فصل: فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّارِيخِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.فَصْلٌ فِي بَيَانِ التَّارِيخِ:

امْرَأَةٌ كَانَ أَيَّامُ حَيْضِهَا عَشَرَةً وَأَيَّامُ طُهْرِهَا عِشْرِينَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ يَوْمَ الْأَحَدِ لِأَرْبَعِ عَشَرَةِ لَيْلَةٍ خَلَتْ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ثُمَّ جُنَّتْ وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَفَاقَتْ، وَالدَّمُ مُسْتَمِرٌّ كَذَلِكَ فَجَاءَ الْيَوْمُ وَهُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ إلَى فَقِيهٍ تَسْتَفْتِيه أَنَّهَا حَائِضٌ الْيَوْمَ أَمْ طَاهِرٌ، فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَهَذَا أَوَّلُ حَيْضِهَا أَوْ آخِرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا فَكَذَلِكَ فَالسَّبِيلُ لِذَلِكَ الْفَقِيهِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ تَارِيخِ الِاسْتِمْرَارِ إلَى يَوْمِ السُّؤَالِ فَيَأْخُذَ السِّنِينَ الْكَوَامِلَ وَالشُّهُورَ الْكَوَامِلَ وَالْأَيَّامَ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ شَهْرًا فَيَجْعَلَ السِّنِينَ شُهُورًا وَالشُّهُورَ أَيَّامًا ثُمَّ يَطْرَحَ مِنْ الْجُمْلَةِ الْعَدَدَ النَّاقِصَ مِنْ الشُّهُورِ فَنَقُولُ مِنْ تَارِيخِ الِاسْتِمْرَارِ إلَى وَقْتِ السُّؤَالِ ثَلَاثُ سِنِينَ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَاجْعَلْ السِّنِينَ شُهُورًا بِأَنْ تَضْرِبَ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ فَيَكُونُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ.
وَتَضُمُّ إلَيْهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ يَضْرِبُ ذَلِكَ فِي ثَلَاثِينَ فَيَكُونُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَضُمُّ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَكُونُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ إلَّا أَنَّ فِي الْأَشْهُرِ كَوَامِلَ وَنَوَاقِصَ فَاجْعَلْ النِّصْفَ كَوَامِلَ وَالنِّصْفَ نَوَاقِصَ، وَاطْرَحْ بِعَدَدِ نِصْفِ الشُّهُورِ مِنْ الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا يَبْقَى أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى مَالَهُ ثُلُثٌ صَحِيحٌ وَعُشْرٌ صَحِيحٌ فَاطْرَحْهُ؛ لِأَنَّ دَوْرَهَا فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ عَشَرَةٌ حَيْضٌ وَعِشْرُونَ طُهْرٌ فَأَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَثَلَاثُونَ تُطْرَحُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ يَبْقَى اثْنَانِ وَعِشْرُونَ، وَلَيْسَ لَهُ ثُلُثٌ صَحِيحٌ وَلَا عُشْرٌ صَحِيحٌ فَعَرَفْت أَنَّ عَشَرَةً مِنْ أَوَّلِ هَذَا الْبَاقِي حَيْضُهَا وَاثْنَيْ عَشَرَ طُهْرُهَا فَيُقَالُ لَهَا: قَدْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ طُهْرِك ثَمَانِيَةٌ فَتُصَلِّي ثَمَانِيَةً إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى فِيهِ شُبْهَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ عَدَدَ الْكَوَامِلِ مِنْ الشُّهُورِ كَانَ أَقَلَّ وَعَدَدَ النَّوَاقِصِ كَانَ أَكْثَرَ، فَإِنْ أَرَدْت إزَالَةَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فَاحْسِبْهُ بِالْأَسَابِيعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أُسْبُوعٍ سَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ، فَإِنْ وَافَقَ الْعَدَدُ بِالْأَسَابِيعِ مَا كَانَ مَعَك عَلِمْت أَنَّ النَّوَاقِصَ وَالْكَوَامِلَ كَانَا سَوَاءً، فَإِنْ فَضَلَ يَوْمٌ عَلِمْت أَنَّ النَّوَاقِصَ كَانَ أَكْثَرَ بِشَهْرٍ، وَإِنْ انْتَقَصَ يَوْمٌ عَلِمْت أَنَّ الْكَوَامِلَ أَكْثَرُ بِشَهْرٍ فَانْظُرْ إلَى مَا لَهُ سُبُعٌ صَحِيحٌ فَاطْرَحْهُ مِنْ أَصْلِ الْحِسَابِ وَلِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ سُبُعٌ صَحِيحٌ يَبْقَى اثْنَانِ وَسِتُّونَ وَلِسِتَّةٍ وَخَمْسِينَ سُبُعٌ صَحِيحٌ فَاطْرَحْهُ مِنْ الْبَاقِي بَقِيَ مَعَك سِتَّةٌ فَابْتِدَاءُ الِاسْتِمْرَارِ كَانَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَمِنْهُ إلَى وَقْتِ السُّؤَالِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا سَأَلَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَدْ فَضَلَ يَوْمٌ فَعَلِمْت أَنَّ النَّوَاقِصَ كَانَ أَكْثَرَ بِشَهْرٍ فَاطْرَحْ مِنْ الْبَاقِي مَعَك، وَذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَاحِدًا بَقِيَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ حَيْضُهَا مِنْ ذَلِكَ عَشَرَةٌ، وَطُهْرُهَا أَحَدَ عَشَرَ فَيُقَالُ لَهَا: هَذَا يَوْمُ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ طُهْرِك فَصَلِّي تِسْعَةَ أَيَّامٍ تَمَامَ طُهْرِك ثُمَّ اُتْرُكِي عَشَرَةً وَصَلِّي عِشْرِينَ وَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ تُخْرِجُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ): امْرَأَةٌ جَاءَتْ إلَى فَقِيهٍ فَأَخْبَرَتْهُ عَنْ طُهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا تَحْفَظُ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ وَلَا الِاسْتِئْنَافُ لِتَوَهُّمِ الِاسْتِحَاضَةِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَيُقَالُ لَهَا تَذَكَّرِي، فَإِنْ لَمْ تَتَذَكَّرْ شَيْئًا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الضَّالَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَتْهُ عَنْ طُهْرٍ صَحِيحٍ وَدَمٍ صَحِيحٍ وَلَا تَحْفَظُ شَيْئًا آخَرَ فَهَذَا أَيْضًا لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ لِتَوَهُّمِ الِاسْتِحَاضَةِ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ قَالَتْ: أَعْلَمُ أَنَّى لَمْ أَكُنْ مُسْتَحَاضَةً فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى انْتِقَالَ الْعَادَةِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا تَنْتَقِلُ الْعَادَةُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ أَخْبَرَتْ عَنْ دَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَطُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ، وَعَلِمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَاضَةً قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا فَهَذَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَنْتَقِلُ بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّتَيْنِ وَلَكِنْ لَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ لِتَوَهُّمِ الطُّهْرِ الطَّوِيلِ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا، فَإِنْ أَخْبَرَتْ عَنْ دَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعَدَدِ وَعَنْ طُهْرَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعَدَدِ فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَقَلِّ الْمَرَّتَيْنِ هَذَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ، وَلَكِنْ لَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ لِتَوَهُّمِ الطُّهْرِ الطَّوِيلِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَوْسَطِ الْأَعْدَادِ هَذَا لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ فَإِنْ أَخْبَرَتْ عَنْ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَدِمَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا هَلْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةٌ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَهَذَا لَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَوْسَطِ الْأَعْدَادِ؛ لِأَنَّ الْخَالِصَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ دَمَانِ وَطُهْرَانِ، وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَاضَةً قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فَهَذَا يَكْفِيهَا لِنَصْبِ الْعَادَةِ بِالْبِنَاءِ عَلَى أَوْسَطِ الْأَعْدَادِ.
