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا خَاصَّةً كَانَ لَهُ، وَمَا كَانَ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُشْتَرَكَةِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مُسْتَأْجِرُ الْكَرْمِ إجَارَةً طَوِيلَةً إذَا اشْتَرَى الْأَشْجَارَ وَالزَّرَاجِين، ثُمَّ دَفَعَ الْأَشْجَارَ وَالزَّرَاجِين إلَى الْآخَرِ مُعَامَلَةً جَازَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
مُزَارِعٌ زَرَعَ ثُومًا فَقَلَعَ بَعْضَهَا وَبَقِيَ الْبَعْضُ غَيْرَ مَقْلُوعٍ فَنَبَتَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ بِسَقْيِهِ، وَإِنْبَاتِهِ فَمَا نَبَتَ مِمَّا بَقِيَ فِي الْأَرْضِ غَيْرَ مَقْلُوعٍ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، وَمَا نَبَتَ مِمَّا صَارَ مَقْلُوعًا وَهُوَ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ فَهُوَ لِلْمُزَارِعِ الَّذِي نَبَتَ بِسَقْيِهِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا اسْتَهْلَكَ، وَإِنْ نَبَتَ مِنْ غَيْرِ سَقْيٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا فِي الْبَذْرِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
غَرَسَ أَشْجَارًا عَلَى طَرَفِ حَوْضِ الْقَرْيَةِ، ثُمَّ قَلَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَنَبَتَ مِنْ عُرُوقِهَا فَالنَّابِتُ لِلْغَارِسِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ مِلْكِهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَفِي النَّوَازِلِ مَبْطَخَةٌ بَقِيَتْ فِيهَا بَقِيَّةٌ فَانْتَهَبَهَا النَّاسُ إنْ تُرِكَ لِيَأْخُذَ مَنْ شَاءَ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ حَصَدَ زَرْعَهُ وَبَقِيَ هُنَاكَ سَنَابِلُ لَا بَأْسَ بِالْتِقَاطِهَا، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيَجِبُ لِلْعَامِلِ حِفْظُ نَفْسِهِ عَنْ الْحَرَامِ، لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْرِقَ شَيْئًا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْقُضْبَانِ لِطَبْخِ الْقِدْرِ وَلَا مِنْ الدَّعَائِمِ وَالْعَرِيشِ، وَإِذَا رَفَعَ الْقُضْبَانَ وَقْتَ الرَّبِيعِ وَأَخْرَجَ مِنْ الْكَرْمِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْقُضْبَانِ يَعْنِي مِنْ مَدِّ فَيْجٍ (يَعْنِي شاخ خشك)، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ الْعِنَبِ وَالثِّمَارِ لِلضَّيْفِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْكَرْمِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
دَفَعَ الْمَرِيضُ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ وَلَقَّحَهُ وَسَقَاهُ حَتَّى أَثْمَرَ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ النَّخِيلِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَ النَّخِيلِ وَثَمَرِهِ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الثَّمَرِ يَوْمَ طَلَعَ مِنْ النَّخِيلِ وَصَارَ كُفُرَّى وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ، فَإِنْ كَانَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مِثْلَ أَجْرِ الْعَامِلِ أَوْ أَقَلَّ فَلِلْعَامِلِ نِصْفُ الثَّمَرِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ نُظِرَ إلَى مِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِ الْعَامِلِ يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ فَيُعْطَى الْعَامِلُ ذَلِكَ، وَثُلُثُ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مِمَّا يَبْقَى مِنْ حِصَّتِهِ وَصِيَّةً لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ النِّصْفِ مِنْ الْكُفُرَّى حِينَ طَلَعَتْ مِثْلَ أَجْرِهِ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِنِصْفِ جَمِيعِ الثَّمَرِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ نِصْفِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ ضَرَبَ مَعَهُمْ فِي التَّرِكَةِ بِمِقْدَارِ أَجْرِ مِثْلِهِ لِيُمْكِنَ الْوَصِيَّةُ هَاهُنَا بِطَرِيقِ الْمُحَابَاةِ، وَلَوْ دَفَعَ الصَّحِيحُ إلَى الْمَرِيضِ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ فَقَامَ عَلَيْهِ الْمَرِيضُ بِأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَسَقَاهُ وَلَقَّحَهُ حَتَّى صَارَ ثَمَرًا ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَرَبُّ النَّخِيلِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا شُرِطَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ هَاهُنَا فِيمَا لَا حَقَّ فِيهِ لِغُرَمَائِهِ وَلِوَرَثَتِهِ وَهُوَ مَنَافِعُ بَدَنِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
أَشْجَارٌ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ لِأَقْوَامٍ يَجْرِي ذَلِكَ النَّهْرُ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ، بَعْضُ الْأَشْجَارِ فِي سَاحَةٍ لِهَذِهِ السِّكَّةِ فَادَّعَى بَعْضُ أَهْلِ السِّكَّةِ أَنَّ غَارِسَهَا فُلَانٌ وَأَنَا وَارِثُهُ، وَأَنْكَرَ أَهْلُ السِّكَّةِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يُطْلَبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَمَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ خَارِجًا مِنْ حَرِيمِ النَّهْرِ فَلِجَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ وَمَا كَانَ عَلَى حَرِيمِ النَّهْرِ فَهُوَ لِأَرْبَابِ النَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْغَارِسُ وَلَا مَالِكُ التَّالَّةِ تَحْكُمُ الْأَرْضُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ نَبَتَ مِنْ عُرُوقِهَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي سَقَاهُ وَأَنْبَتَ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَنَّهُ نَبَتَ مِنْ عُرُوقِ شَجَرِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
