فصل: وقت الرجعة:

صباحاً 2 :25
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
13
السبت
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.5- الرجعة:

الرجعة: هي إعادة مطلقة غير بائن إلى عصمة النكاح بغير عقد.

.حكمة مشروعية الرجعة:

من نعم الله تعالى إباحة مراجعة الرجل زوجته بعد الطلاق.
فقد يقع الطلاق منه في حالة غضب واندفاع، وقد يصدر بدون تدبر وتروٍّ، وقد يحصل بدون تفكر في عاقبة الطلاق، وما يترتب عليه من المضار والمفاسد.
والرجل إذا فارق زوجته، تاقت نفسه إليها، ووجد السبيل إلى ردها بالرجعة.
لهذا شرع الله عز وجل الرجعة للحياة الزوجية رحمة بالزوجين، ونعمة يسعد بها كل من الطرفين.

.حكم الرجعة:

من أعظم نعم الله على عباده جواز الطلاق، وجواز الرجعة.
فإذا تنافرت النفوس، واستحالت الحياة الزوجية، جاز الطلاق.
وإذا تحسنت العلاقات، وعادت المياه إلى مجاريها، جازت الرجعة فلله الحمد والمنة.
وتجب الرجعة في الطلاق البدعي كالطلاق في الحيض.
1- قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [228]} [البقرة: 228].
2- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِراً أوْ حَامِلا». أخرجه مسلم.
3- وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم طَلَّقَ حَفْصَةَ ثمَّ رَاجَعَهَا. أخرجه أبو داود وابن ماجه.

.صفة الرجعة:

تحصل الرجعة بالقول أو الفعل.
1- القول: وهو كل لفظ يدل على الرجعة.
فالصريح: ما يدل على الرجعة، ولا يحتمل غيرها.
كأن يقول: راجعت زوجتي، أو راجعتك، أو رددتك، أو أمسكتك.
والكناية: ما يدل على الرجعة ويحتمل غيرها.
كأن يقول: أنت امرأتي، أو أنت عندي الآن.
فالصريح لا يحتاج إلى نية؛ لظهوره، والكناية تحتاج إلى نية الرجعة؛ لخفاء دلالتها.
2- الفعل: وهو الوطء بنية الرجعة.

.من يملك الرجعة:

الرجعة حق من حقوق الزوج وحده كالطلاق.
فللزوج مراجعة زوجته ما دامت في العدة، سواء رضيت بذلك أم لم ترض.
وقد رتب الله حق الرجعة على الطلاق الرجعي، فلا يمكن إسقاطه أو التنازل عنه؛ لأن ذلك تغيير لما شرعه الله.
1- قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [228]} [البقرة:228].
2- وقال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229].

.شروط الرجعة:

يشترط لصحة الرجعة ما يلي:
1- أن تكون الفرقة بطلاق.
2- أن يكون النكاح صحيحاً.
3- أن يكون الطلاق دون ما يملك، وهو واحدة أو اثنتين.
4- أن يكون الطلاق بلا عوض.
5- أن يكون الطلاق بعد الدخول.
6- أن تكون الرجعة قبل نهاية العدة.
فإن اختل شرط من هذه الشروط لم تصح الرجعة.

.ما لا يشترط في الرجعة:

لا يشترط في صحة الرجعة ما يلي:
1- رضا المرأة؛ لأن الرجعة إمساك للزوجة بحكم الزوجية، فلم يعتبر رضاها كالتي في عصمته.
2- الولي والصداق، فلا يشترط في الرجعة ولي ولا صداق؛ لأن الرجعية في حكم الزوجة، والرجعة استبقاء لزواجها.
3- إعلام المرأة بالرجعة؛ لأن الرجعة حق خالص للزوج لا يتوقف على رضا الزوجة كالطلاق، لكن يحسن إعلامها حتى لا تتزوج غيره بعد انقضاء العدة.
4- الإشهاد على الرجعة؛ لأن الرجعة حق للزوج لا يتوقف على رضا المرأة، فلا يحتاج إلى الإشهاد عليه كسائر الحقوق.

