الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.في إجَارَةِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ: قَالَ: قَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ إجَارَةِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَأَرَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِثْلَ هَذَا، وَأَرَى الْإِجَارَةَ فيهَا جَائِزَةً. .في إجَارَةِ الْمُصْحَفِ: قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: لِمَ جَوَّزَهُ مَالِكٌ؟ قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمُصْحَفِ فَلَمَّا جَوَّزَ مَالِكٌ بَيْعَهُ جَازَتْ فيهِ الْإِجَارَةُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمُصْحَفِ إنَّمَا يَبِيعُ الْوَرَقَ وَالْحِبْرَ وَالْعَمَلَ. ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمَكْحُولٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَ بِبَيْعِ الْمَصَاحِفِ بَأْسًا. ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ ابْنُ مُصَيَّحٍ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ في ذَلِكَ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ أَحْسِبَهُ قَالَ: في زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَيَبِيعُهَا وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ: وَلَا رَأَيْنَا أَحَدًا بِالْمَدِينَةِ يُنْكِرُ ذَلِكَ قَالَ: وَكُلُّهُمْ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا. سَحْنُونٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ زِيَادٍ مَوْلًى لِسَعْدٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ عَنْ بَيْعِ الْمَصَاحِفِ وَالتِّجَارَةِ فيهَا فَقَالَا لَا نَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ مُتَّجَرًا وَلَكِنْ مَا عَمِلَتْ يَدَاكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ في بَيْعِ الْمَصَاحِفِ وَشِرَائِهَا: لَا بَأْسَ بِهِ. .بَابٌ في إجَارَةِ الْمُعَلِّمِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ وَلَدَهُ الْقُرْآنَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِدِرْهَمٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ: اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ وَلَدَهُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِالسُّدُسِ أَيْضًا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ في الْجَمِيعِ. قُلْت: فَإِنْ: اسْتَأْجَرْته يُعَلِّمُ وَلَدِي الْكِتَابَةَ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في إجَارَةِ الْمُعَلِّمِينَ سَنَةً سَنَةً: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَاَلَّذِي يَسْتَأْجِرُهُ يُعَلِّمُ وَلَدَهُ الْكِتَابَةَ وَحْدَهَا لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ في إجَارَةِ الْمُعَلِّمِينَ سَنَةً سَنَةً. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا يُعَلِّمُ وَلَدِي الْفِقْهَ وَالْفَرَائِضَ أَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْفَرَائِضِ، فَأَنَا أَرَى الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ ذَلِكَ لَا تُعْجِبُنِي وَالْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِهِمَا أَشَرُّ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَلِّمْ غُلَامِي هَذَا الْكِتَابَ سَنَةً أَوْ الْقُرْآنَ سَنَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ بَيْنِي وَبَيْنَك؟ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدُهُمَا عَلَى بَيْعِ مَا لَهُ فيهِ قَبْلَ السَّنَةِ؛ فَهَذَا فَاسِدٌ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ السَّنَةِ أَيْضًا ذَهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا. عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ الْكِتَابَ عَلَى عَهْدِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفيانَ وَيَشْتَرِطُ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَجْرُ الْمُعَلِّمِ عَلَى تَعْلِيمِ الْكِتَابِ أَعَلِمْتَ أَحَدًا كَرِهَهُ قَالَ لَا وَأَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَدِمَ بِرَجُلٍ مِنْ الْعِرَاقِ يُعَلِّمُ أَبْنَاءَهُمْ الْكِتَابَ بِالْمَدِينَةِ وَيُعْطُونَهُ عَلَى ذَلِكَ الْأَجْرَ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عَنْ مُعَلِّمِ الْكِتَابِ الْغِلْمَانَ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كُلُّ مَنْ سَأَلْتُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَرَى بِتَعْلِيمِ الْغِلْمَانِ بِالْأَجْرِ بَأْسًا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ الْكِتَابَ بِالْمَدِينَةِ وَيُعْطُونَهُ عَلَى ذَلِكَ الْأَجْرَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى تَعْلِيمِ الْغِلْمَانِ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَطَ مَعَ مَالِهِ في ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا مَعْلُومًا كُلُّ فِطْرٍ وَأَضْحَى؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. .