فصل: الفصل السادس موجبات الأسباب الماسكة وحدها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون **


 الفصل السابع علامات غلبة الخلط

خلط أما الدم إذا غلب فعلاماته‏:‏ مقارنة لعلامات الامتلاء بحسب الأوعية ولذلك قد يحدث من غلبته ثقل في البدن في أصل العينين خاصة والرأس والصدغين وتمط وتثاؤب و غشيان ونعاس لازب وتكدر الحواس وبلادة في الفكر وإعياء بلا تعب سابق وحلاوة في الفم غير معهودة وحمرة في اللسان وربما ظهر في البدن دماميل وفي الفم بثور ويعرض سيلان دم من المواضع السهلة الانصداع كالمنخر والمقعدة واللثة‏.‏

وقد يدلّ عليه المزاج والتدبير السالف والبلد والسن والعاثة وبعد العهد بالفصد والأحلام الدالة عليه مثل الأشياء الحمر يراها في النوم ومثل سيلان الدم الكثير عنه ومثل الثخانة في الدم وما أشبه ما ذكرنا‏.‏

وأما علامات غلبة البلغم‏:‏ فبياض زائد في اللون وترهّل ولين ملمس وبرودة وكثرة الريق ولزوجته وقلة العطش إلا أن يكون مالحاً وخصوصاً في الشيخوخة وضعف الهضم والجشاء الحامض وبياض البول وكثرة النوم والكسل واسترخاء الأعصاب والبلادة ولين نبض إلى البطء والتفاوت ثم السن والعادة والتدبير السالف والصناعة والبلد والأحلام التي يرى فيها مياه وأنهار وثلوج وأمطار وبرد برعدة‏.‏

وأما علامات غلبة الصفراء‏:‏ فصفرة اللون والعينين ومرارة الفم وخشونة اللسان وجفافه ويبس المنخرين واستلذاذ النسيم البارد وشدّة العطش وسرعة النفس وضعف شهوة الطعام والغثيان والقيء الصفراوي الأصفر والأخضر والاختلاف اللاذع وقشعريرة كغرز الأبر ثم التدبير السالف والسن والمزاج والعادة والبلد والوقت والصناعة والأحلام التي يرى فيها النيران والرايات الصفر ويرى الأشياء التي لا صفرة لها مصفرة ويرى التهاباً وحرارة حمام أو شمس وما يشبه ذلك‏.‏

وأما علامات غلبة السوداء‏:‏ فقحل اللون وكمودته وسواد الدم وغلظه وزيادة الوسواس والفكر واحتراق فم المعدة والشهوة الكاذبة وبول كمد وأسود وأمر غليظ وكون البدن أسود أزب فقلما تتولد السوداء في الأبدان البيض الزعر وكثرة حدوث البهق الأسود والقروح الرديئة وعلل الطحال والسن والمزاج والعادة والبلد والصناعة والوقت والتدبير السالف والأحلام الهائلة من الظلم والهوات والأشياء السود والمخاوف‏.‏

 الفصل الثامن العلامات الدالة على السدد

إنه إذا احتقنت مواد ودلت الدلائل عليها وأحس بتمدّد ولم يحس بدلائل الامتلاء في البدن كله فهناك سدد لا محالة وأما النقل فيحسّ في السدد إذا كانت السدد في مجار لا بد من أن يجري فيها مواد كثيرة مثل ما يعرض من السدد في الكبد فإن ما يصير من الغذاء إلى الكبد إذا عاقته السدد عن النفوذ اجتمع شيء كثير واحتبس وأثقل ثقلاً كثيراً فوق ثقل الورم ويميز عن الورم بشدة الثقل وعدم الحمى‏.‏

وأما إذا كانت السدّة في غير هذه المجاري لم يحس بثقل وأحس باحتباس نفوذ الدم وبالتمدّد وأكثر من به سدد في العروق يكون لونه أصفر لأن الدم لا ينبعث في مجاريه إلى ظاهر البدن‏.‏

 الفصل التاسع العلامات الدالة على الرياح

الرياح قد يستدل عليها بما يحدث في الأعضاء الحساسة من الأوجاع وذلك تابع لما يفعله من تفرّق الاتصال ويستدلّ عليها من حركات تعرُّض للأعضاء ويستدلّ عليها من الأصوات ويستدل عليها باللمس‏.‏

وأما الأوجاع الممددة تدل على الرياح لا سيما إذا كانت مع خفة فإن كان هناك انتقال من الوجع فقد تمت الدلالة وهذا إنما يكون إذا كان تفرق الاتصال في الأعضاء الحساسة‏.‏

وأما مثل العظم واللحم الغددي فلا يبين ذلك فيها بالوجع فقد يكون من رياح العظام ما يكسر العظام كسراً ويرضّها رضًّا ولا يكون له وجع إلا تابعاً لحس المنكسر بما يليه‏.‏

وأما الاستدلال على الرياح من حركات الأعضاء فمثل الاستدلال من الاختلاجات على رياح تتكون وتتحرك على الإقلال والتحلّل‏.‏

وأما الاستدلال عليها من الأصوات فإما أن تكون الأصوات منها أنفسها كالقراقر ونحوها وكما يحس في الطحال إذا كان وجعه من ريح بغمز وإما أن يكو الصوت يفعل فيها بالقرع كما يميّز بين الاستسقاء الزقيّ والطبلي بالضرب‏.‏

وأما الاستدلال عليها من طريق المس يميز بين النفخة والسلعة بما يكون هناك من تمدّد مع انغماز في غيررطوبة سيّالة مترجرجة أو خلط لزج فإن الحسّ اللمسي يميّز بين ذلك والفرق بين النفخة والريح ليس في الجوهر بل في هيئة الحركة والركود والإنزعاج‏.‏

 الفصل العاشر العلامات الدالة على الأورام

أما الظاهرة‏:‏ فيدل عليها الحس والمشاهدة وأما الباطنة فالحار منها يدلّ عليه الحمّى اللازمة والثقل إن كان لا حس للعضو الذي هو فيه أو التفل مع الوجع الناخس إن كان للعضو الوارم حسّ‏.‏

ومما يدل أيضاً أو يعين في الدلالة الآفة الداخلة في أفعال ذلك العضو ومما يوكد الدلالة إحساس الانتفاخ في ناحية ذلك العضو كان للحس إليه سبيل‏.‏

وأما البارد فليس يتبعه لا محالة وجع وتعسر الإشارة إلى علاماته الكلية وإن سهل أحوج إلى كلام ممل والأولى أن نؤخر الكلام فيه إلى الأقاويل الجزئية في عضو عضو‏.‏

والذي يقال ههنا أنه إذا أحس بثقل ولم يحس بوجع وكان معه دلائل غلبة البلغم فليحدس أنه بلغمي‏.‏

وإن كان معه دلائل غلبة السوداء فهو سوداوي وخصوصاً إذا لمس وكان صلباً‏.‏

والصلابة من أفضل الدلائل عليها‏.‏

وإذا كانت الأورام الحارة في الأعصاب كان الوجع شديداً والحميات قوية وسارعت إلى الإيقاع في التمدد وفي اختلاط العقل وأحدثت في حركات القبض والبسط آفة‏.‏

وجميع أورام الأحشاء يحدث رقة ونحولاً في المراق وإذا أجمعت أورام الأحشاء وأخذت في طريق الخراجية اشتد الوجع جداً والحمى وخشن اللسان خشونة شديدة واشتد السهر وعظمت الأعراض وعظم الثقل وربما أحس الصلابة والتركز وربما ظهر في البدن نحافة عاجلة وفي العينين غؤر مغافص فإذا تقيّح الجمع سكنت ثورة الحمى والوجع والضربان وحصل بدل الوجع شيء كالحكة وإن كانت حمرة وصلابة خفت الحمرة ولان المغمز وسكّنت الأعراض المؤلمة كلها وبلغ الثقل غايته فإذا انفجر عرض أولاً نافض للذع المدة ثم ظهرت حمى بسبب لذع المادة واستعرض النبض للاستفراغ واختلف وأخذ طريق الضعف والصغر والإبطاء والتفاوت وظهر في الشهوة سقوط‏.‏

وكثيراً ما تسخن له الأطراف‏.‏

وأما المادة فتندفع بحسب جهتها إما في طريق النفث أو في طريق البول أو فى طريق البراز‏.‏

والعلامة الجيدة بعد الانفجار تمام سكون الحمى وسهولة التنقس وانتعاش القوة وسرعة اندفاع المادّة في جهتها وربما انتقلت المادة في الأورام الباطنة من عضو إلى عضو وذلك الانتقال قد يكون جيداً وقد يكون رديئاً والجيد أن ينتقل من عضو شريف إلى عضو خسيس مثل ما ينتقل في أورام الدماغ إلى ما خلف الأذنين وفي أورام الكبد إلى الأربيتين‏.‏

والرديء أن ينتقل من عضو إلى عضو أشرف منه أو أقلّ صبراً على ما يعرض به مثل أن ينتقل من ذات الجنب إلى ناحية القلب أو إلى ذات الرئة‏.‏

ولانتقال الأورام الباطنة وميلان الخراجات الباطنة التي تحت وإلى فوق علامات فإنها إذا مالت في انتقالها إلى ما تحت ظهر في الشراسيف تمدد وثقل وإذا مالت في انتقالها إلى ما فوق دلّ عليه سوء حال النفس وضيقه وعسره وضيق الصدر والتهاب يبتدىء من تحت إلى فوق وثقل في ناحية الترقوة وصداع وربما ظهر أثره في الترقوة والساعد‏.‏

والمائل إلى فوق إن تمكّن من الدماغ كان رديئاً فيه خطر وإن مال إلى اللحم الرخو الذي خلف الأذنين كان فيه رجاء خلاص‏.‏

والرعاف في مثل هذا دليل جيد وفي جميع أورام الاحشاء‏.‏

وانتظر في استقصاء هذا ما نقوله من بعد حيث نستقصي الكلام في الأورام وحيث نذكر حال ورم عضو عضو من الباطنة‏.‏

 الفصل الحادي عشر علامات تفرق الاتصال

تفرق الاتصال إن عرض في الأعضاء الظاهرة وقف عليه الحس وإن وقع في الأعضاء الباطنة دل عليه الوجع الثاقب والناخس والآكال ولا سيما إن لم يكن معه حمى‏.‏

وكثيراً ما يتبعه سيلان خلط كنفث الدم وانصبابه إلى فضاء الصدر وخروج مدة وقيح إن كان بعد علامات الأورام ونضجها‏.‏

والذي يكون عقيب الأورام فربما كان دالا ‏"‏ على انفجار عن نضج وربما لم يكن‏.‏

فمان كان عن نضج سكن الحمى مع الانفجار واستفراغ القيح وسكن الثقل وخف‏.‏

وإن لم يكن كذلك اشتد الوجع وزاد‏.‏

وقد يستدل على تفرق الاتصال بانخلاع الأعضاء عن مواضعها وبزوال العضو عن موضعه وإن لم ينخلع كالفتق‏.‏

