فصل: فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ:

صباحاً 1 :5
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
20
السبت
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.فَصْلٌ مَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ:

أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:
(الْأَوَّلُ) زَكَاةُ السَّوَائِمِ وَالْعُشُورِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَصَارِفِ.
(وَالثَّانِي) خُمُسُ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ وَيُصْرَفُ الْيَوْمَ إلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.
(وَالثَّالِثُ) الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ، وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ بَنُو نَجْرَانَ مِنْ الْحُلَلِ وَبَنُو تَغْلِبَ مِنْ الصَّدَقَةِ الْمُضَاعَفَةِ، وَمَا أَخَذَهُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَتُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَتُصْرَفُ تِلْكَ إلَى عَطَايَا الْمُقَاتِلَةِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَبِنَاءِ الْحُصُونِ ثَمَّةَ، وَإِلَى مَرَاصِدِ الطَّرِيقِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يَقَعَ الْأَمْنُ عَنْ قَطْعِ اللُّصُوصِ الطُّرُقَ، وَإِلَى إصْلَاحِ الْقَنَاطِرِ وَالْجُسُورِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِلَى كَرْيِ الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ الَّتِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا كَالْجَيْحُونِ وَالْفُرَاتِ وَدِجْلَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِلَى بِنَاءِ الرِّبَاطَاتِ وَالْمَسَاجِدِ وَسَدِّ الْبَثْقِ وَتَحْصِينِ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْبَثْقُ، وَإِلَى أَرْزَاقِ الْوُلَاةِ، وَأَعْوَانِهِمْ وَالْقُضَاةِ وَالْمُفْتِينَ وَالْمُحْتَسِبِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَيُصْرَفُ إلَى كُلِّ مَنْ تَقَلَّدَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَى مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمُؤْمِنِينَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَالرَّابِعُ) اللُّقَطَاتُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَا أُخِذَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا أَوْ تَرَكَ زَوْجًا وَزَوْجَةً، وَهَذَا النَّوْعُ يُصْرَفُ إلَى نَفَقَةِ الْمَرْضَى، وَأَدْوِيَتِهِمْ، وَهُمْ فُقَرَاءُ، وَإِلَى كَفَنِ الْمَوْتَى الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ، وَإِلَى اللَّقِيطِ وَعَقْلِ جِنَايَتِهِ، وَإِلَى نَفَقَةِ مَنْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ بَيْتَ الْمَالِ أَرْبَعَةً لِكُلِّ نَوْعٍ بَيْتًا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ حُكْمًا يَخْتَصُّ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ مَالٌ آخَرُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَيْهِ مِمَّا فِيهِ مَالٌ فَإِنْ اسْتَقْرَضَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ فَإِذَا أَخَذَ الْخَرَاجَ يَقْضِي الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْخَرَاجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَاتِلَةُ فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَظًّا فِيهَا فَلَا يَصِيرُ قَرْضًا، وَإِنْ اسْتَقْرَضَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الصَّدَقَاتِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ وَصَرَفَهُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا يَصِيرُ قَرْضًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَهُ حُكْمُ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَلِلْفُقَرَاءِ حَظٌّ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَا يُعْطَى لَهُمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ بِالصَّدَقَاتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالْوَاجِبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ أَنْ يُوصِلُوا الْحُقُوقَ إلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا يَحْبِسُونَهَا عَنْهُمْ، وَلَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ، وَأَعْوَانِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ إلَّا مَا يَكْفِيهِمْ وَعَائِلَتَهُمْ، وَلَا يَجْعَلُونَهَا كُنُوزًا، وَمَا فَضَلَ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ قُسِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قَصَّرَ الْأَئِمَّةُ فِي ذَلِكَ فَوَبَالُهُ عَلَيْهِمْ وَالْأَفْضَلُ لِلْإِمَامِ وَالْمُصَدِّقِ أَنْ لَا يَتَعَجَّلَ رِزْقَهُ لِشَهْرٍ ثَانٍ بَلْ يَأْخُذُ رِزْقَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَدْخُلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَا شَيْءَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ ذِمِّيًّا يَهْلِكُ جُوعًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَ عَلَيْهِ إحْيَاؤُهُ، وَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَمَنْ لَهُ حَظٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ ظَفَرَ بِمَا هُوَ وَجْهٌ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ دِيَانَةً وَلِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي الْمَنْعِ وَالْإِعْطَاءُ فِي الْحُكْمِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.

.الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ:

وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمَالِكِ لِمِقْدَارِ النِّصَابِ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَصْفُ النَّمَاءِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا النِّصَابِ وُجُوبُ الْأُضْحِيَّةِ، وَوُجُوبُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنَّمَا تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُمَا مِثْلُهُمَا وَالْخُبْزُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نِصْفَ صَاعٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-؛ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- صَاعٌ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا ثُمَّ قِيلَ يَجُوزُ أَدَاؤُهُ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُرَاعَى فِيهِ الْقِيمَةُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
ثُمَّ الدَّقِيقُ أَوْلَى مِنْ الْبُرِّ، وَالدَّرَاهِمُ أَوْلَى مِنْ الدَّقِيقِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقِيمَةِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ أَدَاءَ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْ عَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ أَدَّى رُبُعَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ يَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْهَا أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ جَيِّدٍ مَكَانَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ لَا يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ بَلْ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ تَكْمِيلُ الْبَاقِي، وَكَذَا لَا يَجُوزُ رُبُعُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنَّ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَنِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَمَنًا وَاحِدًا مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ نِصْفَ صَاعِ شَعِيرٍ وَرُبُعَ صَاعِ حِنْطَةٍ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَالصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْبَغْدَادِيِّ وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ عِشْرُونَ أَسْتَارًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْأَسْتَارُ أَرْبَعَةُ مَثَاقِيلَ وَنِصْفُ مِثْقَالٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
ثُمَّ يُعْتَبَرُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ غَيْرِهِ بِالْوَزْنِ فِيمَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ- لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّاعِ بِأَنَّهُ كَمْ رِطْلًا، وَهُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْوَزْنِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَوَقْتُ الْوُجُوبِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَمَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ وَجَبَتْ وَمَنْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لَمْ تَجِبْ، وَكَذَا الْفَقِيرُ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَهُ تَجِبُ، وَلَوْ افْتَقَرَ الْغَنِيُّ قَبْلَهُ لَمْ تَجِبْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا افْتَقَرَ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَإِنْ قَدَّمُوهَا عَلَى يَوْمِ الْفِطْرِ جَازَ، وَلَا تَفْضِيلَ بَيْنَ مُدَّةٍ، وَمُدَّةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ لَمْ تَسْقُطْ، وَكَانَ عَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ عَجَّلَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ النِّصَابِ ثُمَّ مَلَكَهُ صَحَّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَفِي تَجْنِيسِ الْمُلْتَقِطِ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ صَوْمُ الشَّهْرِ لِكِبَرٍ أَوْ لِمَرَضٍ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَالْمُسْتَحَبُّ لِلنَّاسِ أَنْ يُخْرِجُوا الْفِطْرَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَأَمَّا وَقْتُ أَدَائِهَا فَجَمِيعُ الْعُمُرِ عِنْدَ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمُ اللَّهُ- كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَتَجِبُ عَنْ نَفْسِهِ وَطِفْلِهِ الْفَقِيرِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضِيًّا، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ مَالٌ فَإِنَّ الْأَبَ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُمَا أَوْ وَصِيُّهُ يُخْرِجُ صَدَقَةَ فِطْرِ أَنْفُسِهِمَا وَرَقِيقِهِمَا مِنْ مَالِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَلَا يُؤَدِّي عَنْ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَيَاتَهُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَيْسَ عَلَى الْأَبِ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّدَقَةَ عَنْ مَمَالِيكِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَكَذَا الْمَعْتُوهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَلَيْسَ عَلَى الْجَدِّ أَنْ يُؤَدِّيَ الصَّدَقَةَ عَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ الْمُعْسِرِ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْوَلَدُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ تَامَّةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا فَعَلَى الْآخَرِ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ، وَلَا صَدَقَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَجْلِ أُمِّ هَذَا الْوَلَدِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ يَوْمَ الْفِطْرِ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَيُؤَدِّي عَنْ مَمْلُوكِهِ لِلْخِدْمَةِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَيَجِبُ عَنْ مُدَبَّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ عِنْدَنَا وَتَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ عَبْدِهِ الْمُسْتَأْجَرِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ دَيْنٌ مُسْتَغْرَقٌ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُوصًى بِخِدْمَتِهِ كَانَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَكَذَا عَبْدُ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ إنَّمَا يَزُولُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ لَا قَبْلَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَعَنْ الْمَرْهُونِ تَجِبُ فِي الْمَشْهُورِ إنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ قَدْرُ النِّصَابِ وَكَذَا بِسَبَبِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبِيدِهِ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَنَا، وَلَا عَنْ عَبِيدِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُخْرِجُ عَنْ مُكَاتَبِهِ لِقُصُورِ الْمِلْكِ فِيهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ لِفَقْرِهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمَوْلَى عَنْ رَقِيقِ مُكَاتَبِهِ، وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْهُ، وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هُوَ كَالْمُكَاتَبِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ وَعِنْدَهُمَا كَحُرٍّ مَدْيُونٍ فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ إذَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبْدِهِ أَوْ عَبِيدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ مَأْسُورٌ أَوْ مَغْصُوبٌ مَجْحُودٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ بِسَبَبِهِمْ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
فَإِنْ عَادَ الْآبِقُ عَنْ الْإِبَاقِ أَوْ رُدَّ الْمَغْصُوبُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا مَضَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ فُسِخَ فَعَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ إنْ رَدَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْقَبْضِ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَقْدٍ بَاتٍّ فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي إنْ قَبَضَ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَبِيعًا بَيْعًا فَاسِدًا فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَعْتَقَهُ فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَا إذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ، وَهُوَ مَقْبُوضٌ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ الْبَائِعُ، وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَتَجِبُ عَنْ عَبْدِهِ الْمَنْذُورِ بِالتَّصَدُّقِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَالْعَبْدُ الْمَجْعُولُ مَهْرًا إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَلَا صَدَقَةَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَلَا صَدَقَةَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا جَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ فَأَنْت حُرٌّ فَجَاءَ يَوْمُ الْفِطْرِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَتَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ بِلَا فَصْلٍ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يُؤَدِّي عَنْ زَوْجَتِهِ، وَلَا عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ، وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ، وَلَوْ أَدَّى عَنْهُمْ أَوْ عَنْ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ أَجْزَأَهُمْ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ غَيْرِ عِيَالِهِ إلَّا بِأَمْرِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَا يُؤَدِّي عَنْ أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ وَنَوَافِلِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ الْفِطْرَةُ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَإِنْ كَانَا فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَالْأَوْلَادِ الْكِبَارِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَا يَجِبُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ أَخَوَاتِهِ الصِّغَارِ، وَلَا عَنْ قَرَابَتِهِ، وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ وِلَايَتُهُ، وَمُؤْنَتُهُ وَنَفَقَتُهُ فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ فَرَّقَهُ عَلَى مِسْكِينَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ دَفْعُ مَا يَجِبُ عَلَى جَمَاعَةٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ أَوْ فِطْرَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ أَوْ نَذْرٌ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ تَرِكَتِهِ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ وَرَثَتُهُ بِذَلِكَ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَإِنْ امْتَنَعُوا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ يَجُوزُ وَيَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
الْمَرْأَةُ إذَا أَمَرَهَا زَوْجُهَا بِأَدَاءِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَخَلَطَتْ حِنْطَتَهُ بِحِنْطَتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَدَفَعَتْ إلَى الْفَقِيرِ جَازَ عَنْهَا لَا عَنْ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ وَامْرَأَةٌ فَكَالَ الْحِنْطَةَ لِأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يُعْطِيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ ثُمَّ جَمَعَ وَدَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّتِهِمْ يَجُوزُ عَنْهُمْ، وَمَصْرِفُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ مَا هُوَ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

.كِتَابُ الصَّوْمِ:

وَفِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ:

.الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهِ وَتَقْسِيمِهِ وَسَبَبِهِ وَوَقْتِهِ وَشَرْطِهِ:

أَمَّا تَفْسِيرُهُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مِنْ الصُّبْحِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَأَنْوَاعُهُ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ وَنَفْلٌ.