في إجَارَةِ تَعْلِيمِ مُعَلَّمِي الصِّنَاعَاتِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعْتُهُ إلَيْهِمْ لِيُعَلِّمُوهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِعَمَلِ الْغُلَامِ سَنَةً؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ أَجَوْزُ. .في إجَارَةِ مُعَلِّمِ الشِّعْرِ وَكِتَابَتِهِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت كَاتِبًا يَكْتُبُ لِي شِعْرًا أَوْ نَوْحًا أَوْ مُصْحَفًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا كِتَابُ الْمُصْحَفِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَمَّا الشِّعْرُ وَالنَّوْحُ فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَا يُعْجِبُنِي؛ لِأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ تُبَاعَ كُتُبُ الْفِقْهِ، فَكُتُبُ الشِّعْرِ أَحْرَى أَنْ يَكْرَهَهَا. .في إجَارَةِ قِيَامِ رَمَضَانَ وَالْمُؤَذِّنِينَ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ في ذَلِكَ قَالَ: قُلْت: لِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْإِجَارَةَ في الْحَجِّ، فَكَيْفَ لَا يَكْرَهُ الْإِجَارَةَ في الصَّلَاةِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْمَكْتُوبَةَ؟ قَالَ: كَرِهَهُ مَالِكٌ في النَّافِلَةِ فَهُوَ عِنْدِي في الْمَكْتُوبَةِ أَشَدُّ كَرَاهِيَةً. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا عَلَى أَنْ يُؤَذِّنَ لَهُمْ وَيُقِيمَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ اسْتَأْجَرُوهُ عَلَى أَنْ يُؤَذِّنَ لَهُمْ وَيُقِيمَ لَهُمْ وَيُصَلِّيَ بِهِمْ صَلَاتَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّمَا جَوَّزَ مَالِكٌ هَذِهِ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَ الْإِجَارَةَ في هَذَا عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقِيَامِهِ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَقَعْ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الصَّلَاةِ بِهِمْ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْرَى عَلَى سَعْدٍ الْقَرَظِ وَالْمُؤَذِّنِ رِزْقًا وَكَانَ يَجْرِي عَلَيْهِ وَعَلَى مُؤَذِّنِي أَهْلِ بَيْتِهِ. .في إجَارَةِ دَفَاتِرِ الشِّعْرِ أَوْ الْغِنَاءِ: قَالَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا. قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُبَاعُ دَفَاتِرُ فيهَا الْفِقْهُ، وَكَرِهَ بَيْعَهَا وَمَا أَشُكُّ أَنَّ مَالِكًا إذَا كَرِهَ بَيْعَ كُتُبِ الْفِقْهِ إنَّهُ لِبَيْعِ كُتُبِ الشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ أَكْرَهُ، فَلَمَّا كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ هَذِهِ الْكُتُبِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فيهَا عَلَى أَنْ يَقْرَأَ فيهَا غَيْرَ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فيهِ. قُلْت: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْغِنَاءَ؟ قَالَ: كَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ، فَكَيْفَ لَا يَكْرَهُ الْغِنَاءَ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ وَيَشْتَرِطُ أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ فَهَذَا مِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْغِنَاءَ. قُلْت: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ إنْ بَاعُوا هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَشَرَطُوا أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: لَمْ أَحْفَظْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ كَرِهَهُ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَأَرَى أَنْ يُفْسَخَ هَذَا الْبَيْعُ. .بَابٌ في إجَارَةِ الدِّفَافِ في الْعُرْسِ: قَالَ: كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الدِّفَافَ وَالْمَعَازِفَ كُلَّهَا في الْعُرْسِ وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَضَعَّفَهُ وَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ. .بَابٌ في الْإِجَارَةِ في الْقَتْلِ وَالْأَدَبِ: قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في ذَلِكَ شَيْئًا وَلَا أَرَى لَهُ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا: قُلْت: فَإِنْ كَانَ قَدْ وَجَبَ لِي عَلَى رَجُلٍ الْقِصَاصُ فَقُلْت لِرَجُلٍ: اضْرِبْ عُنُقَهُ بِدِرْهَمٍ فَفَعَلَ؟ قَالَ: الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: في أَجْرِ الطَّبِيبِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَالطَّبِيبُ يَقْطَعُ وَيَبُطُّ فَأَرَى مَسْأَلَتَكَ في الْقَتْلِ في الْقِصَاصِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ في أَجْرِ الطَّبِيبِ أَنَّهُ جَائِزٌ. سَحْنُونٌ، عَنْ ابْنِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ السَّبْعَةَ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلُ فِقْهٍ وَفَضْلٍ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ في الْجُرْحِ فيمَا دُونَ الْمُوَضَّحَةِ: إذَا بَرِئَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ إنَّمَا فيهِ أَجْرُ الْمُدَاوِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا يَضْرِبُ لِي ابْنًا لِي كَذَا وَكَذَا دِرَّةً بِدِرْهَمٍ أَوْ عَبْدًا لِي كَذَا وَكَذَا سَوْطًا أَدَبًا لَهُمَا بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَتَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْأَدَبِ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا عَلَى مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَنْبَغِي فيهِ الْإِجَارَةُ عُوقِبَ الْمُسْتَأْجِرُ وَكَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْقِصَاصُ. .في إجَارَةِ الْأَطِبَّاءِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الْأَطِبَّاءِ: إذَا اُسْتُؤْجِرُوا عَلَى الْعِلَاجِ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْبُرْءِ فَإِنْ بَرَأَ فَلَهُ حَقُّهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَكُونَا شَرَطَا شَرْطًا حَلَالًا فينْفُذُ بَيْنَهُمَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى إنْ اشْتَرَطَ أَنْ يُكَحِّلَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَنْقُدْهُ قَالَ: فَإِنْ بَرَأَ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ لِلطَّبِيبِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ ذَلِكَ. قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ الْعَيْنَيْنِ فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَحِّلَهُ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ وَيُكَحِّلَهُ كُلَّ يَوْمٍ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ هَذَا قَدْ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَطَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ يَتَوَقَّعُ بُرْؤُهُ وَإِنَّمَا هَذَا رَجُلٌ شَرَطَ عَلَى الْكَحَّالِ أَنْ يُكَحِّلَهُ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ وَهُوَ صَحِيحُ الْعَيْنَيْنِ بِالْإِثْمِدِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْإِجَارَةُ فيهِ جَائِزَةٌ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَيَجُوزُ فيهِ النَّقْدُ. .بَابٌ في إجَارَةِ قُسَّامِ الْقَاضِي: قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَكَرِهَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ كَانَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَمُجَاهِدٌ يَقْسِمَانِ مَعَ الْقُضَاةِ وَيَحْسِبَانِ وَلَا يَأْخُذَانِ لِذَلِكَ جُعْلًا. .بَابٌ في إجَارَةِ الْمَسْجِدِ: قَالَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا في رَأْيِي؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَا تُبْنَى لِلْكِرَاءِ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَبْنِي مَسْجِدًا، ثُمَّ يَبْنِي فَوْقَهُ بَيْتًا؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَبِيتُ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِالْمَدِينَةِ في الصَّيْفِ وَكَانَ لَا تَقْرَبَهُ فيهِ امْرَأَةٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا الَّذِي يَبْنِي فَوْقَ الْمَسْجِدِ يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَهُ مَسْكَنًا يَسْكُنُ فيهِ بِأَهْلِهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ مَالِكٌ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْتًا، وَسَكَنَهُ صَارَ فيهِ مَعَ أَهْلِهِ، فَصَارَ يَطَؤُهَا عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ. قَالَ: كَرِهَهُ مَالِكٌ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً. .فيمَنْ آجَرَ بَيْتَهُ لِيُصَلِّيَ فيهِ: قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ أَكْرَى بَيْتَهُ كَمَنْ أَكْرَى مَسْجِدًا فَالْإِجَارَةُ فيهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ في الْمَسَاجِدِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا شَيْئًا وَلَكِنَّ مَالِكًا كَرِهَ أَنْ يُعْطَى الرَّجُلُ أَجْرًا عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ في رَمَضَانَ. قَالَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَاجِرَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فيهِ رَمَضَانَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَكْرَيْتُ دَارًا لِي عَلَى أَنْ يَتَّخِذُوهَا مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ. قُلْت: فَإِذَا مَضَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ؟ قَالَ: إذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَتْ الدَّارُ إلَى رَبِّهَا. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: فَإِذَا رَجَعَتْ الدَّارُ إلَى رَبِّهَا لِمَنْ يَكُونُ نَقْضُ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: لِأَهْلِ النَّقْضِ الَّذِينَ اشْتَرَوْهَا وَبَنَوْا الْمَسْجِدَ فَالنَّقْضُ لَهُمْ. .بَابٌ في إجَارَةِ الْكَنِيسَةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَارِهِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَلَا يُؤَاجِرُ دَارِهِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَلَا يَبِيعُ شَاتَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْتَرُونَهَا لِيَذْبَحُوهَا لِأَعْيَادِهِمْ؟ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُكْرِي دَابَّتَهُ مِنْهُمْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ إنَّمَا اسْتَكْرَوْهَا لِيَرْكَبُوهَا إلَى أَعْيَادِهِمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ في عَمَلِ كَنِيسَةٍ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ في شَيْءٍ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُكْرِي دَارِهِ وَلَا يَبِيعَهَا مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً. قُلْت: أَرَأَيْتَ هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَيْسَ لِلنَّصَارَى أَنْ يُحْدِثُوا الْكَنَائِسَ في بِلَادِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ. قُلْت: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذُوا الْكَنَائِسَ أَوْ يُحْدِثُونَهَا في قُرَاهُمْ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا هَلْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَتَّخِذُوا الْكَنَائِسَ في بِلَادِ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَيْءٌ أَعْطَوْهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا أَرَى أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ في قُرَاهُمْ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْبِلَادَ بِلَادُهُمْ يَبِيعُونَ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِلَادَهُمْ غَلَبَهُمْ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَافْتَتَحُوهَا عَنْوَةً فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا فيهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْبِلَادَ بِلَادُ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا وَلَا أَنْ يُوَرِّثُوهَا وَهِيَ فيءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فيهَا شَيْءٌ، فَلِذَلِكَ لَا يُتْرَكُونَ، وَأَمَّا مَا سَكَنَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ افْتِتَاحِهِمْ وَكَانَتْ مَدَائِنُهُمْ الَّتِي اخْتَطُّوهَا مِثْلَ الْفُسْطَاطِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ شَيْءٌ أَعْطَوْهُ فيوفي لَهُمْ بِهِ لِأَنَّ سِكَكَ الْمَدَائِنِ قَدْ صَارَتْ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ مَالًا لَهُمْ يَبِيعُونِ وَيُوَرِّثُونَ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الصُّلْحِ فيهَا حَقٌّ، فَقَدْ صَارَتْ مَدَائِنُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَمْوَالًا لَهُمْ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ أَنْ يَتَّخِذُوا في بِلَادِ الْإِسْلَامِ كَنِيسَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فيحْمَلُونَ عَلَى عَهْدِهِمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ بِلَادٍ اُفْتُتِحَتْ عَنْوَةً وَأُقِرُّوا فيهَا وَقَفَتْ الْأَرْضُ لِأُعْطِيَّاتِ الْمُسْلِمِينَ وَنَوَائِبِهِمْ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ الَّتِي في قُرَاهُمْ الَّتِي أُقِرُّوا فيهَا وَلَا مِنْ أَنْ يَتَّخِذُوا فيهَا كَنَائِسَ؛ لِأَنَّهُمْ أَقَرُّوا فيهَا عَلَى ذِمَّتِهِمْ وَعَلَى مَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِعْلُهُ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ خَرَاجُ قُرَاهُمْ الَّتِي أُقِرُّوا فيهَا وَإِنَّمَا الْخَرَاجُ عَلَى الْأَرْضِ. .