وقد يستدل عليه باحتباس المستفرغات عن المجاري فإنها ربما انصبت إلى فضاء يؤدي إليه تفرق الاتصال ولم ينفصل عن المسلك الطبيعي كما يعرض لمن انخرق أمعاؤه أن يحتبس برازه وربما خفي تفرق الاتصال ولم يوقف عليه بالعلامات الكلية المذكورة واحتيج في بيانه إلى الأقوال الجزئية بحسب عضو عضو وذلك بأن يكون العضو لا حس له أو لا يحتوي على رطوبة فيسيل ما فيه أو لا مجال له فيزول عن موضعه أو ليس يعتمد على عضو فيزول بانخلاعه‏.‏

واعلم أن أصعب الأورام أعراضاَ وأصعب تفرق الاتصال أعراضاً ما كان في الأعضاء العصبية الشديدة الحس فإنها ربما كانت مهلكة وأما الغشي والتشنج فيلحقها دائماً‏.‏

أما الغشي فلشدة الوجع‏.‏

وأما التشنّج فلعصبية العضو ثم اللاتي تكون على المفاصل فإنها يبطؤ قبولها للعلاج لكثرة حركة المفصل وللفضاء الذي يكون عند المفصل المستعد لانصباب المواد إله ولأن النبض والبول من العلامات الكلية لأحوال البدن

 الجملة الأولى النبض

وهي تسعة عشر فصلاً

 الفصل الأول كلام كلي في النبض

فنقول‏:‏ النبض حركة من أوعية الروح مؤلفة من انبساط وانقباض لتبريد الروح بالنسيم‏.‏

والنظر في النبض إما كليّ وإما جزئي بحسب مرض مرض‏.‏

ونحن نتكلم ههنا في القوانين الكلية من علم النبض ونؤخر الجزئية إلى الكلام في الأمراض الجزئية فنقول‏:‏ إن كل نبضة فهي مركبة من حركتين وسكونين لأن كل نبض مركّب من انبساط وانقباض ثم لا بد من تخلل السكون بين كل حركتين متضادتين لاستحالة اتصال الحركة بحركة أخرى بعد أن يحصل لمسافتها نهاية وطرف بالفعل وهذا مما يبين في العلم الطبيعي وإذا كان كذلك لم يكن بد من أن يكون لكل نبضة إلى أن تلحق الأخرى أجزاء أربعة‏:‏ حركتان وسكونان حركة انبساط وسكون بينه وبين الانقباض وحركة انقباض وسكون بينه وبين الانبساط‏.‏

وحركة الإنقباض عند كثير من الأطباء غير محسوسة أصلاً وعند بعضهم أن الإنقباض قد يحسّ إما في النبض القوي فلقوته وأما في العظيم فلإشرافه وأما في الصلب فلشدة مقاومته وأما في البطن فلطول مدة حركته‏.‏

وقال ‏"‏ جالينوس ‏"‏‏:‏ إني لم أزل أغفل عن الإنقباض مدة ثم لم أزل أتعاهد الجسّ حتى فطنت لشيء منه ثم بعد حين أحكمت ثم انفتح علي أبواب من النبض ومن تعهد ذلك تعهدي أدرك إدراكي وأنه - وإن كان الأمر على ما يقولون - فالانقباض في أكثر الأحوال غير محسوس والسبب في وقوع الاختيار على جس عرق الساعد أمور ثلاثة‏:‏ - سهولة متناوله‏.‏

- وقلة المحاشاة عن كشفه‏.‏

واستقامة وضعه بحذاء القلب وقربه منه‏.‏

وينبغي أن يكون الجس واليد على جنب فإن اليد المتكئة تزيد في العرض والإشراف وتنقص من الطول خصوصاً في المهازيل والمستلقية تزيد في الإشراف والطول وتنقص من العرض‏.‏

ويجب أن يكون الجس في وقت يخلو فيه صاحب النبض عن الغضب والسرور والرياضة وجميع الانفعالات وعن الشبع المثقل والجوع وعن حال ترك العادات واستحداث العادات ويجب أن ثم نقول إن الأجناس التي منها تتعرف الأطباء حال النبض هي على حسب ما يصفه الأطباء عشرة وإن كان يجب عليهم أن يجعلوها تسعة‏:‏ فالأول منها‏:‏ الجنس المأخوذ من مقدار الانبساط‏.‏

والجنس الثاني‏:‏ المأخوذ من كيفية قرع الحركة الأصابع‏.‏

والجنس الثالث‏:‏ المأخوذ من زمان كل حركة‏.‏

والجنس الرابع‏:‏ المأخوذ من قوام الآلة‏.‏

والجنس الخامس‏:‏ المأخوذ من خلائه وامتلائه‏.‏

والجنس السادس‏:‏ المأخوذ من حر ملمسه وبرده‏.‏

والجنس السابع‏:‏ المأخوذ من زمان السكون‏.‏

والجنس الثامن‏:‏ المأخوذ من استواء النبض واختلافه‏.‏

والجنس التاسع‏:‏ المأخوذ من نظامه في الاختلاف أو تركه للنظام‏.‏

والجنس العاشر‏:‏ المأخوذ من الوزن‏.‏

أما من جنس مقدار النبض فيدل من مقدار أقطاره الثلاثة التي هي طوله وعرضه وعمقه فتكون أحوال النبض فيه تسعة بسيطة ومركبات‏.‏

فالتسعة البسيطة هي الطويل والقصير والمعتدل والعريض والضيق والمعتدل والمنخفض والمشرف والمعتدل‏.‏

