الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض الباري شرح صحيح البخاري ***
5359- قوله: (قال: لا، إلا بالمعروف)... إلخ، وقد مَرّ معناه ما فيه خلافٌ بين الشافعيةِ مِن كونِه قضاءً، أو ديانةً، ولم يتكلّم فيه الحنفيةُ، غير أنهم قالوا: إنَّ للقاضي أن يَحْكُم في المنقولاتِ، وليس له في العَقَار حُكْم.
والمَرَاضِع جَمْع مُرْضِع، بخلاف القياس، كاللواقح والطوائح؛ وللعلماء في صحة لَفْظ المَوَالِيات كلامٌ، فإِن المَوْلى مَصْدر ميمي، ولا يأتي فيه التذكيرُ والتأنيث، فإِنهما من خواص المُشتقّات. وإنْ قلنا: إنَّها مؤنّث مَوْلى، اسم المفعول، فهما لفظان، أي المَوْلى المصدر الميمي، والمَوْلى اسم المفعول، وإن أخذناه من باب الأفعال، فلا يطابِقُ مراده، لأنه أراد منها الجواري، وكيف ما كان، ليس جَمْع المَوْلى إلاّ الموالي، فإِن قلنا: إنَّ المواليات جَمْع الجَمْع، فلا بدّ له من دليل. وحاصِل ترجمة المصنِّف الإِشارة إلى ما ورد في حديث أنَّ للرِّضاع تأثيراً في الولد، وخصائله، والحديث ضعيفٌ إسناداً. 5372- قوله: (لو لم تكن رَبيبتي في حَجْري ما حَلَّت لي) أي ما حَلّت أيضاً، فاندفع الإِشكالُ، وتصدَّى الشارحون إلى جوابِه، فرَاجِعه.
وَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ما كَسَبْتُمْ} (البقرة: 267)، وَقَوْلِهِ: {كُلُواْ مِنَ الطَّيّبَتِ وَاعْمَلُواْ صَلِحاً إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (المؤمنون: 51). 5375- قوله: (حتى استوى بطني) ترجمته: يهانتك كه ميرابيت تن كيا.
وَقالَ أَنَسٌ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم «اذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ، وَليَأْكُل كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ».
والأحاديثُ تَقْتضي أن تكونَ التسميةُ واجبةً على الطعام، لأنها تدل على مَضَرّةٍ عظيمة بتركها، ومع ذلِك لم يذهب إليه أَحَدٌ إلاَّ الشافعي في روايةٍ شاذّة، كما في «شرح المنهاج»، وقد علمت فيما سلف أنَّ الفقهاء لم يُثْبِتوا الوجوب بمثل هذه الأمور المعنوية، وإنما علّقوه بالخطاب، أو النكير على التارك. فائدة: واعلم أنَّ الذهبي كَتَب كتاباً إلى ابن تيمية: إنك تَزْعُم أنك كتبت عقائِدَ السَّلف في رسائلك، وهذا غَلَطٌ، فإِنه مِن آرائك، وكنتُ قد نَصَحْتُك في سالف الزمان أن لا تُطالع الفلسفةَ، فأَبيت إلا أن تفعلَه، فَسُمّاً شَرِبته، فسمى الذهبي الفسلفةَ: سُمّاً. 5381- قوله: (وَرَدَّتْني) أي جَعَلَتْ بَعْضَه ردائي. قوله: (سمعته منه عوداً وبَدءاً) أي سَمِعتُه مَرّتين.
قوله: (السُّفَرة) ما يُوضَع عليه الطعامُ من جلد، والخِوان هو الصيني من خَشب، وليس بطوالة منبر، ولا بمنضدة ت صلى الله عليه وسلّم ئى. 5389- قوله: (مائدة) تيائى وأَصْلُه من إيران، فإِن كان عندهم الطوالةُ أُمكن ترجمتُه بها أيضاً، وإلا فهي منضدة، أما العربُ فلم يكن لهم طوالة. وحاصِل ما عَلّمنا الشَّرْع في الأكل أن نأكل الطعام على شيءٍ مبسوطٍ على الأرض، ولا نأكله على شيءٍ مرتفع، فإِننا محتاجون إليه، وليس هو يحتاج إلينا. 5386- قوله: (على سُكْرُجَةٍ) صحافٌ صِغار، يوضع فيها ألوانٌ من الطعام، والمراد نفي الألوان من طعامه. 5386- قوله: (ولا أكَلَ على خِوَان) وهو لفظٌ فارسي، وحرف الواو لا تتلفظ في الفارسية، فإِذا عُرِّبت تُلُفّظ بها. 5388- قوله: (وتلك شَكَاةٌ ظَاهِر عَنْك عارُها) وأَوّل البيت: وعَيَّرني الواشون أني أُحِبُّها. والمعنى: أنكم تعدون حبي إياها قَدْحاً، وهو عندي مَدْح، فقولوا ما أنتم قائلون، فإِن عارَه زائلٌ عني. 5391- قوله: (ضَبّاً مَحْنُوذاً) أي مشوياً على حجر.
فيه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم والمراد من «مُعىً» تدويره، وفي الطب أنه ستةُ تدويراتٍ سَمّوا كلاً منها باسم، فأين تلك السابعة؟ وقد أجاب عنه الطحاوي في «مُشْكله» أن السابعة هي المعدة، أطلق عليها مِعًى تغليباً. وحاصِل الحديث أنَّ الكافر يأكل الكثيرَ، والمؤمنَ القليل.