وَلَا يَكْفِيهَا لِلِاسْتِئْنَافِ لِتَوَهُّمِ الطُّهْرِ الطَّوِيلِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَخْرُجُ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.بَابُ الْإِضْلَالِ:

(قَالَ): وَإِذَا كَانَتْ امْرَأَةٌ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ حَيْضَةً فَاسْتُحِيضَتْ وَطَبَّقَتْ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَنَسِيَتْ عَدَدَ أَيَّامِهَا وَمَوْضِعَهَا فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى أَكْبَرِ رَأْيِهَا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَكَمَا أَنَّ عِنْدَ اشْتِبَاهِ أَمْرِ الْقِبْلَةِ عَلَيْهَا تَتَحَرَّى فَكَذَا اشْتِبَاهُ حَالِهَا فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ عَلَيْهَا تَتَحَرَّى فَكُلُّ زَمَانٍ يَكُونُ أَكْبَرُ رَأْيِهَا أَنَّهَا حَائِضٌ فِيهِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَكُلُّ زَمَانٍ أَكْثَرُ رَأْيِهَا عَلَى أَنَّهَا فِيهِ طَاهِرَةٌ تُصَلِّي فِيهِ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ بِالشَّكِّ وَكُلُّ زَمَانٍ لَمْ يَسْتَقِرَّ رَأْيُهَا فِيهِ عَلَى شَيْءٍ بَلْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالدُّخُولِ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهَا تُصَلِّي فِيهِ بِالْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ بِالشَّكِّ، وَكُلُّ زَمَانٍ لَمْ يَسْتَقِرَّ رَأْيُهَا عَلَى شَيْءٍ بَلْ تَرَدَّدَ رَأْيُهَا فِيهِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْحَيْضِ فَإِنَّهَا تُصَلِّي فِيهِ بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِالشَّكِّ، وَالْقِيَاسُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْيٌ أَنْ تَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ سَاعَةٍ إلَّا وَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ وَقْتُ خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ، وَلَكِنْ لَوْ أَخَذْنَا بِهَذَا كَانَ فِيهِ حَرَجٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهَا لَا تَتَفَرَّغُ عَنْ الِاغْتِسَالِ لِشُغْلٍ آخَرَ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ فَأَمَرْنَاهَا بِالِاغْتِسَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِهَذَا وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: هَذَا قِيَاسٌ أَيْضًا، وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ فِي أَمْرِنَا إيَّاهَا بِالِاغْتِسَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى فَكَمَا أَنَّ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي تَعْرِفُ أَيَّامَهَا يُقَامُ الْوَقْتُ مَقَامَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَكْفِيَهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وُضُوءٌ وَاحِدٌ فَكَذَلِكَ فِي الِاغْتِسَالِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْحَرَجِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ بِخِلَافِهِ، وَالْأَثَرُ جَاءَ هُنَا بِالِاغْتِسَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
فَإِنَّ «حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَمَّا اُسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ»، فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ قَدْ نَسِيَتْ أَيَّامَهَا فَهُوَ نَصٌّ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْفَظُ أَيَّامَهَا فَلَمَّا أَمَرْنَا بِالِاغْتِسَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَنْ حَفِظَتْ أَيَّامَهَا فَلِمَنْ نَسِيَتْ أَوْلَى، وَبِهِ أَمَرَ حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ وَكَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَبِهِ أَمَرَ سَلَمَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَشَقَّ عَلَيْهَا ذَلِكَ فَأَمَرَهَا أَنْ تُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ تُصَلِّيَ الظُّهْرَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُؤَخِّرَ الْمَغْرِبَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَتَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَالْعِشَاءَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تَغْتَسِلَ لِلْفَجْرِ، وَبِهِ أَخَذَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَأْوِيلُهُ عِنْدَنَا أَنَّهَا تَذَكَّرَتْ أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ الْحَيْضِ كَانَ يَكُونُ فِي آخِرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: رُفِعَ فَتْوَى إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَ مَا كُفَّ بَصَرُهُ فَدَفَعَهُ إلَيَّ فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ فَإِذَا فِيهِ إنِّي امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اُبْتُلِيتُ بِالدَّمِ وَقَدْ سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَقَالَ: وَأَنَا أَرَى لَهَا مِثْلَ مَا رَأَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَلِهَذِهِ الْآثَارِ أَمَرْنَاهَا بِالِاغْتِسَالِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَقُولُ: تَغْتَسِلُ فِي وَقْتٍ وَتُصَلِّي ثُمَّ تَغْتَسِلُ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي لِأَدَاءِ صَلَاةِ الْوَقْتِ، وَتُعِيدُ مَا صَلَّتْ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ لِتَتَيَقَّنَ أَدَاءِ أَحَدِهِمَا بِصِفَةِ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ وَاجِبٌ وَإِنَّمَا تُصَلِّي الْمَكْتُوبَاتِ وَالسُّنَنَ الْمَشْهُورَةَ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْمَكْتُوبَاتِ شُرِعَتْ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ الْمُتَمَكِّنِ فِيهَا وَكَذَلِكَ تُصَلِّي الْوِتْرَ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَا تُصَلِّي شَيْئًا مِنْ التَّطَوُّعَاتِ سِوَى هَذَا؛ لِأَنَّ أَدَاءَ التَّطَوُّعِ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ مُبَاحٌ، وَفِي حَالَةِ الْحَيْضِ حَرَامٌ وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْبِدْعَةِ لَا يُؤْتَى بِهِ فَإِنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ الْبِدْعَةِ وَاجِبٌ، وَفِيمَا تُصَلِّي تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ آيَةً وَاحِدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَثَلَاثَ آيَاتٍ عِنْدَهُمَا قَدْرَ مَا يَتِمُّ بِهِ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ: تَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ، وَفِي السُّنَنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ تَعَيَّنَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّ الْعَمَلِ فَلَا تَتْرُكُ قِرَاءَتَهَا، وَلَا تَقْرَأُ السُّورَةَ مَعَهَا كَمَا لَا تَقْرَأُ خَارِجَ الصَّلَاةِ آيَةً تَامَّةً مِنْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ لَا يُؤْتَى بِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَلَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ؛ لِأَنَّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّهَا حَائِضٌ، وَلَيْسَ لِلْحَائِضِ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَلَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَا قِرَاءَةُ آيَةٍ تَامَّةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، فَإِنْ سَمِعَتْ سَجْدَةً فَسَجَدَتْ كَمَا سَمِعَتْ سَقَطَتْ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فَقَدْ أَدَّتْ مَا لَزِمَهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا تَجِبُ السَّجْدَةُ عَلَى الْحَائِضِ بِالسَّمَاعِ، وَإِنْ سَجَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا أَنْ تُعِيدَهَا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِجَوَازِ أَنَّ سَمَاعَهَا كَانَ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ فَلَزِمَتْهَا السَّجْدَةُ ثُمَّ أَدَّتْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهَا فَإِذَا أَعَادَتْ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ تَيَقَّنَتْ أَنَّ إحْدَاهُمَا كَانَتْ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ، وَإِنْ حَجَّتْ فَلَا تَأْتِي بِطَوَافِ التَّحِيَّةِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ لَا يُؤْتَى بِهِ فَأَمَّا طَوَافُ الزِّيَارَةِ فَرُكْنُ الْحَجِّ لَا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ ثُمَّ تُعِيدَهُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِتَتَيَقَّنَّ أَنَّ أَحَدَهُمَا حَصَلَ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ فَتَتَحَلَّلُ بِهِ بِيَقِينٍ وَتَأْتِي بِطَوَافِ الصَّدْرِ ثُمَّ لَا تُعِيدُهُ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الصَّدْرِ وَاجِبٌ عَلَى الطَّاهِرِ دُونَ الْحَائِضِ، فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فَقَدْ أَتَتْ بِهِ وَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ الضَّرُورَةُ وَلَكِنَّهُ اقْتِضَاءٌ لِلشَّهْوَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَحَرَّى وَيَطَأَهَا بِالتَّحَرِّي؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ، وَزَمَانُ الطُّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ زَمَانِ الْحَيْضِ، وَعِنْدَ غَلَبَةِ الْحَلَالِ يَجُوزُ التَّحَرِّي كَالْمَسَالِيخِ إذَا اخْتَلَطَتْ، وَالْحَلَالُ غَالِبٌ عَلَى الْمَيْتَةِ وَلَكِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ التَّحَرِّيَ فِي بَابِ الْفُرُوجِ لَا يَجُوزُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ التَّحَرِّي فِي الْجَوَارِي، وَإِنَّمَا التَّحَرِّي فِيمَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ بِالْإِذْنِ دُونَ الْمِلْكِ، وَلَا تُفْطِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ حَيْضُهَا فِي الشَّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا؛ لِأَنَّ بَاقِيَ الشَّهْرِ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَيْضِ طُهْرٌ.