.أنواع الرجعة:

الزوجة الرجعية لها حالتان:
الأولى: الرجعة من طلاق رجعي، ولها حالتان:
1- إذا طلق زوجته الطلقة الأولى فله مراجعتها ما دامت في العدة، فإذا طهرت من الحيضة الثالثة ولم يكن قد ارتجعها لم تحل له إلا بنكاح جديد.
2- إذا طلق زوجته طلقة ثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة كما سبق.
1- قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [228]} [البقرة: 228].
2- وقال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
الثانية: الرجعة من طلاق بائن بينونة صغرى:
فإذا طلق الرجل زوجته طلقة ثم خرجت من العدة فقد بانت منه بينونة صغرى، وله نكاحها بعقد ومهر جديدين إن شاءت، وإذا طلق زوجته الطلقة الثانية ثم خرجت من العدة فقد بانت منه بينونة صغرى، وله نكاحها بعقد ومهر جديدين إن شاءت.
وإذا طلق زوجته الطلقة الثالثة فقد بانت منه بينونة كبرى، وليس له نكاحها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره ثم يطلقها، ثم تحل له بعقد ومهر جديدين.
قال الله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [230]} [البقرة: 230].

.وقت الرجعة:

جعل الله عز وجل وقت الرجعة واسعاً، ثلاثة قروء، أو وضع الحمل، وهو وقت العدة من طلاق أو وفاة، وذلك لتمكين النادم على الطلاق من إعادة الزوجة، وإعطائه فرصة للنظر في أمر الزوجة في البقاء أو الفرقة.
فإن رأى الخير في بقائها راجعها قبل انقضاء العدة، وإن رأى الخير في فراقها تركها حتى تنقضي عدتها، وتبين منه.
1- قال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [231]} [البقرة: 231].
2- وقال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [232]} [البقرة: 232].
3- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}... [الطلاق: 1].

.حكم الإشهاد على الرجعة:

يسن الإشهاد على الطلاق والرجعة بشاهدين عدلين، ويصح الطلاق والرجعة بدون إشهاد.
وإنما يستحب الإشهاد على الرجعة قطعاً للشك في حصولها، ودفعاً للتهمة عند العودة إلى مباشرة الزوجة، وخوفاً من إنكار الزوجة لها بعد انقضاء عدتها.
قال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [3]} [الطلاق: 2- 3].

.حكم الزوجة الرجعية:

تعود المرأة الرجعية بالرجعة إلى النكاح السابق بكل ما له وما عليه، فهي زوجة لها ما للزوجات من النفقة والكسوة والسكن والقسم، وتخالفهن في نقصان مرات الطلاق، حيث لا يبقى لها إلا واحدة بعد الأولى، ولا يبقى لها شيء بعد الثانية، فإذا راجعها ثم طلقها، فليس له مراجعتها؛ لأنها بانت منه.

.شروط المرأة المرتَجَعة:

يشترط في المرأة التي يريد مراجعتها ما يلي:
أن تكون مدخولاً بها.. ومطلقة طلاقاً رجعياً.. من نكاح صحيح.. وأن يكون طلاقها بلا عوض؛ لأن المطلقة بعوض ملكت نفسها.. وأن يكون زوجها لم يستوف معها عدد الطلاق، لأنه إذا استوفى عدد الطلاق فلا سلطة له عليها.. وأن تكون قابلة للرجعة، فلا يصح مراجعة المرتدة، ولا الكافرة.. وأن تكون باقية في العدة؛ لأنها إذا خرجت من العدة صارت بائنة.. وأن يكون قصد الزوج من الرجعة الإصلاح لا الإضرار بها.
قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [228]} [البقرة: 228].

.الحكم عند اختلاف الزوجين في الرجعة:

إذا اتفق الزوجان على الرجعة في أثناء العدة ثبتت، وترتبت عليها آثارها الزوجية.
وإن اختلف الزوجان، فإما أن يكون الخلاف في حصول الرجعة أو في صحتها كما يلي:
1- إن اختلف الزوجان في حصول الرجعة بأن ادعاها الزوج، وأنكرتها الزوجة:
فإن كان قبل انقضاء العدة فالقول قول الزوج؛ لأنه يملك الرجعة فيها، فيقبل إقراره فيها، وإن كان بعد انقضاء العدة، فإن لم تكن للزوج بينة، فالقول قول الزوجة مع اليمين؛ لأن الأصل عدم الرجعة، ووقوع البينونة.
وإن اختلف الزوجان في الوطء فأنكرته المرأة، فالقول قولها مع يمينها.
2- إن اختلفا في صحة الرجعة هل هي في العدة أو بعدها فالقول قول الزوجة مع يمينها؛ لأنها أعلم بالعدة، ما لم تكن بينة تنقض قولها.

.6- الخلع:

الخلع: هو فراق الزوج زوجته بعوض يأخذه منها أو من غيرها، بألفاظ مخصوصة.