ونَبّه الخَطَّابي على أنَّ المراد من الاتكاء الجلوس مُطمئناً، بأي نحوٍ كان، والخَطّابي فَقِيهٌ مُعْتدلُ المِزاج، إمامُ فَنّ الكلام، والفِقْه، وغريبِ الحديث، من المئة الرابعة، متقدّم على البيهقي، وقد كتب شيئاً مُهِمّاً في شَرْحه، وهو أن مجتهداً كاملاً لو أَكْفَر أحداً من قياسه، لاتّبعناه فيه، كالأئمةِ الأربعةِ، ففهمت منه أنه مُعْتدل المِزاج، لأنه اعتبر بالأئمة الأربعة، وحمل نفسه على تقليدِهم في أَمْر الإِكفار.
وَقَوْلِ اللّهِ تَعَالَى: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (هود: 69) أَي مَشْوِيَ. أي اللحم المشوي، ولعل الكباب أيضاً داخلٌ فيه.
قالَ النَّضْرُ: الخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَالَةِ، وَالحَرِيرَةُ مِنَ اللَّبَنِ.
وَقالَ حُمَيدٌ: سَمِعْتُ أَنَساً: بَنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم بِصَفِيَّةَ، فَأَلقَى التَّمْرَ وَاْلأَقِطَ وَالسَّمْنَ. وَقالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسٍ: صَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم حَيساً.
نوعٌ من الحريرة. 5402- قوله: (فَوُضِع الضَّبُّ على مائدتِه) أي سفرته، فإِنه لم يأكل على مائدة قَطّ، ومِثْل تلك التوسيعات غيرُ نادرةٍ في الرواة. 5403- قوله: (شَحْم) هو الجامِدُ والذائب، يقال له: الوَدَك.
ويجوزُ القَطْع بوتى بنا. 2323- بابُ ما كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ 5411- قوله: (فلم يَكُن فِيهِنَّ تَمرةٌ أَعْجبَ إليَّ مِنْها شَدَّت في مَضاغي) يعني مجهكو وهى رجهى معلوم هوئى كيونكه يرتك جبتى رهى. 5412- قوله: (وَرَقُ الحُبْلَة) بيلوكى بثى.
نوع من الحريرة تُتّخذ مِن اللبن. 5417- قوله: (مُجِمَّةٌ) أي مريحة.
وقالت عَائِشَةُ وأَسْمَاءُ: صَنَعْنَا لِلنبي صلى الله عليه وسلّم وَأَبِي بَكْرٍ سُفرَةً.
وعن مولانا الجَنْجُوهي أنّ كل ما يُعَد من الظروف لا يجوز استعمالُه للرجال، والنساء سواء، وعلى هذا ينبغي أن لا يجوز كموى كاكيس ادرآرسى. والإِناء إذا كان مُضَبّباً مِن فِضّة يجوز الشُّرب منه إذا اتّقي مَوْضع الفِضّة.
وهو والأُدْم سالن، وفي فِقْهنا هو كلّ شيء يؤتدم به الخبز.
وهو كلُّ شيء حلو.
يعنى ميز بان كى سانى مهمان نى كهانار كها ادرميز بان انى ذهندى مين لكارها.
كانوا يقدن اللحم، ثُم يُلْقونه في الشمس حتى يَيْبس، ثُم يَدّخِرونه ويأكلونه متى احتاجوا إليه.
قالَ: وقالَ ابْنُ المبَارَكِ: لاَ بأْسَ أَنْ يُنَاوِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَلاَ يُنَاولُ مِنْ هذهِ المَائِدةِ إِلَى مائِدةٍ أُخْرَى.
يعني إنَّ الناس إذا قعدوا على طعامٍ حِلقاً حلقاً، فيجوز لأصحابِ حلقةٍ واحدة أن يناول أحدُهما الآخَر مما عندهم من الطعام، ولا يجوز لصاحب حِلْقة أن يناوله لصاحب حِلقة أُخرى، إلا أن يستأذن المضيف.
وَقَوْلِ اللّهِ تَعَالَى: {وَهُزّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً} (مريم: 25).
5443- قوله: (فَجَلَسَت) أي لم تُثْمر. 5443- قوله: (أَين عَرِيشُك) تيرى.
فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم
وَقالَ أَنَسٌ: إِذَا دَخَلتَ عَلَى مُسْلِمٍ لاَ يُتَّهَمُ، فَكُل مِنْ طَعَامِهِ وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ.