نَوَاةُ رَجُلٍ ذَهَبَتْ بِهَا الرِّيحُ إلَى كَرْمِ غَيْرِهِ فَنَبَتَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ؛ لِأَنَّ النَّوَاةَ لَا قِيمَةَ لَهَا، وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ خَوْخَةُ رَجُلٍ فِي كَرْمِ غَيْرِهِ فَنَبَتَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ نَبَتَتْ مِنْ النَّوَاةِ بَعْد مَا ذَهَبَ لَحْمُ الْخَوْخَةِ فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَلَوْ خَرَجَ الثَّمَرُ فِي النَّخِيلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فَالْكُلُّ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى الدَّافِعِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرِ لَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَافِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
رَجُلٌ لَهُ شَجَرَةٌ (تَحَرَّقَتْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَنَبَتَتْ الْعُرُوقُ) فَوَهَبَ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ تِلْكَ التَّالَّاتِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَتْ التَّالَّاتُ تَيْبَسُ إذَا قُطِعَتْ الشَّجَرَةُ لَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ فَالْهِبَةُ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
الْعَامِلُ إذَا غَرَسَ الْأَشْجَارَ فِي كَرْمِ الدِّهْقَانِ فِي مُدَّةِ الْمُعَامَلَةِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ، يُنْظَرُ إنْ غَرَسَهَا لِلدِّهْقَانِ مُتَبَرِّعًا فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَإِنْ أَمَرَ الدِّهْقَانُ بِشِرَائِهَا وَغَرْسِهَا فِي كَرْمِهِ فَهِيَ لِلدِّهْقَانِ، وَعَلَى الدِّهْقَانِ لِلْعَامِلِ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا الْأَشْجَارَ، وَإِنْ غَرَسَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ الدِّهْقَانِ فَهِيَ لِلْأَكَّارِ، وَالدِّهْقَانُ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْعَامِلُ فِي الْكَرْمِ إذَا بَاعَ أَوْرَاقَ الْفِرْصَادِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْكَرْمِ يُنْظَرُ إنْ أَجَازَ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْبَيْعَ حَالَ قِيَامِ الْأَوْرَاقِ فَالثَّمَنُ لَهُ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْأَوْرَاقَ، ثُمَّ أَجَازَ صَاحِبُ الْكَرْمِ الْبَيْعَ أَوْ لَمْ يُجِزْ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْعَامِلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
دَفَعَهَا مُعَامَلَةً وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَشْجَارُ شَيْئًا فَبَاعَ صَاحِبُهَا أَشْجَارَهُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَفَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّهَا اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَإِذَا لَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّهُ فَصَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ سَقَى الْأَشْجَارَ وَحَفِظَهَا لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ وَحَقُّهُ فِي الْخَارِجِ وَلَمْ يُوجَدْ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ نَخْلًا بِعَيْنِهِ فَأَخَذَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ عَلَى الشَّرْطِ وَصَاحِبُ النَّخْلِ هُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ نَصِيبِهِ، وَإِنْ أَخَذَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ قِلَّةِ نَصِيبِ الْعَامِلِ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ ذَلِكَ إلَّا إنْ شَاءَ، فَإِنْ عَمِلَهُ وَقَدْ عَلِمَ نَصِيبَهُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ لَهُ نَصِيبُهُ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ نَخِيلًا لَهُ وَوَكَّلَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا مُعَامَلَةً هَذِهِ السَّنَةَ فَدَفَعَهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَعَمِلَ الْعَامِلُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ عَلَى الْوَكِيلِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا شَرَطَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
