الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين (نسخة منقحة)
.8- هل يجوز أن يحل الجسم الواحد حركتان؟ واختلفوا في الجزء الواحد: هل يجوز أن يحله حركتان أم لا؟ وهل يجوز أن يحله لونان وقوتان أم لا؟1- فقال قائلون: لا يجوز أن يحل الجزء الواحد حركتان وهذا قول أبي الهذيل وأكثر من يثبت الجزء الذي لا يتجزأ.2- وقال قائلون: الجزء الواحد قد يجوز أن يحله حركتان وذلك إذا دفع الحجر دافعان حل كل جزء منه حركتان معًا والقائل بهذا القول هو الجبائي.3- وقال أبو الهذيل: إنها حركة واحدة تنقسم على الفاعلين فهي حركة واحدة لأجزاء كثيرة فعلان متغايران وزعم أن الأعراض تنقسم بالمكان أو بالزمان أو بالفاعلين فزعم أن حركة الجسم تنقسم على عدد أجزائه وكذلك لونه فما حل هذا الجزء من الحركة غير ما حل الجزء الآخر وأن الحركة تنقسم بالزمان فيكون ما وجد في هذا الزمان غير ما يوجد في الآخر وأن الحركة تنقسم بالفاعلين فيكون فعل هذا الفاعل غير الفاعل الآخر.4- وأنكر الجبائي وغيره من أهل النظر أن تكون الحركة الواحدة تنقسم أو تتجزأ أو أن تتبعض أو أن يكون حركة أو لون أو قوة لأحد الأشياء وقال أن الجسم إذا تحرك ففيه من الحركات بعدد أجزاء المتحرك في كل جزء حركة وكذلك قوله في اللون وفي سائر الأعراض.5- وقد أنكر قوم أن يحل الجزء الواحد حركتان وطولان؟ وجوزوا أن يحله لونان منهم الإسكافي وجوز الإسكافي أن يحل الجزء الذي لا يتجزأ لونان وقوتان حتى جوز أن يحل الجزء الذي لا يتجزأ لون السماء بكمالها.6- وقال قائلون: قد يجوز أن يحله لونان وقوتان على ما يحتمل فأما لون السماء فلا يحتمله.7- وقال قائلون: محال أن يكون عرضان في موضع واحد وهما في الجسم على المجاورة وزعموا أن القوة والحركة عرضان في موضع واحد.8- وقال قائلون: لا يجوز أن يحل الجزء الواحد حركتان ولا يجوز أن يحله لونان وكذلك قالوا في سائر الأعراض ولا يجوز أن يحل الجزء الواحد الذي لا يتجزأ من جنس واحد عرضان.9- وقال قائلون: يجوز أن يحل الجزء الواحد قدرتان على مقدور واحد وأنكر ذلك غيرهم.10- وقال عباد بن سليمان أنه قد يجوز أن يجتمع في الجسم ألمان ولذتان وأنه قد يجوز أن يحله تأليفان وأكثر من ذلك فيكون هو بأحدهما مؤلفًا مع غيره وبالآخر مؤلفًا مع غيره.11- وأنكر قوم أن يحل الجزء الواحد عرضان..9- فولهم في الطفرة؟ واختلف الناس في الطفرة:1- فزعم النظام أنه قد يجوز أن يكون الجسم الواحد في مكان ثم يصير إلى المكان الثالث ولم يمر بالثاني على جهة الطفرة واعتل في ذلك بأشياء منها الدوامة يتحرك أعلاها أكثر من حركة أسفلها ويقطع الحز أكثر مما يقطع أسفلها وقطبها قال: وإنما ذلك لأن أعلاها يماس أشياء لم يكن حاذى ما قبلها.2- وقد أنكر أكثر أهل الكلام قوله منهم أبو الهذيل وغيره وأحالوا أن يصير الجسم إلى مكان لم يمر بما قبله وقالوا: هذا محال لا يصح.وقالوا: إن الجسم قد يسكن بعضه وأكثره متحرك وأن للفرس في حال سيره وقفات خفية وفي شدة عدوه مع وضع رجله ورفعها ولهذا كان أحد الفرسين أبطأ من صاحبه وكذلك الحجر في حال انحداره وقفات خفية بها كان أبطأ من حجر آخر أثقل منه أرسل معه وقد أنكر كثير من أهل النظر أن تكون للحجر في حال انحداره وقفات من الفلاسفة وغيرهم وقالوا أن الحجرين إذا أرسلا سبق أثقلهما لأن أخف الحجرين يعترض له من الآفات أكثر مما يعترض على الحجر الأثقل فيتحرك في جهة اليمين والشمال والقدام والخلف ويقطع الحجر الآخر في حال العوائق التي تلحق هذا الحجر في جهة الانحدار فيكون هذا أسرع.3- وكان الجبائي يقول: أن للحجر في حال انحداره وقفات وكان يقول أن القوس الموترة فيها حركات خفية وكذلك الحائط المبني وتلك الحركات هي التي تولد وقوع الحائط والحركات التي في القوس والوتر هي التي يتولد عنها انقطاع الوتر..10- قولهم في الجسم هل يتحرك بحركة مكانه؟ واختلف المتكلمون في الجسم يكون ملازمًا لمكان ومكانه سائر متحرك هل الجسم الملازم لذلك المكان متحرك أم لا؟ على مقالتين:1- فزعم كثير من المتكلمين منهم الجبائي وغيره أن الجسم إذا كان مكانه متحركًا فهو متحرك وهذه حركة لا عن شيء وجوزوا أن يتحرك المتحرك لا عن شيء ولا إلى شيء وأن يحرك الله- سبحانه- العالم لا في شيء.وقد كان أبو الهذيل يقول: يجوز أن يتحرك الجسم لا عن شيء ولا إلى شيء.2- وقال قائلون: إذا تحرك مكان الشيء والشيء لازم لمكان واحد فهو ساكن غير متحرك وأحال هؤلاء أن يتحرك المتحرك لا عن شيء ولا إلى شيء.وكان النظام ممن يحيل أن يتحرك المتحرك لا في شيء ولا إلى شيء..11- هل يتحرك الجسم ضد حركة مكانه؟ واختلفوا هل يجوز أن يتحرك الشيء في حال حركة مكانه فيكون يقطع مكانًا ويتحرك إلى مكان آخر ومكانه متحرك؟ على مقالتين:1- فقال قائلون: لا يجوز ذلك لأنه إذا تحرك مكانه نحو بغداد فتحرك هو في ذلك الوقت نحو البصرة وجب أن يكون متحركًا في جهتين في وقت واحد وذلك محال وهؤلاء هم الذين قالوا أن الشيء إذا تحرك مكانه فهو متحرك.2- وقال قائلون: ذلك جائز لأنه ليس إذا تحرك مكانه كان متحركًا بل يكون مكانه متحركًا وهو ساكن..12- هل يكون الساكن متحركا؟ واختلف المتكلمون هل يكون الساكن في حال سكونه متحركًا على وجه من الوجوه؟ على مقالتين:1- فقال قائلون: لا يجوز ذلك.2- وقال قائلون: ذلك جائز وذلك أن الصفحة العليا من رأس ابن آدم إذا أزال الإنسان رأسه عما كان يماسه من الجو وماس شيئًا آخر فهي متحركة لمماستها شيئًا من الجو بعد شيء وهي ساكنة على الصفحة الثانية التي تحتها فهي متحركة عن شيء وساكنة على شيء آخر وهذا زعم لا يتناقض كما لا يتناقض أن تكون مماسة لشيء مفارقة لشيء آخر في وقت واحد ويتناقض أن تكون ساكنة على شيء متحركة عن ذلك الشيء في وقت واحد كما يتناقض أن تكون مماسة لشيء مفارقة لذلك الشيء في وقت واحد..13- هل الأجسام كلها متحركة؟ واختلفوا: هل الأجسام كلها متحركة أم كلها ساكنة أم كيف القول في ذلك؟ على مقالات:1- فقال النظام: الأجسام كلها متحركة والحركة حركتان حركة اعتماد وحركة نقلة فهي كلها متحركة في الحقيقة وساكنة في اللغة والحركات هي الكون لا غير ذلك.وقرأت في كتاب يضاف إليه أنه قال: لا أدري ما السكون إلا أن يكون يعني كان الشيء في المكان وقتين: أي تحرك فيه وقتين وزعم أن الأجسام في حال خلق الله- سبحانه- لها متحركة حركة اعتماد.2- وقال بعض المتفلسفة: الجسم في حال ما خلقه الله- سبحانه- يتحرك حركة هي الخروج من العدم إلى الوجود.3- وقال معمر: الأجسام كلها ساكنة في الحقيقة ومتحركة على اللغة والسكون هو الكون لا غير ذلك والجسم في حال خلق الله له ساكن.4- وقال أبو الهذيل: الأجسام قد تتحرك في الحقيقة وتسكن في الحقيقة والحركة والسكون هما غير الكون والجسم في حال خلق الله- سبحانه- له لا ساكن ولا متحرك.5- وقال الجبائي أن الحركات والسكون أكوان للجسم والجسم في حال خلق الله له ساكن.6- وكان عباد يقول أن الحركات والسكون مماسات والجسم في حال خلق الله له ساكن.وأبى كثير من أهل النظر أن تكون الأكوان مماسات وقالوا أنها غير مماسات..14- قولهم في وقوف الأرض: واختلفوا في وقوف الأرض:1- فقال قائلون من أهل التوحيد منهم أبو الهذيل وغيره: إن الله- سبحانه-- سكنها وسكن العالم وجعلها واقفة على لاشيء.2- وقال قائلون: خلق الله- سبحانه-- تحت العالم جسمًا صعادًا من طبعه الصعود فعمل ذلك الجسم في الصعود كعمل العالم في الهبوط فلما اعتدل ذلك وتقاوم وقف العالم ووقفت الأرض.3- وقال قائلون: إن الله- سبحانه- يخلق تحت الأرض في كل وقت جسمًا ثم يفنيه في الوقت الثاني ويخلق في حال فنائه جسمًا آخر فتكون الأرض واقفة على ذلك الجسم وليس يجوز أن يهوى ذلك الجسم في حال حدوثه ولا يحتاج إلى مكان يقله لأن الشيء يستحيل أن يتحرك في حال حدوثه ويسكن.4- وقال قائلون: إن الله- سبحانه- خلق الأرض من جسمين أحدهما ثقيل والآخر خفيف على الاعتدال فوقفت الأرض لذلك.وقد ذكرنا قول المتقدمين في ذلك في الموضع الذي وصفنا فيه قول الناس في الفلك وفي وقوف الأرض في كتاب مقالات الملحدين.
|