وهي مستحبةٌ، كما في «عالمكيرية». وفي «البدائع»: إنها منسوخة. قلتُ: وإنما حملتْه عليه عبارة محمد في «موطئه» قال محمد: العقيقة بلغنا أنها كانت في الجاهلية، وقد جُعلت في أول الإِسلام، ثم نَسخَ الأضحى كل ذبحٍ كان قبله... إلخ. فلم أزل أترددُ في مراد الإِمام، حتى رأيت في كتاب «الناسخ والمنسوخ» عن الطحاوي أن محمداً قال في بعض أماليه: إن العقيقة غير مرضية. ثم تبين لي مرادُه، أنه كان يكرهُ اسم العقيقة، لأنه يوهم العقوق، ولكونه من أسماء الجاهلية، ولأنهم كانوا يفعلون عند العقيقة بعضَ المحظورات، كتلطخ الأشعار بدم الحيوان، مع ورود الحديثِ في النهي عن ذلك الاسم أيضاً، فكان مرادُه هذا. ثم لا أدري ماذا وقع الخَبْط في النقل، حتى نُسب إليه نسخُ العقيقة رأساً، وليت شعري ما وجه عدم تَغييرِ هذا الاسم بعد، مع نهي الحديث عنه، فينبغي أنْ لا يُجعل لفظه المبهم حاوياً على العقيقة أيضاً، بل مرادُه نسخُ دماء الجاهلية، كالرجبية، والعتيرة. ثم عند الترمذي حديث: «أن الغلام مرتهن بعقيقته»، وأجود شروحه ما ذكره أحمد. وحاصله: أن الغلامَ إذا لم يعق عنه، فمات لم يشفعْ لوالديه. ثم إن الترمذي أجاز بها إلى يوم إحدى وعشرين. قلتُ: بل يجوز إلى أن يموت، لما رأيت في بعض الروايات أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم عق عن نفسه بنفسه. والسر في العقيقة أنَّ الله أعطاكم نفساً، فقربوا له أنتم أيضاً بنفس، وهو السر في الأضحية. ولذا اشترطت سلامة الأعضاء في الموضعين، غير أن الأضحية سنوية، وتلك عُمْرية.
كان تأكداً في أول الإِسلام، ثم وسع فيها بعده، وكان أهل الجاهلية يذبحونها لأصنامهم، وأما أهل الإِسلام فما كانوا ليفعلوه إلا تعالى، فلما فُرضت الأُضحية نُسخ الفَرَع وغيره، فمن شاء ذبح، ومن شاء لم يذبح.
وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الاْنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} (المائدة: 1) إِلى قَوْلِهِ: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} (المائدة: 3). وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {العُقُودُ} (المائدة 1) العُهُودُ، ما أُحِلَّ وَحُرِّمَ {إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} الخِنْزِيرُ. {يَجْرِمَنَّكُمْ} (المائدة: 2) يَحْمِلَنَّكُمْ. {شَنَآنُ} (المائدة: 2): عَدَاوَةُ. {وَالْمُنْخَنِقَةُ} تُخْنَقُ فَتَمُوتُ. {وَالْمَوْقُوذَةُ} تُضْرَبُ بِالخَشَبِ يُوقِذُهَا فَتَمُوتُ. {وَالْمُتَرَدّيَةُ}: تَتَرَدَّى مِنَ الجَبَلِ، {وَالنَّطِيحَةُ} تُنْطَحُ الشَّاةُ، فَمَا أَدْرَكْتَهُ يَتَحَرَّكُ بِذَنَبِهِ أَوْ بِعَينِهِ فَاذْبَحْ وَكُل. (وقال ابن عمر في المقتولة بالبُندقة)... إلخ، والبُندقة: طينةٌ مدورةٌ مجففة، يرمى بها عن الجلاهق غلة
وَقالَ ابْنُ عُمَرَ في المَقْتُولَةِ بِالبُنْدُقَةِ: تِلكَ المَوْقُوذَةُ. وَكَرِهَهُ سَالِمٌ وَالقَاسِمُ وَمُجَاهِدٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَعَطَاءٌ وَالحَسَنُ. وَكَرِهَ الحَسَنُ رَمْيَ البُنْدُقَةِ في القُرَى وَاْلأَمْصَارِ، وَلاَ يَرَى بَأْساً فِيما سِوَاهُ.
وَقالَ الحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ: إِذَا ضَرَبَ صَيداً، فَبَانَ مِنْهُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ، لاَ يَأْكُلُ الَّذِي بَانَ وَيَأْكُلُ سَائِرَهُ. وَقالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ أَوْ وَسَطَهُ فَكُلهُ. وَقالَ اْلأَعْمَشُ، عَنْ زَيدٍ: اسْتَعْصى عَلَى رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللّهِ حِمَارٌ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَضْرِبُوهُ حَيثُ تَيَسَّرَ، دَعُوا ما سَقَطَ مِنْهُ وَكُلُوهُ. (وقال الحسن، وإبراهيم: إذا ضرب صيداً فبان منه يد) وراجع فيه تفصيل «الهداية». قوله: (استعصى) أي صار وحشياً.
وكلب الماشية ما يُقتنى لحفظها. والكلب الضَّارِي هو كلب الصيد من الضراوة، وترجمته جسى دهت هو شكاركى ثم الكلاب التي رُخص باقتنائها، وإن لم تُوجب نقصاً من عمل صاحبه، إلا أن الظاهر أنَّ الملائكة لا يدخلون بيوتاً فيها تلك.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيّبَتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلّبِينَ} (المائدة: 4) الصَّوَائِدُ وَالكَوَاسِبُ. {اجْتَرَحُواْ} (الجاثية: 21) اكْتَسَبُوا. {تُعَلّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {سَرِيعُ الْحِسَابِ} (المائدة: 4). وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ أَكَلَ الكَلبُ فَقَدْ أَفسَدَهُ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفسِهِ، وَاللّهُ يَقُولُ: {تُعَلّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ حَتَّى يَتْرُكَ. وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ. وَقالَ عَطَاءٌ: إِنْ شَرِبَ الدَّمَ وَلَمْ يَأْكُل فَكُل. قال عطاء: إنْ شربَ الدم، ولم يأكل- أي اللحم- فَكُل، فرخَّصَ عطاءٌ بأكله.