دَفَعَ أَشْجَارًا إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا وَيَشُدَّ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّدِّ وَيُشَذِّبَ مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّشْذِيبِ، فَأَخَّرَ الْأَكَّارُ شَدَّ الْأَشْجَارِ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرَدُ وَهِيَ أَشْجَارٌ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَفْسَدَهَا الْبَرَدُ، فَالْأَكَّارُ ضَامِنٌ قِيمَةَ مَا أَصَابَهُ الْبَرَدُ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ بِالْمُعَامَلَةِ فِي النَّخِيلِ وَالْأَشْجَارِ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ فَهُوَ الَّذِي يَلِي قَبْضَ نَصِيبِ الْعَامِلِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ رَبِّ النَّخِيلِ فَعَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ نَصِيبِ رَبِّ النَّخِيلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ يَمْلِكُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ كَانَ الْعَامِلُ غَرَسَهَا نَخْلًا وَكَرْمًا وَشَجَرًا وَقَدْ كَانَ أَذِنَ لَهُ الدَّافِعُ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا بَلَغَ وَأَثْمَرَ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ أَرْضَهُ وَيَقْلَعُ مِنْ النَّخِيلِ وَالْكَرْمِ وَالشَّجَرِ مَا فِيهَا وَيَضْمَنَانِ لِلْمُسْتَحِقِّ نُقْصَانَ الْقَلْعِ إذَا قَلَعَا ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ، وَيَضْمَنُ الْغَارِسُ لَهُ أَيْضًا نُقْصَانَ الْغَرْسِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْآخَرُ، وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْقَلْعِ وَالْغَرْسِ عَلَى الدَّافِعِ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الدَّافِعَ جَمِيعَ ذَلِكَ النُّقْصَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْغَاصِبُ ضَامِنٌ كَالْمُتْلِفِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ضَمَانُ ذَلِكَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُتْلِفِ دُونَ الْغَاصِبِ، ثُمَّ الْغَارِسُ يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ لِأَجْلِ الْغُرُورِ الَّذِي تَمَكَّنَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ، وَلَمْ يَقُلْ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَدَفَعَ الْعَامِلُ إلَى آخَرَ مُعَامَلَةً فَعَمِلَ فِيهِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ الْآخَرِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، (قَالَ): وَقَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فَلَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا سَمَّى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ خَالَفَ فِيهِ أَمْرَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَالضَّمَانُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ الْآخَرِ دُونَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَمْرَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَلِصَاحِبِ النَّخِيلِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْآخَرِ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ، هَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ، فَأَمَّا إذَا قَالَ وَشَرَطَ لَهُ النِّصْفَ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ فَهَذَا جَائِزٌ، وَمَا خَرَجَ مِنْ الثَّمَرِ فَنِصْفُهُ لِرَبِّ النَّخِيلِ وَالسُّدُسُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَشَرَطَ لَهُ شَيْئًا مَعْلُومًا وَشَرَطَ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي مِثْلَ ذَلِكَ فَهُمَا فَاسِدَانِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

.(كِتَابُ الذَّبَائِحِ):

وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي رُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ وَحُكْمِهِ وَأَنْوَاعِهِ):

الذَّكَاة نَوْعَانِ: اخْتِيَارِيَّةٌ وَاضْطِرَارِيَّةٌ، أَمَّا الِاخْتِيَارِيَّةُ فَرُكْنُهَا الذَّبْحُ فِيمَا يُذْبَحُ مِنْ الشَّاةِ وَالْبَقَرِ، وَالنَّحْرُ فِيمَا يُنْحَرُ وَهُوَ الْإِبِلُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ، وَلَا يَحِلُّ بِدُونِ الذَّبْحِ أَوِالنَّحْرِ، وَالذَّبْحِ هُوَ فَرْيُ الْأَوْدَاجِ وَمَحَلُّهُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ، وَالنَّحْرُ فَرْيُ الْأَوْدَاجِ وَمَحَلُّهُ آخِرُ الْحَلْقِ، وَلَوْ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ ذَبَحَ مَا يُنْحَرُ يَحِلُّ لِوُجُودِ فَرْيِ الْأَوْدَاجِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْإِبِلِ النَّحْرُ وَفِي غَيْرِهَا الذَّبْحُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا بَأْسَ بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ كُلِّهِ أَسْفَلَهُ وَأَوْسَطَهُ وَأَعْلَاهُ، وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ قَصَّابٌ ذَبَحَ الشَّاةَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَقَطَعَ أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ يَحْرُمُ أَكْلُهَا؛ لِأَنَّهُ ذَبَحَ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ وَهُوَ الْحُلْقُومُ، فَإِنْ قَطَعَ الْبَعْضَ، ثُمَّ عَلِمَ فَقَطَعَ مَرَّةً أُخْرَى الْحُلْقُومَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَوَّلِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ قَطَعَ الْأَوَّلَ بِتَمَامِهِ أَوْ قَطَعَ شَيْئًا مِنْهُ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَطَعَ الْأَوَّلَ بِتَمَامِهِ كَانَ مَوْتُهَا مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ أَسْرَعَ مِنْ مَوْتِهَا مِنْ الثَّانِي، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَحِلُّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطَيْنِ.
