الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.الخبر عن بيعة بلنسية ومرسية وأهل شرق الأندلس ووفدهم. لما استقل أبو جميل زيان بن أبي الحملات مدافع بن أبي الحجاج بن سعد بن مردنيش بملك بلنسية وغلب عليها السيد أبا زيد بن السيد أبي حفص وذلك عند خمود ريح بني عبد المؤمن بالأندلس وخروج ابن هود على المأمون ثم فتنته هو مع ابن هود وثورة ابن الأحمر بأرجونة واضطراب الأندلس بالفتنة وأسف الطاغية إلى ثغور الأندلس من كل جانب وزحف ملك أرغون إلى بلنسية فحاصرها وكانت للعدو سنة ثلاث وثلاثين وستمائة سبع محلات لحصار المسلمين:اثنتان منها على بلنسية وجزيرة شقر وشاطبة ومحلة بجيان ومحلة بطبيرة ومحلة بمرسية ومحلة بلبلة وأهل جنوة من وراء ذلك على سبتة.ثم تملك طاغية قشتالة مدينة قرطبة وظفر طاغية أرغون بالكثير من حصون بلنسية والجزيرة وبنى حصن أنيشة لحصار بلنسية وأنزل بها عسكره وانصرف فاعتزم زيان بن مردنيش على غزو من بقي بها من عسكره واستنفر أهل شاطبة وشقر وزحف إليهم فانكشف المسلمون وأصيب كثير منهم واستشهد أبو الربيع بن سالم شخ المحدثين بالأندلس وكان يوما عظيما وعنوانا على أخذ بلنسية ظاهرا ثم ترددت عليها سرايا العدو ثم زحف إليها طاغية أرغون في رمضان سنة خمس وثلاثين وستمائة فحاصرها واستبلغ في نكايتها وكان بنو عبد المؤمن بمراكش قد فشل ريحهم وظهر أمر بني أبي حفص بأفريقية فأمل ابن مردنيش وأهل شرق الأندلس الأمير أبا زكرياء للكرة وبعثوا إليه بيعتهم وأوفد عليه ابن مردنيش كاتبه الفقيه أبا عبد الله بن الأبار صريخا فوفد وأدى بيعتهم في يوم مشهود بالحضرة وأنشد في ذلك المحفل قصيدته على روي السين يستصرخه فيها للمسلمين وهي هذه:فأجاب الأمير أبو زكريا داعيتهم وبعث إليهم أسطوله مشحونا بمدد الطعام والأسلحة والمال مع أبي يحيى بن يحيى بن الشهيد أبي إسحاق بن أبي حفص وكانت قيمة ذلك مائة ألف دينار وجاءهم الأسطول بالمدد وهم في هذا الحصار فنزل بمرسى دانية واستفرغ المدد بها ورجع بالناض إذا لم يخلص إليه من قبل ابن مردنيش من يتسلمه.واشتد الحصار على أهل بلنسية وعدمت الأقوات وكثر الهلاك من الجوع فوقعت المراودة على إسلام البلد فتسلمها جاقمة ملك أرغون في صفر سنة ست وثلاثين وستمائة وخرج عنها ابن مردنيش إلى جزيرة شقر فأخذ البيعة على أهلها للأمير أبي زكريا ورجع ابن الأبار إلى تونس فنزل على السلطان وصار في جملته وألح العدو على حصار ابن مردنيش بجزيرة شقر وأزعجه عنها إلى دانية فدخلها في رجب من سنته وأخذ عليهم البيعة للأمير أبي زكريا.ثم داخل أهل مرسية وقد كان بويع بها أبو بكر عزيز بن عبد الملك ابن خطاب في مفتتح السنة فافتتحها عليه في رمضان من سنته وقتله وبعث ببيعتهم إلى الأمير أبي زكريا وانتظمت البلاد الشرقية في طاعته وانقلب وفد ابن مردنيش إليه من تونس بولايته على عمله سنة سبع وثلاثين وستمائة ولم يزل بها إلى أن غلبه ابن هود على مرسية وخرج عنها إلى لقنت الحصون سنة ثمان وثلاثين وستمائة إلى أن أخذها طاغية برشلونة من يده سنة أربع وأربعين وستمائة وأجاز إلى تونس والبقاء لله.
|