وكتب الحنفيةُ لجوازه سبعةَ شرائط، لا توجد كلها إلا في الزَّيْلعي.
5488- قوله: (فاغسلوها، ثم كلوا فيها) وليُمعَن النظرُ فيه، فإنَّه يُشعر بعبرة بعض الأوهام، وبأن قولَهم: إن الأصل في الأشياء الطهارة، ليس على إطلاقه.
التصييد شكار كوهى مشغله بنا لينا، كرهه في «الأشباه والنظائر».
وَقالَ عُمَرُ: صَيدُهُ ما اصطِيدَ، {وَطَعَامُهُ} (المائدة: 96) ما رَمى بِهِ. وَقالَ أَبُو بَكْرٍ: الطَّافِي حَلاَلٌ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُ مَيتَتُهُ، إِلاَّ ما قَذِرْتَ مِنْهَا، وَالجِرِّيُّ لاَ تَأْكُلُهُ اليَهُودُ، وَنَحْنُ نَأْكُلُهُ. وَقالَ شُرَيحٌ، صَاحِبُ النبي صلى الله عليه وسلّم كُلُّ شَيءٍ في البَحْرِ مَذْبُوحٌ. وَقالَ عَطَاءٌ: أَمَّا الطَّيرُ فَأَرَى أَنْ يَذْبَحَهُ. وَقالَ ابْنُ جُرَيجٍ: قُلتُ لِعَطَاءٍ: صَيدُ اْلأَنْهَارِ وَقِلاَتِ السَّيلِ، أَصَيدُ بَحْرٍ هو؟ قالَ: نَعَمْ، ثمَّ تَلاَ: {هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهذا مِلحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلَ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا} (فاطر: 12) وَرَكِبَ الحَسَنُ عَلَيهِ السَّلاَمُ عَلَى سَرْجٍ مِنْ جُلُودِ كِلاَبِ المَاءِ. وَقالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ أَنَّ أَهْلِي أَكَلُوا الضَّفَادِعَ لأَطْعَمْتُهُمْ. وَلَمْ يَرَ الحَسَنُ بِالسُّلَحْفَاةِ بَأْساً. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُل مِنْ صَيدِ البَحْرِ نَصْرَانِيَ أَوْ يَهُودِيَ أَوْ مَجُوسِيَ. وَقالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ في المُرْيِ: ذَبَحَ الخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ. وللشافعي في حيوانات البحر استرسال عظيم. حتى رُوي عنه أنَّ جميع ما في البحر حلالٌ، حتى الإِنسان أيضاً. وفي روايته نظائر ما هو حلال في البر، حلال في البحر أيضاً، وما لا يوجد نظيرُه من البر، فهو حلال أيضاً. وظني أنهم تمسكوا فيه بالعمومات غير المقصودة لا غير. والمراد من صيد البحر عندهم مَصِيْد البحر. قال الحنفية: إن المراد منه فعلُ الاصطياد، لأن المُحرمَ لما مُنع عن فعل الاصطياد في البر من إحرامه، فالظاهر أنَّ ما أُحل له من البحر هو الصيد أيضاً دون المصيد. على أن الله لم يجعل الصيدَ كلَّه طعاماً، بل جعل منه طعاماً، فقال: {وَطَعَامُهُ مَتَعاً لَّكُمْ} (المائدة: 96) فلم يجعل كله طعاماً، فدل على أن ليس صيدُ البحر كله طعاماً. قوله: (وقال أبو بكر: الطافي حلال) قلتُ: وأثره عندي بعشرة طرق، وفي لفظه اضطراب، ثم الطافي ما مات حتْفَ أنفِه، وطفا على الماء./ ولا بد أنْ يُستثنى منه ما طفا على الماء، بسبب ظاهر، نحو الضرب بالعصا، وغيره. ولنا ما عند أبي داود في الأطعمة عن جابر بن عبد الله مرفوعاً: «ما مات فيه وطفا، فلا تأكلوه». وصحح أبو داود وقفَه. قوله: (إلا ما قذرت منها) بأن كان تغيَّرَ، أو فَسَدَ. قوله: (والجريث لا تأكله اليهود، ونحن نأكله) ولا ندري ترجمة الجريث بالهندية، والناس يقولون: إنه جهيدكا ولي تردد، في كونه نوعاً من الحوت. قوله: (فلات السيل) سيل آئى اوركهين كول سى نكل كئى. قوله: (وركب الحسن عليه السلام على سرج من جلود كلاب الماء)، والجلود تطهر عندنا بالدِّباغة، فلا حُجة فيه. وجملة الكلام أنه ليس عند البخاري في حل حيوانات البحر غير قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وتفسيره قد علمت. وراجع لها «روح المعاني»، وليس عنده من المرفوع شيء، فأخرج الأثار فقط. قوله: (كل من صيد البحر، وإن صاده نصراني) وذلك لأنه لا يشترط فيه الذكاة. قوله: (وقال أبو الدرداء في المُرِي: ذبح الخمر النينان، والشمس) المُرِي آب كامه وبالهندية كانجى، كانوا يلقون الحيتان في الخمر، فتنقلب خلاً. فقال المصنف: إن الخمر ذبحها النينان، والشمس، أي أحلَّها. ووافقنَا فيه أبو داود، وقال: تخليل الخمر جائز. وقال الشافعي: إن تخللت بدون علاج جاز، وإلا لا. 5493- قوله: (فألقى البحر حوتاً ميتاً)، وليس كذلك، بل ألقاه البحر خارِجَه، فماتت في البر، لعدم الماء، فليست تلك الطافي.