.حكمة مشروعية الخلع:

إذا عُدمت المحبة بين الزوجين، وحلت محلها الكراهة، وكثرت المشاكل، وزاد الشر، وكثر الخلاف، وظهرت العيوب من الزوجين أو أحدهما، فإن الله عز وجل جعل للخروج من ذلك سبيلاً ومخرجاً، ورخص في علاج يريح الطرفين.
فإن كان ذلك من قِبَل الزوج فقد جعل الله بيده الطلاق.
وإن كان ذلك من قِبَل الزوجة فقد أباح الله لها الخلع، بأن تعطي زوجها ما أخذت منه، أو أقل، أو أكثر ليفارقها.
وقد شرع الله الخلع للمرأة في مقابلة الطلاق للرجل، وجعله طريقاً للخلاص من الخلاف.

.فائدة الخلع:

فائدة الخلع تخليص الزوجة من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها، وعقد جديد.
فإذا كانت الحال غير مستقيمة، وكرهت المرأة زوجها، وكرهت العيش معه لأسباب خَلقية، أو خُلقية، أو دينية، أو صحية لكبر، أو ضعف، أو مرض ونحو ذلك، أو خشيت ألا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه.

.حكم الخلع:

يجوز الخلع من كل زوج يصح طلاقه.
ويباح للمرأة الخلع إذا كرهت خلق زوجها، أو خافت إثماً بترك حقه، وإن كان يحبها فيسن صبرها عليه، وعدم فراقها إياه.
ويستحب للزوج أن يجيب زوجته إلى الخلع إذا كانت الزوجة تتأذى ببقائها معه.
ويجب الخلع إذا رأى من زوجته ما يدعوه إلى فراقها، من ظهور فاحشة، أو ترك فرض من صلاة، أو صوم ونحو ذلك.
ويحرم الخلع مع استقامة حال الزوجين، وعدم وجود خلاف وشقاق بينهما.
ويحرم ولا يصح إنْ عضلها وضارّها بالتضييق عليها، أو منعها حقوقها، لتفتدي نفسها بالخلع منه.
1- قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229]} [البقرة: 229].
1- وقال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [4]} [النساء: 4].
3- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ امْرَأةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَارَسُولَ الله، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ». قَالَتْ: نَعَمْ، قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً». أخرجه البخاري.

.حكم عَضْل الزوجة:

إذا كره الزوج امرأته، ورغب عنها لسبب من الأسباب المقبولة، فله أن يمسكها بمعروف، أو يفارقها بإحسان، ويستحب له الصبر عليها إن كانت ديِّنة، ولا يجوز له حبسها والإضرار بها لتفتدي منه بمال، فإن فعل فهو آثم، وعليه أن يرد ما أخذه منها أو بدله.
ويحرم على الزوج أن يؤذي زوجته بمنع بعض حقوقها، حتى تضجر وتختلع نفسها، إلا إذا أتت بفاحشة مبينة، فله مخالعتها، ولا إثم عليه.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [19]} [النساء: 19].
2- وقال الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [231]} [البقرة: 231].
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ». أخرجه مسلم.

.أسباب الخلع:

1- يباح الخلع إذا كرهت المرأة زوجها لسوء عشرته، أو سوء خلقه، أو دمامته، أو خافت إثماً بترك حقه، ونحو ذلك، ويستحب للزوج في مثل هذه الحالات إجابة زوجته إلى الخلع.
2- إذا كرهت المرأة زوجها لنقص دينه كترك الصلاة، أو ترك العفة، فإن لم يستجب للنصح ولم يستقم فإنه يجب عليها أن تسعى لفراقه.
وإذا فعل بعض المحرمات، ولم يجبرها على فعل محرم، فلا يجب عليها أن تختلع منه، وعليها أن تسعى في نصحه وتقويمه.

.وقت الخلع:

يجوز الخلع في أي وقت، حال الطهر، وحال الحيض؛ لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل دفع الضرر الذي يلحق المرأة بطول العدة.
والخلع شرع لإزالة الضرر الذي يلحق المرأة بسوء العشرة، وهو أعظم من ضرر طول العدة، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما، ولأن المرأة هي التي طلبت الفراق، واختلعت نفسها، ورضيت بالتطويل.
ولأن الله عز وجل قد أطلق وقت الخلع، ولم يقيده بزمن دون زمن.
قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229]} [البقرة: 229].

.ألفاظ الخلع:

يصح الخلع بكل لفظ يدل عليه، فيصح بلفظ الخلع، أو بلفظ مشتق منه، أو بلفظ يؤدي معناه، كأن يقول الزوج لزوجته:
خالعتك على ألف ريال، أو يقول: فارقتك على كذا، أو فاديتك على كذا، أو فسختك على كذا، أو بعتك نفسك بكذا، أو طلقتك على كذا، ونحو ذلك مما يدل على الخلع بعوض تقبله المرأة.