فالطويل هو الذي تحس أجزاؤه في طوله أكثر من المحسوس الطبيعي على الإطلاق وهو المزاج المعتدل الحق أو من الطبيعي الخاص بذلك الشخص وهو المعتدل الذي يخصه وقد عرفت الفرق بينهما قبل‏.‏

والقصير ضده وبينهما المعتدل وعلى هذا القياس فاحكم في الستة الباقية‏.‏

وأما المركبات من هذه البسيطة فبعضها له اسم وبعضها ليس له اسم فان الزائد طولاً وعرضاً وعمقاً يسمى العظيم والناقص في ثلاثتها يسمى الصغير وبينهما المعتدل والزائد عرضاً وشهوقاً يسمى الغليظ والتاقص فيهما يسمى الدقيق وبينهما المعتدل‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من كيفية قرع الحركة للاصايع فأنواعه ثلاثة‏:‏ القوي وهو الذي يقاوم الجس عند الانبساط والضعيف يقابله والمعتدل بينهما‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من زمان كل حركة فأنواعه ثلاثة‏:‏ السريع وهو الذي يتمم الحركة في مدة قصيرة البطيء ضده ثم المعتدل بينهما‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من قوام الآلة فأصنافه ثلاثة‏:‏ اللين وهو القابل للاندفاع إلى داخل عن الغامر بسهولة والصلب ضده ثم المعتدل‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من حال ما يحتوي عليه فأصنافه ثلاثة‏:‏ الممتلىء وهو الذي يحس أن في تجويفه رطوبة مائلة‏.‏

يعتد بها لإفراغ صرف والخالي ضدَه ثم المعتدل‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من ملمسه فأصنافه ثلاثة‏:‏ الحار والبارد والمعتدل بينهما‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من زمان السكون فأصنافه ثلاثة‏:‏ المتواتر وهو القصير الزمان المحسوس بين القرعتين ويقال له أيضاً المتدارك والمتكاثف والمتفاوت ضده ويقال له أيضاً المتراخي والمتخلخل وبيهما المعتدل‏.‏

ثم هذا الزمان هو بحسب ما يدرك عن الإنقباض فإن لم يدرك الإتقباض أصلاً كان هو وأما الجنس المأخوذ من الاستواء والاختلاف فهو إما مستو وإما مختلف غير مستو وذلك باعتبار تشابه نبضات أو أجزاء نبضة أو جزء واحد من النبضة في أمور خمسة‏:‏ العظم والصغر والقوة و الضعف والسرعة والبطء والتواتر والتفاوت والصلابة واللين حتى إن النبض الواحد يكون أجزاء انبساطه أسرع لشدة الحرارة أو أضعف للضعف وإن شئت بسطت القول فاعتبرت في الاستواء والاختلاف في الأقسام المذكورة الثلاثة سائر الأقسام الآخَر‏.‏

لكن ملاك الاعتبار مصروف إلى هذه والنبض المستوي على الإطلاق هو النبض المستوي في جميع هذه وإن استوى في شيء منها وحده فهر مستوفية وحده كأنك قلت مستوفي القوة أو مستوفي السرعة‏.‏

وكذلك المختلف وهو الذي ليس بمستوٍ فهو إما على الإطلاق وإما فيما ليس فيه بمستو‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من النظام وغير النظام فهو ذو نوعين مختلف منتظم ومختلف غير منتظم والمنتظم هو الذي لاختلافه نظام محفوظ يدور عليه وهو على وجهين‏:‏ إما منتظم على الإطلاق وهو أن يكون للمتكرر منه خلاف واحد فقط واما منتظم يدور وهو أن يكون له دوراً اختلافين فصاعداً مثل أن يكون هناك دور ودور آخر مخالف له إلا أنهما يعودان معاً على ولائهما كدور واحد وغير المنتظم ضده وإذا حققت وجدت هذا الجنس التاسع كالنوع من وينبغي أن يُعلَم أن في النبض طبيعة موسيقاوية موجودة فكما أن صناعة الموسيقى تتم بتأليف النغم على نسبة بينها في الحدة والثقل وبأدوار إيقاع مقدار الأزمنة التي تتخلل نقراتها كذلك حال النبض فإن نسبة أزمتها في السرعة والتواتر إيقاعية ونسبة أحوالها في القوة والضعف وفي المقدار نسبة كالتأليفية وكما أن أزمنة الإيقاع ومقادير النغم قد تكون متفقهّ وقد تكون غير متفقة كذلك الاختلافات قد تكون منتظمة وقد تكون غير منتظمة وأيضاً نسب أحوال النبض في القوة والضعف والمقدار قد تكون متفقة وقد تكون غير متفقة بل مختلفة وهذا خارج عن جنس اعتبار النظام‏.‏

و ‏"‏ جالينوس ‏"‏ يرى أن القدر المحسوس من مناسبات الوزن ما يكون على إحدى هذه النسب الموسيقاوية المذكورة إما على نسبة الكل والخمسة وهو على نسبة ثلاثة أضعاف إذ هو الضعف مؤلفة بنسبة الزائد نصفاً وهو الذي يقال له نسبة الذي بالخمسة وهو الزائد نصفاً وعلى نسبة الذي بالكل وهو الضعف وعلى نسبة الذي بالخمسة وهو الزائد نصفاً وعلى نسبة الذي بالأربعة وهو الزائد ثلثاً وعلى نسبة الزائد ربعاً ثم لا يحس وأنا أستعظم ضبط هذه النسب بالجس وأسهله على من اعتاد درج الإيقاع وتناسب النغم بالصناعة ثم كان له قدرة على أن يعرف الموسيقى فيقيس المصنوع بالمعلوم فهذا الإنسان إذا صرف تأمله إلى النبض أمكن أن يفهم هذه النسب بالجس‏.‏