فَإِنْ انْتَقَصَ الشَّهْرُ فَظُهُورُ ذَلِكَ النُّقْصَانِ فِي الطُّهْرِ لَا فِي الْحَيْضِ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ أَوْ تَعْلَمَ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ أَوْ لَا تَتَذَكَّرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ عَلِمَتْ أَنْ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ عِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فَسَدَ صَوْمُهَا فِيهِ فِي الشَّهْرِ عَشَرَةٌ، وَرُبَّمَا وَافَقَ ابْتِدَاءُ حَيْضِهَا ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ فَلَا يُجْزِيهَا صَوْمُهَا فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ يُجْزِيهَا فِي عَشَرَةٍ أُخْرَى فَإِذَا صَامَتْ عِشْرِينَ يَوْمًا خَرَجَتْ مِمَّا عَلَيْهَا مِنْ الْقَضَاءِ بِيَقِينٍ، وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فَسَدَ صَوْمُهَا فِيهِ فِي الشَّهْرِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ إذَا كَانَ مِنْ عِنْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَتَمَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ مِنْ الْيَوْمِ الْحَادِيَ عَشَرَ فَيَفْسُدُ صَوْمُهَا فِيهِ ثُمَّ عَلَيْهَا قَضَاءُ ضِعْفِ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ وَافَقَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ حَيْضِهَا فَلَا يُجْزِيهَا الصَّوْمُ فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِيهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ أُخْرَى، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَدْرِي أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ فَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُونَ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ عِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ.
وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ تَقْضِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ وَالِاحْتِيَاطُ فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ وَاجِبٌ وَيَسْتَوِي إنْ قَضَتْ مَوْصُولًا بِالشَّهْرِ أَوْ مَفْصُولًا عَنْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَلِمَتْ أَنَّ دَوْرَهَا كَانَ يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ ذَلِكَ أَيْضًا فَعَلَيْهَا الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ فَلَا تُفْطِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ الشَّهْرِ وَعَلَيْهَا إنْ كَانَتْ تَعْرِفُ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ قَضَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ عَشَرَةً وَطُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّمَا فَسَدَ صَوْمُهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إمَّا عَشَرَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَخَمْسَةٌ مِنْ آخِرِهِ أَوْ خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَقِيَّةُ حَيْضِهَا وَعَشَرَةٌ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ فَإِذَا عَرَفْنَا أَنَّ عَلَيْهَا قَضَاءَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِمَّا أَنْ تَقْضِيَ مَوْصُولًا بِالشَّهْرِ أَوْ مَفْصُولًا عَنْهُ، فَإِنْ قَضَتْ مَوْصُولًا فَعَلَيْهَا أَنْ تَقْضِيَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فَسَدَ صَوْمُهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ عَشَرَةٌ وَمِنْ آخِرِ الشَّهْرِ خَمْسَةٌ فَيَوْمُ الْفِطْرِ هُوَ السَّادِسُ مِنْ حَيْضِهَا لَا تَصُومُ فِيهِ ثُمَّ تَصُومُ بَعْدَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَا يُجْزِيهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بَقِيَّةِ حَيْضِهَا ثُمَّ يُجْزِيهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ.
وَإِنْ كَانَ إنَّمَا فَسَدَ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ عَشَرَةٌ فَيَوْمُ الْفِطْرِ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ طُهْرِهَا لَا تَصُومُ فِيهِ ثُمَّ يُجْزِيهَا الصَّوْمُ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ لَا يُجْزِيهَا فِي عَشَرَةٍ ثُمَّ يُجْزِيهَا فِي يَوْمٍ آخَرَ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَمِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تِسْعَةَ عَشَرَ فَتَحْتَاطُ وَتَصُومُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَكَذَلِكَ إنْ قَضَتْ مَفْصُولًا فَإِنَّمَا تَقْضِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ وَافَقَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ حَيْضِهَا فَلَا يُجْزِيهَا الصَّوْمُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ يُجْزِيهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ فَأَكْثَرُ مَا فَسَدَ مِنْ صَوْمِهَا فِي الشَّهْرِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا إمَّا أَحَدَ عَشَرَ مِنْ أَوَّلِهِ وَخَمْسَةً مِنْ آخِرِهِ أَوْ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ بَقِيَّةِ الْحَيْضِ وَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ آخِرِهِ وَإِمَّا أَنْ تَقْضِيَ ذَلِكَ مُوصِلًا بِرَمَضَانَ أَوْ مَفْصُولًا عَنْهُ، فَإِنْ قَضَتْ مَوْصُولًا فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَوَّلُ الشَّهْرِ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا فَيَوْمُ الْفِطْرِ هُوَ السَّادِسُ مِنْ حَيْضِهَا لَا تَصُومُ فِيهِ ثُمَّ لَا يُجْزِئهَا الصَّوْمُ بَعْدَهُ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَيُجْزِئُهَا فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي يَوْمَيْنِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ شَوَّالٍ أَوَّلَ طُهْرِهَا بِأَنْ كَانَ خَتْمُ حَيْضِهَا فِي آخِرِ رَمَضَانَ فَلَا تَصُومُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ ثُمَّ يُجْزِئُهَا الصَّوْمُ بَعْدَهُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَلَيْهَا قَضَاءُ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَمِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهَا قَضَاءُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَتَأْخُذُ بِالِاحْتِيَاطِ وَتَصُومُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِتَخْرُجَ مِمَّا عَلَيْهَا بِيَقِينٍ.
وَإِنْ قَضَتْ مَفْصُولًا فَعَلَيْهَا قَضَاءُ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنْ يُوَافِقَ ابْتِدَاءُ الْقَضَاءِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ حَيْضِهَا فَلَا يُجْزِئُهَا الصَّوْمُ فِي أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي يَوْمَيْنِ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِذَا صَامَتْ هَذَا الْمِقْدَارَ تَيَقَّنَتْ بِجَوَازِ صَوْمِهَا فِي سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَذَلِكَ الْقَدْرُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَدْرِي أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ أَوْ بِاللَّيْلِ فَعَلَى قَوْلِ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى تَصُومُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَأْخُذُ بِأَحْوَط الْوَجْهَيْنِ، فَإِنْ قَضَتْ مَوْصُولًا بِالشَّهْرِ صَامَتْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِنْ قَضَتْ مَفْصُولًا عَنْ الشَّهْرِ صَامَتْ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا.
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ كَامِلًا، فَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِجَوَازِ صَوْمِهَا فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَتَعَيَّنُ لِلْفَسَادِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا أَرَادَتْ الْقَضَاءَ صَامَتْ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُوَافِقَ ابْتِدَاءُ صَوْمِهَا ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا فَلَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا بِأَنْ كَانَ حَيْضُهَا بِالنَّهَارِ وَيُجْزِئُهَا فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي يَوْمٍ فَجُمْلَةُ ذَلِكَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا فَلِهَذَا صَامَتْ هَذَا الْقَدْرَ لِتَخْرُجَ مِمَّا عَلَيْهَا بِيَقِينٍ، وَلَوْ وَجَبَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ أَوْ فِي كَفَّارَةِ الْفِطْرِ بِأَنْ كَانَتْ أَفْطَرَتْ قَبْلَ هَذِهِ الْحَالَةِ إذْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِالتَّرَدُّدِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ ثُمَّ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا إنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ لَا تَعْلَمُ ذَلِكَ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا إنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ أَوْ لَا تَعْلَمُ ذَلِكَ فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ دَوْرُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ تِسْعِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا صَوْمُ سِتِّينَ يَوْمًا مُتَتَابِعَةً فَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ يُتَيَقَّنُ بِجَوَازِ صَوْمِهَا فِي عِشْرِينَ فَإِذَا صَامَتْ تِسْعِينَ يَوْمًا تَيَقَّنَتْ بِجَوَازِ صَوْمِهَا فِي سِتِّينَ يَوْمًا فَتَسْقُطُ بِهِ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا، وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ مِائَةَ يَوْمٍ وَأَرْبَعَةَ أَيَّامٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ صَوْمِهَا يُوَافِقُ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا فَلَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي تِسْعَةَ عَشَرَ ثُمَّ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ فَيَبْلُغُ الْعَدَدُ تِسْعِينَ يَوْمًا.