قوله: (كل شيء في البحر مذبوح) أي لا يحتاج إلى الذكاة.
قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ نَسِيَ فَلاَ بَأْسَ. وَقالَ اللّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (الأنعام: 121) وَالنَّاسِي لاَ يُسَمَّى فاسِقاً. وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ الشَّيَطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَدِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (الأنعام: 121). والظاهر أنه وَافق فيه أبا حنيفة. وقال الشافعي: إن تركها عامداً لا بأس أيضاً.
5499- قوله: (فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم سفرة فيها لحم) وهذه النُّسخة أخف مما في الهامش، أي قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد مرت هذه الرواية من قبل، فما كانت ههنا على الهامش، داخلة هناك في الصُّلب. وإنما قدم إليه لحماً ذُبح على النُّصُب، لأن الزمان كان زمن الجاهلية، فلم يكن يعلم أنه هل يأكله، أو لا؟ فليس في تلك النُّسخة إلا الإعانة على الأكل، بخلاف ما في الهامش، فإنَّها تُوهم على أكل النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أيضاً.
والمراد من القَصَب الليت؛ والمراد من المروة ما فيه غرار بعد الكسر.
وفصل فيه الحنفية، فإنْ كان السن والظُّفُر قائمين لا يذكي بهما، وإن كانا منفصلين، وأنهرا الدم جاز.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيّبَتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} (المائدة: 5). وَقالَ الزُّهْرِيُّ: لاَ بَأْسَ بِذبِيحَةِ نَصَارَى العَرَبِ، وَإِنْ سَمِعْتَهُ يُسَمِّي لِغَيرِ اللهِ فَلاَ تَأْكُل، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللّهُ وَعَلِمَ كُفرَهُمْ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيَ نَحْوُهُ. وَقالَ الحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ: لاَ بَأْسَ بِذَبِيحَةِ اْلأَقْلَفِ. وقَالَ ابْنُ عبَّاس: طَعَامُهُمْ ذَبائِحُهُمْ. وإنما زاد لفظ الشحوم، لأنها كانت حُرِّمت عليهم، فهل تسري تلك الحرمة إلى ذبيحتهم أيضاً أو لا؟ فقال: لا، لأن الذكاةَ تستدعي الأهليةَ في الذابح، لا الحِلَّة في حقه أيضاً. وفيه إشعارٌ بأن المشرع المحمديَّ يتحملُ وجود الكتابي. قوله: ({وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَبَ حِلٌّ لَّكُمْ}وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ) أي شريعة الإِنصافِ تحكُم أنْ يقولَ أهلُ الكتاب بحِليَّة ذبيحتنا أيضاً، إذا قلنا بحِليَّة ذبيحتهم، فهذه نَصْفة، سواء عملوا بها، أو لا. وحينئذ لا يرد أنه ما الفائدة في قوله: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} لأنهم لا يَدِينُون بشرعنا، وذلك لأنه على طريقِ عرض خُطة عدل التي ينبغي أنْ يَعدِلَ إليها كل ذي مُروءة، كما وقع في صُلح الحُدَيْبِيَة، من رد مهورِ النِّساء اللاتي هاجرن إلى دار الإِسلام، أو ذهبن إليهم من نساء المسلمين، فكان هذا الشرطُ على ما يقتضيه العدل والإِنصاف. فإِنا إذا نردُّ إليهم ما أنفقوا على نسائهم، فما لهم لا يردون إلينا ما أنفقنا على نسائنا؟ فهذا الاشتراط أيضاً كان على الفطرة السليمة، وإنْ لم يفُوا بها. قوله: (وقال الزهري)... إلخ، يقول: إنه لا فرقَ بين العرب، وبني إسرائيل، إذا كانا نصرانيَّين، فتحل ذبيحتهما. قوله: (لا بأس بذبيحة الأقلف) رفعُ توهم- عسى أن يُتوهم- أنَّ في الذكاة شرط المِلة، والأقلفُ يخالف ملتَه، فينبغي أن لا تجوز ذبيحته.
وَأَجازهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. وَقالَ ابْنُ عَبَّاسِ: ما أَعْجَزَكَ مِنَ البَهَائِمِ مِمَّا في يَدَيكَ فَهُوَ كالصَّيدِ وَفي بَعِيرٍ تَرَدَّى في بِئْرٍ: مِنْ حَيثُ قَدَرْتَ عَلَيهِ فَذَكِّهِ. وَرَأَى ذلِكَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ.