وَالْفَرْضُ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ كَرَمَضَانَ، وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالْكَفَّارَاتِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالْوَاجِبُ نَوْعَانِ: مُعَيَّنٌ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَغَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ، وَالنَّفَلُ كُلُّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَسَبَبُهُ مُخْتَلِفٌ فَفِي الْمَنْذُورِ النَّذْرُ، وَفِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ أَسْبَابُهَا مِنْ الْحِنْثِ وَالْقَتْلِ وَسَبَبُ الْقَضَاءِ هُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَأَمَّا سَبَبُ صَوْمِ رَمَضَانَ فَذَهَبَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ إلَى أَنَّهُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ كَذَا فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدِي وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ الْهِنْدِيُّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
فَإِذَا أَفَاقَ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا وَاسْتَوْعَبَ الشَّهْرَ كُلَّهُ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَعَلَى هَذَا إذَا أَفَاقَ فِي لَيْلَةٍ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَصْبَحَ مَجْنُونًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ، وَالْإِفَاقَةُ بِزَوَالِ جَمِيعِ مَا بِهِ مِنْ الْجُنُونِ فَأَمَّا إذَا أَصَابَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ فَلَا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَوَقْتُهُ مِنْ حِينِ يَطْلُعُ الْفَجْرُ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُسْتَطِيرُ الْمُنْتَشِرُ فِي الْأُفُقِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي أَوْ لِاسْتِطَارَتِهِ وَانْتِشَارِهِ فِيهِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْوَطُ وَالثَّانِي أَوْسَعُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِلَيْهِ مَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.
تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ، وَهُوَ طَالِعٌ أَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ، وَلَمْ تَغْرُبْ قَضَاهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَا تَعَمَّدَ الْإِفْطَارَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا شَكَّ فِي الْفَجْرِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ، وَلَوْ أَكَلَ فَصَوْمُهُ تَامٌّ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَيَقْضِي حِينَئِذٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ تَسَحَّرَ وَالْفَجْرُ طَالِعٌ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ عَمَلًا بِغَالِبِ الرَّأْيِ، وَفِيهِ الِاحْتِيَاطُ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَلَ، وَالْفَجْرُ طَالِعٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَشَهِدَ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ فَأَفْطَرَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ، وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَلَا يُعَارِضُهَا الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُعْ فَأَكَلَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَعَ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ عَلَى الطُّلُوعِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ يَتَسَحَّرُ فَقَالُوا الْفَجْرُ طَالِعٌ فَقَالَ الرَّجُلُ إذَنْ لَمْ أَصِرْ صَائِمًا وَصِرْت مُفْطِرًا فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَكْلَهُ الْأَوَّلَ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَكْلَهُ الثَّانِيَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانُوا جَمَاعَةً وَصَدَّقَهُمْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ لَا تُقْبَلُ فِي مِثْلِ هَذَا كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ اُنْظُرِي أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ أَوْ لَا فَنَظَرَتْ وَرَجَعَتْ وَقَالَتْ لَمْ يَطْلُعْ فَجَامَعَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْفَجْرَ كَانَ طَالِعًا قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ صَدَّقَهَا، وَهِيَ ثِقَةٌ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْكَفَّارَةُ إنْ أَفْطَرَتْ مَعَ الْعِلْمِ بِالطُّلُوعِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ شَكَّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْفِطْرُ كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ أَكَلَ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَمُخْتَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لُزُومُ الْكَفَّارَةِ هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ أَفْطَرَ، وَأَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ كَانَ ثَابِتًا وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ أَكْبَرُ رَأْيِهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
سَوَاءٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الشَّمْسَ غَابَتْ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ فَأَفْطَرَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَغِبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ بِالتَّحَرِّي فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ مُطَالَعَةُ الْفَجْرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ مَنْ تَسَحَّرَ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَسَحَّرَ بِصَوْتِ الطَّبْلِ السَّحَرِيِّ فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَفِي جَمِيعِ أَطْرَافِ الْبَلْدَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْمَعُ صَوْتًا وَاحِدًا فَإِنْ عَلِمَ عَدَالَتَهُ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ يَحْتَطْ، وَلَا يَأْكُلْ.
وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِدَ بِصِيَاحِ الدِّيكِ فَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ قَدْ جَرَّبَهُ مِرَارًا وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ يُصِيبُ الْوَقْتَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِفْطَارُ بِالتَّحَرِّي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(أَمَّا شُرُوطُهُ) فَثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.
(شَرْطُ) وُجُوبِهِ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ.
(وَشَرْطُ) وُجُوبِ الْأَدَاءِ الصِّحَّةُ وَالْإِقَامَةُ.
(وَشَرْطُ) صِحَّةِ الْأَدَاءِ النِّيَّةُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَالنِّهَايَةِ.
وَالنِّيَّةُ مَعْرِفَتُهُ بِقَلْبِهِ أَنْ يَصُومَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
ثُمَّ عِنْدَنَا لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالتَّسَحُّرُ فِي رَمَضَانَ نِيَّةٌ ذَكَرَهُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ، وَكَذَا إذَا تَسَحَّرَ لِصَوْمٍ آخَرَ، وَإِنْ تَسَحَّرَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصْبِحُ صَائِمًا لَا يَكُونُ نِيَّةً، وَلَوْ نَوَى مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ نِيَّتِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَحَّ رُجُوعُهُ فِي الصِّيَامَاتِ كُلِّهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ قَالَ نَوَيْت أَنْ أَصُومَ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ- تَعَالَى- صَحَّتْ نِيَّتُهُ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِنْ نَوَى أَنْ يُفْطِرَ غَدًا إنْ دُعِيَ إلَى دَعْوَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُدْعَ يَصُمْ لَا يَصِيرُ صَائِمًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ فَإِنْ أَصْبَحَ فِي رَمَضَانَ لَا يَنْوِي صَوْمًا، وَلَا فِطْرًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَنْ رَمَضَانَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- فِي صَيْرُورَتِهِ صَائِمًا رِوَايَتَيْنِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ صَائِمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا نَوَى الصَّائِمُ الْفِطْرَ، وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا غَيْرَ النِّيَّةِ فَصَوْمُهُ تَامٌّ كَذَا فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ.
وَوَقْتُ النِّيَّةِ كُلُّ يَوْمٍ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ نَوَى قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ أَنْ يَكُونَ صَائِمًا غَدًا ثُمَّ نَامَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ غَفَلَ حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ نَوَى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
جَازَ صَوْمُ رَمَضَانَ، وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، وَالنَّفَلُ بِنِيَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ أَوْ بِنِيَّةِ النَّفْلِ مِنْ اللَّيْلِ إلَى مَا قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوَالِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ وَالصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنَّمَا تَجُوزُ النِّيَّةُ قَبْلَ الزَّوَالِ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا يُنَافِي الصَّوْمَ، وَإِذَا وُجِدَ قَبْلَهُ مَا يُنَافِيهِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا تَجُوزُ النِّيَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَإِذَا نَوَى مِنْ النَّهَارِ يَنْوِي أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ حَتَّى لَوْ نَوَى أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ حِينِ نَوَى لَا يَصِيرُ صَائِمًا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ فِي يَوْمٍ مِنْهُ فَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَوَى الصَّوْمَ أَجْزَأَهُ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَكَذَا إذَا ارْتَدَّ رَجُلٌ عَنْ الْإِسْلَامِ أَوَّلَ الْيَوْمِ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَنَوَى الصَّوْمَ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ صَائِمٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ فِي مَوْضِعٍ تَجُوزُ نِيَّتُهُ مِنْ النَّهَارِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَأَنْ يُعَيِّنَ النِّيَّةَ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَإِذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا صَامَ الْمُسَافِرُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ يَقَعُ عَنْهُ، وَلَوْ نَوَى النَّفَلَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ صَوْمَهُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ مُطْلَقًا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ إذَا صَامَهُ بِنِيَّةِ وَاجِبٍ آخَرَ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَةِ كَانَ عَنْ الْوَاجِبِ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ مَا نَذَرَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَشَرْطُ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَاتِ أَنْ يُبَيِّتَ وَيُعَيِّنَ كَذَا فِي النُّقَايَةِ.