وَإِنَّمَا جَازَ صَوْمُهَا مِنْهُ فِي سَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي ثَلَاثَةٍ تَتِمَّةِ سِتِّينَ فَبَلَغَ عَدَدُ الْجُمْلَةِ مِائَةَ يَوْمٍ وَأَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَلِهَذَا صَامَتْ هَذَا الْمِقْدَارَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَدْرِي أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ فَعَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى تَصُومُ تِسْعِينَ يَوْمًا، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَأْخُذُ بِأَحْوَطِ الْوَجْهَيْنِ فَتَصُومُ مِائَةً وَأَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ لَا تَدْرِي أَنَّ دَوْرَهَا فِي كَمْ يَكُونُ، فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ مِائَةَ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ مِنْ كُلِّ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يُتَيَقَّنُ بِجَوَازِ صَوْمِهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِأَنْ كَانَ حَيْضُهَا عَشَرَةً وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا صَامَتْ مِائَةَ يَوْمٍ جَازَ صَوْمُهَا فِي سِتِّينَ يَوْمًا بِيَقِينٍ فَتَسْقُطُ عَنْهَا الْكَفَّارَةُ بِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ مِائَةً وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُوَافِقَ ابْتِدَاءُ الصَّوْمِ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ فَلَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَبْلُغُ الْعَدَدُ مِائَةً، وَإِنَّمَا جَازَ صَوْمُهَا فِي سِتَّةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي أَرْبَعَةٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا تَتِمَّةِ سِتِّينَ فَبَلَغَ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَإِنَّمَا جَازَ صَوْمُهَا فِيهِ فِي سِتِّينَ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَدْرِي كَيْفَ كَانَ ابْتِدَاءُ حَيْضِهَا فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ، فَإِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ إنْ وَافَقَ ابْتِدَاءُ صَوْمِهَا ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ لَمْ يُجْزِئْهَا فِي عَشَرَةٍ ثُمَّ يُجْزِئُهَا فِي ثَلَاثَةٍ بَعْدَهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ.
فَإِنْ كَانَتْ حِينَ افْتَتَحَتْ الصَّوْمَ بَقِيَ مِنْ طُهْرِهَا يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ جَازَ صَوْمُهَا فِيهِمَا ثُمَّ لَمْ يَجُزْ فِي عَشَرَةٍ وَانْقَطَعَ بِهِ التَّتَابُعُ فَإِنَّ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُتَتَابِعَةً وَعُذْرُ الْحَيْضِ فِيهِ لَا يَكُونُ عَفْوًا؛ لِأَنَّهَا تَجِدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ خَالِيَةً مِنْ الْحَيْضِ بِخِلَافِ الشَّهْرَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الصَّوْمِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَحْتَاطَ بِصَوْمِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَتَّى إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ طُهْرِهَا يَوْمَيْنِ حِينَ افْتَتَحَتْ الصَّوْمَ لَمْ يُجِزْهَا صَوْمُهَا فِيهِمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ لِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ فِي الْعَشَرَةِ بَعْدَهُمَا لِعُذْرِ الْحَيْضِ وَجَازَ صَوْمُهَا فِي ثَلَاثَةٍ بَعْدَهَا فَكَانَتْ الْجُمْلَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِنْ شَاءَتْ صَامَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ تَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُخْرَى فَتَيَقَّنَ أَنَّ إحْدَى الثَّلَاثَتَيْنِ وَافَقَتْ زَمَانَ طُهْرِهَا.
وَجَازَ صَوْمُهَا فِيهَا عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ طُهْرِهَا حِينَ افْتَتَحَتْ الصَّوْمَ يَوْمَانِ فَلَا يُجْزِيهَا الصَّوْمُ فِيهِمَا عَنْ الْكَفَّارَةِ لِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ ثُمَّ لَا يُجْزِئُهَا فِي أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا بِسَبَبِ الْحَيْضِ ثُمَّ يُجْزِيهَا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا صَامَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَفْطَرَتْ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ صَامَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَتَيَقَّنَ أَنَّ إحْدَى الثَّلَاثَتَيْنِ فِي زَمَانِ طُهْرِهَا فَيُجْزِيهَا وَعَلَى هَذَا قَالَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ بِأَنْ كَانَ دَوْرُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَإِنْ شَاءَتْ صَامَتْ عِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا بَيَّنَّا، وَإِنْ شَاءَتْ صَامَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي شَهْرٍ ثُمَّ فِي شَهْرٍ آخَرَ عَشَرَةً أُخْرَى سِوَى الْعَشَرَةِ الْأُولَى لِتَتَيَقَّنَ أَنَّ إحْدَى الْعَشْرَتَيْنِ مُوَافِقٌ زَمَانَ طُهْرِهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَعَلَيْهَا بَعْدَ مُضِيِّ رَمَضَانَ قَضَاءُ ضِعْفِ عَدَدِ أَيَّامِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ صَامَتْ عَدَدَ أَيَّامِهَا فِي عَشْرٍ مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ فِي شَهْرٍ آخَرَ صَامَتْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَشْرٍ آخَرَ لِتَتَيَقَّنَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مُوَافِقٌ زَمَانَ طُهْرِهَا فَيُجْزِيهَا مِنْ الْقَضَاءِ.