وَأَمَّا الِاضْطِرَارِيَّةُ فَرُكْنُهَا الْعَقْرُ وَهُوَ الْجُرْحُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَذَلِكَ فِي الصَّيْدِ، وَكَذَلِكَ مَا نَدَّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الصَّيْدِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْنَسًا، وَسَوَاءٌ نَدَّ الْبَعِيرُ وَالْبَقَرُ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْمِصْرِ فَذَكَاتُهُ الْعَقْرُ، كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الشَّاةُ إنْ نَدَّتْ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَكَاتُهَا الْعَقْرُ، وَإِنْ نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا، وَكَذَلِكَ مَا وَقَعَ مِنْهَا فِي قَلِيبٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ وَلَا مَذْبَحِهِ وَلَا مَنْحَرِهِ.
وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى فِي الْبَعِيرِ إذَا صَالَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الذَّكَاةَ حَلَّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الصَّيْدِ.
(وَأَمَّا شَرَائِطُ الذَّكَاةِ فَأَنْوَاعٌ): بَعْضُهَا يَعُمُّ الذَّكَاةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ وَالِاضْطِرَارِيَّة وَبَعْضُهَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، أَمَّا الَّذِي يَعُمُّهُمَا فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الذَّبْحَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَكَذَا السَّكْرَانُ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا فَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْتَدُّ غُلَامًا مُرَاهِقًا لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تُؤْكَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ رِدَّتَهُ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا تَصِحُّ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَيَسْتَوِي فِيهِ أَهْلُ الْحَرْبِ مِنْهُمْ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَا يَسْتَوِي فِيهِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نَصَارَى الْعَرَبِ.
فَإِنْ انْتَقَلَ الْكِتَابِيُّ إلَى دِينِ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْكَفَرَةِ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَلَوْ انْتَقَلَ غَيْرُ الْكِتَابِيِّ مِنْ الْكَفَرَةِ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حَالِهِ وَدِينِهِ وَقْتَ ذَبْحِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ، وَهَذَا أَصْلُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ مِلَّةٍ مِنْ الْكُفْرِ إلَى مِلَّةٍ يُقِرُّ بِهَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمِلَّةِ مِنْ الْأَصْلِ، وَالْمَوْلُودُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِ كِتَابِيٍّ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ أَيُّهُمَا كَانَ الْكِتَابِيُّ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ عِنْدَنَا، فَأَمَّا الصَّابِئُونَ فَتُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا تُؤْكَلُ، ثُمَّ إنَّمَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ إذَا لَمْ يُشْهَدْ ذَبْحُهُ، وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ شُهِدَ وَسُمِعَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ كَمَا بِالْمُسْلِمِ، وَلَوْ سُمِعَ مِنْهُ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ عَنَى بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالُوا تُؤْكَلُ إلَّا إذَا نَصَّ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَلَا يَحِلُّ، فَأَمَّا إذَا سُمِعَ مِنْهُ أَنَّهُ سَمَّى الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحْدَهُ أَوْ سَمَّى اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَسَمَّى الْمَسِيحَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ.
(وَمِنْهَا) التَّسْمِيَةُ حَالَةَ الذَّكَاةِ عِنْدَنَا أَيُّ اسْمٍ كَانَ، وَسَوَاءٌ قَرَنَ بِالِاسْمِ الصِّفَةَ بِأَنْ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَعْظَمُ، اللَّهُ أَجَلُّ، اللَّهُ الرَّحْمَنُ، اللَّهُ الرَّحِيمُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَقْرُنْ بِأَنْ قَالَ: اللَّهُ، أَوْ الرَّحْمَنُ، أَوْ الرَّحِيمُ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَا التَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّسْبِيحُ وَسَوَاءٌ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّسْمِيَةِ الْمَعْهُودَةِ أَوْ عَالِمًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ أَيِّ لِسَانٍ كَانَ وَسَوَاءٌ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ يُحْسِنُهَا، كَذَا رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَمَّى عَلَى الذَّبِيحَةِ بِالرُّومِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ لَا يُحْسِنُهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ التَّسْمِيَةِ.
وَمِنْ شَرَائِطِ التَّسْمِيَةِ أَنْ تَكُونَ التَّسْمِيَةُ مِنْ الذَّابِحِ حَتَّى لَوْ سَمَّى غَيْرُهُ وَالذَّابِحُ سَاكِتٌ وَهُوَ ذَاكِرٌ غَيْرُ نَاسٍ لَا يَحِلُّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يُرِيدَ بِهَا التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ، فَإِنْ أَرَادَ بِهَا التَّسْمِيَةَ لِافْتِتَاحِ الْعَمَلِ لَا يَحِلُّ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّسْمِيَةَ بَلْ أَرَادَ بِهِ الْحَمْدَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ لَا يَحِلُّ، وَكَذَا لَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّسْمِيَةَ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَصْفَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالتَّنَزُّهِ عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدِثِ لَا غَيْرُ لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَوْ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يُرِيدُ بِهِ التَّحْمِيدَ عَلَى الْعُطَاسِ فَذَبَحَ لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
(وَمِنْهَا) تَجْرِيدُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ اسْمَ النَّبِيِّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَقْصِدَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعْظِيمَهُ عَلَى الْخُلُوصِ لَا يَشُوبُهُ مَعْنَى الدُّعَاءِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَسْمِيَةً؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالدُّعَاءُ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ الْمَحْضُ، وَأَمَّا وَقْتُ التَّسْمِيَةِ فَوَقْتُهَا عَلَى الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَقْتَ الذَّبْحِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ إلَّا بِزَمَانٍ قَلِيلٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، وَأَمَّا وَقْتُ الِاضْطِرَارِيَّةِ فَوَقْتُهَا وَقْتُ الرَّمْيِ وَالْإِرْسَالِ.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُذَكَّى وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا، وَهَذَا فِي الذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ دُونَ الِاخْتِيَارِيَّةِ.
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى مَحَلِّ الذَّكَاةِ: (فَمِنْهَا) تَعْيِينُ الْمَحَلِّ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا ذَبَحَ وَسَمَّى، ثُمَّ ذَبَحَ أُخْرَى يَظُنُّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ الْأُولَى تُجْزِئُ عَنْهُمَا لَمْ تُؤْكَلْ فَلَا بُدَّ أَنْ يُجَدِّدَ لِكُلِّ ذَبِيحَةٍ تَسْمِيَةً عَلَى حِدَةٍ.
(وَمِنْهَا) قِيَامُ أَصْلِ الْحَيَاةِ فِي الْمُسْتَأْنَسِ وَقْتَ الذَّبْحِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا يُكْتَفَى بِقِيَامِ أَصْلِهَا بَلْ تُعْتَبَرُ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
الْمُتَرَدِّيَةُ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالشَّاةُ الْمَرِيضَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَشْقُوقَةُ الْبَطْنِ إذَا ذُبِحَتْ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِيهَا حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّتْ بِالذَّبْحِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحَيَاةُ فِيهَا مُسْتَقِرَّةً تَحِلُّ بِالذَّبْحِ سَوَاءٌ عَاشَ أَوْ لَا يَعِيشُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا خُرُوجُ الدَّمِ بَعْدَ الذَّبْحِ فِيمَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّبْحِ فَهَلْ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْحِلِّ فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ شَيْئَيْنِ إمَّا التَّحَرُّكُ، وَإِمَّا خُرُوجُ الدَّمِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَا تَحِلُّ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ ذَبَحَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ، وَلَمْ تَتَحَرَّكَ وَخُرُوجُهُ مِثْلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَيِّ أُكِلَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَبِهِ نَأْخُذُ.
رَجُلٌ ذَبَحَ شَاةً مَرِيضَةً فَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا إلَّا فُوهَا إنْ فَتَحَتْ فَاهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ ضَمَّتْهُ أُكِلَتْ، وَإِنْ فَتَحَتْ عَيْنَهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ غَمَّضَتْهَا أُكِلَتْ، وَإِنْ مَدَّتْ رِجْلَيْهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ قَبَضَتْهُمَا أُكِلَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ شَعْرُهَا لَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ قَامَ أُكِلَتْ، هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا حَيَّةٌ وَقْتَ الذَّبْحِ لِتَكُونَ هَذِهِ عَلَامَةَ الْحَيَاةِ فِيهَا، أَمَّا إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهَا يَقِينًا وَقْتَ الذَّبْحِ أُكِلَتْ بِكُلِّ حَالٍ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
(وَأَمَّا) (حُكْمُهَا) فَطَهَارَةُ الْمَذْبُوحِ وَحِلُّ أَكْلِهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَطَهَارَةُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ لِلِانْتِفَاعِ لَا بِجِهَةِ الْأَكْلِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْخُنْثَى وَالْمُخَنَّثُ تَجُوزُ ذَبِيحَتُهُمَا، هَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
لَا يُكْرَهُ ذَبْحُ الْأَبْرَصِ، وَخُبْزُهُ وَطَبْخُهُ وَغَيْرُهُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْغَرَائِبِ.
الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ فِي الذَّبْحِ كَالرَّجُلِ وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كِتَابِيًّا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَحِلُّ مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ، وَكَذَا لَا يَحِلُّ مَا ذُبِحَ فِي الْحَرَمِ مِنْ الصَّيْدِ سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا ذَبَحَ الْمُحْرِمُ غَيْرَ الصَّيْدِ أَوْ ذُبِحَ فِي الْحَرَمِ غَيْرُ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَشْرُوعٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
نَصْرَانِيٌّ ذَبَحَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ لَا يَحِلُّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
مُسْلِمٌ ذَبَحَ شَاةَ الْمَجُوسِيِّ لِبَيْتِ نَارِهِمْ أَوْ الْكَافِرِ لِآلِهَتِهِمْ تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى- وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى.