وَكَذَا النَّذْرُ الْمُطْلَقُ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَى الْمَأْسُورِ شَهْرُ رَمَضَانَ فَصَامَ مُتَحَرِّيًا جَازَ إنْ كَانَ بَعْدَهُ وَنَوَى مِنْ اللَّيْلِ سِوَى يَوْمِ الْعِيدِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ فَإِذَا وَافَقَ صَوْمُهُ شَوَّالًا فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ كَامِلًا، وَشَوَّالٌ نَاقِصًا فَعَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ رَمَضَانُ نَاقِصًا، وَشَوَّالٌ كَامِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَلَوْ وَافَقَ صَوْمُهُ ذَا الْحِجَّةِ فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا وَذُو الْحِجَّةِ كَامِلًا فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ كَامِلًا وَذُو الْحِجَّةِ نَاقِصًا فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ وَافَقَ صَوْمُهُ ذَا الْقِعْدَةِ أَوْ شَهْرًا آخَرَ فَإِنْ كَانَا كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ الشَّهْرُ الْآخَرُ كَامِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ كَامِلًا وَالْآخَرُ نَاقِصًا فَيَوْمٌ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ صَامَ رَمَضَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ سِنِينَ لَا يَجُوزُ صَوْمُ السَّنَةِ الْأُولَى بِالِاتِّفَاقِ، وَهَلْ يَجُوزُ صَوْمُ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَضَاءً عَنْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ قَضَاءً عَنْ الثَّانِيَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرِ إنْ نَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ مُبْهَمًا يَجُوزُ، وَإِنْ نَوَى عَنْ الثَّانِيَةِ مُفَسِّرًا لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِنْ هَذَا الرَّمَضَانِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْأَوَّلَ يَجُوزُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ هُوَ الْمُخْتَارُ، وَلَوْ نَوَى الْقَضَاءَ لَا غَيْرُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا أَفْطَرَ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، وَهُوَ فَقِيرٌ فَصَامَ أَحَدًا وَسِتِّينَ يَوْمًا لِلْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ لِلْقَضَاءِ جَازَ كَذَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَمَتَى نَوَى شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوَكَادَةِ وَالْفَرِيضَةِ، وَلَا رُجْحَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بَطَلَا، وَمَتَى تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ثَبَتَ الرَّاجِحُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فَإِذَا نَوَى عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ كَانَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَوَى النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ وَالتَّطَوُّعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ نَوَى النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ، وَكَفَّارَةً مِنْ اللَّيْلِ يَقَعُ عَنْ النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ نَوَى قَضَاءَ رَمَضَانَ، وَكَفَّارَةَ الظِّهَارِ كَانَ عَنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا نَوَى قَضَاءَ بَعْضِ رَمَضَانَ، وَالتَّطَوُّعُ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ نَوَى الصَّوْمَ عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ أَوْ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَعَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ يَقَعُ عَنْ الْقَتْلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ نَوَى عَنْ كَفَّارَةِ تَطَوُّعٍ جَازَ عَنْ الْوَاجِبِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ ثُمَّ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ صَحَّ صَوْمُهَا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَلَوْ نَوَى صَوْمَ الْقَضَاءِ، وَكَفَّارَةَ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِلتَّعَارُضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لِمَكَانِ التَّنَافِي، وَلَكِنْ يَصِيرُ تَطَوُّعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا نَوَى الصَّوْمَ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى لَا تَصِحَّ نِيَّتُهُ عَنْ الْقَضَاءِ يَصِيرُ شَارِعًا فِي التَّطَوُّعِ فَإِنْ أَفْطَرَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

