الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»
.تفسير الآية رقم (96): {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)}وقيل: استهزاؤهم واقتسامهم: هو أن الله عز وجل لما أنزل في القرآن سورة البقرة، وسورة النحل، وسورة النمل، وسورة العنكبوت، كانوا يجتمعون ويقولون استهزاء: هذا في سورة البقرة، ويقول هذا في سورة النحل، ويقول هذا في سورة العنكبوت فأنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ}..تفسير الآيات (97- 99): {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} قال ابن عباس: فصلِّ بأمر ربك {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} من المصلين المتواضعين.وقال الضحاك: {فسبح بحمد ربك}: قلْ سبحان الله وبحمده {وكن من الساجدين} المصلين.وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} أي الموت الموقن به، وهذا معنى ما ذكر في سورة مريم: {وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا}.أخبرنا المطهر بن علي الفارسي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الصالحي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الحافظ، حدثنا أمية بن محمد الصواف البصري، حدثنا محمد بن يحيى الأزدي، حدثنا أبي والهيثم بن خارجة قالا حدثنا إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي مسلم الخولاني عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما أوحي إليَّ أن أجمع المال وأكون من التاجرين، ولكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين».وروي عن عمر رضي الله عنه قال: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلا وعليه إهاب كبش قد تنطق به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى هذا الذي قد نوّر الله قلبه لقد رأيته بين أبويه يغذيانه بأطيب الطعام والشراب، ولقد رأيت عليه حلّة شراها، أو شريت له، بمائتي درهم، فدعاه حبُّ الله ورسوله إلى ما ترونه». والله أعلم..سورة النحل: مكية مائة وثمان وعشرون آية إلا قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} إلى آخر السورة..تفسير الآية رقم (1): {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)}{أَتَى} أي جاء ودنا وقرب، {أَمْرُ اللَّهِ} قال ابن عرفة: تقول العرب: أتاك الأمر وهو متوقع بعد، أي: أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا.{أَمْرُ اللَّهِ} قال الكلبي وغيره: المراد منه القيامة.قال ابن عباس لما نزل قوله تعالى: {اقتربت الساعة} [القمر- 1] قال الكفار بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن، فلما لم ينزل شيء قالوا: ما نرى شيئا فنزل قوله: {اقترب للناس حسابهم} [الأنبياء- 1]، فأشفقوا، فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فأنزل الله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رءوسهم وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزلت: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} فاطمأنوا.والاستعجال: طلب الشيء قبل حينه.ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه، وإن كادت لتسبقني».قال ابن عباس: كان بعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ولما مر جبريل عليه السلام بأهل السموات مبعوثا إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: الله أكبر قامت الساعة.وقال قوم: المراد بالأمر هاهنا: عقوبة المكذبين والعذاب بالسيف وذلك أن النضر بن الحارث قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، فاستعجل العذاب، فنزلت هذه الآية. وقتل النضر يوم بدر صبرا.{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} معناه تعاظم بالأوصاف الحميدة عما يصفه به المشركون..تفسير الآية رقم (2): {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ (2)}{يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ} قرأ العامة بضم الياء وكسر الزاي، و{الْمَلائِكَةَ} نصب. وقرأ يعقوب بالتاء وفتحها وفتح الزاي و{الملائكة} رفع، {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ} بالوحي، سماه روحا لأنه يحيي به القلوب والحق.قال عطاء: بالنبوة.وقال قتادة: بالرحمة.قال أبو عبيدة: {بالروح} يعني مع الروح، وهو جبريل. {مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا} أعلموا: {أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ}.وقيل: معناه مروهم بقول لا إله إلا الله منذرين مخوفين بالقرآن إن لم يقولوا.وقوله: {فاتقون} أي فخافون..تفسير الآيات (3- 7): {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7)}{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي: ارتفع عما يشركون. {خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ} جدل بالباطل، {مُبِينٌ}.نزلت في أبي بن خلف الجمحي، وكان ينكر البعث جاء بعظم رميم فقال: أتقول إن الله تعالى يحيي هذا بعدما قد رم؟ كما قال جل ذكره {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه} [يس- 77]، نزلت فيه أيضا.والصحيح أن الآية عامة، وفيها بيان القدرة وكشف قبيح ما فعلوه، من جحد نعم الله مع ظهورها عليهم. قوله تعالى: {وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا} يعني الإبل والبقر والغنم، {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} يعني: من أوبارها وأشعارها وأصوافها ملابس ولحفا تستدفئون بها، {وَمَنَافِعُ} بالنسل والدر والركوب والحمل وغيرها، {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} يعني لحومها. {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ} زينة، {حِينَ تُرِيحُونَ} أي: حين تردونها بالعشي من مراعيها إلى مباركها التي تأوي إليها، {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} أي: تخرجونها بالغداة من مراحها إلى مسارحها، وقدم الرواح لأن المنافع تؤخذ منها بعد الرواح، ومالكها يكون أعجب بها إذا راحت. {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} أحمالكم، {إِلَى بَلَدٍ} آخر غير بلدكم. قال عكرمة: البلد مكة، {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأنْفُسِ} أي: بالمشقة والجهد. والشق: النصف أيضا أي: لم تكونوا بالغيه إلا بنقصان قوة النفس وذهاب نصفها.