إلَّا أَنَّا لَمْ نَشْتَغِلْ بِهَذَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهَا بِنُقْصَانِ الْعَدَدِ وَبَيَّنَّاهُ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ التَّخْفِيفَ فِيهِ يَتَحَقَّقُ، وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا قَضَاءُ صَلَاةٍ تَرَكَتْهَا فِي زَمَانِ طُهْرِهَا صَلَّتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ ثُمَّ أَعَادَتْهَا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِتَخْرُجَ مِمَّا عَلَيْهَا بِيَقِينٍ فَإِنَّ أَحَدَ الْوَقْتَيْنِ زَمَانُ طُهْرِهَا بِيَقِينٍ وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي عِصْمَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا فِي حُكْمِ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ أَبَدًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ أَكْثَرُ الطُّهْرِ بِشَيْءٍ فَإِنَّ التَّقْدِيرَ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا مَضَى مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ غَيْرَ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ أَكْثَرَ مُدَّةِ الطُّهْرِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ غَيْرَ سَاعَةٍ كَمَا بَيَّنَّا وَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ سَاعَةٍ مِنْ حَيْضِهَا فَلَا تَحْتَسِبُ هَذِهِ الْحَيْضَةَ مِنْ الْعِدَّةِ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ غَيْرَ سَاعَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كُلُّ طُهْرٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ غَيْرَ سَاعَةٍ وَثَلَاثَةٌ حَيْضٌ، كُلُّ حَيْضَةٍ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَإِذَا جَمَعْت الْكُلَّ بَلَغَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ فَيَحْكُمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِهَذِهِ الْمُدَّةِ.
وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَهَا وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُقَدِّرُ مُدَّةَ الطُّهْرِ فِي حَقِّهَا بِتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا كَمَا بَيَّنَّا تَتَزَوَّجُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيَوْمٍ وَاحِدٍ غَيْرِ سَاعَةٍ؛ لِأَنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّ سَاعَةٍ مِنْ حَيْضِهَا فَلَا تَحْسِبُ هَذِهِ الْحَيْضَةَ مِنْ الْعِدَّةِ وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ غَيْرَ سَاعَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كُلُّ طُهْرٍ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَثَلَاثُ حِيَضٍ كُلُّ حَيْضَةٍ عَشَرَةٌ فَيَبْلُغُ عَدَدُ الْجُمْلَةِ مِائَةً وَوَاحِدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا غَيْرَ سَاعَةٍ فَلِهَذَا كَانَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَأَمَّا فِي حُكْمِ انْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ فَإِذَا مَضَى تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّ بَابَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّ حَيْضَهَا كَانَ ثَلَاثَةً وَطُهْرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَكَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ طُهْرِهَا فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِتِسْعٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلِهَذَا حَكَمْنَا بِانْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ بِهَذَا الْقَدْرِ احْتِيَاطًا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قُلْنَا فِي امْرَأَةٍ تَحْفَظُ أَيَّامَهَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَأَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَاغْتَسَلَتْ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ انْقَطَعَتْ بِهِ الرَّجْعَةُ، وَلَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ مَا لَمْ تَتَيَمَّمْ مَعَهُ أَوْ تُصَلِّي بَعْدَ التَّيَمُّمِ.
وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمُبْتَلَاةَ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا إنْسَانٌ فَمُدَّةُ اسْتِبْرَائِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي عِصْمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تُقَدَّرُ بِشَيْءٍ لِمَا بَيَّنَّا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تُقَدَّرُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا غَيْرَ سَاعَتَيْنِ لِجَوَازِ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ حَيْضِهَا سَاعَةٌ فَلَا تَحْسِبُ هَذِهِ الْحَيْضَةَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ إلَّا سَاعَةً ثُمَّ بَعْدَهُ طُهْرُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً ثُمَّ بَعْدَهُ الْحَيْضُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَتَكُونُ الْجُمْلَةُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا غَيْرَ سَاعَتَيْنِ يَسْتَبْرِئُهَا بِهَا، وَإِنَّمَا هَذَا كَالْبِنَاءِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ وَطْأَهَا بِالتَّحَرِّي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ اسْتِبَاحَةُ الْوَطْءِ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُبِيحُ وَطْأَهَا أَصْلًا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَحْكَامِهَا فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَخْرِيجُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.