وَفِي الْمُشْكِلِ ذَبَحَ عِنْدَ مَرْأَى الضَّيْفِ تَعْظِيمًا لَهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا وَكَذَا عِنْدَ قُدُومِ الْأَمِيرِ أَوْ غَيْرِهِ تَعْظِيمًا، فَأَمَّا إذَا ذَبَحَ عِنْدَ غَيْبَةِ الضَّيْفِ لِأَجْلِ الضِّيَافَةِ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ الْمُسْلِمُ إذَا ذَبَحَ فَأَمَرَّ الْمَجُوسِيُّ بِالسِّكِّينِ بَعْدَ الذَّبْحِ لَمْ يَحْرُمْ، وَلَوْ ذَبَحَ الْمَجُوسِيُّ وَأَمَرَّ الْمُسْلِمُ بَعْدَهُ لَمْ يَحِلَّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالْعُرُوقُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي الذَّكَاةِ أَرْبَعَةٌ: الْحُلْقُومُ وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ، وَالْمَرِيءُ وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ، وَالْوَدَجَانِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي جَانِبَيْ الرَّقَبَةِ يَجْرِي فِيهَا الدَّمُ، فَإِنْ قُطِعَ كُلُّ الْأَرْبَعَةِ حَلَّتْ الذَّبِيحَةُ، وَإِنْ قُطِعَ أَكْثَرُهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَأَحَدِ الْوَدَجَيْنِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِمَا أَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا قَطَعَ نِصْفَ الْحُلْقُومِ وَنِصْفَ الْأَوْدَاجِ وَنِصْفَ الْمَرِيءِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ مُتَعَلِّقٌ بِقَطْعِ الْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ وَلَيْسَ لِلنِّصْفِ حُكْمُ الْكُلِّ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَالْأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ وَدَجَيْنِ يَحِلُّ وَمَا لَا فَلَا، قَالَ مَشَايِخُنَا: وَهُوَ أَصَحُّ الْجَوَابَاتِ، وَإِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا، فَإِنْ قَطَعَ الْأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ حَلَّتْ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْأَكْثَرِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا تَحِلُّ، وَيُكْرَهُ هَذَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَفِيهِ زِيَادَةُ إيلَامٍ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
شَاةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَشْرَفَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ قَالُوا يُكْرَهُ ذَبْحُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الْوَلَدِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِأَنَّ عِنْدَهُ الْجَنِينَ لَا يَتَذَكَّى بِذَكَاةِ الْأُمِّ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مَنْ نَحَرَ نَاقَةً أَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: إذَا تَمَّ خَلْقُهُ أُكِلَ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
الْجَنِينُ إذَا خَرَجَ حَيًّا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ فَمَاتَ يُؤْكَلُ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
رَجُلٌ شَقَّ بَطْنَ شَاةٍ فَأَخْرَجَ الْوَلَدَ حَيًّا وَذَبَحَ ثُمَّ ذَبَحَ الشَّاةَ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الشَّاةُ لَا تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ لَا تَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَكُونُ بِالْأَوَّلِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِذَكَاةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ هُوَ الثَّانِي، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَدْخَلَ يَدَهُ فِي فَرْجِ بَقَرَةٍ وَذَبَحَ وَلَدَهَا فِي بَطْنِهَا حِينَ عَسُرَتْ الْوِلَادَةُ عَلَيْهَا، إنْ مِنْ مَذْبَحٍ حَلَّ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الذَّبْحُ مِنْ الْمَذْبَحِ حَلَّ، وَإِنْ أَمْكَنَ لَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
سِنَّوْرٌ قَطَعَ رَأْسَ دَجَاجَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالذَّبْحِ، وَإِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
وَالْآلَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ قَاطِعَةٌ وَفَاسِخَةٌ وَالْقَاطِعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ حَادَّةٌ وَكَلِيلَةٌ، فَالْحَادَّةُ يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ حَدِيدًا كَانَ أَوْ غَيْرَ حَدِيدٍ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ بِاللِّيطَةِ أَوْ بِالْمَرْوَةِ أَوْ بِشَقَّةِ الْعَصَا أَوْ بِالْعَظْمِ، وَالْكَلِيلَةُ يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا وَيُكْرَهُ، وَلَوْ ذَبَحَ بِسِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ مَنْزُوعٍ يَحِلُّ وَيُكْرَهُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَأَمَّا الْآلَةُ الَّتِي تُفْسَخُ فَالظُّفْرُ الْقَائِمُ وَالسِّنُّ الْقَائِمُ لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ ذَبَحَ كَانَتْ مَيْتَةً، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَالسُّنَّةُ فِي الْبَعِيرِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يُنْحَرَ قَائِمًا مَعْقُولَ الْيَدِ الْيُسْرَى، فَإِنْ أَضْجَعَهُ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَالسُّنَّةُ فِي الشَّاةِ وَالْبَقَرِ أَنْ يُذْبَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَضْجَعًا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِقَطْعِ الْعُرُوقِ وَيُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ فِي الْجَمِيعِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الذَّبْحُ بِالنَّهَارِ وَيُسْتَحَبُّ فِي الذَّبْحِ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِآلَةٍ حَادَّةٍ مِنْ الْحَدِيدِ كَالسِّكِّينِ وَالسَّيْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ بِغَيْرِ الْحَدِيدِ وَبِالْكَلِيلِ مِنْ الْحَدِيدِ، وَمِنْهَا التَّرْفِيقُ فِي قَطْعِ الْأَوْدَاجِ، وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ الذَّبْحُ مِنْ قِبَلِ الْحُلْقُومِ، وَيُكْرَهُ الذَّبْحُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا، وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ كُلِّهَا وَيُكْرَهُ قَطْعُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، وَيُسْتَحَبُّ الِاكْتِفَاءُ بِقَطْعِ الْأَوْدَاجِ وَلَا يُبَايَنُ الرَّأْسُ وَلَوْ فَعَلَ يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِهِ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ: لَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ، وَيُكْرَهُ لَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ أَنْ يَنْخَعَهَا وَهُوَ أَنْ يَنْحَرَهَا حَتَّى يَبْلُغَ النُّخَاعَ وَأَنْ يَسْلُخَهَا قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ، فَإِنْ نَخَعَ أَوْ سَلَخَ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَيُكْرَهُ جَرُّهَا بِرِجْلِهَا إلَى الْمَذْبَحِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُضْجِعَهَا وَيَحُدَّ الشَّفْرَةَ بَيْنَ يَدَيْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ لَا تَحْرُمُ بِهِ الذَّبِيحَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ ذَبَحَ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ النَّحْرُ أَوْ نَحَرَ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الذَّبْحُ جَازَ وَلَكِنْ تَرَكَ السُّنَّةَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ ضَرَبَ عُنُقَ جَزُورٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ وَأَبَانَهَا وَسَمَّى، فَإِنْ كَانَ ضَرَبَهَا مِنْ قِبَلِ الْحُلْقُومِ تُؤْكَلُ وَقَدْ أَسَاءَ، فَإِنْ ضَرَبَ عَلَى التَّأَنِّي وَالتَّوَقُّفِ لَا تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ الذَّكَاةِ فَكَانَتْ مَيْتَةً، وَإِنْ قَطَعَ الْعُرُوقَ قَبْلَ مَوْتِهَا تُؤْكَلُ لِوُجُودِ فِعْلِ الذَّكَاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِي أَلَمِهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ أَمْضَى فِعْلَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهَا بِالذَّكَاةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِذَا ذَبَحَهَا بِغَيْرِ تَوَجُّهِ الْقِبْلَةِ حَلَّتْ وَلَكِنْ يُكْرَهُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
أَشْرَفَ ثَوْرُهُ عَلَى الْهَلَاكِ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا مَا يَجْرَحُ مَذْبَحَهُ، وَلَوْ طَلَبَ آلَةَ الذَّبْحِ لَا يُدْرِكُ ذَكَاتَهُ فَجَرَحَ مَذْبَحَهُ لَا يَحِلُّ إلَّا إذَا قَطَعَ الْعُرُوقَ، قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ يَحِلُّ إنْ جَرَحَهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَكُرِهَ النَّخْعُ وَهُوَ أَنْ يَبْلُغَ بِالسِّكِّينِ النُّخَاعَ وَتُؤْكَلُ الذَّبِيحَةُ، وَالنُّخَاعُ عِرْقٌ أَبْيَضُ فِي عَظْمِ الرَّقَبَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَمُدَّ رَأْسَهُ حَتَّى يَظْهَرَ مَذْبَحُهُ، وَقِيلَ: أَنْ يَكْسِرَ عُنُقَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ مِنْ الِاضْطِرَابِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ زِيَادَةُ أَلَمٍ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الذَّكَاةِ مَكْرُوهٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ الْبَقَّالِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُ أَكْبَرُ يَعْنِي بِدُونِ الْوَاوِ وَمَعَ الْوَاوِ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ يَقْطَعُ فَوْرَ التَّسْمِيَةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْمَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْصُولًا بِغَيْرِ وَاوٍ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَنْصِبَ مُحَمَّدًا أَوْ يَخْفِضَهُ أَوْ يَرْفَعَهُ، وَفِي كُلِّهَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ غَيْرُ مَذْكُورٍ عَلَى سَبِيلِ الْعَطْفِ فَيَكُونُ مُبْتَدَأً لَكِنْ يُكْرَهُ لِوُجُودِ الْوَصْلِ صُورَةً، وَإِنْ ذَكَرَ مَعَ الْوَاوِ إنَّ خَفَضَهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذَابِحًا بِهِمَا وَإِنْ رَفَعَهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، وَإِنْ نَصَبَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ ذَكَرَ اسْمًا آخَرَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّ بِغَيْرِ الْهَاءِ، إنْ أَرَادَ بِهِ التَّسْمِيَةَ يَحِلُّ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَحْذِفُ حَرْفًا تَرْخِيمًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ يَحِلُّ وَيُكْرَهُ، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ عِنْدَ الذَّبْحِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَذَبَحَ النِّصْفَ مِنْ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ، ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَطَعَ الْبَاقِيَ لَا يَحِلُّ، وَتَجْرِيدُ التَّسْمِيَةِ فَرِيضَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَصَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّد، أَوْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَى مُحَمَّد بِدُونِ الْوَاوِ حَلَّ الذَّبِيحُ لَكِنْ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْبَقَّالِيِّ حَلَّ الذَّبِيحُ إنْ وَافَقَ التَّسْمِيَةَ وَالذَّبْحَ، قِيلَ: إنْ أَرَادَ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاشْتِرَاكَ فِي التَّسْمِيَةِ لَا يَحِلُّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحِلُّ الذَّبِيحُ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ تَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا، وَإِنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا تَحِلُّ وَالْمُسْلِمُ وَالْكِتَابِيُّ فِي تَرْكِ التَّسْمِيَةَ سَوَاءٌ، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَالصَّبِيُّ كَالْكَبِيرِ فِي النِّسْيَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قَالَ الْقَصَّابُ: تَرَكْتُ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا لَمْ يَحِلَّ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ أُكِلَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَضْجَعَ شَاةً وَأَخَذَ السِّكِّينَ وَسَمَّى، ثُمَّ تَرَكَهَا وَذَبَحَ شَاةً أُخْرَى وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا عَلَيْهَا، لَا تَحِلُّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَضْجَعَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا وَأَخَذَ السِّكِّينَ وَسَمَّى، ثُمَّ أَلْقَى تِلْكَ السِّكِّينَ وَأَخَذَ أُخْرَى وَذَبَحَ بِهَا حَلَّتْ، وَإِنْ أَخَذَ سَهْمًا وَسَمَّى ثُمَّ وَضَعَ ذَلِكَ السَّهْمَ وَأَخَذَ آخَرَ وَرَمَى لَمْ يَحِلَّ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَإِذَا أَضْجَعَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا وَسَمَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ كَلَّمَ إنْسَانًا أَوْ شَرِبَ مَاءً أَوْ حَدَّدَ سِكِّينًا أَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلٍ لَمْ يَكْثُرْ حَلَّتْ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ طَالَ الْحَدِيثُ وَكَثُرَ الْعَمَلُ كُرِهَ أَكْلُهَا وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَقْدِيرٌ بَلْ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ إنْ اسْتَكْثَرَهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ يَكُونُ كَثِيرًا أَوْ إنْ كَانَ يُعَدُّ قَلِيلًا فَهُوَ قَلِيلٌ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَفْظَةَ الْكَرَاهَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِيهَا، وَفِي أَضَاحِي الزَّعْفَرَانِيِّ إذَا حَدَّدَ الشَّفْرَةَ تَنْقَطِعُ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَمَا إذَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ سَمَّى ثُمَّ انْفَلَتَتْ الشَّاةُ وَقَامَتْ مِنْ مَضْجَعِهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى مَضْجَعِهَا فَقَدْ انْقَطَعَتْ التَّسْمِيَةُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ نَظَرَ إلَى قَطِيعِ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَأَرْسَلَ كَلْبَهُ وَسَمَّى وَأَخَذَ حَلَّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَظَرَ إلَى غَنَمِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخَذَ وَاحِدَةً فَأَضْجَعَهَا وَذَبَحَهَا وَتَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا وَظَنَّ أَنَّ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ تُجْزِئُهُ لَا تُؤْكَلُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَضْجَعَ إحْدَى الشَّاتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى تَكْفِي تَسْمِيَةٌ وَاحِدَةٌ إذَا ذَبَحَهُمَا بِإِمْرَارٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ جَمَعَ الْعَصَافِيرَ فِي يَدِهِ فَذَبَحَ وَسَمَّى، وَذَبَحَ آخَرَ عَلَى أَثَرِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَمْ يَحِلَّ الثَّانِي، وَلَوْ أَمَرَّ السِّكِّينَ عَلَى الْكُلِّ جَازَ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.