وَقالَ ابْنُ جُرَيجٍ، عَنْ عَطاءٍ: لاَ ذَبْحَ وَلاَ مَنْحَرَ إِلاَّ في المَذْبَحِ وَالمَنْحَرِ. قُلتُ: أَيَجْزِي ما يُذْبَحُ أَنْ أَنْحَرَهُ؟ قالَ: نَعَمْ، ذَكَرَ اللّهُ ذَبْحَ البَقَرَةِ، فَإِنْ ذَبَحْتَ شَيئاً يُنْحَرُ جازَ، وَالنَّحْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَالذَّبْحُ قَطْعُ اْلأَوْدَاجِ. قُلتُ: فَيُخَلِّفُ اْلأَوْدَاجَ، حَتَّى يَقْطَعَ النِّخَاعَ؟ قالَ: لاَ إِخالُ. وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَهى عَنِ النَّخْعِ، يَقُولُ: يَقْطَعُ ما دُونَ العَظْمِ، ثُمَّ يَدَعُ حَتَّى يَمُوتَ. وَقَوْلِ اللّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً} (البقرة: 67). وَقالَ: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} (البقرة: 71). وَقالَ سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الذَّكاةُ في الحَلقِ وَاللَّبَّةِ. وَقالَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ: إِذَا قَطَعَ الرَّأْسَ فَلاَ بَأْسَ. 5509- قوله: (أعجل أو أرن) وأصله: إئرن، فصار بالتعليل: إيرن، وإن كتبوه: أرن. والنحر في الإِبل، والبط فقط، وفي غيرهما الذَّبح، فإنْ عكس لا بأس. ثم النحر في اللَّبَّة، والذبح عند اللَّحْيين. قوله: (قلت: فيخلف الأوداج حتى يقطع النخاع، قال: لا إخال) يعني إذا قطع الأوداج، فقطع النخاع أيضاً، فهل لقطع النخاع حكم؟ قال: لا، فإنَّ الضروري قطعُ الأوداج فقط. 5510- قوله: (نحرنا على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم فرساً، فأكلناه) ورُوي عند أبي داود النهيُّ عن لحوم الفرس، ولكن المصنَّف لا يُبالي في الصحيح بما لا يكونُ على شرطه.
أي قطع القوائم، والكُرَاع عند الذبح.
وهي إما مكروهة تنزيهاً، أو تحريماً، كالضَّبِّ، وكان مولانا شيخ الهند يختارُ التَّنزِيْه في الخيل، والتحريمَ في الضَّبِّ.
فِيهِ: عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم وَقالَ مالِكٌ، وَمَعْمَرٌ، وَالمَاجشُونُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ إِسْحاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: نَهى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ.
واعلم أن الأسنانَ، ثنايا، ورَبَاعِيات، وأنياب، وأضراس. والأنياب دندان نيش كذا في «شرح الوقاية». والمراد من ذي ناب من يجرحُ منها، إلا فلكل حيوان أنياب. واعلم أنَّ الله تعالى حصرَ المحرَّمَات في موضعين من القرآن، فقال: {قُل لا أَجِدُ فِى مَآ أُوْحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} (الأنعام: 145) إلخ، وراجع له «الفوائد» للشاه عبد القادر. وقد مر في المغازي مرفوعاً: «أن حرمةَ الخمرِ لكونها رِجساً». وإن اختلفت الرواة في تعليله من قبلهم، فقيل: لكونها جلالة، وقيل: لكونها غنيمة لم تُقْسَم.
5534- قوله: (مثل الجليس الصالح)... إلخ. وحاصله: أن تأثير المجالسة كائنٌ لا محالة، قصدت، أو لم تقصد، كحامل المسك، فإنَّ ريحَه تصيبُه لا محالة.
نُسب إلى المصنِّفِ أنه اختار مذهبَ مالك، فالسمنُ لا يكون نجساً عنده بوقوع فأرة مطلقاً، سواء كان جامداً، أو مائعاً، فإن كان مائعاً يُطرحُ من موضعِ الوقوعِ خمس غَرْفات ثم يؤكل. قلتُ: ولا ينبغي أنْ يُنسب إليه مثل هذا القول، وقد مر أنه اختار الروايةَ غير المشهورة عن أحمد. وهي الفرقُ بين النجاسة الجامدة والمائعة، فالأولى لا تنجُسُ، سواء وقعت في الجامد، أو الذائب، وتنجُسُ الثانية. وعليها حُمل تبويبُ المصنف في الطهارة بوقوع الفأرة أولاً، فإنَّها نجاسة جامدة، وبالبول في الماء الراكد ثانياً، فإنَّه نجاسةٌ مائعة، فكأنه أشار بالفرق بينهما. وتأويلُ هذه الترجمة عندي أنه ذكر فيها الجامدَ، لكون الحديث فيه عنده، فإنَّ اتقاء ما حولَها لا يمكنُ إلا في الجامد. ثم ذكر الذائبَ، ولم يذكر حكمه، لينظر فيه الناظر. أما الزُّهري فإنَّه وإن سُئل عن السمن مطلقاً، لكنه لم يُجب إلا عن الجامد، ولم يذكر للمائعِ حُكماً. وذلك لأن حديثَ البُخاري يدُل بمفهومِه على أنَّ المائعَ يتنجَّس، فلا ينبغي أن يعزوَ إلى المصنف ما يُخالِفُ مفهومَ الحديثِ عنده. ثم إن هذا المفهوم أخرجه النسائي منطوقاً أيضاً، «فإنْ كان مائعاً فلا تقربوه»، وصححه الذُّهْلي شيخ مسلم، فدل مفهومُ حديث البخاري، ومنطوق حديث النسائي، على أنَّ السمنَ المائعَ يتنجَّسُ بوقوع النجاسة. هذا ما عندي، فإنْ أبيت إلا أن تنسبَ إليه طهارةَ السمن في الصورتين، فلا بد لك أنْ تؤوِّل حديثَ البخاري، بأن أمر الاتقاء عنده محمول على الاستحباب، وحديث النسائي بأنه معلول عنده، كما نقله الترمذي عنه. إلا أنه أين يقع من تصحيح شيخه الذُّهْلي، والنسائي على ما اشترطه في كتابه. وقد مر الكلام مبسوطاً في الطهارة.