وقرأ أبو جعفر {بِشَقِّ} بفتح الشين، وهما لغتان، مثل: رَطل ورِطل.{إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} بخلقه حيث جعل لهم هذه المنافع..تفسير الآية رقم (8): {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ (8)}{وَالْخَيْلَ} يعني: وخلق الخيل، وهي اسم جنس لا واحد له من لفظه كالإبل والنساء، {وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} يعني وجعلها زينة لكم مع المنافع التي فيها.واحتج بهذه الآية من حرم لحوم الخيل، وهو قول ابن عباس، وتلا هذه الآية، فقال: هذه للركوب وإليه ذهب الحكم، ومالك، وأبو حنيفة.وذهب جماعة إلى إباحة لحوم الخيل، وهو قول الحسن، وشريح، وعطاء، وسعيد بن جبير، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق.ومن أباحها قال: ليس المراد من الآية بيان التحليل والتحريم بل المراد منه تعريف الله عباده نعمه وتنبيههم على كمال قدرته وحكمته، واحتجوا بما أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد عن عمرو- هو ابن دينار- عن محمد بن علي، عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل»..أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي، أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي، أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، حدثنا الحسن بن الفرج، حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا عبد الله بن عبد الكريم، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر: أنهم كانوا يأكلون لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.ونهى عن لحوم البغال والحمير؛ روي عن المقدام بن معدي كرب عن خالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وإسناده ضعيف.{وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} قيل: يعني ما أعد الله في الجنة لأهلها، وفي النار لأهلها، مما لم تره عين ولم تسمعه أذن ولا خطر على قلب بشر.وقال قتادة يعني: السوس في النبات والدود في الفواكه..تفسير الآيات (9- 10): {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10)}قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} يعني: بيان طريق الهدى من الضلالة. وقيل: بيان الحق بالآيات والبراهين والقصد: الصراط المستقيم.{وَمِنْهَا جَائِرٌ} يعني: ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج، فالقصد من السبيل: دين الإسلام، والجائر منها: اليهودية، والنصرانية، وسائر ملل الكفر.قال جابر بن عبد الله: {قصد السبيل}: بيان الشرائع والفرائض.وقال عبد الله بن المبارك، وسهل بن عبد الله: {قصد السبيل} السنة، {ومنها جائر} الأهواء والبدع، دليله قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل} [الأنعام- 153].{وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} نظيره قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [السجدة- 13]. قوله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ} تشربونه، {وَمِنْهُ شَجَرٌ} أي: من ذلك الماء شرب أشجاركم، وحياة نباتكم، {فِيهِ} يعني: في الشجر، {تُسِيمُونَ} ترعون مواشيكم..تفسير الآيات (11- 14): {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)}{يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ} أي: ينبت الله لكم به، يعني بالماء الذي أنزل، وقرأ أبو بكر عن عاصم {ننبت} بالنون. {الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} {وَسَخَّرَ لَكُمُ} ذلل لكم {اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} مذللات، {بِأَمْرِهِ} أي: بإذنه، وقرأ حفص {وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} بالرفع على الابتداء. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} {وَمَا ذَرَأَ} خلق، {لَكُمْ} لأجلكم، أي: وسخر ما خلق لأجلكم، {فِي الأرْضِ} من الدواب والأشجار والثمار وغيرها، {مُخْتَلِفًا} نصب على الحال، {أَلْوَانُهُ}.{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} يعتبرون. {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} يعني: السمك، {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} يعني: اللؤلؤ والمرجان، {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} جواري.قال قتادة: مقبلة ومدبرة، وهو أنك ترى سفينتين إحداهما تقبل والأخرى تدبر، تجريان بريح واحدة.وقال الحسن: {مواخر} أي: مملوءة.وقال الفراء والأخفش: شواق تشق الماء بجناحيها.قال مجاهد: تمخر السفن الرياح.وأصل المخر: الرفع والشق، وفي الحديث: «إذا أراد أحدكم البول فليستمخر الريح» أي لينظر من أين مجراها وهبوبها، فليستدبرها حتى لا يرد عليه البول.وقال أبو عبيدة: صوائخ، والمخر: صوت هبوب الريح عند شدتها.{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} يعني: التجارة، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} إذا رأيتم صنع الله فيما سخر لكم..تفسير الآيات (15- 16): {وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)}{وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي: لئلا تميد بكم أي تتحرك وتميل.والميد: هو الاضطراب والتكفؤ، ومنه قيل للدوار الذي يعتري راكب البحر: ميد.قال وهب: لما خلق الله الأرض جعلت تمور فقالت الملائكة: إن هذه غير مقرة أحدا على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت الجبال.{وَأَنْهَارًا وَسُبُلا} أي: وجعل فيها أنهارا وطرقا مختلفة، {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} إلى ما تريدون فلا تضلون. {وَعَلامَاتٍ} يعني: معالم الطرق. قال بعضهم: هاهنا تم الكلام ثم ابتدأ، {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}.قال محمد بن كعب، والكلبي: أراد بالعلامات الجبال، فالجبال تكون علامات النهار، والنجوم علامات الليل.وقال مجاهد: أراد بالكل النجوم، منها ما يكون علامات ومنها ما يهتدون به.قال السدي: أراد بالنجم، الثريا، وبنات نعش، والفرقدين، والجدي، يهتدى بها إلى الطرق والقبلة.وقال قتادة: إنما خلق الله النجوم لثلاثة أشياء: لتكون زينة للسماء، ومعالم للطرق، ورجوما للشياطين، فمن قال غير هذا فقد تكلف ما لا علم له به.
|