بَابٌ في إجَارَةِ الْخَمْرِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَصْلُحُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَلَا أَرَى لَهُ أَنَا مِنْ الْإِجَارَةِ الَّتِي سَمَّى وَلَا مِنْ إجَارَةِ مِثْلِهِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي في الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ يَبِيعُ خَمْرًا قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْ ثَمَنِهَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا فَالْكِرَاءُ عِنْدِي بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ لَا أَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْ الْإِجَارَةِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا. قُلْت: لَهُ وَكَذَلِكَ إنْ آجَرَ حَانُوتَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ يَبِيعُ فيهَا خَمْرًا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ في ذَلِكَ وَأَرَى الْإِجَارَةَ بَاطِلًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَأَرَى كُلَّ مُسْلِمٍ آجَرَ نَفْسَهُ أَوْ غُلَامَهُ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ دَارِهِ أَوْ بَيْتَهُ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يَمْلِكُهُ في شَيْءٍ مِنْ الْخَمْرِ فَلَا أَرَى لَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَلَكِنْ يَفْعَلُ فيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ مَا وَصَفْتُ لَكَ في ثَمَنِ الْخَمْرِ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ كُلْثُومٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَا تُغْلِقْ عَلَيْكَ وَعَلَى الْخَمْرِ بَابَ دَارٍ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ كُلْثُومٍ أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ غِلْمَانٍ لَهُ يَعْمَلُونَ بِالسُّوقِ عَلَى دَوَابّ لَهُ فَرُبَّمَا حَمَلْتُ خَمْرًا قَالَ: فَنَهَانِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ وَقَالَ: إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ الْبَيْتَ الَّذِي فيهِ الْخَمْرُ فَلَا تَدْخُلْهُ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَامِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إنَّ لِي إبِلًا تَعْمَلُ في السُّوقِ رَيْعُهَا صَدَقَةٌ تَحْمِلُ الطَّعَامَ وَإِذَا لَمْ تَجِدْ فَرُبَّمَا حَمَلَتْ خَمْرًا، فَقَالَ: لَا يَحِلُّ ثَمَنُهَا وَلَا كِرَاؤُهَا وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا في شَيْءٍ كَانَ مِنْهَا فيهِ سَبَبٌ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ هَلْ يُكْرِي الرَّجُلُ دَابَّتَهُ مِمَّنْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا خَمْرًا؟ فَقَالَ: لَا يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ عَبْدَهُ في شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الْخَمْرِ وَلَا مِنْ حِفْظِهَا وَمَا أَحَلَّ اللَّهُ أَوْسَعُ وَأَطْيَبُ مِنْ أَنْ يُؤَاجِرَ عَبْدَهُ في مِثْلِ هَذَا، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ مِثْلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَمِيرَةَ الْمَعَافِرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ حَاجًّا أَنَا وَصَاحِبٌ لِي حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَأَكْرَى صَاحِبٌ لِي جَمَلَهُ مِنْ صَاحِبِ خَمْرٍ فَأَخْبَرَنِي فَذَهَبْنَا إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ الْكِرَاءِ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا خَيْرَ فيهِ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيِّ وَجَاءَهُ غُلَامٌ لَهُ يَوْمًا بِفُلُوسٍ فَاسْتَكْثَرَهَا وَقَالَ: كُنْتُ أَعْمَلُ في عَصِيرِ الْخَمْرِ قَالَ: فَأَخَذَهَا ضَمْضَمُ مِنْهُ، ثُمَّ نَبَذَهَا في عَرْضِ بَحْرِ الْبُرُلُّسِ وَكَانُوا بِالْبُرُلُّسِ مُرَابِطِينَ. .بَابٌ في إجَارَةِ رَعْي الْخَنَازِيرِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في النَّصْرَانِيِّ يَبِيعُ مِنْ الْمُسْلِمِ خَمْرًا: إنَّ النَّصْرَانِيَّ يُضْرَبُ عَلَى بَيْعِهِ الْخَمْرَ مِنْ مُسْلِمٍ إذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ يَعْرِفُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَبَاعَهُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَدَبًا لِلنَّصْرَانِيِّ. قَالَ: وَأَرَى أَنْ يُؤْخَذَ الثَّمَنُ فيتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَدَبًا لِلنَّصْرَانِيِّ وَتُكْسَرَ الْخَمْرُ في يَدِ الْمُسْلِمِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى أَنْ تُؤْخَذَ الْإِجَارَةُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ فيتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَا يُعْطَاهَا هَذَا الْمُسْلِمُ أَدَبًا لِهَذَا الْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ أَيْضًا لَا تَحِلُّ لِهَذَا الْمُسْلِمِ إذَا كَانَتْ إجَارَتُهُ مِنْ رَعْيِ الْخَنَازِيرِ فَأَرَى أَنْ يُضْرَبَ هَذَا الْمُسْلِمُ أَدَبًا لَهُ فيمَا صَنَعَ مِنْ رَعْيِهِ الْخَنَازِيرَ وَرِضَاهُ بِالْأَجْرِ مِنْ رَعِيَّتِهِ الْخَنَازِيرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْذَرُ بِالْجَهَالَةِ، فيكَفَّ عَنْهُ في الضَّرْبِ وَلَا يُعْطَى مِنْ هَذِهِ الْإِجَارَةِ شَيْئًا وَيُتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَا تُتْرَكُ الْأُجْرَةُ لِلنَّصْرَانِيِّ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ في الْخَمْرِ. .