لحديثِ رَافِعٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم وَقالَ طَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ: في ذَبِيحَةِ السَّارِقِ: اطْرَحُوهُ. قوله: (قال طاوس، وعكرمة: ذبيحة السارق اطرحوه). واعلم أن المصنفَ ترجم ههنا على حديث رافع بما رأيت، فقال: لم تؤكل، مع أنَّ الحرمةَ ليست فيه إلا لكونه غنيمةً لم تُقسم. وهذا مفيدٌ لنا في هبة المُشَاع. وترجم فيما مر بجواز هبة المُشَاع، وهذا- كما ترى- تناقضٌ بيِّنٌ، فإنَّ حرمتَه إذا كانت ههنا لكونه مُشَاعاً، وجب أن تتحقَّقَ في هبة المُشَاع أيضاً لتلك العلة بعينها، إلا أن يقال في وجه الفرق: إنه ليس في هبة المُشَاع نَهْب، بخلاف الغنيمة، فإنَّ فيها نهباً لأموال الناس، فافترقا. أما المسألة في حيوانٍ مشترَكٍ، أو مغصوب ذبح أنه حلالٌ، ولا يحلُّ أكله كذا في «الدر المختار»، ورد عليه الشامي، ويُعلم من عبارة المصنف أنَّه ميتةٌ. وفي «الدر المختار» أن حيواناً مذبوحاً لو وجد على سطح الماء، فإنَّه لا يُؤكل، وهو عندي مردود، وقد أفتيت في كَشْمِير بخلافه. وقد مر فيما سبق.
لِخَبَرِ رَافِعٍ، عَنِ النبي صلى الله عليه وسلّم أي لم يُرد إضاعةَ المالِ، لكن قَصَدَ الإِصلاح.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَكُمْ وَاشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلآ إِثْمَ عَلَيْهِ} (البقرة: 172- 173) وَقالَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} (المائدة: 3) وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيكُمُ المَيتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِير وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيرَ بَاغٍ وَلاَ عادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيهِفَمَنِ اضْطُرَّ في مَخمصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍفَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ}وَما لَكُمْ أَنْ لاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حُرِّمَ عَلَيكُمْ إِلاَّ ما اضْطُرِرْتُمْ إِلَيهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيرِ عِلمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالمُعْتَدين إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيكُمُ المَيتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِير وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيرَ بَاغٍ وَلاَ عادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيهِفَمَنِ اضْطُرَّ في مَخمصَةٍ غَيرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍفَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ ,وَما لَكُمْ أَنْ لاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حُرِّمَ عَلَيكُمْ إِلاَّ ما اضْطُرِرْتُمْ إِلَيهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيرِ عِلمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالمُعْتَدين} (الأنعام: 118- 119). وقَوْلُهُ جَلَّ وعَلا: {قُل لا أَجِدُ فِى مَآ أُوْحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (الأنعام: 145). وَقالَ: {فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَلاً طَيّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (النحل: 114- 115).
وقالَ ابْنُ عُمَرَ: هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ.
وهي غير واجبة عليه. واستدل المصنف من لفظ «ضحى»، وإلا فالظاهر أنها كانت هَدْياً، كما بينه محمد في «موطئه».
وَقالَ يَحْيىبْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمامَةَ بْنَ سَهْلٍ قالَ: «كُنَّا نُسَمِّنُ اْلأُضْحِيَّةَ بِالمَدِينَةِ، وَكانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ.
وَأَعانَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ في بَدَنَتِهِ. وَأَمَرَ أَبُو مُوسى بَنَاتِهِ أَنْ يُضَحِّينَ بِأَيدِيهِنَّ.
5568- 5572- قوله: (إن هذا قد اجتمع لكم فيه عِيدان، فمن أحب أن ينتظرَ الجمعة من أهل العوالي، فلينتظر، ومن أحبَّ أن يرجع، فقد أذنت له) وفيه دليل قوي لأبي حنيفة أنْ لا جمعةَ على أهل القرى، وأما علي فحديثه حجةٌ لنا خاصة، وهذا عثمان، ونحوه عن عمر أيضاً.
