الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
.تفسير الآية رقم (78): {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78)}قوله: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمِ عِنْدِي} فيه خمسة أوجه:أحدها: أي بقوتي وعلمي، قاله يحيى بن سلام.الثاني: علىخير وعلم عندي، قاله قتادة.الثالث: لرضا الله عني ومعرفته باستحقاقي، قاله ابن زيد.الرابع: على علم بوجه المكاسب، قاله ابن عيسى.الخامس: العلم بصنعة الكيمياء.حكى النقاش أن موسى عليه السلام علّم قارون الثلث من صنعة الكيمياء، وعلم يوشع بن نون الثلث، وعلم ابني هارون الثلث فخدعهما قارون وكان على إيمانه حتى علم ما عندهما وعمل الكيمياء فكثرت أمواله.وفي قوله تعالى: {وَلاَ يُسأُلَ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} أربعة تأويلات:أحدها: يعذبون ولا يحاسبون، قاله قتادة.الثاني: لا يسألون عن إحصائها ويعطون صحائفها فيعرفون ويعترفون بها، قاله الربيع.الثالث: لأن الملائكة تعرفهم بسيماهم فلا تسأل عنهم، قاله مجاهد.الرابع: أنهم لا يُسألون سؤال استعتاب: لمَ لَمْ يؤمنوا، قاله ابن بحر كما قال: {وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [الروم: 57]..تفسير الآيات (79- 80): {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80)}قوله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: في حشمه، قاله قتادة.الثاني: في تَبَعه في سبعين ألفاً عليهم المعصفرات وكان أول يوم رؤيت فيه المعصفرات قاله ابن زيد، قال أبو لبابة: أول من صبغ بالسواد قارون.الثالث: خرج في جوارٍ بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قطف أرجوان، قاله السدي.{قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونَ} تمنوا ماله رغبة في الدنيا.{إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} فيه وجهان:أحدهما: لذو درجة عظيمة، قاله الضحاك.الثاني: لذو جد عظيم، قاله السدي..تفسير الآيات (81- 82): {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} قال ابن عباس: لما شكا موسى إلى الله أمْر قارون أمر الله الأرض أن تطيع موسى، ولما أقبل قارون وشيعته قال موسى: يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم، ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أوساطهم ثم قال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم، ثم قال: خذيهم فخسف الله بهم وبدار قارون وكنوزه. روى يزيد الرقاشي أن قارون لما أخذته الأرض إلى عنقه أخذ موسى نعليه فخفق بهما وجهه فقال قارون: يا موسى ارحمني، قال الله تعالى: «يَا مُوسَى مَا أَشَدَّ قَلْبَكَ، دَعَاكَ عَبْدِي وَاسْتَرْحَمَكَ فَلَمْ تَرْحَمْهُ: وَعِزَّتِي لَو دَعَانِي عَبْدِي لأَجَبْتُهُ» روى سمرة بن جندب أنه يخسف بقارون وقومه في كل يوم بقدر قامة فلا يبلغ إلى الأرض السفلى إلى يوم القيامة.قال مقاتل لما أمر موسى الأرض فابتلعته قال بنو إسرائيل: إنما أهلكه ليرث ماله لأنه كان ابن عمه أخي أبيه فخسف الله بداره وبجميع أمواله بعد ثلاثة أيام.قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنُّواْ مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ} فيه ثمانية أوجه:أحدها: معناه أو لا يعلم أن الله؟ رواه معمر عن قتادة.الثاني: أو لا يرى؟ رواه سعيد عن قتادة.الثالث: {وَلكِنَّ اللَّهَ} بلغة حمير، قاله الضحاك.الرابع: {وَإِنَّ اللَّهَ} والياء، والكاف صلتان زائدتان، حكاه النقاش.الخامس: {وَكَأَنَّ اللَّهَ} والياء وحدها صلة زائدة. وقال ابن عيسى بهذا التأويل غير أنه جعل الياء للتنبيه.السادس: معناه ويك أن الله ففصل بين الكاف والألف وجعل ويك بمعنى ويح فأبدل الحاء كافاً ومنه قول عنترة:السابع: ويلك إن الله فحذف اللام إيجازاً، حكاه ابن شجرة.الثامن: وي منفصلة على طريق التعجب ثم استأنف فقال كأن الله، قاله الخليل.{يَبْسُطُ الرِّزْقُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: معنى يقدر أن يختار له، قاله ابن عباس.الثاني: ينظر له فإن كان الغنى خيراً له أغناه وإن كان الفقر خيراً له أفقره، قاله الحسن.الثالث: يضيق، وهذا معنى قول ابن زيد. .تفسير الآيات (83- 84): {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84)}قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ} أي الجنة نجعلها.{عُلُوّاً} فيها ستة أوجه:أحدها: يعني بغياً، قاله ابن جبير.الثاني: تكبراً، قاله مسلم.الثالث: شرفاً وعزاً، قاله الحسن.الرابع: ظلماً، قاله الضحاك.الخامس: شركاً، قاله يحيى بن سلام.السادس: لا يجزعون من ذلها ولا يتنافسون على عزها، قاله أبو معاوية.ويحتمل سابعاً أن يكون سلطاناً فيها على الناس.