وأقول أن أفراد جنس المنتظم وغير المنتظم على أنه أحد العشرة - وإن كان نافعاً - فليس بصواب في التقسيم لأن هذا الجنس داخل تحت المختلف فكأنه نوع منه‏.‏

وأما الجنس المأخوذ من الوزن فهو بمقايسهّ مقادير نسب الأزمنة الأربعة التي للحركتين والوقوفين وإن قصر الجس عن ضبط ذلك كله فبمقايسة مقادير نسب أزمنة الإنبساط إلى الزمان الذي بين انبساطين‏.‏

وبالجملة الزمان الذي فيه الحركة إلى الزمان الذي فيه السكون‏.‏

والذين يدخلون في هذا الباب مقايسة زمان الحركة بزمان الحركة وزمان السكون بزمان السكون فهم يدخلون باباً في باب على أن ذلك الإدخال جائز أيضاً غير محال إلا أنه غير جيد‏.‏

والوزن هو الذي يقع فيه النسب الموسيقاوية‏.‏

ونقول إن النبض إما أن يكون جيّد الوزن وإما أن يكون رديء الوزن‏.‏

ورديء الوزن أنواعه ثلاثة‏:‏ أحدها‏:‏ المتغيِّر الوزن مجاوز الوزن وهو الذي يكون وزنه وزن سن يلي سن صاحبه كما يكون للصبيان وزن نبض الشبان‏.‏

والثاني‏:‏ مباين الوزن كما يكون للصبيان مثل وزن نبض الشيوخ‏.‏

والثالث‏:‏ الخارج عن الوزن وهو الذي لا يشبه في وزنه نبضاً من نبض الأسنان‏.‏

وخروج النبض عن الوزن كثيراً يدل على تغير حال عظيم‏.‏

شرح خاص النبض المستوي والمختلف يقولون‏:‏ إن النبض المختلف إما أن يكون اختلافه في نبضات كثيرة أو في نبضة واحدة‏.‏

والمختلف في نبضة واحدة إما أن يختلف في أجزاء كثيرة أي مواقع للأصابع متباينة أو في جزء واحد أي في موقع أصبع واحد‏.‏

والمختلف في نبضات كثيرة منه المختلف المتدرج الجاري في الاستواء وهو أن يأخذ من نبضة وينتقل إلى أزيد منها أو أنقص ويستمر على هذا النهج حتى يوافي غاية في النقصان أو غاية في الزيادة بتدريج متشابه فينقطع عائداً إلى العظم الأول أو متراجعأ من صغره تراجعاَ متشابهاٌ في الحالين جميعاً للمأخذ الأول أو مخالفاً بعد أن يكون متوجهاً من ابتداء بهذه الصفة إلى انتهاء بهذه الصفة‏.‏

وربما وصل إلى الغاية وربما انقطع دونه وربما جاوزه‏.‏

وحين ينقطع فربما ينقطع في وسطه بفترة وقد يفعل خلاف الانقطاع وهو أن يقع في وسطه‏.‏

وذو الفترة من النبض هو المختلف الذي يتوقع فيه حركة فيكون سكون والواقع في الوسط هو المختلف الذي حيث يتوقع فيه سكون فيكون حركة‏.‏

وأما اختلاف النبض في أجزاء كثيرة من نبضة واحدة فإما في وضع أجزائها أو في حركة أجزائها‏.‏

أما الإختلاف الذي في وضع الأجزاء فهو اختلاف نسبة أجزاء العرق إلى الجهات ولأن وأما الاختلاف في الحركة فإما في السرعة والإبطاء وإما في التأخر والتقدم أعني أن يتحرك جزء قبل وقت حركته أو بعد وقته وإما في القوة والضعف وإما في العظم والصغر وذلك كله إما جار على ترتيب مستو أو ترتيب مختلف بالتزيد والتنقص وذلك إما في جزأين أو ثلاثة أو أربعة أعني مواقع الأصابع وعليك التركيب والتأليف‏.‏

وأما اختلاف النبض في جزء واحد فمنه المنقطع ومنه العائد ومنْه المتّصل‏.‏

والمنقطع هو الذي ينفصل في جزء واحد بفترة حقيقية والجزء الواحد المفصول منه بالفترة قد يختلف طرفاه بالسرعة والبطء والتشابه‏.‏

وأما العائد فأن يكون نبض عظيم رجع صغيراً في جزء واحد ثم عاد عودة لطيفة‏.‏

ومن هذا النوع النبض المتداخل وهو أن يكون نبض كنبضتين بسبب الإختلاف أو بنقصان كنبض لتداخلهما وعلى حسب رأي المختلفين في ذلك‏.‏

وأما المتصل فهو الذي يكون اختلافه متدرجاً على اتصاله غير محسوس الفصل فيما يتغير إليه من سرعة إلى بطء أو بالعكس أو إلى الاعتدال أو من اعتدال فيهما أو من عظم أو صغر أو اعتدال فيهما إلى شيء مما ينتقل إليه‏.‏

وهذا قد يستمر على التشابه وقد يتفق أن يكون مع اتصاله في بعض الأجزاء أشد اختلافاً وفي بعضها أقل‏.‏

أصناف النبض المركب المخصوص فمنه الغزالي وهو المختلف في جزء واحد إذا كان بطيئاً ثم ينقطع فيسرع ومنه الموجي وهو المختلف في عظم أجزاء العروق وصغرها أو شهوقها‏.‏