بَابٌ في الْإِجَارَةِ عَلَى طَرْحِ الْمَيْتَةِ: قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مَاتَتْ في دَارِهِ شَاةٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ: احْمِلْهَا عَنِّي وَلَك جِلْدُهَا. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ في هَذِهِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَأْجِرُهُ بِجِلْدِ مَيْتَةٍ، وَجُلُودُ الْمَيْتَةِ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهَا، فَهَذَا قَدْ اسْتَأْجَرَهُ بِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. قُلْت: فَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تُبَاعُ جُلُودُ الْمَيْتَةِ دُبِغَتْ أَوْ لَمْ تُدْبَغْ وَلَا تُبَاعُ عَلَى حَالٍ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُصَلَّى عَلَى جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَلَا تُلْبَسُ؟ قَالَ مَالِكٌ: وَالِاسْتِقَاءُ في جُلُودِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ في نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ وَلَسْت أُشَدِّدُ فيهِ عَلَى غَيْرِي وَلَكِنِّي أَتَّقِيهِ في نَفْسِي خَاصَّةً وَلَا أُحَرِّمُهُ عَلَى النَّاسِ وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ عَلَيْهَا وَيُغَرْبَلُ عَلَيْهَا، فَهَذَا وَجْهُ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَهَذَا الَّذِي جَاءَ فيهِ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِجُلُودِهَا». قَالَ أَشْهَبُ: وَقَدْ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: مَا حَرُمَ أَكْلُهُ حَرُمَ ثَمَنُهُ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا». .في إجَارَةِ نَزْوِ الْفَحْلِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا اسْتَأْجَرَهُ يُنْزِيهِ أَعْوَامًا مَعْرُوفَةً بِكَذَا وَكَذَا، فَهَذَا جَائِزٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ يُنْزِيهِ شَهْرًا بِكَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ يُنْزِيهِ حَتَّى تَعْلَقَ الرَّمَكَةَ فَذَلِكَ فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ. قُلْت: مِنْ أَيِّ وَجْهٍ جَوَّزَ مَالِكٌ إجَارَةَ الْفَحْلِ قَدْ بَلَغَكَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ كَرِهُوهُ وَذَكَرُوهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا مِنْ الْغَرَرِ في الْقِيَاسِ قَالَ: إنَّمَا جَوَّزَهُ مَالِكٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَهُمْ عَلَيْهِ وَأَدْرَكَ النَّاسَ يُجِيزُونَهُ بَيْنَهُمْ فَلِذَلِكَ جَوَّزَهُ مَالِكٌ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَمَّنْ حَدَّثَهُ: أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا في الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ تَيْسٌ يُطْرِقُهُ الْغَنَمَ وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ الْجُعْلَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ في بَيْعِ ضَرْبِ الْحَمْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُحُولِ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا إذَا كَانَ لَهُ أَجَلٌ يَنْتَهِي إلَيْهِ ضِرَابُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَضْمَنُ لَهُ اللِّقَاحَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى أَصْحَابِهَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَعُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ طَرُوقَةِ جَمَلٍ تَحْمِلُ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَأَلْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَنَا دُورٌ فيهَا تُيُوسٌ تُكْرَى لِذَلِكَ وَأَبْنَاءُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَاءٌ فَلَمْ يَكُونُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ. .