.الْبَابُ الثَّانِي فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ:

يَجِبُ أَنْ يَلْتَمِسَ النَّاسُ الْهِلَالَ فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَإِنْ رَأَوْهُ صَامُوهُ، وَإِنْ غُمَّ أَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَمِسُوا هِلَالَ شَعْبَانَ أَيْضًا فِي حَقِّ إتْمَامِ الْعَدَدِ، وَهَلْ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْعُدُولِ مِمَّنْ يَعْرِفُ عِلْمَ النُّجُومِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُنَجِّمِ أَنْ يَعْمَلَ بِحِسَابِ نَفْسِهِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
.
وَإِذَا رَأَوْا الْهِلَالَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يُصَامُ بِهِ، وَلَا يُفْطَرُ، وَهُوَ مِنْ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إنْ كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ مَقْبُولَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَكَذَا شَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى شَهَادَةِ الْوَاحِدِ وَشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَأَمَّا مَسْتُورُ الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَبِهِ أَخَذَ الْحَلْوَانِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْمَكَارِمِ.
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ عَبْدٍ عَلَى شَهَادَةِ عَبْدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرَاهِقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَلَا الدَّعْوَى، وَلَا حُكْمُ الْحَاكِمِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَسَمِعَ رَجُلٌ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ وَجَبَ عَلَى السَّامِعِ أَنْ يَصُومَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَهَلْ يَسْتَفْسِرهُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: إنَّمَا تُقْبَلُ إذَا فَسَّرَ بِأَنْ قَالَ رَأَيْته خَارِجَ الْمِصْرِ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْبَلَدِ بَيْنَ خَلَلِ السَّحَابِ.
وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ بِدُونِ هَذَا، وَإِذَا رَأَى الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ بِخِلَافِ هِلَالِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا رَأَى الْوَاحِدُ الْعَدْلُ هِلَالَ رَمَضَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْهِدَ بِهَا فِي لَيْلَتِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حَتَّى الْجَارِيَةُ الْمُخَدَّرَةُ تَخْرُجُ وَتَشْهَدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا، وَالْفَاسِقُ إذَا رَآهُ وَحْدَهُ يَشْهَدُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ رُبَّمَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
هَذَا فِي الْمِصْرِ، وَأَمَّا فِي السَّوَادِ إذَا رَأَى أَحَدُهُمْ هِلَالَ رَمَضَانَ يَشْهَدُ فِي مَسْجِدِ قَرْيَتِهِ، وَعَلَى النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَاكِمٌ يَشْهَدُ عِنْدَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَشَهِدَ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ، وَإِنْ أَفْطَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ شَهِدَ فَاسِقٌ وَقَبِلَهَا الْإِمَامُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصَّوْمِ فَأَفْطَرَ هُوَ وَوَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ قَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ: تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ أَكْمَلَ هَذَا الرَّجُلُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَمْ يُفْطِرْ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا شَهَادَةُ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمْ، وَهُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ هُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ رَمَضَانُ وَشَوَّالُ وَذُو الْحِجَّةِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ إذَا جَاءَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ اعْتَمَدَ الْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَقْضِيَةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَارِجِ الْمِصْرِ وَالْمِصْرِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.