وفي العرض وفي التقدم والتأخر في مبتدأ حركة النبض مع لين فيه وليس بصغير جداً وله عرض ما وكأنه أمواج يتلو بعضها بعضاً على الاستقامة مع اختلاف بينها في الشهوق والانخفاض والسرعة والبطءء ومنه الدودي وهو شبيه به إلا أنه صغير شديد التواتر يوهم تواتره سرعة وليس بسريع‏.‏

والنملي أصغر جداً أو أشد تواتراً والدودي والنملي اختلافهما في الشهوق وفي التقدم والتأخر أشد ظهوراً في الجس من اختلافهما في العرض بل عسى ذلك أن لا يظهر‏.‏

ومنه المنشاري وهو شبيه بالموجي في اختلاف الأجزاء في الشهوق والعرض وفي التقدم والتأخًر إلا أنه صلب ومع صلابته مختلف الأجزاء في صلابته فالمنشاري نبض سريع متواتر صلب مختلف الأجزاء في عظم الانبساط والصلابة واللين‏.‏

ومنه ذنب الفار وهو الذي يتدرّج في اختلاف أجزاء من نقصان إلى زيادة ومن زيادة إلى نقصان وذنب الفار قد يكون في نبضات كثيرة وقد يكون في نبضة واحدة في أجزاء كثيرة أو في جزء واحد‏.‏

واختلافه الأخصّ هو الذي يتعلق بالعظم وقد يكون باعتبار البطء والسرعة والقوة والضعف‏.‏

ومنه المسلّي وهو الذي يأخذ من نقصان إلى حد في الزيادة ثم يتناكس على الولاء إلى أن يبلغ الحد الأول في النقصان فيكون كذنبي فار يتصلان عند الطرف الأعظم ومنه ذو القرعتين‏.‏

والأطباء مختلفون فيه فمنهم من يجعله نبضة واحدة مختلفة في التقدم والتأخر ومنهم من يقول إنهما نبضتان متلاحقتان‏.‏

وبالجملة ليس الزمان بينهما بحيث يتسع لانقباض ثم انبساط وليس كل ما يحس منه قرعتان يجب أن يكون نبضتين وإلا لكان المنقطع الإنبساط العائد نبضتين‏.‏

وإنما يجب أن يعد نبضتين إذا ابتدأ فانبسط ثم عاد إلى العمق منقبضاً ثم صار مرة أخرى منبسطاً‏.‏

ومنه ذو الفترة والواقع في الوسط المذكوران والفرق بين الواقع في الوسط وبين الغزالي أن الغزالي تلحق فيه الثانية قبل انقضاء الأولى وأما الواقع في الوسط فتكون النبضة الطارئة فيه في زمان السكون وانقضاء القرعة الأولى‏.‏

ومن هذه الأبواب النبض المتشنج والمرتعش والملتوي الذي كأنه خيط يلتوي وينفتل وهي من باب الاختلاف في التقدم والتأخر والوضع والعرض‏.‏

والمتوتر جنس من جملة الملتوي يشبه المرتعد إلا أن الانبساط في المتواتر أخفى وكذلك الخروج عن استواء الوضع في الشهوق في المتواتر أخفى وأما الثمود فهو في المتواتر واضح وربما كان الميل منه إلى جانب واحد فقط‏.‏

وأكثر ما تعرض أمثال المتواتر والملتوي والمائل إلى جانب إنما يعرض

 الفصل الرابع في الطبيعي من أصناف النبض

كل واحد من الأجناس المذكورة التي تقتضي تفاوتاً في زيادة ونقصان فالطبيعي منها هو المعتدل إلا القوي منها فإن الطبيعي فيه هو الزائد وإن كان شيء من الأصناف الآخر إنما زاد تابعاً للزيادة في القوة فصار أعظم مثلاً فهو طبيعي لأجل القوى‏.‏

وأما الأجناس التي لا تحتمل الأزيد والأنقص فإن الطبيعي منها هو المستوى والمنتظم وجيد الوزن‏.‏

 الفصل الخامس أسباب أنواع النبض المذكورة

أسباب النبض‏:‏ منها أسباب عامة ضرورية ذاتية داخلة في تقويم النبض وتسمى الماسكة ومنها أسباب غير داخلة في تقويم النبض وهذه منها لازمة مغيّرة بتغيرها لأحكام النبض وتسمّى الأسباب اللازمة ومنها غير لازمة وتسمى المغيرة على الإطلاق‏.‏

والأسباب الماسكة ثلاثة‏:‏ القوة الحيوانية المحرّكة للنبض التي في القلب وقد عرفتها في باب القوى الحيوانية‏.‏

والثاني الآلة‏:‏ وهي العرف النابض وقد عرفته في ذكر الأعضاء‏.‏

والثالث الحاجة إلى التطفئة وهو المستدعي لمقدار معلوم من التطفئة ويتجدد بإزاء حدّ الحرارة في اشتعالها أو انطفائها أو اعتدالها‏.‏

وهذه الأسباب الماسكة تتغير أفعالها بحسب ما يقترن بها من الأسباب اللازمة والمغترة على الإطلاق‏.‏

 الفصل السادس موجبات الأسباب الماسكة وحدها

إذا كانت الالة مطاوعة للينها والقوة قوية والحاجة شديدة إلى التطفئة كان النبض عظيماً‏.‏

والحاجة أعون الثلاثة على ذلك فإن كانت القوة ضعيفة تبعها صفر النبض لا محالة فإن كانت الآلة صلبة مع ذلك والحاجة يسيرة كان أصغر‏.‏