{وَلاَ فَسَاداً} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: أنه الأخذ بغير حق، قاله مسلم.الثاني: أنه العمل بالمعاصي، قاله عكرمة.الثالث: أنه قتل الأنبياء والمؤمنين، قاله يحيى بن سلام.ويحتمل رابعاً: أنه سوء السيرة.{وَاْلعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} فيه وجهان:أحدهما: والثواب للمتقين، قاله يحيى بن سلام.الثاني: معناه والجنة للمتقين، قاله ابن شجرة..تفسير الآيات (85- 88): {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85) وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}قوله تعالى: {إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} فيه خمسة تأويلات:أحدها: أنزل عليك القرآن، قاله يحيى ابن سلام والفراء.الثاني: أعطاكه، قاله مجاهد.الثالث: أوجب عليك العمل به، حكاه النقاش.الرابع: حمّلك تأديته وكلفك إبلاغه، حكاه ابن شجرة.الخامس: بينه على لسانك، قال ابن بحر.ويحتمل سادساً: أي قدر عليك إنزاله في أوقاته لأن الفرض التقدير.{لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} فيه خمسة أوجه:أحدها: إلى مكة، قاله مجاهد والضحاك وابن جبير، والسدي.الثاني: إلى بيت المقدس، قاله نعيم القاري.الثالث: إلى الموت، قاله ابن عباس وعكرمة.الرابع: إلى يوم القيامة، قاله الحسن.الخامس: إلى الجنة، قاله أبو سعيد الخدري.وقيل: إن هذه الآية نزلت في الجحفة حين عسف به الطريق إليها فليست مكية ولا مدنية.قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلاَّ وَجْهُهُ} فيه ستة تأويلات:أحدها: معناه إلا هو، قاله الضحاك.الثاني: إلا ما أريد به وجهه، قاله سفيان الثوري.الثالث: إلا ملكه، حكاه محمد بن إسماعيل البخاري.الرابع: إلا العلماء فإن علمهم باق، قاله مجاهد.الخامس: إلا جاهه كما يقال لفلان وجه في الناس أي جاه، قاله أبو عبيدة.السادس: الوجه العمل ومنه قولهم: من صلى بالليل حسن وجه بالنهار أي عمله. وقال الشاعر:{لَهُ الْحُكْمُ} فيه وجهان:أحدهما: القضاء في خلقه بما يشاء من أمره، قاله الضحاك وابن شجرة.الثاني: أن ليس لعباده أن يحكموا إلا بأمره، قاله ابن عيسى.{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء، والله أعلم. .سورة العنكبوت: .تفسير الآيات (1- 4): {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4)}قوله تعالى: {الم أَحِسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوآ} هذا لفظ استفهام أريد به التقرير والتوبيخ وفيه خمسة أقاويل:أحدها: معناه أظن الذين قالوا لا إله إلا الله أن يتركوا فلا يختبروا أصدقوا أم كذبوا. قاله الحسن.الثاني: أظن المؤمنون ألا يؤمروا ولا ينهوا، قاله ابن بحر.الثالث: أظن المؤمنون ألا يؤذوا ويقتلوا. قاله الربيع بن أنس. وقال قتادة: نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت فيهم فلما سمعها خرجوا فقتل منهم من قتل وخلص من خلص فنزل فيهم {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} الآية.الرابع: أنها نزلت في عمار بن ياسر ومن كان يعذب في الله بمكة، قاله عبيد بن عمير. قال الضحاك: نزلت في عباس بن أبي ربيعة أسلم وكان أخا أبي جهل لأمه أخذه وعذبه على إسلامه حتى تلفظ بكلمة الشرك مكرهاً.الخامس: نزلت في قوم أسلموا قبل فرض الجهاد والزكاة فلما فرضا شق عليهم فنزل ذلك فيهم، حكاه ابن أبي حاتم.وفي قوله: {وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} وجهان:أحدهما: لا يسألون، قاله مجاهد.الثاني: لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله وعن نواهيه.قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} فيه وجهان:أحدهما: بما افترضه عليهم.الثاني: بما ابتلاهم به.{فََيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ} فيه وجهان:أحدهما: فليظهرن الله لرسوله صدق الصادق، قاله ابن شجرة.الثاني: فليميزن الله الذين صدقوا من الكاذبين، قاله النقاش وذكر أن هذه الآية نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أول قتيل من المسلمين يوم بدر قتله عامر ابن الحضرمي، ويقال إنه أول من يدعى إلى الجنة من شهداء المسلمين وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ مهجع».قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} قال قتادة: الشرك وزعم أنهم اليهود.{أَن يَسْبِقُونَا} فيه وجهان:أحدهما: أن يسبقوا ما كتبنا عليهم في محتوم القضاء.الثاني: أن يعجزونا حتى لا نقدر عليهم، وهو معنى قول مجاهد.ويحتمل ثالثاً: أن يفوتونا حتى لا ندركهم.{سَآءَ مَا يَحْكُُمُونَ} فيه وجهان:أحدهما: ساء ما يظنون، قاله ابن شجرة.الثاني: ساء ما يقضون لأنفسهم على أعدائهم، قاله النقاش.
|