واعلم أنَّ الأشربة الأربعة حرامٌ مطلقاً عند الأئمة الأربعة، وفي غيرها خلافٌ. فذهب الجمهور إلى أنَّ ما أسكر كثيره، فقليله حرام. وفصل فيه أبو حنيفة: والوجه فيه أن للخمر إطلاقان: عام، وخاص: فالأول: يقال لكل مسكر، والثاني: لعصير العنب خاصة، إذا غلى واشتد، كالورد، فإنَّه يُطلق على كل زَهْر، ذي رائحة، ويطلق على الخاص أيضاً نازبو فالخمر عند أبي حنيفة هو الخاص فقط. ويُعلم من «الأم» للشافعي أنَّ من قصر الحرمة على الأشربة الأربعة. يقول: إن القليلَ من غيرها ليس بمسكر، وحينئذ يمكن للحنفية أن يدَّعوا أنه غيرُ داخلٍ في موضوع القضية: «كل مسكر حرام»، فإنَّ المرادَ من المسكرِ هو الذي أسكرَ بالفعل. واستحسنه ابن رُشد، في قوله: كل شراب أسكر، وزعم أنه فيما أسكر بالفعل. قلتُ: وإنما استحسنه ابن رُشد، مع كونه فقيهاً عظيماً، لأن عَرَبيَّتَه ناقصة. ومرادُ الحديث أنَّ كل شرابٍ من شأنه السُّكر فهو حرامٌ، سواء أسكر بالفعل أم لا. وقد تبين لي بعد مرور الدهر أنَّ مراد الحديث، كما ذهب إليه الجمهور، وإذن لا أصرف الأحاديث عن ظاهرها. ثم اعلم أن تحرير مذهب الحنفية ليس كما قالوه: إن غير الأشربة الأربعة حلال، بقدر التقوِّي على العبادة، بل الأحسن عندي كما أقول: إن غيرها حرام عندنا أيضاً، إلا بقدر التقوِّي على العبادة، دون التلهي، هذا في القليل، أما إذا أسكرَ فهو حرام بالإِجماع. والفرق بين التعبيرين أجلى من أنْ يُذكر، فإنَّ الأصلَ في التعبير الأول هو الحلة، فتقومُ الأحاديث على مناقضة المذهب. أما على التعبير الثاني، فالأصل الحرمة، كما في الأحاديث، ويبقى القدرُ القليل تحت الاستثناء. 5575- قوله: (حرمها في الآخرة) ذهب جماعةٌ إلى أن شاربَ الخمر لا يشربُها في الجنة أيضاً، وإن دخلها بعد المغفرة. والجنة وإن كان فيها كل ما تشتهيه الأنفس، إلا أنه لا يشتهيها. 5577- قوله: (حتى يكون خمسين امرأة قيمهن رجل واحد) وقد مر معنا أنَّ في بعض الروايات قيد «الصالح»، فلا إشكال. ثم إنه يمكن أن يكونَ المراد من القيِّم غير الزوجِ، ممن يقوم على أمور الناس، ويسعى لهم . 5578- قوله: (ولا ينتهب نهبة ذات شرف)، أي المال النفيس، يرفعُ الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبها اورلوك ديكهتى ره جائين.
وَقالَ مَعْنٌ: سَأَلتُ مالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنِ الفُقَّاعِ، فَقَالَ: إِذَا لَمْ يُسْكِرْ فَلاَ بَأْسَ. وَقالَ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِيِّ: سَأَلنَا عَنْهُ فَقَالُوا: لاَ يُسْكِرُ، لاَ بَأْسَ بِهِ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: حَدَّثَني أَنَسُ بْنُ مالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلّم قالَ: «لاَ تَنْتَبِذُوا في الدُّبَّاءِ، وَلاَ في المُزَفَّتِ». وَكانَ أَبُو هُرَيرَةَ يُلحِقُ مَعَهَا: الحَنْتَمَ وَالنَّقِيرَ. 5582- قوله: (الفضيخ) كجلى هوئى. قوله: (زهو) كدرائى هوى. 5583- قوله: (وكانت خمرهم) دلت الإِضافة إلى الأشخاص، أن الخمرَ تكون من غير العنب أيضاً. واعلم أن إطلاقات الصحابة رضي الله تعالى عنهم تدل على أن الخمرَ عندهم يُطلق على كل مائع مُسكرٍ، ولذا يأمرون بإِكفاء كل مسكر.
5588- قوله: (فشيء يصنع بالسند من الرز) يعني ايك شىء جهيى سنده مين جاول د الكربناتى هين.
وعرض الشاه ولي الله ههنا على أبي حنيفة. 5590- قوله: (وقال هشام بن عمار)... إلخ، هذا مبدأ الإِسناد، فينبغي أن يُكتب بالقلم الجلي. والفرقُ بين المعازف والملاهي: أن الملاهي ما تضربُ باليد، والمعازفُ بالفم.
5593- قوله: (عن عبد الله بن عمرو قال: لما نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن الأسقية)... إلخ، وعكس فيه الراوي قطعاً، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم ينه عن الأسقية، ولكنه نهى أولاً عن الجِرَار، ثم رخص فيها أيضاً، فينبغي أن يكون لفظ الجِرَار مكان الأسقية. وقد علمت من صنع المحدثينَ أنهم ينظرون إلى حال الإِسناد فقط، ولا يُراعون المعنى، فيحكُمون على إسنادٍ صحيحٍ بالصحة، بدون إمعانٍ في معنى متنه، كما رأيت في الحديث المذكور.
|