والصلابة قد تفعل الصغر أيضاً إلا أن الصغر الذي سببه الصلابة ينفصل عن الصغر الذي سببه الضعف بأنه يكون صلباً ولا يكون ضعيفاً ولا يكون في القصر والإنخفاض مفرطاً كما يكون عند ضعف القوة‏.‏

وقلة الحاجة أيضاً تفعل الصغر ولكن لا يكون هناك ضعف ولا شيء في هذه الثلاثة يوجب الصغر بمبلغ إيجاب الضعف وصغر الصلابة مع القوة أزيد من صغرعدم الحاجة مع القوة لأن القوة مع عدم الحاجة لا تنقص من المعتدل شيئاً كثيراً إذ لا مانع له عن البسط وإنما يميل إلى ترك زيادة على الاعتدال كثيرة لاحاجة إليها فإن كانت الحاجة شديدة والقوة قوية والآلة غير مطاوعة لصلابتها للعظم فلا بد من أن يصير سريعاً ليتدارك بالسرعة ما يفوت بالعظم وأن كانت القوة ضعيفة فلم يتأت لا تعظيم النبض ولا إحداث السرعة فيه فلا بد من أن يصير متواتراً ليتدارك بالتواتر ما فات بالعظم والسرعة فتقوم المرار الكثيرة مقام مرة واحدة كافية عظيمة أو مرتين سريعتين وقد يشبه هذا حال المحتاج إلى حمل شىء ثقيل فإنه إن كان يقوى على حمله جملة فعل وإلا قسمه بنصفين واستعجل وإلا قسمه أقساماً كثيرة فيحمل كل قسم كما يقدر عليه بتؤدة أو عجلة ثم لا يريث بين كل نقلتين وان كان بطيئاً فيهما اللهم إلا أن يكون في غايه الضعف فيريث وينقل بكد ويعود ببطء فإن كانت القوة قوية والآلة مطاوعة لكن الحاجة شديدة أكثر من الشدة المعتدلة فإن القوة تزيد مع العظم سرعة وإن كانت الحاجة أشد فعلت مع العظم والسرعة التواتر‏.‏

والطول يفعله إما بالحقيقة فأسباب العظم إذا منع مانع عن الاستعراض والشهوق كصلابة الآلة مثلاً المانعة عن الاستعراض وكثافة اللحم والجلد المانعة عن الشهوق وإما بالعرض فقد يعين عليه الهزال‏.‏

والعرض يفعله إما خلاء العروق فيميل الطبقة العالية على السافلة فيستعرض أو شدة لين الآلة‏.‏

والتواتر سببه ضعف أو كثرة حاجة لحرارة‏.‏

والتفاوت سببه قوة قد بلغت الحاجة في العظم أو برد شديد قفل من الحاجة أوغاية من سقوط القوة ومشارفة الهلاك‏.‏

وأسباب ضعف النبض من المغيرات الهم والأرق والاستفراغ والتحول والخلط الرديء والرياضة المفرطة وحركات الأخلاط وملاقاتها لأعضاء شديدة الحس ومجاورة للقلب وجميع ما يحلل‏.‏

وأسباب صلابة النبض يبس جرم العرق أو شدّة تمدده أو شدة برد مجمد وقد يصلب النبض في النجارين لشدة المجاهدة وتمدد الأعضاء لها نحو جهة دفع الطبيعة‏.‏

وأسباب لينه الأسباب المرطبة الطبيعية كالغذاء أو المرطبة المرضية كالاستسقاء وليثيارغوس أو التي ليست بطبيعية ولا مرضية كالاستحمام‏.‏

وسبب اختلاف النبض مع ثبات القوة ثقل مادة من طعام أو خلط ومع ضعف القوة مجاهدة العلة والمرض‏.‏

ومن أسباب الاختلاف امتلاء العروق من الدم‏.‏

ومثل هذا يزيله الفصد وأشد ما يوجب الاختلاف أن يكون الدم لزجاً خانقاً للروح المتحرك في الشرايين وخصوصاً إذا كان هذا التراكم بالقرب من القلب ومن أسبابه التي توجبه في مدة قصيرة امتلاء المعدة والفم والفكر في شيء وإذا كان في المعدة خلط رديء لا يزال دم الإختلاف وربما أدى إلى الخفقان فصار النبض خفقانياً‏.‏

وسبب المنشاري إختلاف المصبوب في جرم العرق في عفنه وفجاجته ونضجه واختلاف أحوال العرق في صلاته ولينه وورم في الأعضاء العصبانية‏.‏

وذو القرعتين سببه شدة القوة والحاجة وصلابه الآلة فلا تطاوع لما تكلفها القوة من الإنبساط دفعة واحده كمن يريد أن يقطع شيئاً بضربة واحدة فلا يطاوعه فيلحقها أخرى وخصوصاً إذا تزايدت الحاجة دفعة وسبب النبض الفأري أن تكون القوة ضعيفة فتأخذ عن اجتهاد إلى استراحة ويتدرج ومن استراحة إلى اجتهاد والثابت على حالة واحدة أدل على ضعف القوه فذب الفأر وما يشبهه أدل على قوة ما وعلى أن الضعف ليس في الغاية وأردؤه الذنب المنقضي ثم الثابت ثم الذنب الراجع‏.‏

وسبب ذات الفترة إعياء القوة واستراحتها أو عارض مغافص يتصرف إليه فيها النفس والطبيعة دفعة‏.‏