في إجَارَةِ الْبِئْرِ: قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ في دَارِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَمْنَعَهَا النَّاسَ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا فِنَاؤُهُ فَإِنِّي لَا أَعْرِفُ مَا الْفِنَاءُ إنْ كَانَ هُوَ إنَّمَا احْتَفَرَهُ لِلنَّاسِ صَدَقَةً يَسْتَقُونَ مِنْهَا، أَوْ لِمَاشِيَتِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَإِنْ كَانَ احْتَفَرَهَا لِيَحُوزَهَا لِنَفْسِهِ كَمَا يَحُوزُ مَا في دَارِهِ يَسْتَقِي بِهِ وَيَشْرَبُ مِنْهُ وَهِيَ أَرْضُهُ وَلَمْ يَحْفِرْهَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ لِلنَّاسِ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُكْرِيَهُ. قُلْت: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ بَيْعَ مَاءِ الْمَوَاجِلِ مَوَاجِلِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ بَيْعِ مَاءِ الْمَوَاجِلِ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ أَنْطَابُلُسَ فَكَرِهَ ذَلِكَ. قُلْت: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ بَيْعَ فَضْلِ مَاءِ الزَّرْعِ مِنْ الْعُيُونِ أَوْ الْآبَارِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ ذَلِكَ. قُلْت: فَهَلْ كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَ رِقَابِ آبَارِ مَاءِ الزَّرْعِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا. قُلْت: وَكَذَلِكَ الْعُيُونُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ أَصْلِهَا وَبَيْعِ مَائِهَا لِيَسْقِيَ بِهِ الزَّرْعَ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ بَيْعَ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُبَاعُ مَاؤُهَا؟ أَوْ يُبَاعُ أَصْلُهَا قَالَ: نَعَم. قُلْت: وَأَهْلُهَا أَحَقُّ بِمَائِهَا حَتَّى إذَا فَضَلَ عَنْهُمْ فَضْلٌ كَانَ النَّاسُ فيهِ أُسْوَةً؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ بَيْعَ آبَارِ الشَّفَةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الْبِئْرُ في دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ لَمْ أَرَ بَأْسًا أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يَبِيعَ مَاءَهَا. قُلْت: وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَجْعَلُ رَبَّهَا أَحَقَّ بِمَائِهَا مِنْ النَّاسِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَالْمَوَاجِلُ أَكَانَ مَالِكٌ يَجْعَلُ رَبَّهَا أَحَقَّ بِهَا؟ قَالَ: أَمَّا كُلُّ مَا احْتَفَرَهُ في دَارِهِ أَوْ في أَرْضِهِ يُرِيدُهُ لِنَفْسِهِ مِثْلُ مَا يُحْدِثُ النَّاسُ في دُورِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ، وَأَمَّا مَا عَمِلَ مِنْ ذَلِكَ في الصَّحَارَى وَفيافي الْأَرْضِ مِثْلَ مَوَاجِلِ طَرِيقِ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ حَرَامًا وَجُلُّ مَا كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْكَرَاهِيَةُ وَاسْتِثْقَالُ بَيْعِ مَائِهَا وَقَدْ فَسَّرْتُ لَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ وَوَجْهُ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ وَهِيَ مِثْلُ الْآبَارِ الَّتِي يَحْتَفِرُونَهَا لِلْمَاشِيَةِ إنَّ أَهْلَهَا أَوْلَى بِمَائِهَا حَتَّى يَرْوُوا وَيَكُونُ لِلنَّاسِ مَا فَضَلَ إلَّا مَنْ مَرَّ بِهَا لِشَفَتِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ، فَإِنَّ أُولَئِكَ لَا يُمْنَعُونَ كَمَا لَا يُمْنَعُونَ مِنْ شُرْبِهِمْ مِنْهَا كَمَا لَا يُمْنَعُونَ مِنْ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ. .(في إجَارَةِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَالِدِ نَفْسَهُ مِنْ يَتِيمِهِ أَوْ مِنْ ابْنِهِ): قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ وَصِيًّا آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ يَتِيمٍ لَهُ في حِجْرِهِ يَعْمَلُ في بُسْتَانِهِ أَوْ في دَارِهِ؟ قَالَ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ. قَالَ مَالِكٌ: فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَظَرَ السُّلْطَانُ في ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَمْضَاهُ عَلَى الْوَصِيِّ، فَأَرَى الْإِجَارَةَ مِثْلَ الْبَيْعِ يَنْظُرُ فيهَا السُّلْطَانُ كَمَا يَنْظُرُ في الْبَيْعِ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الْوَالِدُ في ابْنِهِ الصَّغِيرِ؟ قَالَ: نَعَمْ الْوَصِيُّ وَالْوَالِدُ في هَذَا سَوَاءٌ، وَلَا أَحْفَظُ الْوَالِدَ عَنْ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْجَرَ ابْنَهُ لِلْخِدْمَةِ فَفَعَلَ أَيَكُونُ لِلِابْنِ الْإِجَارَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: إنْ كَانَ ابْنُهُ هَذَا قَدْ احْتَلَمَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لِلِابْنِ إذَا كَانَ آجَرَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا تَلْزَمُ الْأَبُ نَفَقَةَ الِابْنِ إذَا احْتَلَمَ. .بَابٌ في الصَّغِيرِ وَالْعَبْدِ يُؤَاجِرَانِ أَنْفُسَهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَوْلِيَاءِ: قَالَ: لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ. قُلْت لَهُ: فَإِنْ عَمِلَ؟ قَالَ: لَهُ الْأَجْرُ الَّذِي سَمَّى لَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ إجَارَةُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ فيكُونَ لَهُ إجَارَةُ مِثْلِهِ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ في الدَّابَّةِ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا أَوْ غَصَبَهَا. قُلْت: فَإِنْ عَطِبَ الصَّبِيُّ أَوْ الْغُلَامُ مَاذَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؟ قَالَ: إذَا اسْتَعْمَلَهُمَا عَمَلًا يُعْطَبَانِ فيهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَقِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ اسْتَعْمَلَهُ أَوْ الْكِرَاءِ، وَسَيِّدُ الْعَبْدِ مُخَيَّرٌ في ذَلِكَ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْكِرَاءَ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَبْدِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا في الصَّبِيِّ الْحُرِّ فَعَلَى الْمُتَكَارِي أَجْرُ مَا عَمِلَ الصَّبِيُّ الْأَجْرُ الَّذِي سَمَّيَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّيَاهُ، وَتَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْحُرَّ في هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا تُخَيَّرُ وَرَثَتُهُ كَمَا يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ مِنْ السِّلَعِ وَالْحُرُّ لَيْسَ بِسِلْعَةٍ مِنْ السِّلَعِ، لِأَنَّ الدِّيَةَ لَازِمَةٌ في الْحُرِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهِيَ السُّنَّةُ أَنَّ الدِّيَةَ لَازِمَةٌ سَحْنُونٌ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ في الْعَبِيدِ يُسْتَأْجَرُونَ: لَيْسَ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُمْ ضَمَانُ مَا أَصَابَهُمْ وَإِنْ قَالَ سَادَاتُ الْعَبِيدِ: لَمْ نَأْمُرْهُمْ أَنْ يُؤَاجِرُوا أَنْفُسَهُمْ إلَّا أَنْ يُسْتَأْجَرَ عَبْدٌ في عَمَلٍ مَخُوفٍ عَلَى وَجْهِ الْغَرَرِ يَزِيدُهُ في إجَارَتِهِ أَضْعَافًا، مِنْ ذَلِكَ الْبِئْرُ تَكُونُ فيهِ الْحَمْأَةُ وَالْهَدْمُ مِنْ تَحْتِ الْجُدَرَانِ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَاَلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى هَذَا هُوَ ضَامِنٌ لِلْعَبْدِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ اسْتَعْمَلَ عَبْدًا عَمَلًا شَدِيدًا فيهِ غَرَرٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَعَمِلَهُ فَعَلَيْهِ فيهِ الضَّمَانُ إنْ أُصِيبَ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ أُرْسِلَ في الْإِجَارَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ فيمَا تَجْرِي فيهِ الْأَعْمَالُ وَتُؤْمَنُ فيهِ الْبَلَايَا، وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ في الِاغْتِرَارِ كَالْبِئْرِ الَّتِي قَتَلَتْ أَهْلَهَا حَمْأَةٌ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَإِنْ خَرَجَ بِهِ سَفَرًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ يُونُسُ، قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَضْمَنُ الْعَبْدُ فيمَا اُسْتُعِينَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ يَنْبَغِي في مِثْلِهِ الْإِجَارَةُ وَكُلُّ مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا في غَرَرِ الْإِجَارَةِ فيمَا يَخْشَى مِنْهُ التَّلَفَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَدْ أُرْسِلَ في الْإِجَارَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُذِنَ لَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ فيمَا تَجْرِي فيهِ الْأَعْمَالُ وَتُؤْمَنُ فيهِ الْبَلَايَا، وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ في الِاغْتِرَارِ كَالْبِئْرِ الَّتِي قَتَلَتْ أَهْلَهَا حَمْأَةٌ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا كَبِيرٌ حُرٌّ فَلَا نَعْلَمُ فيهِ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُسْتَغْفَلَ أَوْ يُسْتَجْهَلَ أَوْ يُقَرَّبَ لَهُ أَشْيَاءُ فيمَا لَا يَعْلَمُ مِنْهُ مَا يَعْلَمُ الَّذِي قَرَّبَ لَهُ فيهِ. قَالَ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدَ قَوْمٍ فَإِنْ كَانَ غُلَامًا يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فَخَرَجَ بِهِ سَفَرًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ؟ قَالَ: وَكُلُّ مَنْ اسْتَعَانَ غُلَامًا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ فيمَا يَنْبَغِي لَهُ في مِثْلِهِ الْإِجَارَةُ، فَهُوَ لِمَا أَصَابَهُ ضَامِنٌ. قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ اُسْتُعِينَ بِهِمَا فيمَا لَا يَنْبَغِي فيهِ الْإِجَارَةُ كَالرَّجُلِ يَقُولُ نَاوِلْنِي نَعْلِي أَوْ نَاوِلْنِي قَدَحًا وَكَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَلَيْسَ في هَذَا عَقْلٌ.
|