وَيُلْتَمَسُ هِلَالُ شَوَّالٍ فِي تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَمَنْ رَآهُ وَحْدَهُ لَا يُفْطِرُ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنْ أَفْطَرَ قَضَاهُ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
رَجُلٌ رَأَى هِلَالَ الْفِطْرِ وَشَهِدَ، وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ فَإِنْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الرَّجُلُ عِنْدَ صَدِيقٍ لَهُ فَأَكَلَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ صَدَّقَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَوْ الْقَاضِي وَحْدَهُ هِلَالَ شَوَّالٍ لَا يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى، وَلَا يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْخُرُوجِ، وَلَا يُفْطِرُ لَا سِرًّا، وَلَا جَهْرًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَإِنْ كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ لَا تُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ فِي السَّوَادِ وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ وَالٍ، وَلَا قَاضٍ فَلَا بَأْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يُفْطِرُوا كَذَا فِي الزَّاهِدِيِّ.
وَتُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ هَكَذَا فِي النُّقَايَةِ.
وَلَا تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ، وَإِنْ تَابَ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً لَا يُقْبَلُ إلَّا قَوْلُ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَهَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ شَهَادَةَ الِاثْنَيْنِ تُقْبَلُ أَيْضًا إذَا جَاءَا مِنْ مَكَان آخَرَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْأَضْحَى كَالْفِطْرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَهِلَّةِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عُدُولٍ أَحْرَارٍ غَيْرِ مَحْدُودِينَ هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
إذَا صَامُوا بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ، وَأَكْمَلُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَا يُفْطِرُونَ فِيمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لِلِاحْتِيَاطِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُمْ يُفْطِرُونَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَصَحُّ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَغَيِّمَةً فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَهُوَ الْأَشْبَهُ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدَانِ، وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ، وَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا وَصَامُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةً يُفْطِرُونَ مِنْ الْغَدِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً يُفْطِرُونَ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ قَبْلَ صَوْمِكُمْ بِيَوْمٍ إنْ كَانُوا فِي هَذَا الْمِصْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْحِسْبَةَ، وَإِنْ جَاءُوا مِنْ مَكَان بَعِيدٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَا عِبْرَةَ لِاخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَعَلَيْهِ فَتْوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ لَوْ رَأَى أَهْلُ مَغْرِبٍ هِلَالَ رَمَضَانَ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى أَهْلِ مَشْرِقٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ثُمَّ إنَّمَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ عَلَى مُتَأَخِّرِي الرُّؤْيَةِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَةُ أُولَئِكَ بِطَرِيقٍ مُوجِبٍ حَتَّى لَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ قَدْ رَأَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَبْلَكُمْ بِيَوْمٍ فَصَامُوا، وَهَذَا الْيَوْمُ ثَلَاثُونَ بِحِسَابِهِمْ، وَلَمْ يَرَ هَؤُلَاءِ الْهِلَالَ لَا يُبَاحُ فِطْرُ غَدٍ، وَلَا يُتْرَكُ التَّرَاوِيحُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِالرُّؤْيَةِ، وَلَا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا حَكَوْا رُؤْيَةَ غَيْرِهِمْ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا شَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ كَذَا وَقَضَى بِشَهَادَتِهِمَا جَازَ لِهَذَا الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي حُجَّةٌ وَقَدْ شَهِدُوا بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
إذَا صَامَ أَهْلُ مِصْرٍ شَهْرَ رَمَضَانَ عَلَى غَيْرِ رُؤْيَةٍ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ إنْ عَدُّوا شَعْبَانَ بِرُؤْيَتِهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَرَوْا هِلَالَ رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمًا وَاحِدًا، وَإِنْ صَامُوا تِسْعًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ عَدُّوا هِلَالَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ هِلَالِ شَعْبَانَ ثُمَّ صَامُوا رَمَضَانَ قَضَوْا يَوْمَيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا صَامَ أَهْلُ الْمِصْرِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِلرُّؤْيَةِ، وَفِيهِمْ مَرِيضٌ لَمْ يَصُمْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَذَا الرَّجُلُ مَا صَنَعَ أَهْلُ الْمِصْرِ صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.