وسبب النبض المتشنج حركات غير طبيعية في القوة ورداءة في قوام ىلآلة‏.‏

والنبض المرتعد ينبعث من قوة ومن آلة صلبة وحاجة شديدة ومن دون ذلك لا يجب ارتعاده - والموجي قد يكون سبيه ضعف القوة في الأكثر فلا يتمكن أن يبسط الأشياء بعد شيء ولين الألة قد يكون سبباً له وإن لم تكن القوة شديدة الضعف لأن الألة الرطبة اللينة لا تقبل الهز والتحريك النافذ في جزء حر قبول اليابس الصلب فإن اليبوسة تهيىء للهز والإرعاد والصلب اليابس يتحرك آخره من تحريك أوله‏.‏

وأما الرطب اللين فقد يجوز أن يتحرك منه جزء ولا ينفعل عن حركته جزء آخر لسرعة قبوله للإنفصال والإنثناء والخلاف قي الهيئة‏.‏

وسبب النبض الدودي والنملي شدة الضعف حتى يجتمع إبطاء وتواتر واختلاف في أجزاء النبض لأن القوة لا تستطيع بسط الآلة دفعة واحدة بل شيئاً بعد شيء‏.‏

وسبب النبض الوزن أما إن كان النقص في أحوال زمان السكون فهو زيادة الحاجة وأما إن كان قي أحوال زمان الحركة فهو زيادة الضعف أو عدم الحاجة وأما نقص زمان الحركة بسبب سرعة الإنبساط فهو غير هذا‏.‏

وسبب الممتلىء والخالي والحار والبارد والشاهق والمنخفض ظاهر‏.‏

 الفصل السابع نبض الذكور والإناث ونبض الأسنان

نبض الذكور لشدة قوتهم وحاجتهم أعظم وأقوى كثيراً ولأن حاجتهم تتم بالعظم فنبضهم أبطأ من نبض النساء تفاوتاً في الأمر الأكثر وكل نبض تثبت فيه القوة وتتواتر فيجب أنا يسرع لا محالة لأن السرعة قبل التواتر فلذلك كما أن نبض الرجال أبطأ فكذلك هو أشد تفاوتاً‏.‏

ونبض الصبيان ألين للرطوبة وأضعف وأشد تواتراً لأن الحرارة قوية والقوة ليست بقوية فإنهم غير مستكملين بعد‏.‏

ونبض الصبيان على قياس مقادير أجسادهم عظيم لأن آلتهم شديدة اللين وحاجتهم شديدة وليست قوتهم بالنسبة إلى مقادير أبدانهم ضعيفة لأن أبدانهم صغيرة المقدار إلا أن نبضهم بالقياس إلى نبض المستكملين ليس بعظيم ولكنه أسرع وأشد تواتراً للحاجة فإن الصبيان يكثر فيهم اجتماع البخار الدخاني لكثرة هضمهم وتواتره فيهم ويكثر لذلك حاجتهم إلى إخراجه وإلى ترويح حارهم الغريزي‏.‏

وأما نبض الشبان فزائد في العظم وليس زائداً في السرعة بل هو ناقص فيها جداً وفي التواتر وذاهب إلى التفاوت لكن نبض الذين هم في أول الشباب أعظم ونبض الذين هم في أواسط الشباب أقوى وقد كنا بينا أن الحرارة في الصبيان والشبان قريبة من التشابه فتكون الحاجة فيهما متقاربة لكن القوة في الشبان زائدة فتبلغ بالعظم ما يغني عن السرعة والتواتر وملاك الأمر في إيجاب العظم هو القوة وأما الحاجة فداعية وأما الآلة فمعينة‏.‏

ونبض الكهول أصغر وذلك للضعف وأقل سرعة لذلك أيضاً ولعدم الحاجة وهو لذلك أشد تفاوتاً ونبض الشيوخ الممعنين في السن صغير متفاوت بطيء وربما كان ليناً بسبب الرطوبات الغريبة لا الغريزية‏.‏

 الفصل الثامن المزاج الحار

أشد حاجة فإن ساعدت القوة والآلة كان النبض عظيماً وإن خالف أحدهما كان على ما فصل فيما سلف وإن كان الحار ليس سوء مزاج بل طبيعياً كان المزاج قوياً صحيحاً والقوة قوية جداً ولا تظنن أن الحرارة الغريزية يوجب تزايدها نقصاناً في القوة بالغة ما بلغت بل توجب القوة في الجوهر الروحي والشهامة في النفس والحرارة التابعة لسوء المزاج كلما ازدادت شدة ازدات القوة ضعفاً‏.‏

وأما المزاج البارد فيميل النبض إلى جهات النقصان مثل الصغر خصوصاً والبطء والتفاوت فإن كانت الآلة لينة كان عرضها زائداً وكذلك بطؤها وتفاوتها وإن كانت صلبة كانت دون ذلك‏.‏

والضعف الذي يورثه سوء المزاج البارد أكثر من الذي يورثه سوء المزاج الحار لأن الحار أشد موافقة للغريزية‏.‏

وأما المزاج الرطب فتتبعه الموجية والاستعراض واليابس يتبعه الضيق والصلابة ثم إن كانت القوة قوية والحاجة شديدة حدث ذو القرعتين والمتشنّج والمرتعش ثم إليك أن تركب على حفظ منك للأصول‏.‏

وقد يعرض لإنسان واحد أن يختلف مزاج شقيه فيكون أحد شقيه بارداً والآخر حاراً فيعرض له أن يكون نبضا شقّيه مختلفين الاختلاف الذي توجبه الحرارة والبرودة فيكون الجانب الحار نبضه نبض المزاج الحار والجانب البارد نبضه نبض المزاج البارد ومن هذا يعلم أن النبض في انبساطه وانقباضه ليس على سبيل مد وجزر من القلب بل